من المستفيد من الفوضى في الشرق الأوسط ؟!
بقلم: منى شارين
من المستفيد ولمصلحة من؟ ذلك هو السؤال الذي طرحه قدماء الرومان عندما كانوا يأملون أن يتغلبوا على الصعاب في المراحل الضبابية من خلال الكشف عن الدوافع المحتملة للمشكلة.
قبل أيام قامت قوات المارينز الامريكية بإخلاء العاصمة اليمينة صنعاء. لقد شاهدنا هذا الفلم من قبل حيث احراق الوثائق و الضرب بالمطرقة على الآلات وتعطيل الأسلحة و الهرولة نحو الطائرات المروحية. عد إلى الوراء وفكر في سقوط سايغون عام 1973 وفي أزمة رهائن ايران التي حدثت في عام 1979. لقد وصف الرئيس أوباما قبل خمسة أشهر فقط سياسته في اليمن بالناجحة حيث قال:" إن هذه الاستراتيجية التي تهدف الى التخلص من الارهابيين الذين يهددون أمننا في الوقت الذي تقدم الدعم لشركائنا في الخطوط الأمامية لهي واحدة من أنجح الاستراتيجيات التي اتبعناها في اليمن." حسنا. من المستفيد من ذلك؟ فالثوار الذين استولوا على اليمن هم الحوثيون وهم الذين يعتبرون حلفاء للجمهورية الاسلامية الايرانية. هذا الأمر ينشئ ثلاثة شعوب عربية تقع الآن تحت سيطرة ايران أو تتأثر بها بشكل كبير( الشعوب الأخرى متمثلة في لبنان وسوريا والعراق). هذا بالإضافة إلى دعم إيران لحماس في غزة.
إن أعيننا تتجه الآن نحو ما يرتكبه تنظيم الدولة الاسلامية من عنف مفرط. فبعد أن وصفهم الرئيس على أنهم الفريق الغير رئيسي فإنه استسلم لضغوطات الرأي العام عن طريق طلب الاذن باستخدام القوة العسكرية ولكن الوثيقة المقدمة كانت تميل الى كونها مذكرة اعتذار عن أعمال الجيش الأمريكي العسكرية أكثر من كونها خطط حربية. إن هذا الرئيس الذي يستمر في رواية ما يحدث كان قد انتخب لأنهاء الحروب وليس لإشعالها. يستحضرني قول روماني مأثور أشعر أنه ملائم لما نتحدث عنه في هذا السياق وهو : إذا كنت تريد السلام جهز نفسك للحرب.
دعونا نلقي نظرة على أصل تنظيم الدولة الاسلامية. إن هذا التنظيم يعتبر غصن سني راديكالي يتفرع من شجرة تنظيم القاعدة والذي نشأ في بيئة أصبحت خصبة بالنسبة له وذلك بفضل إساءة استخدام أوباما للسلطة والمخالفات التي ارتكبها. فالسياسة الأولى تمثلت في عزم اوباما على أن لا يقدم المساعدات للثوار الذين يسعون للإطاحة بنظام بشار الأسد. فالسفير الأمريكي في سوريا روبرت فورد استقال احتجاجاً على رفض أوباما ارسال المساعدات للجيش السوري الحر والذي يعتبر جيش غير راديكالي معارض لنظام الأسد. وبالنسبة لرفض الجيش السوري الحر تلقي الدعم من الولايات المتحدة, فإنه بذلك قد خسر بالقياس إلى القوى الأكثر راديكالية مثل جيش النصرة وتنظيم الدولة الاسلامية. لقد اتخذ الاسد والذي بلا شك يتلقى الدعم من ايران القرار الاستراتيجي لتحرير قيادة تنظيم الدولة.
نقلت صحيفة نيوزويك الأمريكية عن أحد المعارضين السوريين قوله :" لقد اتهم الأسد منذ اليوم الأول للثورة في مارس 2011 القوى المعارضة على أنها عمل من أعمال السلفيين ومن ثم بدأ بإطلاق سراح الجهاديين الذين قام بصنعهم من سجونه من أجل أن يبرر ادعاءه.. وكما يقولون إن لم يكن لك عدو فباستطاعتك أن تصنعه بنفسك."
إن المزيج الذي يحتوي على مشاعر الشك لدى الأسد ( والمتمثلة في رغبته في جعل الأمور أكثر صعوبة أمام خصومه من ناحية تلقي الدعم الدولي) وعلى التعنت الذي يعاني منه أوباما والذي ساعد على ميلاد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام.
لقد كان باستطاعة هذا التنظيم أن يمتد الى العراق, والسؤال هو كيف؟. والاجابة هي لأن أوباما اختار أن يسحب جميع القوات الأمريكية من العراق وذلك الخيار يأتي عكس النصيحة التي قدمها له مستشاريه العسكريين وغيرهم, كما اختار أيضاً أن يغض الطرف عن الانتهاكات الفظيعة والفادحة التي يرتكبها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المدعوم من ايران ضد العراقيين السنة.
ونشهد اليوم ثوران بركان تنظيم الدولة في بلاد ما بين النهرين والتي ينعدم فيها القانون حيث يقوم بتهديد الملايين من الناس هناك ويرتكب أعمالاً وحشية هزت العالم أجمع. لقد أودت الحرب في سوريا بحياة 220,000 شخص وشردت 9 ملايين آخرين. وفي هذه الأثناء تواصل ايران تحسين أجهزة الطرد المركزي الخاصة بها. كما أنه وفي وقت قريب من الأسبوع الماضي قامت مستشارة الأمن القومي سوزان رايس بالتوضيح بأن سياسة الرئيس أوباما تعتبر أحد " استراتيجيات الصبر والتأن" ..والسؤال هو ما الذي يفسر هذه الحالة من رباطة الجأش والاتزان في التعامل؟
إن أفضل رؤية توضح دوافع الرئيس يتم تغذيتها بأكثر قطعة تثير القلق في أحد مجلات الفسيفساء التي يديرها مايكل دوران المسؤول عن معهد هدسون. ويقول دوران أن الرئيس كان متماسكأ وثابتاً على مبدأه منذ أيامه الأولى لتسلمه الرئاسة. ويقول " إن سياسة أوباما للتواصل مع طهران تعتمد على فرضيتين رئيسيتين لأسطورة المساومة العظيمة وهما: أن طهران وواشنطن كانا يعتبران حليفين بالفطرة وأن واشنطن نفسها كانت السبب الرئيسي لنشوء العداء بين الدولتين." لقد كان الرئيس سري ومخادع حيال المفاوضات مع ايران وأن مساعديه قد لمحوا بعزمه على أن يعترض سبيل قرار مجلس الشيوخ الأمريكي من خلال عدم المطالبة بإتفاق أو معاهدة نووية.
ويقول دوران مجادلا بأن جميع قرارات أوباما التي على ما يبدو انها غير قابله للتفسير هي بمثابة عينات وذلك فيما يتعلق بكل من سوريا والعراق امتداداً الى قيامه بالرد على التحرك الأخضر في ايران عام 2009. إن أوباما يؤمن بأنه وفي حال تم التوصل الى اتفاق نووي مع ايران, فإنها سوف تصبح قوة مستقرة في المنطقة وفي العالم بأسره. إن التناظر الوظيفي لآرثر نيفيل تشامبرلين يعتبر أمر مبتذل, ولكنه أمر صعب أن تقرأ ملخص مايكل دوران المفصل عن السنوات الست الماضية وأن تتوصل الى اجابة عن سؤال " من المستفيد؟" تكون هذه الاجابة بعيدة عن ايران.