رغم ما تتمتع به الدولة الصهيونية من دعم غربي غير محدود، إلا أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه خلط العديد من الأوراق وسيكون له العديد من التداعيات على حكومة نتنياهو داخليا وخارجيا.
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الكيان الصهيوني
بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها توجيه اتهامات إلى زعماء دولة ديمقراطية
ومتحالفة مع الغرب من قبل المحكمة، في القرار الأكثر أهمية في تاريخها الممتد 22
عاما.
ويواجه نتنياهو وغالانت خطر الاعتقال إذا سافرا إلى أي من الدول الـ 124 التي وقعت
على نظام روما الذي أنشأ المحكمة. وتزعم إسرائيل أنها قتلت ضيف في غارة جوية في
يوليو/تموز، لكن غرفة ما قبل المحاكمة في المحكمة قالت إنها "ستستمر في جمع
المعلومات" لتأكيد وفاته.
وقضت المحكمة بوجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وجالانت يتحملان المسؤولية
الجنائية باعتبارهما مشاركين في ارتكاب "جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من
أساليب الحرب؛ والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من
الأعمال اللاإنسانية.
قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت يُعد تطورًا ذا تداعيات سياسية وقانونية واسعة
النطاق على إسرائيل وقيادتها. هذا القرار، الذي يأتي ضمن تحقيقات تتعلق بجرائم حرب
أو انتهاكات جسيمة للقانون الدولي في الأراضي الفلسطينية، يخلق حالة من التوتر
والتحديات على المستويات الداخلية والخارجية.
التداعيات الداخلية
1. أزمة سياسية داخلية:
صدور مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وغالانت قد يعمق الانقسام السياسي داخل إسرائيل.
المعارضة السياسية قد ستستغل القرار لتوجيه انتقادات حادة ضد الحكومة الحالية،
معتبرةً أن سياساتها المتشددة قادت البلاد إلى عزلة دولية وتهديدات قانونية خطيرة،
ورغم أنه يمكن للمعارضة رفضت قرار الجنائية الدولية واستنكرته بشدة فقال زعيم
المعارضة يائير لابيد، في منشور على منصة "إكس": "أدين قرار المحكمة في لاهاي". لكن
التصريحات الرسمية قد تتطور إلى فعل سياسي تجاه حكومة نتنياهو مع مرور الوقت، بسبب
رفض حكومة نتنياهو الاستجابة للضغوط المعارضة لعمل صفقة للإفراج عن المحتجزين لدى
حماس.
2. اهتزاز الثقة الشعبية
وقد يُسهم القرار في تقويض ثقة الشارع الإسرائيلي بنتنياهو وحكومته، خاصةً إذا
رُبطت مذكرة الاعتقال بتصرفات أو قرارات مباشرة اتخذها نتنياهو وغالانت، مما قد
يؤدي إلى احتجاجات أو دعوات لاستقالتهما.
إذا تطورت الأمور، فقد يُواجه نتنياهو دعوات للاستقالة، مما يُثير احتمال انهيار
الحكومة أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة، خاصةً إذا تزايد الضغط الشعبي والسياسي.
3. تصعيد الخطاب اليميني:
على الجهة المقابلة سيُستغل القرار لتعزيز الخطاب القومي المتشدد، مع تصوير المحكمة
الجنائية الدولية كأداة "معادية لإسرائيل". قد يدفع هذا باتجاه مزيد من التشدد في
السياسات الداخلية والخارجية للحكومة الإسرائيلية، وتشددا في المواقف بحجة أن الحرب
الحالية هي حرب مصيرية لوجود الدولة نفسها، حيث يعد هذا القرار سابقة من نوعها
الهدف منه تقويض ووجود الدولة.
التداعيات الخارجية:
وفي أول رد فعل لها تبنت الحكومة الإسرائيلية خطابًا هجوميًا ضد المحكمة، واصفةً
إياها بأنها منحازة ومعادية لإسرائيل والسامية.
وستسعى إسرائيل لتجنيد دعم الولايات المتحدة ودول أخرى لرفض شرعية القرار والعمل
على تقويض المحكمة. وقد تلجأ إسرائيل إلى تصعيد عسكري في غزة أو الضفة الغربية
كوسيلة لتشتيت الانتباه عن تداعيات القرار، ورغم الإجراءات السياسية المتوقعة من
الجانب الإسرائيلي إلا أنه من المتوقع أن تحصر الحكومة الصهيونية في الزاوية وسيكون
ثمة عدد من التداعيات على قرار المحكمة الجنائية.
1. العزلة الدولية المتزايدة:
سيُعزز القرار من عزلة إسرائيل على الساحة الدولية. دول كثيرة قد تُشدد مواقفها ضد
إسرائيل، وربما تُطالب باتخاذ إجراءات عملية لدعم المحكمة الجنائية الدولية، مثل
فرض عقوبات أو تقليل التعاون العسكري والدبلوماسي.
وعلى الرغم من الدعم الأمريكي المستمر، قد يجد الحلفاء التقليديون أنفسهم في موقف
حرج. الولايات المتحدة والدول الأوروبية قد تتعرض لضغوط داخلية ودولية لمراجعة
علاقاتها مع إسرائيل، خاصةً فيما يتعلق بالدعم العسكري والسياسي.
2. تقييد التحركات الدبلوماسية:
مذكرة الاعتقال تُهدد قدرة نتنياهو وغالانت على السفر إلى الدول الأعضاء في المحكمة
الجنائية الدولية. هذا يحد من نشاطهما الدولي ويُضعف جهود إسرائيل في تحسين صورتها
أو تعزيز علاقاتها مع الدول الأخرى.
3. دعم القضية الفلسطينية دوليًا:
يُعتبر القرار انتصارًا للدبلوماسية الفلسطينية، حيث يُسلط الضوء على معاناة
الفلسطينيين ويُزيد من الضغط على إسرائيل لتغيير سياساتها في الأراضي المحتلة.
الخلاصة
إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو وغالانت يُمثل تحديًا غير مسبوق لإسرائيل،
حيث يضع قيادتها في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي. هذا التطور قد يُعزز عزلة
إسرائيل دوليًا ويُضعف القيادة الحالية داخليًا، بينما يُعيد الزخم إلى القضية
الفلسطينية على الساحة العالمية
لكن هل تخضع إسرائيل
لولاية
«الجنائية
الدولية»؟
إسرائيل ليست من الدول الموقِّعة على نظام روما الذي أنشأ المحكمة الجنائية
الدولية. ولكن وفقاً لاتفاقية روما، إذا ارتكب شخص جريمة حرب في أراضي دولة طرف في
الاتفاقية، حتى لو كان مواطناً أجنبياً، فإن المحكمة لها ولاية قضائية عليه.
وانضم الفلسطينيون في عام 2014 كأعضاء في المعاهدة كدولة، وبهذه الطريقة يحاولون
تطبيقها على الإسرائيليين.
وفي فبراير (شباط) 2021، قررت الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية بأغلبية
الآراء أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مُنح سلطة التحقيق في شبهات
ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الواقعة خارج الخط الأخضر (يهودا والسامرة وغزة والقدس
الشرقية).
قرار المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في مزاعم جرائم حرب أو ممارسات مخالفة
للقانون الدولي يُعد تطورًا مهمًا قد يحمل تداعيات سياسية وقانونية كبيرة على رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. إليك