• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
حوار مع الشيخ: محمد بن ناصر الحزمي

حوار مع الشيخ: محمد بن ناصر الحزمي

ما حدث في اليمن ضمن مخطط كبير لرسم الشرق الأوسط الجديد حتى يكون خالياً مما يهدد وجود الكيان الصهيوني.

سقطت صنعاء بقوة الخيانة والفجور في الخصومة وليس بقوة الحوثي.

وزير الدفاع اليمني خدع الجميع بمن فيهم الرئيس.

هدف إيران بعد سقوط صنعاء تطويق الجزيرة العربية.

أهل السنة في اليمن أخذوا درساً مما حصل في العراق.

حزب الإصلاح لم يستسلم للأمر الواقع لكنه أحسن قراءة الواقع.

الحوثي حية ابتلعت صيداً أكبر من حجمها، وإذا لم ترجعه سيكون سبباً في موتها.

الغرب يقدس مصالحه وليس مبادئه.

المحافظات الجنوبية لن تقبل بحكم الحوثي.

لمع نجم الشيخ محمد بن ناصر الحزمي الإدريسي منذ بداية دراسته للعلم الشرعي عند مجموعة من العلماء أبرزهم: الشيخ محمد عويس، والشيخ أشرف بيومي، والشيخ محمد جمال الدين.

وعُرف الشيخ محمد الحزمي الذي أصبح في عام 2003 عضواً للبرلمان اليمني ممثلاً عن حزب الإصلاح الإسلامي (إخوان اليمن)، بالشجاعة والإقدام في الدفاع عن الحقوق الشرعية، وأي مسائل تخص الاستهانة بالشرع الإسلامي، أو التلاعب بأبناء المسلمين تحت لافتة منظمات المجتمع المدني التي تعمل في مجال حقوق المرأة والطفل.

كما أن الشيخ الحزمي، خلال عمله في مجلس النواب الذي لا يزال عضواً فيه حتى الآن، كان من الدعاة الذين يمتلكون الوعي والجرأة لتوعية الناس بأخطر المؤامرات التي تحاك ضد الأمة من قبل أعدائها، حيث كانت له صولات وجولات حول قضية التسلل الرافضي إلى اليمن، وفتنة الحوثيين في محافظة صعدة، وعدد من القضايا الاجتماعية كالزواج المبكر، وكان له الفضل الكبير في إسقاط الكثير من المشاريع الممولة غربياً لإفساد المجتمع اليمني.

ومنذ بدأت مؤامرة التمدد الحوثي على المحافظات الشمالية، كان للشيخ الحزمي موقف صارم إزاء ذلك التوسع العسكري المخيف، حيث طالب في أكثر من لقاء رئيس الجمهورية وقيادات الدولة بتفعيل دور الجيش اليمني في بسط سيطرته على كل الأراضي اليمنية، وإيقاف الحوثيين عند حدهم، لكن صرخات الحزمي لم تلقَ استجابة من قيادات الدولة، وكان أن وقعت الفاجعة بسقوط العاصمة صنعاء وبعض المحافظات الشمالية بأيدي الحوثيين.

مجلة «البيان» التقت الشيخ محمد بن ناصر الحزمي، وفتحت معه حديث الساعة حول سقوط العاصمة صنعاء تحت سيطرة الحوثيين، ودور الرئيس هادي في تمكين الحوثيين في شمال اليمن، وتطرقنا معه إلى الدور المحوري للرئيس السابق علي عبدالله صالح في دعم الحوثيين لإسقاط الحكومة، بالإضافة إلى دور المجتمع الدولي في ظل الأوضاع المتقلبة في اليمن.. ومواضيع أخرى مرتبطة في ثنايا الحوار التالي:

البيان: بداية، هل كنت تتوقع هذا السقوط العاجل للعاصمة صنعاء أمام المد الحوثي؟

- حقيقة لم يكن أحد يتوقع هذا السقوط، وكنا نعتقد أن الدولة لن تسمح بسقوط رأس النظام السيادي، وكان الشعب مهيأ للوقوف مع الدولة لصد هذا الهجوم؛ لأنه يعرف أن سقوط صنعاء يعني سقط النظام وسقوط العملية السياسية والمبادرة الخليجية، وسيعيدنا ذلك إلى مربع 2011 حيث بداية الثورة الشبابية.
ولكن للحقيقة استطاع وزير الدفاع اليمني اللواء محمد ناصر أحمد أن يخدع الكل، وأظن أنه خدع حتى رئيس الجمهورية بإعطائه تقارير عن وضع الجيش غير صحيحة؛ فمن غير المعقول أن يكون الجيش اليمني كله خائناً أو جباناً أو بياعاً لوطنه، هناك رجال وألوية وقيادات وصف وجنود في القوات المسلحة وطنيون وصادقون ومحبون لوطنهم، ولكن حسب ظني إن وزير الدفاع صور للرئيس أن الجيش غير مستعد للدفاع عن الوطن.. والشعب ممثلاً بالقبائل عندما وجد هذا الانهيار في القيادة السياسية لم يتحمس ليخوض معركة نيابة عن الدولة، وهكذا سقطت صنعاء ليس بقوة الحوثي ولكن بقوة الخيانة والمكر والفجور في الخصومة.

البيان: كيف تقرأون الأوضاع التي تمر بها اليمن في هذه الفترة الحرجة؟

- الأوضاع التي تمر بها اليمن خطيرة للغاية؛ فالعملية السياسية متوقفة تماماً وهذا بحد ذاته يضع اليمن على شفا جرف هار اقتصادياً وأمنياً، والقادم إما أن تكون هناك مقاومة للإقصاء والهيمنة والعنجهية الحوثية وهذا يتطلب كلفة كبيرة، أو الإذعان والاستسلام، ولكن ستكون الكلفة في المستقبل أضعاف مضاعفة.

البيان: في قصة سقوط العاصمة صنعاء، ما هو الدور الذي تَمثله الحوثيون في الوصول إلى أعماق العاصمة والمحافظات الأخرى؟

- الحوثي يؤدي دور البطل فقط في مسلسل معد مسبقاً، والبطل في أي مسلسل هو تمثيل وليس حقيقة، بمعنى أن الحوثي كان مجرد منفذ لأهداف أعدت له مسبقاً.

البيان: هل كان الحوثي يعتقد أنه سيستطيع اجتياح صنعاء بتلك السهولة، أم إنه تفاجأ بخلو الطريق أمامه؟

- الحوثي لم يتوقع هذا السقوط العاجل للعاصمة صنعاء، لأنه كان يتوقع ما توقعناه من مقاومة ضارية سواء من قبل الدولة أو من المواطنين ممثلين بالقبائل، ولكنه شعر بنشوة النصر الذي لم يحققه هو بل حققته الخيانة الداخلية للدولة.

البيان: هل جماعة الحوثي بهذه القوة، حتى تعجز الدولة وكافة القوى الحزبية والقبلية أن تقف في وجهها، أم وراء الكواليس شيء آخر يجهله المواطن اليمني؟

- الحوثي لوحده ضعيف جداً، وهو يعرف هذا الأمر، حيث إنه أمضى أكثر من عشر سنوات في حروب شرسة مع الدولة ولم يستطع أن يخرج من حدود محافظة صعدة معقل رأس قادته، ولكنه بتحالفه مع المتضررين من الثورة الشبابية، ولأن أولئك المتضررين ملزمون بالعملية السياسية أمام الداخل والخارج جعلوه جسراً يعبرون من خلاله إلى مبتغاهم ولو على حساب تدمير الوطن وتفتيت الوحدة وقتل الأبرياء، نسأل الله لنا ولهم الهداية.

أضف إلى ذلك أن المال الإيراني المتدفق على حركة الحوثي ومن بعض الدول العربية، كان له أثر في شراء الولاءات للأسف الشديد، كما أن الدعم الصامت من الدول الغربية لتوجه الحوثيين وعجز حكومة الوفاق الوطني في تحقيق شيء يلمسه المواطن نظراً لظروف المرحلة، كل هذه العوامل كانت أسباب مساعدة للحوثي وحلفائه في تحقيق ما حصل.

البيان: كيف قرأت موقف حزب الإصلاح الإسلامي، العدو اللدود للحوثيين إزاء ما حدث، وهل نستطيع أن نقول إن حزب الإصلاح استسلم للأمر الواقع بعد اجتياح الحوثيين للعاصمة؟

- حزب الإصلاح مكون في إطار مكونات سياسية ومجتمعية كلها تنضوي في إطار الشعب.. «الإصلاح» كان يتحدث أنه لن يقوم مقام الدولة، فهو مجرد حزب سياسي، ولكنه كان مستعداً أن يكون ضمن اصطفاف وطني للذود عن الوطن وحمايته من السقوط في إطار جماعي.

و«الإصلاح» اليوم يخوض عملية سياسية أكثر تعقيداً من الماضي، كما أنه لا يستسلم للواقع ولكنه يحسن قراءة الواقع.

البيان: ما هي صحة دخول الرئيس هادي في مؤامرة دُبرت بليل لقضم رأس «الإصلاح» وإخماده إلى الأبد، وهل يمكن أن يتعرض إصلاح اليمن، لما تعرض له إخوان مصر بزجهم في السجون، وإزاحتهم من المشهد السياسي؟

- الكثير يتحدث عن المؤامرات التي تحاك ضد حزب الإصلاح، وهذا أمر مفروغ منه، ولكن الإصلاح ليس صفراً ليوأد، فالمؤامرة عليه أسقطت وطناً بأكمله، وهذا يدل على أن حجمه التأثيري في مفاصل هذا الوطن كبير، وهذا المخطط هو في إطار المخطط الكبير لرسم خريطة الشرق الأوسط لتكون خالية مما يهدد وجود الكيان الصهيوني، ولكن الله غالب على أمره، ولن يكون إلا ما أراده الله.

أما مسألة إيصال الإصلاح إلى ما وصل إليه إخوان مصر فهذه كأمنية إبليس بدخول الجنة، نظراً للكثير من العوامل التي تخص اليمن عن غيره.

البيان: ما هو رأيك بمن يقول إن ما حدث كان بمثابة ثورة مضادة نفذها الرئيس السابق علي عبدالله صالح للانتقام من الثورة الشبابية وإن الحوثي كان مجرد منفذ للعملية التي دعمها صالح؟

- الكل يقول إن صالح انتقم لنفسه، وهذا أمر لا ينكره أحد ولكن ممن انتقم؟! انتقامه كان على حساب الوحدة التي كان شريكاً رئيساً في تحقيقها، وعلى حساب الوطن الذي أعطاه وأسرته الكثير، وعلى حساب وطن سيتمزق طائفياً ومذهبياً ومناطقياً.

البيان: ما أثر ما فعله الحوثيون في شمال اليمن على دول المنطقة، خصوصاً بعد ترحيبها بالتوقيع على اتفاق السلم والشراكة؟

- اليمن حديقة خلفية للمملكة والأفضل أن تظل حديقة بدلاً من أن تتحول إلى تنور يغلي.

وأظن أن الإخوة في المملكة العربية السعودية قد نبهتهم التصريحات الحوثية والإيرانية الأخيرة بعد سقوط صنعاء.

البيان: كيف تقيم دور دولة إيران في اليمن، ودعمها للحوثي؟

- الدور الإيراني في اليمن والمنطقة، دور يسعى لبناء فارس الإمبراطورية، وهم لا يخفون ذلك، والهدف بعد سقوط صنعاء تطويق الجزيرة العربية.

البيان: فيما يخص المجتمع الدولي، هل يمكن تعليق الأمل على موقفه في إيقاف تدهور الوضع اليمني إلى الأسوأ؟

- المجتمع الدولي يتبع مصالحه وليس مصلحة اليمن أو العرب أو المسلمين، فالغرب يقدس مصالحه وليس مبادئه، وإذا كانت مصالح الغرب تقتضي دوس عملائه فلا يمانع في ذلك.

والحقيقة أن ما يجري اليوم من حروب في المنطقة يأتي في إطار مخطط صراع المذاهب الذي تحدث عنه تقرير نشرته مؤسسة «راند» الأمريكية في عام 2007، يمكنكم الرجوع إليه لتعرفوا من صاحب السيناريو والإخراج فيما يجري في عالمنا الإسلامي.. والهدف منه أن نطلب نحن كزعماء أو أحزاب إدخال الغرب إلينا، والاستعانة بهم على بعضنا البعض، ولذلك أنا شخصياً ومعي الكثير لا يعلقون أي آمال على المجتمع الدولي فالأمل الكبير بالله عز وجل.

البيان: كيف تقرأ المستقبل، إلى أين نحن ذاهبون في اليمن.. هل إلى السيناريو العراقي،  أم اللبناني، خصوصاً بعد دخول تنظيم القاعدة في المسار وتنفيذه لعدد من التفجيرات  التي استهدفت الحوثيين؟

- إذا استمر الوضع كما هو عليه الآن دون تغير، نخشى أن يسير المستقبل إلى صراع مذهبي وطائفي ومناطقي.. وأنا أعتقد جازماً أن أهل السنة في اليمن قد أخذوا درساً مما حصل لسنة العراق، وللأسف صرنا اليوم نتحدث بمنطق سنة وشيعة، لأن الحوثي هو من ساقناً إجبارياً لذلك، كما أن المحافظات الجنوبية من المستحيل أن تقبل بحكم الحوثي.

البيان: هل من كلمة أخيرة في هذا اللقاء؟

- يجب على الجميع تدارك الموقف الآن، إذا وجدت النيات في تغيير المواقف السابقة حيث كانت هناك حسابات خاطئة أدت إلى هذا الوضع الذي سينعكس بالتأكيد على وضع الأمة العربية خاصة والعالم عامة. والواجب على عاتق عقلاء اليمن المدركين للمؤامرات التي تحاك ضد بلدهم، فعليهم أن يتناسوا خصوماتهم السياسية وينظروا إلى مصلحة الوطن.

كما أدعوا أهل السنة في اليمن والجزيرة حكاماً ومحكومين أن يستفيدوا مما حصل لسنة العراق؛ لئلا يستفيقوا وقد أصبح بعضهم معتقلاً وبعضهم مشرداً، والبعض الآخر مقتولاً. في عالم اليوم البقاء للأقوى، واستطاع الأعداء تفريق السنة كي يميتوا قوتهم، وصاروا أدوات تفكيك بعد أن تحولوا إلى أدوات تشكيك في بعضهم، ولو جمعنا الأخطاء بيننا لوجدناها مكبرة بمجهر الإعلام الفاسد، وإلا فحقيقتها أنها تأتي في طبيعتنا البشرية، ويمكن بالتواصل بيننا أن نزيل أغلبها، فأن تسمع مني خير من أن تسمع عني.

:: ملف خاص بعنوان " الحوثيون.. من صعدة إلى صنعاء"

:: مجلة البيان العدد  330 صفر  1436هـ، نوفمبر  2014م.

 

أعلى