هل تجرؤ إيران على التدخل العسكري في اليمن؟
هل يمكن أن تأخذ السعودية ودول التحالف العربي تهديدات علي ولايتي مستشار خامنئي بالتدخل المباشر في اليمن على محمل الجد؟ سؤال طرحه كثير من المتابعين بعد ظهور علي ولايتي بتصريح جديد بقوله: "إن تغييرات كبيرة حصلت في المنطقة، تمثلت في تعاونٍ غير مسبوق بين روسيا وإيران، وتوقع أن يمتد ذلك التعاون إلى اليمن".
هذا التصريح فهمه كثير من المراقبين على أنه تهديد واضح وصريح بإمكانية أن تتدخل إيران مع حليفتها الكبرى روسيا عسكرياً في اليمن، خصوصاً أنها تأتي بالتزامن مع زيارة مفاجئة لوزير الدفاع الروسي سيري شويغي الأحد 21 فبراير إلى طهران التقى فيها الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الدفاع حسين دهقان، وبحث مع المسؤولين الإيرانيين الوضع في المنطقة، وسبل تعزيز التعاون العسكري.
كما أن التصريح جاء بعد الحديث عن تسلم إيران من حليفها الروسي منظومات دفاعية مضادة للصواريخ من طراز إس - 300، بالإضافة إلى نية إيران شراء طائرات حربية من طراز سوخوي30 من روسيا حسب حديث وسائل إعلام إيرانية وروسية.
واعتبر كثير من المتابعين أن هذه التصريحات الطائشة تنم عن حالة تخبط داخلية تعيشها إيران، بعد أن قلبت المملكة العربية السعودية الطاولة عليها، بدءاً بتدخلها العسكري المباشر في اليمن الذي أوشك على القضاء على سرطان الحوثي وصالح، وكذلك تصريحات السعودية وعزمها بالتعاون مع تركيا للتدخل العسكري في سوريا لمواجهة داعش ومن ثَمَّ نظام بشار الأسد.
ومما لا يمكن إغفاله هنا، أن إيران قد حاولت بأكثر من وسيلة وأسلوب أن تتدخل في اليمن عبر محاولات كثيرة بإرسال قوافل من السلاح والمساعدات العسكرية للحوثيين في اليمن، وعملت على دعمهم إعلامياً وعبر منظمات دولية في المحافل الدولية؛ فهي تعلم معنى أن يسقط حليف قوي لها في المنطقة؛ فبعد أن تغنت بسقوط دولة رابعة تحت سيطرة ثورتها الإسلامية كما تدعي، ها هي اليمن تنحسر قليلاً قليلاً حتى تعود إلى حجمها الطبيعي.
ومما يمكن الإشارة إليه أن المملكة العربية السعودية استطاعت أن تكسب الموقف الروسي في القضية اليمنية، فحصلت على تفويض دولي بالتدخل وكسبت الرهان في الحصول على القرار الدولي رقم 2216 الذي يقضي بعودة الشرعية اليمنية وتسليم الانقلابيين للسلاح، وفرض عقوبات دولية على زعيم الحوثيين والمخلوع صالح وأعوانهما، وهو الأمر الذي تعمل عليه السعودية حالياً من خلال دعمها للجيش الوطني والمقاومة الشعبية الداعمة لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، وقد استطاعت أن تحرر أكثر من 70% من الأراضي اليمنية، وأعادتها إلى الشرعية رغم الخلل الأمني الذي يترافق مع أي عملية عسكرية.
إذن، ليس أمام إيران في اليمن أي مجال للتدخل حالياً، وما يصدر من تصريحات تهويليه لا يمكن فهمها إلا باعتبارها ردود أفعال عكسية على حجم التحول الذي صنعته المملكة العربية السعودية من خلال تحركاتها الجريئة مؤخراً في أكثر من صعيد. وأكثر ما يمكن أن تصنعه إيران حالياً - مع صعوبة بالغة - هو مد الحوثيين بالمال والسلاح من أجل إطالة أمد الحرب، والتحرك الدبلوماسي ودعم أنشطة الحوثيين وصالح في المحافل الدولية عبر ملفات حقوق الإنسان وتوجيه الاتهامات للحكومة اليمنية بارتكاب جرائم حرب، وقد بدأت بالفعل عن طريق مؤتمرات صحفية ومعارض للصور في دول أوروبية، وتقديم ملفات للمنظمات الدولية، وما سوى ذلك لن يعدو كونه تصريحات كلامية لمحاولة إنعاش حلفائهم في اليمن بعد أن أصبحت قوات الجيش والمقاومة على مشارف جبال العاصمة صنعاء.
ويعلم الجميع أن طهران أصيبت بالصدمة بسبب التحركات الجريئة للمملكة العربية السعودية ودول التحالف العربي في اليمن، وجاءت الصدمة الأكبر بعد استعداد المملكة بالتعاون مع تركيا للتدخل العسكري في سوريا، وبعدها بأيام أعلنت المملكة العربية السعودية قطع دعمها المالي للجيش اللبناني وقوى الأمن والذي كان يقدر سنوياً بمبلغ 4 مليار دولار، وهو الأمر الذي خلط أوراق حزب الله في لبنان باعتباره المتسبب بإيقاف هذه المعونات بسبب سياساته المعادية للمملكة، وتدخله الفج في سوريا باستغلاله لمقدرات الجيش والأمن في لبنان.
ومجمل القول: فقد أصبحت إيران تعرف أن السعودية اليوم غير السعودية بالأمس، ومن ثَم لن تخاطر بأي مغامرة أخرى قد تفقدها توازنها وتقلب لها ظهر المجن، فلم تعد السعودية هي التي تدافع بل أصبحت هي من تملك قرار الهجوم والحزم، فلا مكان لإيران في موطن العرب مهما كلف السعودية الأمر.