أزمة اللاجئين في مالي.. وغفلة المسلمين

أزمة اللاجئين في مالي.. وغفلة المسلمين



أعدّه: أ. أحمد أبو دقة

 

لا تزال الحدود بين موريتانيا و مالي تشهد تدفقاً لأعداد كبيرة من اللاجئين الماليين بعد اندلاع الحرب التي تشنها فرنسا على الجماعات الإسلامية في مالي، و يقول تقرير تلفزيوني بثته "فرانس24" إن عناصر الجيش الحكومي المالي يلاحقون المدنيين بسبب صلاتهم بالإسلاميين و حتى أصحاب اللحى يتعرضون للقتل و الضرب، فقد شوهدت آثار جرائم قتل جماعية استهدفت مدنيين ماليين.

و يتدفق هذا الشريان من اللاجئين الماليين إلى مدينة "فصالة" الموريتانية منذ بداية القصف الفرنسي، و أفادت وكالة أنباء الأناضول بأن الكثير من سكان الحدود المالية مع موريتانيا نزحوا هربا من الغارات الجوية الفرنسية على منازلهم.

وقال أحمد المختار وهو مدير سابق لمدرسة في مدينة تمبكتو، وسط مالي، إنه هجر المنطقة خوفا من المواجهات بين الجيش المالي المدعوم من فرنسا والجماعات الإسلامية التي تسيطر على الشمال المالي.

وأضاف: "مشكلتنا ليست الجوع ولا الفقر، لكن غياب الأمن بالمنطقة جعلنا نترك قرانا ومدننا، حيث هربا بنسائنا وأطفالنا".

وأشار إلى أن الكثير من الناس "اضطروا إلى ترك مواشيهم أو بيعها لموريتانيين بأسعار زهيدة؛ لأن ظروف الإقامة بالمخيمات الموريتانية لا تسمح بتربيتها".

وقال: "ما حدث هذه المرة يختلف جذريا عن أحداث التمرد التي حصلت سنة 1991؛ لأن الأزمة كانت ساعتها بين الماليين، أما هذه المرة فهناك فرنسا وأمريكا ودول أوربية بالإضافة للإيكواس" (المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا).

ويشتكي الناس من الأزمة الغذائية في منطقة شمال مالي بعد توقف دخول البضائع  والسلع الغذائية من الجزائر و موريتانيا.  وتقدر السلطات الموريتانية عدد اللاجئين في المواجهات الأخيرة بحوالي ألف شخص معظمهم من مدن"ليره" و "لرنه" و"الخوبة" و"تمبكتو" و"غاو".

و تستعد مؤسسات الأمم المتحدة المكلفة بإغاثة اللاجئين لوصول 40 ألف شخص على الأقل خلال الأيام المقبلة لمخيم "أمبيرة" شرق موريتانيا الذي يضم 55 ألف لاجئ من مالي. وتفيد تقارير بهذا الشأن أن طفل من كل خمسة أطفال يعاني سوء تغذية، كما تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 1500 لاجئ مالي وصلوا إلى النيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا 90 بالمائة منهم من النساء.

و يعاني اللاجئين في هذه الفترة من قلة الإعانات مقارنة مع الزيادة المطردة في أعدادهم و خصوصا في ظل حالات تقلب درجات الحرارة التي تشهدها المنطقة في فصل الشتاء، حيث تشهد برد قارص مما يزيد من نسبة الأمراض و قلة الأغطية والمواد الغذائية.

و يأسف اللاجئين أيضا لغياب قضيتهم عن الإعلام العربي و الإسلامي، فهم يرون أن المساعدات التي تقدم لهم تأتيهم فقط من المؤسسات الغربية و مؤسسات الأمم المتحدة بينما تتجاهلهم وسائل الإعلام العربية، و تواصل تغطية الحرب الفرنسية على بلادهم.

بالرغم من مرور أكثر من سنة على تشييد "مخيم أمبرة" بالقرب من مدينة "باسكنو" الحدودية في  الشرق الموريتاني فإن أيا من المنظمات الإسلامية لا ذكر لها فيه ولا تدخل. ويطرح تساؤلات حول حقيقة التجاهل الإسلامي للاجئين الأزواد بالرغم من أنهم مسلمين كحال الشعب المالي كله والحاجة والعوز وترك الأهل والمال وهم يشتركون فيه بكل أشكالهم وأطيافهم وألوانهم .

ويشكو الكثير من اللاجئين من معاملة العمال الأجانب في المخيمات التي تديرها المنظمات الدولية بسبب عدم احترامهم للعادات الإسلامية والتقاليد الدينية لدى الأزواديين حيث يعتبرون أن المنظمات لا تولي اهتماما لهذا الجانب إطلاقا، ومن المواقف التي يتحدث بها الإعلاميين الأزواديين أن المنظمات الأجنبية تجبر النساء على الوقوف في طوابير أمام الرجال للحصول على لقمة العيش، وهذا الأمر ترفضه الشريعة الإسلامية وفيه إذلال للمرآة المسلمة.

و يغيب عن المخيم كذلك وجود مساجد لأداء الصلاة و العبادات، باستثناء بعض المصليات  التي لا يتم الاعتناء بها ولا تلبي طموحات اللاجئين الذين في غالبهم مسلمين محافظين.

و تشرف "اليونيسف" على مدارس يتم تدريس المناهج باللغة الفرنسية فيها  بشكل تام و يشتكي اللاجئين من عدم الإهتمام بتدريس أبنائهم ثقافتهم الإسلامية ولكنهم مجبرين على ذلك لقلة الحيلة و الفقر و حاجتهم لتعليم أبنائهم.

ولا يزال أداء الجمعيات الخيرية قاصر مقارنة مع ما تقدمه الجمعيات الأجنبية باستثناء بعض الإعانات التي قدمتها جمعية الخير و جمعية أمل حيث نظمتا عدة حملات إغاثية للمخيم. ويُخشى أن تستغل المنظمات الغربية حاجة أكثر من مائة ألف لاجئ إليها،  لإستهداف القيم و الثقافة الإسلامية التي يعتقد بها هؤلاء اللاجئين و أبنائهم.

اقرأ أيضاً:

- لماذا يقاتل الفرنسيون في مالي؟!

- الحرب على الدين في مالي

- النصرة المصرية لمالي..  ضرورة إنسانية وثوابت حضارية

 

:: موقع مجلة البيان الالكتروني

 

أعلى