تمثل الأونروا للشعب الفلسطيني أكثر من مجرد منظمة إغاثية، فهي شاهد على تاريخ التهجير، وموثقة لإحدى أهم القضايا الفلسطينية وهي قضية اللاجئين ناهيك عما تقدمه من مساعدات إنسانية، لذا فليس من الغريب أن تكون محل استهداف من المحتل الإسرائيلي.
تعرف الأونروا بأنها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق
الأدنى، وتعني بمساعدة وحماية وكسب التأييد للاجئي فلسطين في الأردن ولبنان وسورية
والأراضي الفلسطينية المحتلة وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم.
ويتم تمويل الأونروا بشكل كامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في
الأمم المتحدة.
وتشتمل خدمات الوكالة على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية وتحسين
المخيمات والدعم المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة بما في ذلك في أوقات
النزاع المسلح.
التأسيس
تأسست الوكالة في أعقاب حرب عام ١٩٤٨ ، بموجب القرار رقم 302 (رابعا) الصادر عن
الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول 1949 بهدف تقديم برامج الإغاثة
المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين. وبدأت الوكالة عملياتها في الأول من شهر مايو -
أيار عام 1950.
وفي غياب حل لمسألة لاجئي فلسطين، عملت الجمعية العامة وبشكل متكرر على تجديد ولاية
الأونروا.
تعد الأونروا فريدة من حيث التزامها الطويل الأجل لمجموعة واحدة من اللاجئين. وقد
ساهمت في مساعدة أربعة أجيال من لاجئي فلسطين وفي تحقيق تنميتهم البشرية. وحيث إنه
كان يتوخى أصلا أن تكون منظمة مؤقتة، فقد عملت الوكالة تدريجيا على تعديل برامجها
للإيفاء بالاحتياجات المتغيرة للاجئين.
ووفق التعريف العملياتي للأونروا، فإن لاجئي فلسطين هم أولئك الأشخاص الذين كانت
فلسطين هي مكان إقامتهم الطبيعية خلال الفترة الواقعة بين حزيران 1946 وأيار 1948،
والذين فقدوا منازلهم ومورد رزقهم نتيجة حرب عام ١٩٤٨ .
|
تعتبر تل أبيب أن عودة اللاجئين تمثل تهديدا ديمغرافيا للأغلبية اليهودية
في إسرائيل، وبالتالي فهي قضية غير قابلة للحل في أي مفاوضات مستقبلية مع
الفلسطينيين.
|
إن خدمات الأونروا متاحة لكافة أولئك الذين يعيشون في مناطق عملياتها والذين ينطبق
عليهم ذلك التعريف والمسجلين لدى الوكالة وبحاجة للمساعدة. إن أبناء لاجئي فلسطين
الأصليين والمنحدرين من أصلابهم مؤهلون أيضا للتسجيل لدى الأونروا. وعندما بدأت
الوكالة عملها في عام 1950، كانت تستجيب لاحتياجات ما يقرب من 750,000 لاجئ
فلسطيني. واليوم، فإن حوالي خمسة ملايين وتسع مائة الف لاجئ من فلسطين يحق لهم
الحصول على خدمات الأونروا.
في وقت تتركز الأنظار على الوضع في غزة ومخاطر توقيف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين –
الأونروا - لخدماتها على نحو مليوني فلسطيني في القطاع، يُبدي لاجئون في لبنان
والأردن والضفة الغربية المحتلة من إسرائيل مخاوف كبيرة من تأثير أي توقف لخدمات
الوكالة على حياتهم وحياة أسرهم.
ما هي الأدوار التي تقوم بها الأونروا:
تقول فتاة فلسطينية تعبر عن دور الأونروا: المدرسة هي الأونروا، العيادة هي
الأونروا، الدواء هو الأونروا، المياه العذبة هي الأونروا، اللقاح الإلزامي هو
الأونروا، المساعدة المالية هي الأونروا. والأهم من كل هذا وذاك، "الأونروا هي
الشاهد على نكبتنا"، بحسب ما تقول نور صبحية، ابنة الثامنة عشرة، والتي تعيش في
مخيم برج البراجنة في بيروت.
فعليا الشعار الأزرق للأونروا يلازم اللاجئين الفلسطينيين في مدرستهم وعيادتهم
وبطاقتهم العائلية وغيرها من فصول حياتهم، بمقدار ما يُلازمهم العلم الفلسطيني.
الأول هو رمز للجوئهم والثاني هو رمز الوطن الذي يرنون للعودة إليه، فلا يعودون
لاجئين.
ويمكننا إجمال أدوار الأونروا:
·
توفير مساعدة إنسانية للاجئين الفلسطينيين: تتمثل المهمة الرئيسية لأونروا في توفير
المساعدات الإنسانية الأساسية للاجئين الفلسطينيين، وذلك يتضمن الغذاء والمأوى
والمياه والرعاية الصحية والتعليم.
·
حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين: تعمل أونروا على حماية حقوق اللاجئين
الفلسطينيين، ومن ضمن هذه الحقوق حق العودة والتعويض.
·
تشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين: ومن ضمن مهام أونروا
تشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، وبما في ذلك توفير فرص
عمل والتدريب المهني.
الأونروا في لبنان:
الأونروا هي الوحيدة التي تقدم خدمة رعاية صحية مجانية للاجئين الفلسطينيين في
لبنان، الذين لا يستفيدون على الإطلاق من أي خدمات رعاية في البلاد.
وما يزيد الوضع هشاشة، هو أن لبنان هو بلد اللجوء الوحيد الذي يمنع اللاجئين
الفلسطينيين من ممارسة نحو 39 مهنة، ما يجعل عددا كبيرا منهم يعتمد على مساعدات
مالية رمزية يحصل عليها دوريا من الأونروا.
بالتالي قد لا يكون مبالغا به وصف لاجئين فلسطينيين في لبنان لقرار تجميد التمويل
بأنه "حكم بالإعدام".
عمليا هناك نحو أربعمئة وتسعين ألف لاجئ فلسطيني مسجل مع الأونروا في لبنان، وإن
كانت التقديرات تشير إلى أن العدد الفعلي الموجود في البلاد لا يتعدى المئتين
وخمسين ألفا.
بالإضافة إلى هؤلاء، هناك نحو ثلاثين ألف لاجئ فلسطيني تهجروا من سوريا إلى لبنان
خلال الحرب السورية وهم مسجلون أيضا مع الأونروا.
إلّا أن الوضع في لبنان لا يتعلق بعدد المستفيدين من خدمات الأونروا، بل بمستوى
الاعتماد على الوكالة - والذي قد يكون الأعلى مقارنة مع الدول الأخرى - بغياب أي
خيار آخر، وفي ظل كلّ القيود المفروضة على هؤلاء.
هذا الاعتماد هو شبه كلّي - لا سيما إذا ما قورن مع دول مثل الأردن.
الأونروا في الأردن:
في الأردن أكبر نسبة من اللاجئين الفلسطينيين. أكثر من مليونين مسجلون مع الأونروا،
معظمهم حاصل على الجنسية الأردنية ولا يواجه عمليا أي تمييز أو قيود.
إلّا أن هذا الاندماج الكبير مع المجتمع الأردني لا يحسب على اللاجئين الفلسطينيين
الذين لا يملكون رقما وطنيا أردنيا ومعظمهم من غزة. هؤلاء يعيشون في مخيمات
الأونروا العشرة الرسمية والثلاثة الأخرى غير الرسمية.
|
تمثل
الأونروا للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج الراعي لمصالحه والشاهد على
نكبته لذا فإن محاولات إسرائيل للتخلص من تلك المنظمة ليس وليد الحرب
الأخيرة، بل هي استراتيجية ثابتة لدولة الاحتلال |
فعليا هناك مئة وعشرون ألف طالب يدرسون في مدارس الأونروا في هذه المخيمات، كما أن
عياداتها تستقبل سنويا نحو مليون ونصف المليون زيارة طبية.
"كارت (بطاقة) الأونروا - والتي تحوي على اسم أفراد العائلة - هي محور رئيسي في
حياة كل إنسان في المخيم. "اعتمادنا الوحيد هو على الوكالة - الراعي الأساسي لنا
ولا يوجد أي طرف آخر بتاتا يقدم لنا أي خدمات أخرى"، تقول أماني.
وعلى الرغم من أن عددا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن لا يستفيدون من
خدمات الأونروا - وهؤلاء هم الأردنيون من أصول فلسطينية - فإن وجودهم على لوائحها
يفترض أن يشكل ضمانة لحقّهم في العودة إلى وطنهم الأم.
الأونروا الضفة الغربية المحتلة
وإذا كان الأردن يضمّ أكبر عدد لاجئين فلسطينيين، فالضفة الغربية المحتلة تحوي على
أكبر عدد من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. حيث تمتد الضفة الغربية فوق مساحة من
الأرض تبلغ 5,500 كيلومتر مربع يعيش فوقها ما يقارب من 2,7 مليون شخص.
ويعيش ربع اللاجئين في 19 مخيما رسميا بينما يعيش معظم الآخرون في مدن وقرى الضفة
الغربية. وترعى الأونروا في الضفة 828,328 لاجئاً مسجلا بها، وتشرف على 96 مدرسة
بها ما يقارب 50 ألف طالبا.
الأونروا في غزة
بحسب بيانات الأمم المتحدة الصادرة، في أغسطس الماضي، فإن 63% من سكان القطاع
يعانون انعدام الأمن الغذائي، ويعتمدون على المساعدات الدولية. ويعيش أكثر من 80%
من السكان تحت خط الفقر.
ويضم القطاع الصغير ، 8 مخيمات وحوالي 1.7 مليون نازح، أي الأغلبية الساحقة من
السكان، وفقاً للأمم المتحدة.
ويبلغ إجمالي عدد سكان غزة نحو 2.4 مليون نسمة.
ومن بين موظفي الوكالة البالغ عددهم 30 ألفاً، يعمل 13 ألف شخص في قطاع غزة، موزعين
على أكثر من 300 منشأة موجودة على مساحة 365 كيلومتراً مربعاً، وفقاً لموقع الوكالة
على الإنترنت.
وفي عام 2018، أوقفت الولايات المتحدة وهي أكبر مساهم في "الأونروا"، خلال فترة
رئاسة دونالد ترمب، مساعدتها المالية السنوية البالغة 300 مليون دولار.
تمويل الأونروا
تقدم الأونروا تقاريرها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويرأسها وكيل الأمين
العام للأمم المتحدة، ويتجدد تفويضها كل 3 سنوات بقرار من الجمعية العامة.
ويمثل الفلسطينيون الغالبية العظمى من موظفي الوكالة البالغ عددهم 31 ألف موظف،
وتدفع الأمم المتحدة رواتب 200 من الموظفين فضلا عن بعض النفقات الإدارية بما يعادل
أقل من 5% من ميزانية الأونروا.
وتُستكمل بقية الرواتب ونفقات التشغيل من تبرعات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة،
وتعد الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة للأونروا بمتوسط 350 مليون دولار بما يقارب
ثلث ميزانية الوكالة السنوية البالغة 1.2 مليار دولار. ونظرا لعدم كفاية التبرعات،
يوجد عادة عجز كبير في ميزانية الوكالة.
واستخدمت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ورقة تمويل الأونروا للضغط على
الفلسطينيين في سياق طرحها لصفقة القرن والرفض الفلسطيني لها، فأعلنت واشنطن في عام
2018 وقف تمويل الأونروا بحجة الحاجة لبديل أكثر فعالية في مساعدة اللاجئين.
التخلص من الأونروا
ترى إسرائيل أن الأونروا تساهم في إدامة قضية اللاجئين، بل وتضخيمها مع زيادة عدد
اللاجئين المسجلين بها من 700 ألف شخص في عام 1948 إلى 5.5 ملايين شخص حاليا نظرا
لمنح أبناء وأحفاد اللاجئين في عام 1948 صفة اللاجئ.
وتعتبر تل أبيب أن عودة اللاجئين تمثل تهديدا ديمغرافيا للأغلبية اليهودية في
إسرائيل، وبالتالي فهي قضية غير قابلة للحل في أي مفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين.
–
حسب زعمها - ولذا تدفع باتجاه دمج اللاجئين في أماكن إقامتهم؛ وبالأخص في دول
الجوار.
ولتحقيق ذلك، قدمت دراسة مطولة عام 2020 نشرها معهد الأمن القومي الإسرائيلي؛ 4
بدائل في مقدمتها تفكيك الأونروا ونقل ميزانيتها إلى حكومات الدول المضيفة للاجئين.
واقترحت الدراسة التي صدرت بعنوان "70 عاما للأونروا: حان الوقت للإصلاحات الهيكلية
والوظيفية" نقل صلاحيات الوكالة وميزانيتها وجميع ما يخصها إلى المفوضية السامية
للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويتركز عمل المفوضية على نقل اللاجئين إلى دولة ثالثة بما يتيح لهم الحصول على حق
الإقامة الدائمة والتجنس، وهو ما سيقود إلى سحب صفة اللاجئ من اللاجئين الفلسطينيين
في حال تجنسهم بجنسية دول أخرى.
ولتحقيق الهدف الإستراتيجي المتمثل في التخلص من شبح عودة اللاجئين، تسوق إسرائيل
عدة مبررات لتشويه الأونروا، من بينها:
تدريس الأونروا للمناهج المحلية في مدارسها التي تمثل 58% من ميزانيتها الإجمالية،
إذ تشدد تلك المناهج على حق العودة وتندد بالمشروع الصهيوني في فلسطين، وتزعم أن
ذلك يناقض نشر مفاهيم السلام.
تقديم الأونروا لخدمات اجتماعية واقتصادية لصالح نحو 1.2 مليون لاجئ مسجل في غزة،
مما يتيح لحركة حماس توجيه مواردها المالية للأنشطة العسكرية بدلا من توجيهها
للخدمات الاجتماعية والاقتصادية.
وجود 1% فقط من الأجانب بين موظفي الأونروا، وهو ما يساهم في الحفاظ على الهوية
الفلسطينية بواسطة الموظفين الفلسطينيين، ويحد من قدرة الأجانب على التواصل بشكل
مباشر مع المجتمعات الفلسطينية.
أخيرا، وهو المبرر الأكثر استخداما، عضوية بعض موظفي الأونروا في جماعات المقاومة
الفلسطينية أو استخدام منشآتها في عمليات المقاومة، وهو مبرر يظهر مع كل موجة
تصعيد.
وعند اندلاع الانتفاضة الأولى في عام 1987 زعمت إسرائيل أن بعض موظفي الأونروا
أعضاء أو مؤيدون لتنظيمات فلسطينية مقاومة، وادعت أن مركبات الأونروا تُستخدم لنقل
المقاتلين والأسلحة، وطالبت بمنحها الإذن لتفتيش مركبات الوكالة.
وتذرعت الأونروا حينها بالحصانة الدبلوماسية لموظفيها واعترضت على فحص مركباتها،
وهو اتهام تكرر مع اندلاع الانتفاضة الثانية، ثم عاد مؤخرا عبر الزعم بمشاركة 12
موظفا فقط لدى الأونروا من بين 31 ألف موظف في هجوم طوفان الأقصى.
تمثل الأونروا للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج الراعي لمصالحه والشاهد على نكبته
لذا فإن محاولات إسرائيل للتخلص من تلك المنظمة ليس وليد الحرب الأخيرة، بل هي
استراتيجية ثابتة لدولة الاحتلال
تخللتها محاولة عدة لوقف تمويلها، وقد استجابت الولايات المتحدة جزئيا لتلك المطالب
فقلصت مساعدتها للأونروا في عهد ترامب، واليوم تسعى دول الاحتلال لتصفية القضية
الفلسطينية مرة واحدة وللأبد، وأولى تلك الخطوات قطع الحبل السري الذي يغذي
اللاجئين الفلسطينيين ويربطهم بقضيتهم.