• - الموافق2024/11/21م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
 الفيليين.. أكراد ولائهم لإيران

الفيليين.. أكراد ولائهم لإيران


شهدت العراق منذ سقوط النظام البعثي عام 2003 أنواع مختلفة من الصراعات المذهبية، وقد كانت إيران المحرك الرئيس لتلك الصراعات، كون بلاد الرافدين تحولت منذ ذلك الحين الى منطقة نفوذ إيرانية، حيث استغلت الأخيرة قابلية البيئة العراقية للصراعات المذهبية، لاسيما الصراع السني الشيعي، كما انها لم تدخر جهداً في تأجيج الصراع القومي الذي يتجسد بشكل واضح داخل أحد الأطراف الكردية ويسمى "الأكراد الفيليين".

وتمثل هذه الطائفة الكردية جزء مهم من المجتمع العراقي، حيث يبلغ تعدادها وفقاً لأغلب الإحصائيات العراقية نحو 2.5 مليون، وتفيد الكثير من الكتابات العراقية والكثير من الشواهد ان هذه الفئة الكردية لم تكن تربطها صلات وثيقة بأكراد شمال العراق، مما جعل البعض من أكراد الشمال يعتبرهم دخلاء على الطائفة الكردية، حتى ان نظامي صدام حسين وحسن البكر لاحقوا الكثير منهم على خليفة انتمائهم التي تعود لإيران وفقاً للكاتب العراقي ثائر الفيلي.

 لكنهم مع ذلك اعتبروا حلقة وصل بين إقليم كردستان شمال العراق والأحزاب الشيعية العربية لأنهم أكراد القومية وشيعيي المذهب، فإجادتهم اللغة العربية اضافة للكردية والفارسية، مكنتهم من ممارسة نشاطاً سياسيا في العراق تحت عنوان الاتحاد الإسلامي للأكراد الفيلية.

اذا كانت مطالب هذه الفئة الكردية قد انحصرت مسبقاً عند المشاركة السياسية والقبول بالاندماج داخل المجتمع العراقي، فإن مشاركتها في الحرب الجارية في العراق جعلت من انتماءها الطائفي المذهبي يغلب على الانتماء القومي، وهذا الأمر من شأنه أن يفتح من جديد، إشكالية التجاذبات المذهبية والقومية، لدى الجناح الشيعي من المكون الكردي.

وعليه فإن تزايد انضمام تلك الطائفة، إلى ميليشيا الحشد الشعبي وغيرها من المليشيات الشيعية، أغلب الظن سيعمق من مساحة الانقسام بين أبناء هذه الفئة، ومكونهم الأصلي في إقليم كردستان العراق، خصوصاً في ظل حالة من الشحن، واحتمالات حدوث صدامات بين الميليشيات الشيعية، وقوات البيشمركة الكردية، التي لا يفضل العديد من أبناء هذا المكون الانخراط في صفوفها، وهو ما أكده القيادي الفيلي عامر رشيد في وقت سابق قائلاً "أن الأكراد الفيليون تسابقوا على الاستجابة لتلبية نداء المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، وتطوعوا في صفوف قوات الحشد الشعبي، التي وجه بتشكيلها، مشدداً على أنهم سيصبحون سيوفا مشرعة بيد المرجعية، بحسب وصفه.

ولم يكن هذا التحول والاستجابة السريعة لتلك الطائفة الكردية بعيداً عن المساعي والأهداف الايرانية، التي باتت تشكل جزءاً كبيراً من أوراق اللعبة على الساحة العراقية. والمعروف ان لتلك الدولة الشيعية تاريخ طويل ضد العالم السني، لذلك تعمل باستمرار دون توقف عن محاولات استخدام الأوراق الطائفية لتحقيق مصالحها، دون الوضع في الاعتبار العواقب الكارثية التي تعود على الطرف المُستخدم، ففي أفغانستان استخدمت تحالف الشمال ضد طالبان، كما لعبت دور كبير في إسقاط نظام صدام، والأمر يبدو مشابها في سوريا ولبنان ومؤخراً اليمن، وصولاً الى استخدامها للأكراد الفيليين لمحاربة الجماعات السنية في العراق وسوريا.

وحينما خرج نحو 500 الف كردي فيلي من العراق هرباً نحو إيران خلال حكم صدام وأثناء الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 كما تقول عدة كتابات عراقية، جاء الوقت الذي يدفع إيران لاستغلالهم في الحرب على الجماعات السنية وغيرها في تلك المنطقة الملتهبة، مستغلة اعتناق هذه الفئة للمذهب الشيعي، وفي نفس الوقت مستخدمة هذه الطائفة لضرب المجتمع العراقي من الداخل، خصوصا إن تلك الطائفة الكردية الفيلية التي تعيش جنوب مدينة السليمانية ومشارف مدينة البصرة وشرق نهر دجلة امتدادا إلى جبال إيران، لم يكن لها أي مطالب بالاستقلال السياسي عن العراق، وهم على خلاف مع أكراد شمال العراق من حيث المطالب السياسية، كونهم يتطلعون للحصول على حقوقهم وواجباتهم على اساس المواطنة وليس على اساس العرق أو الدين كما هو حال أكراد الشمال.

ولم يتوقف الاستخدام الإيراني لهذه الشريحة عند هذا الحد، فواصلت مساعيها لخلط الأوراق في مناطق نفوذها داخل وخارج الأراضي العراقية. ففي 24/2 الماضي طالعتنا وكالة الاناضول بخبر يفيد أن 400 كردي فيلي سيتوجهون من الأراضي الإيرانية للانضمام إلى تشكيلات الحشد الشعبي "الميليشيات الشيعية" في العراق لقتال تنظيم داعش. وقد أكد "عدنان غلام" المسئول الإعلامي للجبهة الوطنية العليا للكرد الفيليين الشيعة حينها، "إن تلك العناصر كانوا قد تعرضوا للطرد من الأراضي العراقية أثناء عهد الرئيس البعثي صدام حسين، مضيفاً أن هناك نحو خمسة آلاف متطوع من هذه الطائفة الشيعية يتواجدون حالياً ضمن ثلاثة أفواج في العاصمة بغداد، ومحافظة كركوك شمال وبعض الأقضية، لافتا إلى أن 2750 متطوعًا من الكرد الفيليين في بغداد كانوا قد انضموا إلى تشكيلات الحشد الشعبي الذي يقاتل تنظيم داعش، إضافة إلى مقاتلين في مناطق أخرى لا يمكن ذكر اسمها لدواعٍ أمنية ولحماية المتطوعين حسب قوله.

ووفقاً لهذه المعطيات يمكن القول إن القراءة العامة لمسار الاحداث في العراق تقول، إن طائفة الأكراد الفيلية، لم تعد تختلف عن مثيلاتها من الطوائف الشيعية الأخرى، خاصة وأنها اصبحت جزءاً من الحشد الشعبي لفصائل شيعية انخرطت في قتال "داعش" بعد فتوى المرجع الشيعي في يونيو من العام الماضي. ولم تعد هذه الطائفة تختلف عن منظمة بدر التي ينتمي وزير الداخلية إليها، وعصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله العراقي، وسرايا السلام التابعة للتيار الصدري.

ومن نافلة القول ان تلك التشكيلات الشيعية المدعومة إيرانياً لم تتورع عن ارتكاب جرائم خطف وقتل وتطهير طائفي في المناطق التي تدخلها مستهدفه المكون السني دون غيره، ولم يعد يُخفى على أحد طبيعة الصراع الدائر هناك، لأن تلك المليشيات التي تزداد قوة يوماً بعد يوم بسبب الدعم الإيراني، باتت تستخدم حربها على داعش كعنوان أو ذريعة لمحاربة العالم السني، لذلك جاء انضمام الأكراد الفيلية نتيجة حتمية لطبيعة التحالف الشيعي ضد المسلمين السنة.

أعلى