• - الموافق2024/11/23م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
قانون المعقولية نشأته وتاريخه وأسباب إلغائه في دولة الصهاينة

نجح نتنياهو في إلغاء قانون كان في بقائه تقييدًا لحكومته من سن قوانين يمينية متطرفة، ونجاة لنتنياهو من أن يزج به إلى السجن حيث يحاكم بقضايا فساد، ما هو قانون المعقولية وكيف أقر في دولة من دون دستور وما أسباب إلغائه؟


أقر الكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، الاثنين الماضي قانونًا جديدًا ضمن مشروع الإصلاح القضائي المثير للجدل في دولة الاحتلال الإسرائيلي، من شأنه أن يحد من قدرة المحكمة العليا على مراجعة "معقولية" قرارات الحكومة.

ويعد "حجة المعقولية"، البند الرئيسي الأول في خطة تتبناها الحكومة اليمينية الإسرائيلية بزعامة، بنيامين نتانياهو، التي واجهت معارضة واسعة لهذا المشروع، بما في ذلك من الولايات المتحدة.

 

تستخدم هذا "المبدأ" بشكل شائع من قبل المحاكم لتحديد دستورية أو قانونية تشريع معين، ويسمح للقضاة بالتأكد من أن القرارات التي يتخذها المسؤولون الحكوميون "معقولة".

وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، خرج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى شوارع تل أبيب ومدن رئيسية أخرى في نهاية كل أسبوع للاحتجاج على هذا المشروع.

ويقف خلف صياغة بند "المعقولية" عضو الكنيست عن الائتلاف الحاكم، سيمشا روثمان، وهو مقترح مررته لجنة الدستور والقانون والعدالة بالكنيست مطلع الشهر الحالي بعد 9 جلسات تم خلالها إعداد النص النهائي لهذا التعديل الجدلي.

وأقر الكنيست في 11 يوليو القراءة الأولى للقانون بأغلبية 64 مقابل 56، فيما تم إقرار القانون، الاثنين، في قراءته الثانية والثالثة، وهي خطوة ضرورية ليصبح قانونًا نافذًا.

ويرى نتانياهو وحلفاؤه أن الإصلاح القضائي سيقلل من تجاوز القضاة غير المنتخبين في قرارات الحكومة المنتخبة من الشعب. في المقابل، يعتقد المنتقدون أن المشروع سيقضي على الضوابط والتوازنات المهمة التي تدعم الديمقراطية الإسرائيلية.

تطبق دول عدة "مبدأ المعقولية" في نظامها القضائي، بما في ذلك المملكة المتحدة وكندا وأستراليا، بحسب شبكة "سي إن إن" الإخبارية.

وتستخدم هذا "المبدأ" بشكل شائع من قبل المحاكم لتحديد دستورية أو قانونية تشريع معين، ويسمح للقضاة بالتأكد من أن القرارات التي يتخذها المسؤولون الحكوميون "معقولة".

بموجب القانون الجديد، ستكون الحكومة في إسرائيل قادرة على تعيين وفصل المسؤولين في القطاع العام دون تدخل من المحكمة.

وقبل تشريع هذا القانون، كانت المحكمة العليا تمارس رقابة قضائية على عمل الأذرع المختلفة للسلطة التنفيذية، المتمثلة بالحكومة ووزاراتها والهيئات الرسمية التابعة لها.

ولكن التعديل الجديد، سيعطي الحكومة صلاحية أوسع في تعيين القضاة أنفسهم ويؤثر خصوصًا على تعيين الوزراء.

في يناير الماضي، أجبر قرار من المحكمة العليا، نتانياهو على إقالة المسؤول الثاني بالحكومة وحليفه الأكثر ولاء، أرييه درعي، المدان بتهمة التهرب الضريبي بعد حكم صادر عن المحكمة العليا.

وبحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن هذا البند اكتسب أهمية بالغة في البلاد بعد إقالة المحكمة العليا لدرعي الذي كان وزيرًا للصحة والداخلية.

وجاء أساس التنحية لأحد حلفاء نتانياهو بعد أن أدين درعي ثلاث مرات بارتكاب جرائم جنائية وفشل في مناصبه العامة السابقة في "خدمة الجمهور بإخلاص وقانون"، وفقا للصحيفة ذاتها.

وقال الباحث البارز بالمعهد الإسرائيلي للديمقراطية، أمير فوكس، إن معيار "المعقولية" يشير إلى التوازن بين المصالح السياسية والعامة في صنع القرار.

ولذلك فإن القرار "غير المعقول" هو الذي "يركز بشكل غير متناسب على المصالح السياسية دون مراعاة كافية لثقة الجمهور وحمايته"، كما قال فوكس لصحيفة "هآرتس".

ما هو مصدر قانون "المعقولية"؟

يملك استخدام معيار "المعقولية" كأساس لإلغاء قرار حكومي، تاريخا طويلا في القانون البريطاني وكان جزءا من النظام القانوني الإسرائيلي منذ تأسيس الدولة عام 1948، وفقا لفوكس.

وكان للقانون العام البريطاني خلال فترة الانتداب (1920-1948)، تأثير كبير على تطور القانون الإسرائيلي، بما في ذلك معيار "المعقولية".

خلال ذلك الوقت، أدخلت سلطات الانتداب البريطاني القانون الإنكليزي في الإطار القانوني للأرض التي احتلها فيما بعد الصهاينة وأطلقوا عليها دولة إسرائيل.

ويعتبر النظام القانوني في إسرائيل مستوحى من القانون اليهودي (هالاخاه) والقانون العام البريطاني والمبادئ التي تتبناها الأنظمة القانونية الغربية الأخرى، وفقا للجنة اليهودية الأميركية (AJC)، وهي منظمة عالمية للدفاع عن الشعب اليهودي.

وتقول هذه المنظمة إن القانون اليهودي له تاريخ طويل في التأكيد على "المعقولية والإنصاف" في اتخاذ القرارات القانونية.

ويشمل مبدأ "derech eretz" بالعبرية (تعني طريق الأرض) في القانون اليهودي السلوك الأخلاقي والسلوك المعقول، حيث أنه يوجه الأفراد إلى التصرف بطريقة عادلة ومنصفة ومراعية للآخرين.

وفي حين أنه نادرًا ما تم استخدامه خلال العقود الأولى من تاريخ إسرائيل، فقد تم تطبيق معيار "المعقولية" بشكل متكرر في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، حسبما قال الباحث فوكس.

 

الأسس الديمقراطية لإسرائيل، التي ليس لها دستور مكتوب، هشة نسبيًا. في الكنيست مكون من مجلس واحد يتألف من 120 عضوًا، تهيمن الحكومة على أغلبية من 64 مقعدًا،

 والسؤال الآن بعد إجراء تلك التغييرات القانونية ما الذي ستغير؟

ربما القليل على المدى القريب. ومع ذلك، حذر خبراء ومستشارون قانونيون للحكومة والبرلمان من أن ذلك سيفتح باب الفساد لأنه سيسهل على الحكومة ككل أو لوزير من الوزراء تعيين مسؤولين أو فصلهم لأسباب يحتمل أن تكون خاطئة.

ويقول المنتقدون إن إقرار إلغاء قانون المعقولية سيعرقل عمل القضاة الذين يساعدون في ضبط تصرفات الحكومة. وأشاروا إلى أنه يمكن بسهولة استبدال موظفين حكوميين مثل المدعي العام أو المستشارين القانونيين لوزارة ما بأشخاص آخرين يلبون الأوامر فحسب. وتقول الحكومة إنها لا تعتزم القيام بذلك. وتوضح أن التعديلات ستيسر الحكم وستسهل على المسؤولين المنتخبين ديمقراطيا متابعة سياستهم.

يحذر المنتقدون أيضًا من أن إدراك الوزراء لعدم إمكانية الطعن على الإجراءات التي يتخذونها لأنها تفتقر للمعقولية، قد يؤدي إلى عدم تدقيقهم بما يكفي في سياساتهم الخاصة لحماية غيرهم من الظلم. وعلى المدى الطويل، قد يضر ضعف القضاء بالأعمال التجارية ومنازعات إسرائيل القانونية في الخارج. لكن هذا سيعتمد أيضا على ما إذا كانت ستُجرى تعديلات أخرى في النظام القضائي وكيف.

زاد الصخب وارتفع الضجيج في إسرائيل بسبب تمرير القانون لأن كثيرين يشعرون بالخوف من أن تكون هذه الخطوة مجرد مسافة على منحدر يأخذ الديمقراطية لطريق خَطِر.

وأعلنت الحكومة، التي تضم أحزابا دينية وقومية، عن حزمة تشريعية كاملة في يناير كانون الثاني تهدف إلى تعديل النظام القضائي، ويرغب بعض وزرائها المتشددين في المضي قدمًا في إدخال تغييرات جذرية رغم الاحتجاجات.

تم تمرير التعديل الخاص ببند "المعقولية" من خلال البرلمان في مدة شهر. لكن هذه السرعة في إدخال تغيير على الأسس الدستورية لإسرائيل في مواجهة معارضة شرسة بالبرلمان وفي الشوارع تثير المزيد من القلق.

فالأسس الديمقراطية لإسرائيل، التي ليس لها دستور مكتوب، هشة نسبيًا. في الكنيست مكون من مجلس واحد يتألف من 120 عضوًا، تهيمن الحكومة على أغلبية من 64 مقعدًا، أما منصب الرئيس فهو منصب شرفي إلى حد كبير. لذا يُنظر إلى دور المحكمة العليا على أنه حاسم في حماية الحقوق المدنية وسيادة القانون.

يقول نتنياهو إن جزءًا من حزمة التشريعات تم إلغاؤه تمامًا وإلى الأبد، لكنه لا يزال يريد تغيير طريقة اختيار القضاة.

وحدد نتنياهو "نوفمبر" تشرين الثاني موعدًا مستهدفًا للاتفاق مع أحزاب المعارضة على التغييرات القضائية لكن لا يوجد ما يضمن ذلك. وفي حالة حدوثه، فمن المحتمل أن يكون أمام الحكومة شوط طويل يتعين أن تقطعه نحو تهدئة حلفاء إسرائيل الغربيين وطمأنة المستثمرين الأجانب ووكالات الائتمان الدولية التي أصابتها الحملة الحكومية بالفزع. كما أنه سيعطي الإسرائيليين فترة راحة، يرغبون فيها كثيرًا، من واحدة من أسوأ أزماتهم المحلية منذ عقود.

يدفع نتنياهو ببراءته في محاكمة طويلة الأمد بتهمة الفساد. ويبدو أنه سيحاول استخدام التغييرات القضائية لإبطال قضيته أو التأثير على نتائجها، ما يعني أن التغييرات القانونية هي بالنسبة لنتنياهو حبل النجاة الوحيد الذي ينقذه من مصير محتوم.

 

أعلى