من هو "مظلوم عبدي" الرجل الذي اجتمع مع الرئيس السوري أحمد الشرع ووقع اتفاقية دمج "قسد" في النظام الجديد، كيف استغله نظام الأسد، وما هي علاقته بالروس والأمريكان وكيف تنظر له الحكومة التركية، وها هو دوره في المرحلة القادمة؟
لطالما كان المشهد الكردي
في المنطقة معقدًا، حيث تتداخل فيه الأيديولوجيات السياسية مع المصالح الإقليمية،
وفي هذا السياق برزت شخصيات عدة لعبت أدوارًا محورية، كان من بينها مظلوم عبدي،
الذي تصدر المشهد في السنوات الأخيرة، غير أن ما يُنظر إليه كإنجازات سياسية
وعسكرية للرجل، لا يمكن فصله عن التوازنات الإقليمية التي لطالما استغلت القضية
الكردية كأداة في صراعات أوسع، فمنذ عقود توظَّفت الجماعات المسلحة الكردية في
معادلات إقليمية ودولية، حيث شكّلت في كثير من الأحيان أداة تخدم استراتيجيات قوى
أكبر، أكثر من كونها تعبيرًا حقيقيًا عن طموحات الأكراد أنفسهم.
في ظل كل هذه التناقضات،
تبقى الأسئلة مفتوحة: كيف تحول هذا الرجل من مقاتل في صفوف حزب العمال الكردستاني
إلى قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)؟، وما هي العوامل التي جعلته شريكًا أساسيًا
للقوى الغربية في الحرب ضد تنظيم داعش؟، هل هو رجل واشنطن أم مجرد ورقة تستخدمها
الأطراف المتصارعة؟، وكيف يوظف ارتباطه بالأجندات الغربية في صياغة المشهد السياسي
والعسكري في الشمال السوري؟
الجذور والتكوين
وُلِدَ مظلوم عبدي، واسمه
الحقيقي فرهاد عبدي شاهين، عام 1967م في مدينة عين العرب (كوباني)، وهي إحدى أبرز
المناطق ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا. نشأ في كنف عائلة تتبنى الفكر القومي
الكردي وسط بيئة مشحونة بالتوترات السياسية، حيث كان الخطاب القومي الكردي يتداخل
مع توجهات أيديولوجية متشددة، متأثرًا بصراعات داخلية وإقليمية أسهمت في رسم مسارات
الحركات المسلحة الكردية. وعلى الرغم من أن القضية الكردية ظلت دائمًا موضع جدل في
المنطقة، فإن ارتباطها بأجندات خارجية وتوظيفها كأداة في الصراعات الإقليمية جعلها
محل تشكيك من أطراف عدة، لا سيما مع تصاعد أنشطة الجماعات الكردية المسلحة التي
اتُّهِمَت بأنها خنجر في ظهر الدول التي احتضنتها أو سمحت لها بالحركة أو دول
الجوار.
|
توسع دور عبدي داخل التنظيم، حيث شارك في العمليات العسكرية التي استهدفت
الجيش التركي، متنقلًا بين سوريا والعراق وشمال تركيا، مما جعله ضمن دائرة
القيادات الفاعلة داخل الحزب |
في هذا السياق، لم يكن
انضمام عبدي إلى حزب العمال الكردستاني (PKK) مجرد
خيار فردي، بل جاء في إطار استقطاب الحزب للشباب الأكراد تحت شعارات قومية، بينما
كان الحزب في جوهره يتبنى أيديولوجية ماركسية ـ لينينية تتعارض مع البنية الدينية
والاجتماعية لغالبية الأكراد. وبالإضافة إلى ذلك، لعب الحزب دورًا مثيرًا للجدل في
استهداف الدول الإقليمية، وخاصة تركيا، التي رأت في نشاطه تهديدًا مباشرًا لوحدتها
وأمنها القومي، حيث اتُّهِم الحزب بتنفيذ عمليات زعزعة للاستقرار داخل الأراضي
التركية، فضلًا عن استغلاله الدعم الخارجي لتعزيز نفوذه في مناطق التوتر. وفي ظل
هذا المناخ، كان استقطاب الأكراد نحو هذا التنظيم قد أضرّ بالمنطقة مما أدى إلى
تصاعد المواجهات وجرّ المنطقة إلى صراعات مستمرة لا تزال تداعياتها قائمة.
ومع تصاعد المواجهة بين
الحزب والدولة التركية في الثمانينيات، التحق عبدي بمعسكرات الحزب، حيث تلقى
تدريبات مكثفة على حرب العصابات والعمل السري في المناطق الوعرة بين جبال قنديل
والحدود السورية العراقية، متأثرًا بفكر عبدالله أوجلان، الزعيم المؤسس للحزب، الذي
لعب دورًا محوريًا في تشكيل توجهاته السياسية والعسكرية، وكان الحزب حينها قد تحوّل
من مجرد تنظيم مسلح إلى لاعب رئيسي في سياسات المنطقة، حيث استغل التناقضات
الإقليمية لتوسيع نفوذه، مما جعله ورقة ضغط استخدمتها قوى مختلفة، من بينها النظام
السوري، الذي وظفه في فترات معينة لإضعاف خصومه.
مع مرور الوقت،
توسع دور عبدي داخل التنظيم، حيث شارك في العمليات العسكرية التي استهدفت الجيش
التركي، متنقلًا بين سوريا والعراق وشمال تركيا، مما جعله ضمن دائرة القيادات
الفاعلة داخل الحزب، خاصة في مجال تنظيم
الخلايا المسلحة وإدارة العمليات اللوجستية. إلا أن هذه الأنشطة لم تقتصر على
المواجهات مع تركيا فحسب، بل أثارت أيضًا قلقًا داخل المشهد السوري ذاته، حيث
اعتُبرت الجماعات المسلحة الكردية أداةً لتحقيق أجندات خاصة، دون اعتبار كافٍ
لاستقرار المنطقة ومصالح سكانها، وبينما استطاع الحزب فرض نفسه كلاعب في التوازنات
الإقليمية، فإن تكتيكاته القائمة على التحالفات المتغيرة والارتهان لأجندات خارجية
جعلته في كثير من الأحيان موضع شك في نواياه الحقيقية، ومدى انعكاس تحركاته على
مستقبل المنطقة.
بين السلاح والسياسة
مع اندلاع الثورة السورية
في عام 2011م ضد نظام بشار الأسد، وجدت الفصائل الكردية نفسها أمام منعطف تاريخي،
إذ أتاح انسحاب قوات النظام من بعض المناطق ذات الغالبية الكردية فرصة لفرض واقع
جديد في الشمال السوري. سرعان ما تولّت وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)
مسؤولية ملء الفراغ الأمني، مستندة إلى خبرتها العسكرية وعلاقاتها الخارجية، غير أن
دورها لم يكن محصورًا في حماية المناطق الكردية فحسب، بل أصبح جزءًا من معادلة
إقليمية أكثر تعقيدًا، حيث اتُّهِمَت بتقديم خدماتها كأداة لأجندات دولية مقابل
مكاسب سياسية وعسكرية.
|
وبينما قدّم البعض عبدي كمهندس تحالفات، رأى آخرون فيه لاعبًا صغيرًا في
ساحة أكبر منه، يحاول المناورة بين القوى العظمى، لكنه في النهاية لا يمتلك
سوى أن يكون تابعًا لمَن يمنحه القوة |
في عام 2015م، برزت مرحلة
جديدة مع إعلان تشكيل "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وهو تحالف عسكري ضمّ فصائل
كردية وعربية وسريانية، بغطاء يهدف إلى تقديم صورة أكثر شمولية تتجاوز البعد القومي
الكردي. وجاء اختيار مظلوم عبدي قائدًا عامًا لهذه القوة نتيجة لخبرته العسكرية
وعلاقاته الوثيقة بالقيادات الكردية، فضلًا عن كونه حلقة وصل بين "قسد" والقوى
الخارجية، خاصة واشنطن، وتحت قيادته؛ خاضت "قسد" معارك ضارية ضد تنظيم داعش، أبرزها
تحرير مدينة الرقة في عام 2017م، وهو الحدث الذي عزّز مكانة القوات الكردية على
الساحة الدولية.
لكن في الوقت ذاته، أُثيرت
انتقادات حول طبيعة التحالفات التي بنتها "قسد"، إذ اعتُبِر دعمها المفتوح من
التحالف الدولي بقيادة واشنطن أحد أسباب تصاعد التوترات في المنطقة، لا سيما مع
تركيا، التي رأت في هذه القوة امتدادًا مباشرًا لحزب العمال الكردستاني، المصنف
كمنظمة إرهابية لديها.
لم يكن نجاح عبدي عسكريًا
فقط، بل سياسيًا أيضا، غير أن نفوذه في كلا الحالتين لم يكن ليتحقق لولا الدعم
الأمريكي المطلق الذي جعله أقرب إلى رجل واشنطن في سوريا، منفّذًا لأجندتها على
الأرض دون أن يكون للأكراد أنفسهم أي نفوذ مستقل، فبينما كان عبدي يروّج لمشروع
كردي مستقل، كانت سياساته في الواقع امتدادًا لرغبة أمريكية في إيجاد قوة محلية
تُنفّذ مصالحها دون تدخل مباشر، وهو ما جعل الأكراد وقودًا لصراعات أكبر منهم، ومما
زاد من تعقيد المشهد أن النظام السوري لم يكن في عداء مباشر مع هذه المنظمة الكردية
، بل على العكس، ترك لهم مساحة للتحرك، وهو ما استغله عبدي لتعزيز سلطته، لكنه
بدلًا من توظيف هذه المساحة لصالح الأكراد، عمّق ارتباطهم بالأجندة الأمريكية، مما
جعلهم في صدام دائم مع القوى الإقليمية، وخاصة تركيا، فالواقع أظهر أنها مجرد أداة
لخدمة استراتيجية أمريكية أوسع، يتحكم فيها عبدي ضمن حدود ما يُسمح له به، لا أكثر.
مساحة رمادية بين واشنطن وموسكو
لم يكن مظلوم عبدي مجرد
قائد عسكري يقود العمليات على الأرض، بل كان رجلًا يتقن التلوّن وفق مقتضيات
المرحلة، متغذّيًا على النزعة الانفصالية الكردية لتحقيق مكاسب تخدم مشروعه الشخصي
أكثر مما تخدم الأكراد أنفسهم. منذ البداية، أدرك عبدي أن "قسد" لن تصمد وحدها أمام
تعقيدات الثورة السورية، فكان لا بد من توظيف التحالفات الاستراتيجية لضمان بقائه
في المعادلة، ولو على حساب تقلباته بين القوى الكبرى. هنا، وجدت واشنطن فيه الأداة
المثالية، فدعمت مشروعه العسكري والسياسي باعتباره رأس الحربة في حربها ضد تنظيم
داعش. وبفضل هذا الدعم، حصلت "قسد" على تدريبات متقدمة، وسلاح أمريكي متطور، وتغطية
جوية خلال معاركها، بينما حظي عبدي بعلاقات وثيقة مع كبار المسؤولين في البنتاغون
والخارجية الأمريكية، ليصبح الوجه الذي يمكن لواشنطن التعاطي معه لتنفيذ أجنداتها
في الشمال السوري.
|
فإن التساؤل الأكبر يتمحور حول دوافع عبدي الحقيقية. هل يسعى إلى اندماج
حقيقي في الدولة السورية، أم أنه يناور لكسب مزيد من الوقت وتعزيز نفوذه في
المناطق التي يسيطر عليها؟ |
لكن هذه العلاقة لم تكن
قائمة على الولاء، بل على المصالح المتبادلة، ولذلك لم يتردد الأمريكيون في التخلي
عنه حين اقتضت مصالحهم ذلك. جاء ذلك جليًا عام 2019م عندما قرر الرئيس دونالد ترامب
سحب القوات الأمريكية من بعض مناطق الشمال السوري، تاركًا الأكراد في مواجهة مباشرة
مع التدخل العسكري التركي. كان هذا القرار بمثابة صدمة لعبدي، حيث كشف له هشاشة
الاعتماد المطلق على الأمريكيين، لكنه بدلًا من مراجعة حساباته، لجأ إلى لعبة
التوازنات مرة أخرى، فمدّ جسور التواصل مع موسكو، رغم إدراكه أن الروس أقرب إلى
نظام الأسد الذي لم يكن يريد من المشروع الكردي سوى أن يظل أداة مؤرقة للأتراك، دون
أن يتطور الأمر إلى ما أكثر من ذلك، حاول عبدي أن يُقدّم نفسه لموسكو كمفاوض عقلاني
قادر على تأمين مصالحها في الشمال السوري، مستغلًا رغبة روسيا في ضبط إيقاع الصراع
مع تركيا، وبالفعل، في أعقاب العملية العسكرية التركية عام 2019م، نجح في تحقيق
تفاهمات محدودة مع الروس، مكّنته من تقليل خسائره مرحليًا.
كان التحدي الأكبر أمام
عبدي هو البقاء في مساحة رمادية بين واشنطن وموسكو دون أن يخسر أحد الطرفين. وبينما
كانت أمريكا توفر له الدعم العسكري والغطاء السياسي، كانت روسيا تملك مفتاح
التفاهمات مع النظام السوري، الذي كان عبدي مضطرًا لمغازلته لضمان حماية بعض
المناطق التي يسطر عليها من الهجمات التركية. هذا التذبذب بين القوى الكبرى كشف عن
طبيعة لعبدي، فهو لم يكن قائدًا يحارب من أجل قضية، بقدر ما كان براغماتيًا يتلاعب
بالأوراق وفق المصلحة، مستغلًا النزعة الانفصالية الكردية كوقود لمشروعه الخاص،
وبينما قدّم البعض عبدي كمهندس تحالفات، رأى آخرون فيه لاعبًا صغيرًا في ساحة أكبر
منه، يحاول المناورة بين القوى العظمى، لكنه في النهاية لا يمتلك سوى أن يكون
تابعًا لمَن يمنحه القوة، ولو كان ذلك على حساب
الأكراد أنفسهم.
تركيا..
العدو اللدود
بالنسبة لأنقرة، لم يكن
مظلوم عبدي مجرد قائد عسكري يقود ميليشيا محلية، بل كان امتدادًا مباشراً لحزب
العمال الكردستاني (PKK)، المصنف كمنظمة إرهابية
في تركيا، والذي خاضت معه أنقرة صراعًا داميًا امتد لعقود. ومن هذا المنطلق، لم ترَ
تركيا في "قسد" سوى أداة أخرى لإعادة تدوير مشروع الحزب داخل سوريا، مستغلةً الفوضى
الأمنية هناك لتحويلها إلى خنجر مغروس في خاصرتها الجنوبية. لكن هذه اللعبة لم تبدأ
مع مظلوم عبدي، فقد سبقه حافظ الأسد إلى استخدام الورقة الكردية كسلاح ضغط ضد
تركيا، حين استضاف عبدالله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، وسمح له بإقامة
معسكرات تدريب داخل الأراضي السورية، بل وفر له الدعم اللوجستي والتسليحي لإشعال
المواجهات داخل العمق التركي. استمر هذا التوظيف السوري للأكراد حتى نهاية
التسعينيات، عندما أوشكت أنقرة ودمشق على الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة بسبب دعم
النظام السوري للـ (PKK)، ولم
ينتهِ التوتر إلا بتدخل مصري أسفر عن اتفاق أضنة عام 1998م، الذي أجبر الأسد على
طرد أوجلان وإغلاق معسكرات الحزب، ليُسلم ورقة الأكراد مؤقتًا.
اليوم، يُعيد مظلوم عبدي
نفس الدور لكن بحلة جديدة، إذ يحاول استثمار "قسد" كأداة لاستنزاف تركيا، سواء داخل
سوريا أو حتى عبر الحدود. فمنذ تأسيسها، تحولت "قسد" إلى قاعدة خلفية لعناصر حزب
العمال الكردستاني، الذين وجدوا في شمال سوريا ملاذًا آمنًا، ومنصة لإدارة عملياتهم
ضد الداخل التركي. وهو ما جعل أنقرة تصنفها ككيان إرهابي، وتضع عبدي على قائمة
المطلوبين، متهمةً إياه بالتخطيط لهجمات تستهدف الأمن القومي التركي.
تفاهمات ما بعد الأسد
مع سقوط نظام الأسد، وجدت
القوى الفاعلة في سوريا نفسها أمام مشهد سياسي وعسكري جديد، يتطلب إعادة ترتيب
الأوراق وتحديد مراكز النفوذ. في هذا السياق، برز مظلوم عبدي كلاعب رئيسي، ليس فقط
في إدارة المناطق الشمالية والشرقية من سوريا، بل أيضًا في صياغة ملامح المرحلة
الانتقالية. ولم يكن هذا الدور جديدًا، بل امتدادًا لاستراتيجية انتهجتها "قسد" منذ
تأسيسها، تقوم على استغلال الفراغات السياسية وتوظيف التناقضات بين الأطراف الفاعلة
لتحقيق مكاسب مرحلية.
وفي 10 مارس 2025م، انعقد
اجتماع تاريخي في دمشق جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بمظلوم عبدي، انتهى بتوقيع
اتفاقية تهدف إلى دمج "قسد" في مؤسسات الدولة السورية. نصت الاتفاقية على عدة بنود
رئيسية، من بينها الاعتراف بالمجتمع الكردي كجزء أصيل من النسيج السوري، وضمان
حقوقه الدستورية، وتشكيل لجان مشتركة للتنسيق العسكري والمدني بين "قسد" ودمشق. لكن
ما بدا في ظاهره خطوة نحو الوحدة الوطنية، يحمل في طياته العديد من التساؤلات حول
نوايا الأطراف المعنية، ومدى جدية هذه التفاهمات.
فعلى الرغم من أن اللقاء
عكس تحولًا استراتيجيًا في خطاب "قسد"، من التركيز على العمليات العسكرية إلى البحث
عن دور سياسي أكثر تأثيرًا،
فإن التساؤل الأكبر يتمحور حول دوافع عبدي الحقيقية. هل يسعى إلى اندماج حقيقي في
الدولة السورية، أم أنه يناور لكسب مزيد من الوقت وتعزيز نفوذه في المناطق التي
يسيطر عليها؟ فالتجربة التاريخية تشير إلى أن "قسد"، ومن قبلها حزب العمال
الكردستاني، لطالما اعتمدت سياسة المراوغة في التعامل مع الحكومات المركزية،
مستفيدةً من الأوضاع المتغيرة على الأرض. وفي المقابل، لا يمكن إغفال موقف تركيا من هذه التفاهمات،
إذ ترى أن أي اندماج لـ "قسد" داخل مؤسسات الدولة السورية قد يمنحها غطاءً سياسيًا
يُصعب استهدافها عسكريًا مستقبلاً. كما أن دمشق، رغم توقيع الاتفاق، لن تسمح بوجود
كيان عسكري مستقل داخل حدودها، ما يعني أن هذه التفاهمات قد تكون مجرد خطوة تكتيكية
لإعادة ضبط المشهد، أكثر من كونها حلًا نهائيًا للأزمة، لا شك أن اللعبة لم تنتهِ
بعد، وأن ما هو قادم قد يكون أكثر تعقيدًا من كل ما مضى.