إذا كنا نريد وصف النظام السياسي في اليمن، فإننا لا
يمكن أن نعتبره أقل من كتلة فساد يتزعمها ثلة من السياسيين الذين تحركهم مصالحهم
الخاصة؛ لذلك استغلت أطراف خارجية هذه الحالة وحولت اليمن إلى دولة فاشلة بأيدي
أبنائها؛ فالانقسامات الموجودة داخل الكيان الرسمي للنخب السياسية جعلتها فريسة
سهلة بالنسبة لإيران، وسمحت للأخيرة بالتمدد أمنياً حتى أصبحت تتحكم في مطار صنعاء،
وقريباً في أهم ممر للملاحة في العالم وهو مضيق «باب المندب»، في ظل خلافات كبيرة
بين القوى الإسلامية، وكذلك جهود أمريكية لتصفية الإسلام السياسي في اليمن بدعوى
محاربة «الإرهاب»، وكذلك وجود الحراك الجنوبي كأداة وغطاء سياسي آخر لجماعة الحوثي.
ويبدو أن الأحداث في اليمن تتجه لتأخذ أحد ثلاثة مسارات: سيطرة حوثية كاملة على
منظومة الدولة وعودة الإمامية إلى اليمن، أو عودة نظام الرئيس السابق علي عبدالله
صالح من خلال الانتخابات وبدعم قبلي، أو انفصال اليمن الجنوبي وتقاسمها بين الأطراف
المتصارعة. وفي ظل وجود حالة من الفشل في اليمن فإننا يجب أن ندرك أنه ليس من مصلحة
الإدارة الأمريكية أن يكون في منطقة الشرق الأوسط أي دولة لديها قرار سياسي مؤثر في
المنطقة العربية. ولأهمية اليمن من الناحية السياسية لمنطقة الخليج والأمنية للعالم
بسبب مضيق «باب المندب»؛ ستعمل واشنطن على إبقاء اليمن دولة فاشلة، مثلها مثل ليبيا
وسوريا، ولا يستبعد أن تكون مصر الهدف المقبل.