• - الموافق2024/11/21م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
عرب الأحواز تطهير عرقي وتجريف للهوية القومية

عرب الأحواز تطهير عرقي وتجريف للهوية القومية


تتبع السياسة الإيرانية منذ الدولة الصفوية (1501 - 1722م) سياسة الانتقام من العرب تبعاً لهزيمة الساسانيين في معركة "القادسية" سنة 637م التي قادها الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وفتحت بلاد فارس، وأطلق الفتح اسم "الأحواز" عليها وألغي اسم خوزستان، الذي عاد منذ احتلالها 1925م، وألحقت الأحواز بالبصرة حتى عام 132هـ، ثم صارت ولاية مستقلة في العهد العباسي (132 - 256 هـ)، وصارت أحد المراكز المهمة في تجارة الدولة العباسية المركزية حين أولى العباسيون الأحـواز وجنوب العراق اهتماماً خاصاً.

بعد الغزو المغولي نشأت الدولة المشعشعية العربية (1436 - 1724م) وتوسعت حتى ضمت البصرة وبغداد، وخاضت حرباً مع العثمانين وانتصرت في عام (1541م) وخاضت حرباً مع الدولة الصفوية وانتصرت عليها في عام (1625م) واعترفت الدولتان الصفوية والعثمانية باستقلالها بصورة مباشرة (بموجب معاهدة مراد الرابع باستقلال الإمارة المشعشعية (1639م)، وأسست بعدها "الدولة الكعبية" (1724 - 1925م)، ثم استمرت دول أخرى حتى الاحتلال البريطاني الذي فكك الدولة وسلمها للإيرانيين بعد اعتقال قيادات الدولة في أسواء حكم عرفه العرب الأحوازيون في تاريخهم.

كان لا بد أولاً من التأكيد على أن "الأحواز" هي دولة عربية كاملة السيادة حتى عام 1925م، وليست هوية ضمن هويات الدولة الإيرانية التي تشكل نصف سكان البلاد. ويمثل العرب 3% من السكان بحسب الإحصاءات الرسمية لكن الباحث يوسف عزيزي يؤكد أن العرب يشكلون أكثر من 7.7% من السكان، منهم 3.5 مليون في "الأحواز" وغالبيتهم من الشيعة، بينهم 1.5 مليون عربي في سواحل الخليج العربي وهم من السنة، ونصف مليون متفرقون في أماكن مختلفة من إيران.

ومع احتلال "الأحواز" بتواطؤ بريطاني عادت النظرة الفارسية لتطفوا من جديد؛ حيث يرى المثقفون القوميون حتى الإصلاحيون منهم أنه غزو المسلمين (العرب) المتوحشين ضد الزاردشتيين (المجوس) المثقفين، ولك أن تتخيل حجم ما يحدث للعرب من النظرة التي تنظرها الدولة الإيرانية تجاههم.

ظل الأحوازيون سادات ساحل الخليج العربي من الجهة المقابلة، وأن الصفويين ومن قبلهم الساسانيين وحتى الإيرانيين ظلوا بعيدين عن البحر، وأنهم تحملوا صابرين على مضض بقاء هذا الساحل ملكاً للعرب، وظلت المملكات المتلاحقة (الفُرس) يخافون ارتياد البحر أو الاقتراب منه، ويعبر عن ذلك السير بريسي ((Sir Percy بقوله: "ليس هناك شيء يوضح تأثير العوامل الطبيعية في ميول الناس وسلوكهم أكثر من النفور والكره اللذين يظهرهما الفرس دائماً نحو البحر الذي تفصلهم عنه حواجز جبلية شاهقة"

ومنذ تاريخ احتلال الأحواز وحتى اليوم اتبعت السلطة في إيران سياسات تمييزية ضد العرب من أهل تلك البلاد ترقى إلى التطهير العرقي، ومحو الهوية، الذي انصب على كل مناحي الحياة السياسية والدينية وحتى في العمل، فـ 80% من عرب الأحواز يعانون البطالة، وتعاقب أي تحركات من أجل المطالبة بإبقاء الهوية العربية كما ينص دستور إيران والقانون، بالإعدام شنقاً بتهمة "الانتماء للوهابية" – وإن كان شيعياً - أو بتهمة المخدرات حتى لو كان يحاربها.

تطهير عرقي:

في يونيو 2012م أدانت منظمة العفو الدولية والاتحاد الأوروبي وهيومن رايتس ووتش إعدام إيران 4 أحوازيين متهمين بقضايا سياسية. كان إعدام هؤلاء الأربعة الأكثر ظهوراً لدى وسائل الإعلام على الرغم من أن محاكم الحرس الثوري لم تنفك تنصب المشانق بين حين وآخر لتخويف الأحوازيين من الاحتجاج والاعتراض على سياسة التطهير البشعة التي تستهدف الإنسان العربي، وتستهدف هويتهم القومية. ويسبق تلك الإعدامات جلسات تحقيق وتعذيب ممنهجة في سجون "الملالي"، فقد كشفت المنظمة الإسلامية السنية الأحوازية في 16 سبتمبر 2008م عن سجن إيراني سري في الأحواز، أطلقت عليه (أبو غريب الإيراني)، ترتكب فيه جرائم ضد الإنسانية ضد الأسرى الأحوازيين وطالبت بتحقيق دولي بالموضوع، وقالت: إن المعتقل يقع أسفل دوار "الخلفاء الراشدين" في قلب الأحواز العاصمة، كما إنه مقر للاستخبارات الإيرانية.

بعد ذلك بعامين ونصف العام صدَّقت منظمة مراسلون بلا حدود تقرير المنظمة وفي 22 أبريل 2011م أعلنت المنظمة الدولية عبر تقرير لها أن المعتقل موجود فعلاً، وجرى أخيراً اعتقال 97 عربياً أحوازياً فيه ويتعرضون لتعذيب وحشي، وأن السجن - فعلاً - يقع في تلك المنطقة وهو مقر للاستخبارات العسكرية الإيرانية في الأحواز.

وفي نوفمبر عام 2009م أكدت صحيفة السياسة الكويتية المعلومات التي كشفتها المنظمة في يوليو 2009م عن استخدام إيران للغازات السامة ضد الأحوازيين.

محو الهوية:

تستخدم إيران من أجل ذلك طريقتين:

الأولى: إقامة المستوطنات لأبناء القومية الفارسية في الأحواز، إضافة إلى منع استعمال الأحوازيين للغة العربية. وتشير أغلب المراجع التاريخية الموثوقة أن إيران استخدمت سياسة إحلال السُكان لزيادة القومية الفارسية في الأحواز ليصعب استقلالهم في الفترات اللاحقة. وعمدت إلى جلب آلاف العائلات من فئة المزارعين الفرس - تحديداً - إلى الإقليم منذ عام 1928م، وكانت سرعة تكاثر هؤلاء أعلى من سرعة تكاثر العرب.

وفي عام 1936م صدر أول مرسوم بعد إقرار المشروع يأمر فيه رضا خان بتوطين 4000 عائلة بختيارية من إقليم تشار محال وبختياري خلف جبال زاغروس مع توفير كافة الإمكانيات ومستلزمات العيش والأمن على نفقة الدولة في المناطق الجبلية شمال الأحواز.

أماكن سكنى هذه القبائل تقع في منطقة تفصلها عن شمال الأحواز سلسلة من جبال تسمى زاغروس ومن ثَمَّ هم يعيشون في منطقة محاذية لأرض الأحواز من الناحية الجغرافية وعملية توطينهم في الأحواز تكون غير مكلفة وسهلة نسبياً. وهنا يذهب المستشرق البريطاني (سر هنري راولينسون) إلى أنه في عهد محمد تقي خان (حاكم إقليم البختيارية) جرى توطين بعض القبائل في منطقة رامز في قرى بُنيت لهذا السبب خلال تلك الحقبة.

 وأكد الأمر ذاتَه الكاتب الأمريكي (غارثويت) نقلاً عن المستشرق البريطاني (سر أوستن هنري لايارد). ويضيف لايارد في رحلته كيف رأى قبيلة جانكي استوطنت في عدد من القرى برامز.

وبذلك تحقق ما حذر منه الشيخ خزعل (أخر حاكم في الدولة الكعبية في الأحواز) عندما خاطب رؤساء العشائر والقبائل وهو يحثهم على التصدي لمخططات رضا شاه قائلاً: "إن نيات هذا الرجل الشريرة بعد الاستيلاء على المنطقة، هي مصادرة أراضيها وأملاكها الزراعية، وتغيير نسيجها السكاني والثقافي، وإذا لم نواجه هذا الهجوم ونتصدى له فستذهب جميع آمالنا أدراج الرياح".

الثانية: فقد حاولت إيران بكل الطرق إنشاء جيل في الأحواز يتحدث الفارسية بدلاً من العربية؛ فمنعت التحدث باللغة العربية إلا في إطارها الضيق بين المواطنين فقط، وجعلت التدريس بالفارسية، وخطب الجمعة بالفارسية.

ويعاني العرب أيضاً من صعوبة الحصول على فرص تؤهلهم لدخول الجامعات الإيرانية، فبحسب أمير طاهري، تكون فرصة دخول الجامعات الإيرانية للعرب أقل باثنتي عشرة مرة من نظرائهم الإيرانيين بسبب سوء التعليم في مقاطعتهم وبسبب طبيعة أسئلة امتحان الدخول للجامعات الإيرانية التي تجرى باللغة الفارسية وتركز على الحضارة الفارسية. ويعاني العرب من التمييز في فرص العمل والرتب الوظيفية والرواتب مقارنة بنظرائهم من غير العرب.

وأخيراً، تستخدم إيران بشكل مخيف تجريف الهوية العربية في الأحواز، لكن ذلك يبدو صعباً جداً مع أبناء الأحواز؛ فهذه الهوية الوطنية تجمع الشيعي مع السُني لقتال النظام والتصدي لمخططاته، بل إن عدداً كبيراً من أبناء الشيعة غيروا معتقداتهم بسبب ما رأوه من صلف وغدر وتمييز عنصري تجاههم من قبل الحكم الشيعي في البلاد، لكونهم عرباً. وعلى الرغم من افتقار "الأحواز" إلى بنية تحتية - بل إن السكان ما يزالون كمجتمع بدائيين على نهر كارون - فإنها تؤمن 85% من الاقتصاد الإيراني، واستقلالها يعني ضربةً مؤلمة وموجعة للنظام الذي سيتهاوى سريعاً.

ملف الاحواز

أعلى