سطوة قم تشعل الإلحاد في إيران
لم تنجح الثورة الإسلامية في إيران من خلال إحكام ولاية الفقيه وحوزة قم العلمية التي دعى لها الشاه في أسلمة المجتمع الإيراني، ولا تحوله إلى الديمقراطية والحرية، وفشلت كل المحاولات الإيرانية على مدار ثلاثة عقود ونصف من أسلمة الاقتصاد والثقافة والسياسة والعلم والتعلم، بل زادت من انتشار الفكر الإلحادي وعدم اعتناق الأديان خصوصاً بين فئة الشباب في السنوات العشر الأخيرة والذين فقدوا الثقة بالمؤسسة الدينية.
في محطات القطار، والمحطات الطرقية والجدران المختلفة يرى المتجول في طهران كلمات إلحادية ورموز خطها العديد من الشباب تدعو إلى الإلحاد، نهيك عن محاولة الشباب إحداث قطيعة بين سياسة النظام تاريخياً وبين متطلبات العصر الحديث، حيث لا يشعر الشباب بالفخر اتجاه المعارك التي خاضتها دولتهم والحروب مع العراق وفي المنطقة، ولا يفتخر أبناء المقاتلين القدامى بذلك، بل يدعون برفع يد المؤسسة الدينية عن المجتمع، وترك الناس يعيشون حريتهم.
مؤشرات سطوة المؤسسة الدينية:
· سد جميع المنافذ لمنع دخول الحداثة الغربية، والتركيز على المناهج الدينية خصوصاً فيما يتعلق بولاية الفقيه في المراحل الأساسية للتعليم.
· طرد قرابة 40 ألف مدرس وجامعي من المشكوك في ولائهم للحوزة العلمية والمؤسسة الدينية.
· أوقفت إرسال البعثات للجامعات الغربية ومنعت الطلبة من الإلتحاق بها.
· انتشار الفساد الأخلاقي والمالي في قيادات المؤسسة الدينية والعسكرية في إيران، وانتشار دعاوى التحريض ضدهم عبر وسائل التواصل الإجتماعي الإيرانية بشكل واضح.
· نشر الخرافات بين الجمهور بالقصص الدينية الكاذبة التي تنسب للأمة وقداستهم وكرامتهم مما يثير سخرية الشباب المتنورين.
· السلطة المطلقة للمرشد الأعلى، وسطوة الولي الفقيه كانت قد طالت كل مناحي الحياة، حتى توجيه الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة، كان آخرها منعه لأحمدي نجاد الرئيس السابق من الترشح دون حقوق مواطنة تذكر، وكذلك منع أهل السنة من الترشح لأي مناصب مهمة.
· السطوة المالية وقوة النفوذ والمصالح التي ينشأها بعض رجال الدولة باسم الدين، والسيطرة على أموال التبرعات من خلال مؤسسة "آستان قدس رضوي" المسؤولة عن مجمل المؤسسات الدينية وتقدر ميزانيتها 200 مليار دولار، تدير تبرعات لأضرحة مقدسة عند الشيعة في مشهد، ويزورها ملايين الشيعة من العالم، وهي «المؤسسة» التي يديرها رئيسي لحساب الولي الفقيه يملك 36 شركة ومعهدا مدرجا في قائمة موقعها الالكتروني، ولها ملكية مناجم ومصانع نسيج ومصانع أدوية وشركة نفط وغاز.
مظاهر الإلحاد ترصد من خلال مؤشرات كثيرة أهمها:
· عزوف الشباب الإيراني عن صلاة الجمعة والذي يعتبر إشارة لعزوف الشعب عن النظام نفسه، حيث يتم انتخاب خطيب الجمعة من النظام.
· انتشار أكثر من 666 موقع إنترنت، وأكثر من 1400 شبكة تواصل صحفة تواصل اجتماعي باللغة الفارسية تدعو إلى الإلحاد.
· انتشار عبادة الشيطان بين الشباب حيث توجد في إيران أكثر من سبعين فرقة يشكل الشباب غالبية أعضائها ويستقطبون الأطفال وكبار السن، وينشطون في الأوساط الطلابية في الجامعات، وتعد المخدرات والكوكايين والحشيش وحبوب الهلوسة أحد أهم شروط الانتساب لهذه المجموعات في إيران.
· انتشار ظاهرة شبه التحجب في الشوارع خوفاً من ملاحقة الشرطة لهم في الشوارع، حيث كل محاولات الشرطة الأخلاقية لم تكن ناجعة في تغيير سلوك الايرانيات المعروفات باهتمامهن بنمط الحياة العصرية وعالم الموضة وخاصة في شمال العاصمة طهران الأكثر انفتاحاً.
· حالة الفراغ الكبيرة التي يعاني منها الشباب الإيراني من خلال هجومهم المستمر عبر التواصل الاجتماعي على كل ما هو ديني في البلاد، وعزوفهم التام عن السياسة.
مؤشرات اجتماعية:
في أحدث تقرير نشرته صحيفة رسمية إيرانية في مارس الماضي، ذكرت فيه إن “نحو 17.8% على الأقلّ من الأسر الإيرانية تعيش تحت خطّ الفقر المدقع، ويبلغ عدد أفراد هذه الأسر 13 مليونًا و347 ألف شخص، ويبلغ دخل الأسرة الشهري أقلّ من مليون و100 ألف تومان (300 دولار)”.
فیما قالت مؤسسة الأبحاث التجارية الإيرانية، إن نسبة العاطلين عن العمل ارتفعت، خاصة بين الخريجين في المجتمع الإيراني، “إذ بلغت ضعفَ المعدل العام، ووصل معدل البطالة إلى 5.5 مليون شخص من خريجي الجامعات”.
ولكن الدولة الإيرانية بدت تدرك أن حروبها المباشرة مع المنطقة ستنعكس عليها داخلياً بالسلب، لذلك أصبحت تقاتل عبر وسطاء بالإنابة كما في اليمن والعراق، وعبر استخدام ميليشيات وجيوش مرتزقة، أو دعم حلفاء لها بالمال والسلاح، كل لذلك لتكون حاضرة في المشهد الدولي كدولة صاحبة مشروع كبير، ولكنها تركت فجوة داخلية كبيرة وعزوف من الشباب الإيراني الداخلي الذي بدا يعاني إلحاداً وكفرا بكل ما تقدمه المؤسسة الدينية، وينظر لما تقوم به دولتهم من دور في المنطقة قتال ضد طواحين الهواء ودونكيشوتية غير مبررة في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي تعانيها البلاد.