يكشف الانقلاب الأخير في الغابون عن عدد من الحقائق، أن الفساد وإن طال وقته فإن نهايته محتومة، وأن رياح التغيير تجتاح من لا يستطيع أن يقرأ الواقع على حقيقته، وأن إفريقيا قارة غنية وشعوبها فقيرة لكن ليس للأبد.
يبدو أن حمى الانقلابات
العسكرية
قد أصابت القارة الإفريقية، فأصبحنا نرى دولةً تلو أخرى تسقط في يد جنرالات جيشها،
قد تتعدد العوامل التي تسهم في حدوث الانقلابات، بعضها قد يعود إلى فساد السلطة أو
الصعوبات الاقتصادية المتزايدة التي تواجهها تلك البلدان وهو ما يخلق حالة من السخط
وعدم الاستقرار، وبعضها قد يعود إلى مطامع في الحكم ووجود قوى خارجية تدعم أطراف
بعينها وتشجعها على ذلك، وبين هذا وذاك يزداد الاستقطاب السياسي في البلدان
الإفريقية ويتعمّق الانقسام بين النخب الحاكمة والمعارضة والشعوب، وفي ظل هذا
المشهد الملبّد بالاستقطاب قد يبدو الانقلاب العسكري خيارًا أكثر جاذبية، لعل هذا
ما وجده الشعب الغابون عندما استيقظ صباح اليوم الثلاثين من أغسطس 2023، ليجد
جنرالات جيشه يعلنون سيطرتهم على السلطة بعد أن أصاب الغابون طوفان الانقلابات
العسكرية.
انقـلاب مفـاجـئ
في خطابه السنوي بمناسبة
عيد الاستقلال في 17 أغسطس، قال الرئيس الغابوني علي بونغو أونديمبا، البالغ من
العمر 64 عامًا والذي تحكم عائلته البلاد منذ 55 عامًا: "بينما اهتزت قارتنا في
الأسابيع الأخيرة بسبب أزمات عنيفة، كونوا مطمئنين إلى أنني لن أسمح أبدًا لبلدنا
الغابون بأن تكون رهينة لمحاولات زعزعة الاستقرار"، اعترف بونغو خلال حديثه
بالإحباط الواسع النطاق بشأن ارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد، قبل أن ينبري في
تمجيد الإجراءات التي اتخذتها حكومته لاحتواء أسعار الوقود وجعل التعليم في متناول
الجميع وتحقيق الاستقرار في أسعار الخبز، ورغم كل المشكلات الأخرى التي فشلت حكومته
في تجاوزها أو حتى التخفيف من وطأتها؛ كان بونغو يسعى لولاية ثالثة في الحكم بعدما
خدم فترتين سابقتين منذ وصوله إلى السلطة عام 2009، وذلك في أعقاب وفاة والده الذي
حكم البلاد قبله لمدة 41 عامًا، ولم يكن مفاجئًا أن تعلن هيئة الانتخابات الوطنية
فوز بونغو في الانتخابات، حيث حصد ـ بحسب الهيئة ـ 64.27٪ من الأصوات، بعد أن واجه
ائتلافًا معارضًا بقيادة أستاذ الاقتصاد ووزير التعليم السابق ألبرت أوندو أوسا،
الذي جاء ترشيحه قبل أسبوع واحد فقط من التصويت، كما ضمّت الانتخابات 14 مرشحًا
آخرين.
|
لم
تكن محاولة الانقلاب الأخيرة هي الأولى من نوعها، فقد حاولت مجموعة أخرى من
الضباط المتمردين الانقلاب على الرئيس بونغو في يناير 2019، بينما كان
يتواجد في المغرب للتعافي من سكتة دماغية |
لم تكن النتيجة مفاجئة
للشعب الغابوني الذي اعتاد أن تشوب الانتخابات الرئاسية أعمال عنف وتزوير، لكن ما
أعقبها بعد ساعات قليلة حمل مفاجأة غير متوقعة، حيث ظهر عشرات الضباط بالزي الرسمي
على شاشة التلفزيون الرسمي وأعلنوا أنهم استولوا على السلطة لإلغاء نتائج
الانتخابات التي قالوا إنها "لم تستوف شروط إجراء انتخابات شفافة وذات مصداقية
وشاملة كان شعب الغابون يأمل فيها بشدة"، أعلنوا أنهم اعتقلوا الرئيس بونغو وعائلته
ووضعوهم قيد الإقامة الجبرية، وأشارت تقارير إلى أن أحد أبناء بونغو قد اعتُقِلَ
بتهمة الخيانة، وسرعان ما خرجت حشود من الشعب الغابوني إلى شوارع العاصمة ليبرفيل
للاحتفال بنهاية حكم بونغو، مرددين النشيد الوطني مع الجنود الذي انتظموا في
الشوارع وحول المباني الهامة، لم يتضح على الفور أعضاء المجموعة التي تقود
الانقلاب، لكنها تتألف من قادة من الدرك والحرس الجمهوري وعناصر أخرى من قوات
الأمن، وقد أعلنوا حل الحكومة وجميع مؤسسات الجمهورية؛ مثل مجلس الشيوخ ومجلس الأمة
والمحكمة الدستورية، كما أعلنوا عن إغلاق حدود البلاد حتى إشعار آخر.
فساد دائم وعنف متأصل
لم
تكن محاولة الانقلاب الأخيرة هي الأولى من نوعها، فقد
حاولت مجموعة أخرى من الضباط المتمردين الانقلاب على الرئيس بونغو في يناير 2019،
بينما كان يتواجد في المغرب للتعافي من سكتة دماغية، بيد أن
تلك المحاولة الانقلابية قد باءت بالفشل، لكن اللافت حقًا في الغابون هو أن كل
انتخابات أجريت في تلك الدولة الواقعة في غرب إفريقيا منذ عودة البلاد إلى نظام
التعددية الحزبية في عام 1990 قد انتهت بالعنف، فعلى سبيل المثال فقد أسفرت
الاشتباكات بين القوات الحكومية والمتظاهرين عقب انتخابات 2016 عن مقتل 4 أشخاص
بحسب الأرقام الرسمية، لكن المعارضة قالت حينها إن عدد القتلى أعلى بكثير، وقد حافظ
بونغو على هيمنته السياسية طوال السنوات الماضية من خلال مزيج من المحسوبية والقمع،
وفي يناير 2018 أصدرت حكومته مجموعة من التعديلات الدستورية التي عززت سلطاته
التنفيذية، وصولًا إلى إبريل 2023 حيث صوّت البرلمان على مراجعة الدستور مرة أخرى
وتقليص فترة الرئاسة من 7 إلى 5 سنوات، والعودة إلى الاقتراع الواحد، وكانت هذه
مناورة أخرى تهدف إلى تسهيل إعادة انتخاب بونغو بالأغلبية النسبية بدلًا من قاعدة
الـ50% زائد واحد.
تم الطعن في فوزي بونغو
السابقين من قبل المعارضة التي طالبت بإعادة فرز الأصوات، لكن المحكمة الدستورية في
البلاد رفضت ذلك وكانت تؤكد فوز بونغو في كل مرة، وفي فضيحة سابقة غيّرت المحكمة
جزئيًا نتائج الانتخابات التي شهدت منافسة شديدة، حيث منحت بونغو 50.66٪ من الأصوات
ومنافسه جان بينج 47.24٪، لينتهي الامر بفوز بونغو. وخلال الانتخابات الأخيرة
وخوفًا من العنف؛ ذهب العديد من الغابونيين في العاصمة لزيارة عائلاتهم في أجزاء
أخرى من البلاد قبل الانتخابات أو غادروا الغابون تمامًا، وقام آخرون بتخزين المواد
الغذائية وتعزيز وسائل الحماية حول منازلهم، في حين أعلنت الحكومة عن حظر تجول ليلي
ومنعت الوصول إلى الإنترنت لأجل غير مسمى لقمع المعلومات المضللة والدعوات إلى
العنف، كما حظرت دخول وسائل الإعلام الأجنبية من دخول البلاد لتغطية الانتخابات.
خلال السنوات القليلة
الماضية، كانت هناك مؤشرات واضحة على عاصفة تتشكل عبر مظاهرات حاشدة وحركات إضراب،
وشهد العام 2019 إضرابًا قام به المعلمون وطلاب الجامعات والعاملون في مجال التعليم
ضد الإصلاحات الجديدة للمنح الدراسية وقد امتدت المظاهرات الحاشدة إلى شوارع المدن
الكبرى المحيطة بالعاصمة، مما أدى إلى مسيرات احتجاجية واسعة في مدن عديدة، شكلّت
هذه المظاهرات صدمة قوية للنظام، وبالرغم من أن الحكومة قامت بسحب الإصلاحات، إلا
أن هذا لم يُخمِد الغضب، بل أصبح ساكنًا فحسب، بينما كان النظام ككل يشعر بالخوف من
أن الانتخابات المزورة واحتمال ولاية أخرى جديدة لعلي بونغو الذي لا يحظى بشعبية،
ستهدد بإعادة إشعال المظاهرات لا سيما في ظل عدم المساواة الصارخة التي باتت منتشرة
في الغابون والكراهية تجاه النخبة الحاكمة الفاسدة، ربما دفع هذا السيناريو ضباط
الجيش للتحرك بشكل حاسم من أجل قطع الطريق على الانفجار الاجتماعي الذي كان يختمر،
أو ربما انتهاز الفرصة والإطاحة ببونغو وتولي الأمور بدلًا منه.
مشاعـر معادية لفرنـسا
كانت الغابون مستعمرة فرنسية حتى عام 1960 حيث نالت استقلالها، ولعقود من الزمن ظل
بونغو وعائلته حلفاء مخلصين لفرنسا حتى مع تضاؤل قبضة فرنسا على المستعمرات السابقة
الأخرى، يأتي انقلاب الغابون
بعد نحو
شهر من الانقلاب العسكري في النيجر، وهو الأحدث في سلسلة من الانقلابات التي تحدت
الحكومات التي لها علاقات وطيدة مع فرنسا، المستعمر السابق لدول المنطقة، سيرفع
انقلاب الغابون عدد الانقلابات في غرب ووسط أفريقيا إلى ثمانية، وقعت جميعها منذ
عام 2020 وحتى الآن، كان من اللافت أن هذه الانقلابات تحدث في وقت تنتشر فيه
المشاعر المعادية لفرنسا في العديد من مستعمراتها السابقة، وبالرغم من أن الرئيس
الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال خطاب ألقاه في العاصمة ليبرفيل في مارس، قد نفى أي
طموحات فرنسية للتدخل في أفريقيا، قائلا إن "عصر التدخل قد انتهى"، إلا أن باريس لا
تزال تحافظ على وجود عسكري في المناطق التي كانت تحتلها ذات يوم، ففي الغابون ـ على
سبيل المثال ـ توجد قوة دائمة مؤلفة من 400 جندي حيث يقودون عملية تدريب عسكرية
إقليمية، وفقًا لموقع وزارة الدفاع الفرنسية، كما أن الشركات الفرنسية تهيمن على
صناعة النفط في الغابون.
|
شكّل هذا الانقلاب ضربة أخرى
للإمبريالية الفرنسية في إفريقيا، وتعقيبًا على الأحداث قالت رئيسة الوزراء
الفرنسية إليزابيث بورن: "إننا نتابع الوضع في الجابون عن كثب" |
إلى جانب التواجد على
الأرض، تحافظ باريس على علاقات وطيدة مع الأنظمة الحاكمة في مستعمراتها السابقة،
وقد التقى الرئيس الغابوين علي بونغو ـ الذي تلقى تعليمه في فرنسا ـ بالرئيس
إيمانويل ماكرون في باريس في أواخر يونيو الماضي، كان اللقاء وديًا وتبادلا الصور
وهما يتصافحان، كما أن عائلة بونغو ترتبط بعلاقات طويلة الأمد مع فرنسا، يعود تاريخ
هذه العلاقات إلى عهد رئاسة والده الراحل عمر بونغو التي استمرت 4 عقود، بالرغم من
أن شؤون عائلة بونغو في فرنسا قد خضعت للتدقيق القانوني في السنوات الأخيرة، وهو ما
جعل العديد من أفراد عائلة الرئيس الغابوني يخضعون للتحقيق في فرنسا، وقد وُجِهَت
لبعضهم تهم بالاختلاس وغسيل الأموال وأشكال أخرى من الفساد.
شكّل هذا الانقلاب ضربة أخرى للإمبريالية الفرنسية في إفريقيا، وتعقيبًا على
الأحداث قالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن: "إننا نتابع الوضع في الجابون
عن كثب"،
ولم يتضح على الفور ما إذا كانت فرنسا منزعجة حقا من الانقلاب باعتباره علامة أخرى
على تراجع نفوذها في أفريقيا، أو أنها سعيدة بقبول زوال الأسرة الحاكمة في الغابون
بعد أن أصبحت مصدر إحراج سياسي لها، بالتوازي مع ذلك حظر الانقلابيون بشكل مؤقت بعض
وسائل الإعلام الفرنسية مثل قناة "فرانس 24" و"راديو فرنسا الدولي" من تغطية
الأحداث من داخل البلاد، متهمين إياها بـ "الافتقار إلى الموضوعية والتوازن في
التغطية الإعلامية".
دولـة غنية .. شعـب فقـير!
تعد الغابون واحدة من أغنى
الدول في أفريقيا من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي (8820 دولارًا عام
2022)، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى عائداتها النفطية وقلة عدد سكانها نسبيًا البالغ
2.3 مليون نسمة، وعلى عكس الدول التي وقعت فيها انقلابات عسكرية مؤخرًا في وسط وغرب
إفريقيا، لم تتعرض الغابون للإرهاب، وكان يُنظر إليها على أنها مستقرة نسبيًا،
بالرغم من كل ذلك فإن 33.4% من سكان الغابون يعيشون في فقر مدقع، وهناك ما يقرب من
40% من الغابونيين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا عاطلين عن العمل في عام
2020 وفقًا لبيانات البنك الدولي، رغم أن بلدهم عضو في منظمة أوبك النفطية ويبلغ
إنتاجها نحو 181 ألف برميل من النفط الخام يوميًا، مما يجعلها ثامن أكبر منتج للنفط
في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، كما أن الغابون معروفة بغاباتها المطيرة التي تغطي
90٪ من أراضيها وهو ما يجعلها دولة مصدّرة للأخشاب وتتقاضى نظير ذلك إيرادات كبيرة،
كما أنها دولة منتجة للمنغنيز الذي يستخدم لإنتاج بعض أشكال الفولاذ.
بالرغم من ذلك، كافحت
الغابون طوال تاريخها لتحقيق التوازن بين استخدام مواردها الطبيعية والحفاظ على
كنوزها البيئية، وقد حققت تقدمًا كبيرًا منذ تنصيب الرئيس علي بونغو في عام 2009
بفضل سياساته البيئية المبتكرة في إبراز الغابون كنموذج للحفاظ على البيئة، وحققت
هذه الدولة إنجازًا هامًا في عام 2021 بكونها أول من يتلقى مدفوعات لتقليل انبعاثات
الغابات، لكن المأساة أن هذا الإنجاز كان ظاهريًا يشير إلى أن الغابون تتماشى مع
أهداف التحول نحو اقتصاد أخضر مستدام، بينما كانت تواصل إزالة غاباتها حتى صارت
منتجًا عالميًا للأخشاب، هذه الصورة البيئية المضللة التي قامت حكومة بونغو
بتسويقها هي مقياس للفساد الموجود في كل مناحي الحياة الأخرى في الغابون.
ملامـح واتجـاهـات
بينما يترقب الجميع ما
ستحمله الساعات المقبلة، يظل مستقبل الغابون القريب غير مؤكد، ويتساءل كثيرون كيف
قد سيتطور هذا الوضع غير المسبوق خلال الأيام المقبلة، لكن ثمة ملامح مستقبلية يمكن
إيجازها في النقاط التالية:
* قادة الانقلاب:
لم يكن من المستغرب أن
يُظهِر السكان المحليون دعمهم للجيش الغابوني، فعادةً في أوقات عدم الاستقرار
الوطني يتماشى ولاء الجيش مع الأغلبية، تجد الغابون نفسها في حالة من الاضطراب
وحالة من عدم اليقين المسيطر على الأمة، في ظل هذا الوضع قدّم قادة الانقلاب
العسكري أنفسهم كأعضاء في "لجنة الانتقال واستعادة المؤسسات"، وأعلنوا أنهم يمثلون
كافة قوات الأمن والدفاع الغابونية، وبرز الجنرال بريس أوليغوي نغويما، رئيس الحرس
الجمهوري والذي كان مكلّفًا بحماية الرئيس بونغو، كزعيم للمجلس العسكري الجديد، لا
يزال من غير الواضح كيف ستسير الأمور مع القادة الجدد للبلاد، لكن من المؤكد أنهم
سيستفيدون كثيرًا من خبرات جيرانهم من القادة العسكريين الذين نجحوا في انقلاباتهم
الأخيرة.
* الموقف الفرنسي:
أدان متحدث باسم الحكومة
الفرنسية الانقلاب وطالب باحترام نتائج الانتخابات، لكنه لم يوجه أي تهديدات أخرى
لقادة الانقلاب، لا سيما بعد أن تدهورت العلاقة مع عائلة الرئيس بونغو في السنوات
الأخيرة بعد حظر الأخير صادرات الأخشاب الخام، وهو الأمر الذي أدى إلى إلغاء عدد من
الوظائف وتضرر بعض الصناعات في فرنسا، كما قام بونغو خلال العام الماضي بإدخال
بلاده إلى الكومنولث البريطاني، وهو المحور الذي بشر به باعتباره فصلًا جديدًا
للغابون، وكان من الملاحظ أنه عندما طلب المساعدة من مكان اعتقاله عقب الانقلاب
الأخير، تحدث باللغة الإنجليزية وليس الفرنسية.
* الموقف
الأمريكي:
كان بونغو ـ الذي زار
واشنطن آخر مرة في ديسمبر لحضور القمة الثانية للرئيس الأمريكي وزعماء أفريقيا ـ
حليفًا للإدارة الأمريكية، بالرغم من ذلك فإن الموقف الأمريكي يبدو متريثًا في
مراقبة الأحداث، حيث اكتفى البيت الأبيض بالتأكيد على أن إدارة الرئيس جو بايدن
تراقب الأحداث في الغابون عن كثب، دون إصدار أي إدانة أو توضيحات، وهو ما يدلل على
أن السياسة الأمريكية الراهنة قد تهدف إلى التعامل مع من سيكون في السلطة بغض النظر
عن هويته.
* الموقف الصيني والروسي:
أعربت الصين، التي تمثل
حوالي نصف صادرات الغابون، عن قلقها بشأن الانقلاب، وكذلك فعلت روسيا التي تنشر
مرتزقة فاغنر في العديد من الدول الأفريقية بعد الانقلابات العسكرية في السنوات
الأخيرة، صحيح أنه لا يوجد تواجد لفاغنر في الغابون، لكن عناصرها متواجدون في ميناء
رئيسي في الكاميرون المجاورة.
ختامًا؛ فإن الانقلابات
المتكررة في غرب أفريقيا هي بمثابة تذكير واقعي بالحاجة الملحة إلى التغيير
والتقدم، ولا شك أن سلسلة الانقلابات في دول مثل: مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو
وغينيا والغابون تحث قادة الدول الأخرى إلى التأمل، ففي حين أن الانقلابات بطبيعتها
غير ديمقراطية وتستحق الإدانة، إلا أنه من الأهمية بمكان أن ندرك أن هذه الأحداث
غالبًا ما تكون نتيجة لقضايا طويلة الأمد داخل تلك الدول، لقد تزايدت شكوى
المواطنين مع مطالبتهم بقيادة أكثر استجابة ومسؤولية، من الضروري أن يستجيب القادة
لرغبات ناخبيهم، وأن يحققوا مكاسب ملموسة لشعوبهم، وإلا ستصبح أنظمتهم جزءًا من
الماضي.