و خلال ميزانية العام الجاري خصصت إيران 24.5 مليار دولار للشؤون العسكرية و الأمنية في مدونة ( economieiran) ذكرت أن المليشيات التي يدعمها المرشد خارج البلاد تحصل على دعم مباشر تحت عناوين مختلفة منها " الأعمال الخيرية" و " شؤون الثقافة الإسلامية". ويتم دفع قسم كبير من تمويل هذه المجموعات عبر عوائد شركات Setad Ejraiye Farman-e Hazrat-e Emam(EIKO) وتعاونية الحرس Imam Khomeini Relief Foundation(IKRF) و تعاونية التعبئة (البسيج) وقسم من الميزانية الحكومية. وفي أكتوبر،2016 أفادت وكالة الصحافة الفرنسية: "أن إيرن تمول وتسلح أكثر من 80 ألف من عناصر الحشد الشعبي في العراق ".
إن التوسع الإيراني الكبير في المنطقة العربية يذكر بالزعيم النازي الألماني ادولف هتلر، الذي أرسل فيالقه العسكرية في كل أطراف أوروبا، لكنه عجز عن الدفاع عن برلين بعد غزوها من قبل الحلفاء ومات منتحراً، فمن خلال تلك التجربة يتضح أن الطرفان متشابهان في صناعة الكثير من الأعداء في البيئة المحيطة بهما من خلال القتل والجريمة واستباحة ثروات الشعوب واستنزافها، وبالنسبة لمن يعنيه هزيمة إيران في هذه المواجهة فعليه أن يستمر في استنزاف إيران في مختلف الجبهات المشتعلة ولكن بالمنطق التي تفهمه إيران، وهو منطق التعبئة المليشياوية، فخلال السنوات الست التي اشتعلت حاربت مليشيات إيران للدفاع عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد ولم ترسل إيران كتيبة جيش واحدة بقدر ما كانت تجيش الآلاف من المتطوعين الفقراء من باكستان وأفغانستان والعراق برواتب متدنية، وبذلك تجنبت استنزاف ميزانيتها وردود فعل داخلية سيئة، بالإضافة إلى قدرتها على الصمود لفترة أطول في الحرب.
إن أحد أهم ضمانات الصمود في المعارك التي تجري اليوم في المنطقة تتمترس خلف مجموعة من القيم أبرزها الدفاع عن الهوية الوطنية والمقدسات، وهكذا تفننت إيران في تجنيد الآلاف من الشبان في سوريا والعراق بذريعة الدفاع عن المزارات الشيعية، لذلك يتوجب قبل إرسال المقاتلين إلى مثل هذه المعارك تعزيز الروح القيمية والوطنية لديهم.
تنتشر في إيران العديد من الأقليات التي تعاني من الأضطهاد والقمع من قبل الحكم الفارسي المتطرف، سواء كانوا أكراد أم عرب أم بلوش أم تركمان وجب دعمهم وتضخيم مشروعهم ومظلوميتهم أمام العالم في محاولة لتدويلها واستنزاف إيران سياسياً وإعلامياً.
صنعت إيران على مدار عقود العديد من اللوبيات في العالم الغربي، بالإضافة إلى إنشاء مراكز أبحاث و وسائل إعلام بلغات عدة أبرزها اللغة الإنجليزية، وهذا الأمر ساعدها على توظيف المئات من الإعلاميين والباحثين الغربيين وتجنيدهم لنشر روايتها للأحداث في منطقة الشرق الأوسط، ولذلك وجب التصدي لمثل هذه الظاهرة وصناعة حائط صد يقابلها ويفند دعايتها.
محاصرة الحواضن الفكرية التي تنشرها إيران في العالم العربي والإسلامي وعبر مؤسسات مثل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، والتصدي لتلك المشاريع بمشاريع موازية تكون بديلاً عن الوجود الإيراني، و تشديد الرقابة على وسائل الإعلام التي تتبنى وجهة النظر الإيرانية ومشاريعها السياسية في المنطقة.
استهداف التكتلات البشرية والحواضن الديمغرافية التي تعتبرها إيران أقليات يمكن استثمارها في التحريض على أمن الدول، من خلال تغيير ملامح الهوية الثقافية و تمزيق تكتلها وتوزيعها في نطاقات عمرانية تقلل من خطورتها.
رغم اشتداد الضغط الإيراني على المنطقة العربية والإسلامية في سياقاته المختلفة سواء بطبيعته الدينية المتطرفة أم القومية الفارسية المتعصبة أو الأطماع الاقتصادية و الاستعمارية، إلا أن نجاحه يبقى رهينة بتماسك واجتماع المجتمع العربي خلف هويته القومية والإسلامية الوسطية المعتدلة، كون أحد أهم ركائز المشروع الإيراني في المنطقة هو الرهان على فرقة وتمزق المجتمعات والفوضى الأمنية والفكرية المنتشرة في العالم العربي والإسلامي.
[i] اعتقال المئات من المتشعيين في الجزائر، المنارة نت.
[ii] قوات "الباسيج" الإيرانية تدرس احتمال اضطلاعها بدور أكبر محلياً وإقليمياً، فرزين نديمي، معهد واشنطن.