• - الموافق2024/07/16م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
جنين بين اجتياحين..  كيف تغيّرت المعادلة العسكرية والسياسية؟

بينما يظهر مخيم جنين مرة أخرى كنقطة اشتعال ساخنة في مسار الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، تعود إلى الذاكرة أحداث اقتحامه من قِبَل القوات الإسرائيلية في الرابع عشر من أبريل 2002 خلال أحداث الانتفاضة الثانية، وسنحاول أن نقارن بين الاقتحامين


قبل أيام قليلة، شنَّ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية على مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة، كانت العملية استثنائية لكونها الأكبر منذ أكثر من عقدين، كما أن جيش الاحتلال استعمل فيها الغارات الجوية قبل إرسال قواته البرية، وأسفرت العملية عن 12 شهيدًا فلسطينيًا على الأقل وعشرات الإصابات وخلّفت دمارًا واسع النطاق في أنحاء المخيم، و بينما يظهر مخيم جنين مرة أخرى كنقطة اشتعال ساخنة في مسار الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، تعود إلى الذاكرة أحداث اقتحامه من قِبَل القوات الإسرائيلية في الرابع عشر من أبريل 2002 خلال أحداث الانتفاضة الثانية، وسنحاول أن نقارن بين الاقتحامين ورغم الاختلافات الطفيفة في مقدار العنف الإسرائيلي وحجم الخسائر البشرية والمادية بينهما، إلا أن ثمة تغيّرات جذرية قد حدثت في المعادلة العسكرية والسياسية وديناميكيات ساحة المعركة وقدرات المقاومة الفلسطينية على المواجهة.

أهمية جنين

تقع مدينة جنين شمال الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وهي تخضع رسميًا لإدارة السلطة الفلسطينية منذ عام 1993، تضم المدينة مخيمًا مكتظًا باللاجئين الفلسطينيين الذين اقتلعوا من ديارهم بعد قيام إسرائيل في عام 1948، وبعد عقود أصبح المخيم الآن منطقة مبنية بها منازل ومتاجر ومدارس، لكنه يعاني من أعلى معدلات الفقر في جميع مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، المخيم هو موطن لأكثر من 24 ألف لاجئ فلسطيني في منطقة تقل مساحتها عن نصف كيلومتر مربع، كما يمثّل المخيم المكتظ بالسكان موطنًا لمئات المقاتلين من جماعات المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها حماس والجهاد وفتح، بالإضافة إلى كتيبة جنين وهي مجموعة تم تشكيلها مؤخرًا، استمر نشاط المقاومة الفلسطينية في النمو خلال السنوات الأخيرة لا سيما مع تراجع نفوذ السلطة الفلسطينية التي من المفترض أنها تنسّق أمنيًا مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، لكن يبدو أنها غير قادرة أو غير راغبة بشكل متزايد في القيام بهذا الدور.

 المقاتلون في المخيم مسلحون بأسلحة محلية الصنع أو مُهرَّبة إلى الضفة الغربية أو مسروقة من القوات الإسرائيلية، هذا الوضع الاستثنائي جعل جنين بؤرة للغارات الإسرائيلية على الدوام، بعدما أصبح المخيم معروفًا للإسرائيليين بأنه "عاصمة المفجرين"، وشهد المخيم موجات من العنف الإسرائيلي على مدى العقدين الماضيين، وبخلاف الاعتقالات والغارات المميتة لجيش الاحتلال في المخيم، فقد تفشى عنف المستوطنين وهجمات إطلاق النار ضد الفلسطينيين بشكل متزايد مما جعل الوضع أكثر خطورة، لكن على النقيض يمثل مخيم جنين ساحة معركة رئيسية لتحرير فلسطين، لقد بدأت الانتفاضة الفلسطينية على أنها تمرد شعبي لكنها سرعان ما أصبحت عسكرية، وأصبح مخيم جنين معروفًا للفلسطينيين بـ"عاصمة الشهيد".

 

لحكومة نتنياهو تاريخ طويل في استخدام العنف ضد الفلسطينيين كوسيلة لصرف الانتباه عن المشاكل الداخلية واسترضاء قاعدتها السياسية، لقد استخدم نتنياهو وحلفاؤه سياسة "تصدير الأزمات" مرارًا وتكرارًا

 أهداف ومزاعم متشابهة

عادةً ما تتشابه الأهداف والمزاعم الإسرائيلية حول العمليات التي يقوم بها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين، فغالبًا ما تستخدم دولة الاحتلال الإسرائيلي حجة الأمن والدفاع عن النفس كتبرير لعملياتها، وفي بعض الأحيان تستخدم حجة الردع لمنع هجمات مستقبلية ضدها، ولعل هذا ما حدث أيضًا خلال اقتحامها لمخيم جنين:

 (أ) اقتحام عام 2002:

في عام 2002، وإبان أحداث الانتفاضة الفلسطينية، احتلت القوات الإسرائيلية المخيم بعد 10 أيام من القتال المكثف ضمن العملية المعروفة باسم "الدرع الواقي"، مما أدى إلى تدمير 400 منزل وتشريد ربع سكانه، ووصف مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى الشرق الأوسط ـ الذي زار مخيم جنين للاجئين في ذلك الوقت ـ المشهد بأنه "صادم ومروع لا يمكن تصديقه، حيث امتلأ الهواء برائحة الجثث المتحللة"، كانت العملية تهدف في المقام الأول ـ بحسب الرواية الإسرائيلية ـ إلى القضاء على المسلحين الفلسطينيين في المخيم، وتدمير البنية التحتية الخاصة بمنظماتهم، فتم تشكيل قوات كبيرة من جيش الاحتلال، وشاركت في العملية قوات خاصة ووحدات مدرعة وطائرات هليكوبتر كما تم استخدام الأسلحة الثقيلة.

 بالرغم من أن الإسرائيليين قد نجحوا في الدخول إلى المخيم، إلا أنهم واجهوا مقاومة شديدة من الفلسطينيين، وقد أسفرت العملية عن استشهاد العديد من الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال والنساء، وتدمير منازل ومدارس ومستشفيات، وقد أثار هذا الاقتحام انتقادات واسعة من المجتمع الدولي، حيث اعتبر الكثيرون أنه يشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان والقانون الدولي، ودعا العديد من الحكومات والمنظمات الحقوقية إلى التحقيق في أحداث اقتحام المخيم ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الجرائم التي ارتكبت، لكن هذا لم يحدث حتى الآن.

 (ب) اقتحام عام 2023:

 رغم مرور سنوات طويلة؛ إلا أن إسرائيل أطلقت حججًا ومزاعمًا متشابهة إلى حدٍ كبير مع تلك التي أطلقتها إبان اقتحامها السابق للمخيم، زعمت إسرائيل أن العملية كانت تهدف إلى تدمير مركز قيادة موحد لكتيبة جنين في المخيم حيث كان يجتمع نشطاء من فصائل مختلفة للتنسيق والاستعداد لهجمات جديدة ضد إسرائيل، وذكر الجيش الإسرائيلي في بيان إن أولويته كانت تتمثل في جمع الأسلحة من المخيم ومصادرة معمل لتصنيع المتفجرات، مشيرًا إلى أن مثل هذه العملية ضرورية لمنع ما وصفها بالهجمات الإرهابية، لكن بعيدًا عن كل هذه المبررات فهناك سببًا أكثر أهمية يقف وراء الاقتحام الأخير ألا وهو الانفجار الكبير الذي تفاجأت به القوات الإسرائيلية عندما كانت تقوم بغارة روتينية على المخيم في محاولة لاعتقال أو تصفية مقاتلين فلسطينيين مطلوبين، وهو ما تتطلب دعمًا عسكريًا إضافيًا لضمان إجلاء قوات الاحتلال والعناية بالجرحى الذي أصيبوا في هذا الكمين، كانت هذه سابقة بالنسبة للجيش الإسرائيلي الذي يخطط لعملياته العسكرية بعناية للسماح بدخول وخروج جنوده بأمان في جميع أنحاء البلدات والمدن الفلسطينية دون تكبد خسائر، لكن ما حدث في مخيّم جنين في تلك الليلة كان سيناريو كابوسيًا، ولا شك أن المفاجأة بالنسبة لجيش الاحتلال قد حملت شعورًا بالصدمة مهّدَ الطريق للهجوم واسع النطاق الذي حدث قبل أيام.

استخدم جيش الاحتلال خلال الاقتحام طائرات هليكوبتر أباتشي وطائرات مسيرة بدون طيار، قبل أن يبدأ الاجتياح البري بلواء كامل من القوات الخاصة المدعومة بالدبابات والآليات المدرعة، كما تم استعمال الجرافات لتدمير الشوارع وهدم البيوت، وبعد ساعات طويلة من العنف المتواصل بدت جنين تشبه ساحة معركة مهجورة يغمرها الدخان، رغم أن جنين ليست دولة في حالة حرب مع إسرائيل، بل مجرد مخيم للاجئين داخل مدينة محتلة، ومع ذلك فإن ما قامت به إسرائيل لم يؤدِ إلا إلى زيادة تأجيج التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولا تزال هناك خشية من أن تؤدي إلى تصعيد أوسع للعنف.

تغيّر المعادلة

انسحبت القوات الإسرائيلية من مخيم جنين بعد 48 ساعة من بدء الهجوم، خلّف الاقتحام في أعقابه نتائج أكثر شيوعًا لاقتحامات إسرائيل للمناطق الفلسطينية في العادة، لكنها في نفس الوقت قد حملت اختلافات وأبعاد أخرى هذه المرة، مثل:

1ـ شهداء وجرحى: عادةً ما يتعرض الفلسطينيون للهجمات والقصف مما يؤدي إلى سقوط عدد كبير من الشهداء الأبرياء والمدنيين، خلال الاقتحام الأخير سقط 12 شهيدًا فلسطينيا وجُرِحَ ما يقرب من 140 آخرين.

 2ـ تدمير وخسائر مادية: اعتاد الجيش الصهيوني على إحداث تدمير واسع في البنية التحتية والمباني والمنشآت الحيوية مثل المدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه، مما يؤثر على حياة المدنيين الفلسطينيين ويزيد من معاناتهم، وهذا ما حدث بالفعل خلال الاقتحام الأخير لمخيم جنين.

 3ـ الاعتقالات والانتهاكات الإنسانية: تتسبب الاقتحامات العسكرية الإسرائيلية في تفاقم هذه الانتهاكات، وقد زعم جيش الاحتلال أنه ألقى القبض على العديد من المقاتلين الفلسطينيين، لكن في الواقع فقد كان العدد أقل بكثير من الأعداد التي زعموا أنها كانت في المخيم.

4ـ الكلفة السياسية: تسببت هذه العملية ضمن عوامل أخرى في انخفاض مستوى قبول السلطة الفلسطينية بين سكان جنين، في مقابل زيادة الدعم والتأييد لجماعات المقاومة، كما أن الحضور الإعلامي الدولي في جنين يزيد من الضغوط الدولية على الحكومة الإسرائيلية ويضعها في حرج كبير.

5ـ تغيّر التكتيكات: شهدت العملية الإسرائيلية مقتل جندي إسرائيلي واحد على الأقل، وزعم الجيش الصهيوني أنه صادر عبوات ناسفة وكاميرات أمنية واكتشف أنفاقًا، لكن ثمة صدمة كبرى تلقاها الجيش الصهيوني بعدما وجد أن ديناميكيات ساحة المعركة قد تغيرت، إذ لم يعد يواجه فقط مقاتلي المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية في بيئة حرب حضرية يستطيع أن يحسب حساباتها بدقة، بل بات يواجه بشكل متزايد تكتيكات حرب العصابات، وبات على المركبات الإسرائيلية أن تتحرك بمستوى مختلف من الحذر في مواجهة الكمائن والمتفجرات في شوارع جنين وغيرها من مناطق الضفة الغربية، وكانت الصدمة الأخرى أنه قبيل انتهاء العملية؛ نفذ فلسطيني من الخليل هجومًا في تل أبيب أصيب فيه 8 إسرائيليين بجروح، كما تم إطلاق مجموعة صواريخ من غزة.

 

عندما اقتحم الجيش الإسرائيلي مخيم جنين في عام 2002؛ كان من بين النتائج الرئيسية أن مستوى العنف في المنطقة قد تصاعد بشكل ملحوظ، إذ أدى الاقتحام إلى شن المزيد من هجمات المقاومة الفلسطينية على الإسرائيليين

 سياسة تصدير الأزمات

التصعيد في عمليات إسرائيل في الضفة الغربية يحدث مع وجود أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل، فبعض الوزراء لديهم تاريخ طويل من الآراء والممارسات المتطرفة، لا سيما فيما يتعلق بالفلسطينيين، على سبيل المثال فقد أُدِينَ وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بتهمة دعم الإرهاب والتحريض على العنصرية ضد العرب، فيما أثار وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، المتطرف أيضا في أفكاره والعنصري في سلوكه، احتجاجات دولية عندما دعا إلى محو قرية حوارة الفلسطينية بعد مقتل مستوطنين إسرائيليين هناك، وبعيدًا عن ذلك فإن محاولات حكومة نتنياهو لتمرير قانون الإصلاح القضائي المثير للجدل لا تزال تثير الانقسامات العميقة في الرأي العام الإسرائيلي، وقد تسببت أيضا في بعض أكبر الاحتجاجات التي شهدتها إسرائيل عبر تاريخها، وفي ظل هذا الوضع الملتبس تجد الحكومة الإسرائيلية اليمينية غايتها لتخفيف وطأة الضغوط عليها من خلال ممارسة العنف ضد الفلسطينيين.

لحكومة نتنياهو تاريخ طويل في استخدام العنف ضد الفلسطينيين كوسيلة لصرف الانتباه عن المشاكل الداخلية واسترضاء قاعدتها السياسية، لقد استخدم نتنياهو وحلفاؤه سياسة "تصدير الأزمات" مرارًا وتكرارًا، وغالبًا ما كانت لها عواقب وخيمة على الشعب الفلسطيني، ففي مايو 2021 عندما شنت الحكومة الإسرائيلية عملية عسكرية كبيرة في قطاع غزة زعمت أنها كانت ردًا على إطلاق صواريخ من القطاع، لكن المنتقدين أشاروا إلى أن العملية تأتي في وقت كان نتنياهو يواجه فيه عددًا من التحديات الداخلية، بما في ذلك تحقيق فساد وانقسام في الكنيست، إن استخدام العنف ضد الفلسطينيين كوسيلة لإرضاء الرأي العام الإسرائيلي ليس حكرًا على نتنياهو، لكن الأخير كان ماهرًا بشكل خاص في استخدام هذا التكتيك لصالحه، وقد أظهر مرارًا أنه مستعد لتعريض حياة الفلسطينيين للخطر من أجل الحفاظ على سلطته السياسية.

 تحول ملحوظ

عندما اقتحم الجيش الإسرائيلي مخيم جنين في عام 2002؛ كان من بين النتائج الرئيسية أن مستوى العنف في المنطقة قد تصاعد بشكل ملحوظ، إذ أدى الاقتحام إلى شن المزيد من هجمات المقاومة الفلسطينية على الإسرائيليين، واضطرت إسرائيل في عام 2005 على أمل تقليل الاحتكاك في المنطقة والإشارة إلى إحراز تقدم نحو حل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

فتم تفكيك 4 مستوطنات يهودية حول جنين، وهو نفس العام الذي انسحبت فيه من قطاع غزة، أما اليوم فلا تزال التبعات المستقبلية للعملية الأخيرة غير معروفة، لقد كشفت العملية الأخيرة أن جنين ـ الواقعة على مسافة 40 كم تقريبًا من تل أبيب ـ باتت مسرحًا لتكتيكات حرب العصابات وقد نجحت في إحراج الجيش النظامي الذي يرى نفسه الأفضل في منطقة الشرق الأوسط، يمكن أن يكون نموذج جنين بمثابة نموذج يُحتذى به للمدن الفلسطينية الأخرى في جميع أنحاء الضفة الغربية، وسيسمح ذلك بلا شك في زيادة مطردة في المقاومة الفلسطينية المسلحة، إلى جانب تبني تكتيكات متطورة تشكل تحديات جديدة للجيش الإسرائيلي.

 يمثل المقاتلون الفلسطينيون الشباب الذين يقاتلون الاحتلال الإسرائيلي في جنين اليوم، بما في ذلك كتائب جنين الوليدة، جيلًا جديدًا من الفلسطينيين الذين نشأوا في مخيمات اللاجئين تحت نير الفصل العنصري الإسرائيلي، والذين عانوا عقودًا من عنف المستوطنين المتطرفين وظلم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، إنهم أحفاد فلسطينيين جُردوا من ممتلكاتهم عند قيام إسرائيل عام 1948، وهم يحملون إرثًا عدائيًا شديدًا لإسرائيل ودعمًا قويًا لجماعات المقاومة الفلسطينية التي يجدون فيها المُخلِّص، لقد سئِمَت تلك الأجيال من العيش في ظل سياسة الفصل الإسرائيلي العنصري التي لا تشير فقط إلى الفصل العنصري، بل على اللاإنسانية في الحياة تحت الاحتلال والضرب وإطلاق النار والقتل والاغتيالات والإعدام خارج نطاق القانون وحظر التجول والحواجز العسكرية وهدم المنازل والإخلاء القسري والترحيل والاختفاء القسري واقتلاع الأشجار وحرق المحاصيل والاعتقالات الجماعية والسجن المطول والاحتجاز دون محاكمة.

حسابات أخرى

لا تزال إسرائيل، التي يطاردها شبح تاريخ اللاجئين، تنظر إلى مخيم جنين الفقير والضعيف على أنه تهديد أمني له أبعاد وجودية تتطلب إجراءات استثنائية وغير متناسبة، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن "العملية الواسعة في جنين ليست وحيدة، ولن نسمح لمدينة جنين بالعودة إلى كونها ملجأ للإرهاب"، وقد رد عليه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، بالقول إن "إسرائيل انسحبت من مخيم جنين وذيلها بين رجليها، وأن المقاومة الفلسطينية علّمت الاحتلال الإسرائيلي درسًا، والآن سوف يفكر مرتين قبل مهاجمة الشعب الفلسطيني".

 إن الإحراج الذي تعرض له جيش الاحتلال خلال العملية الأخيرة على جنين، من المرجح أن يكون له تأثير كبير على عملية اتخاذ القرار، فمن الممكن أن تقرر الحكومة الإسرائيلية اتخاذ نهج أكثر عدوانية في جنين أو غيرها من مدن ومخيمات الضفة الغربية، في محاولة لإظهار أنها لا تخشى استخدام القوة المفرطة، وهو ما قد يؤدي إلى مزيدٍ من العنف وسفك الدماء، وربما تكون أكثر ترددًا في استخدام القوة الثقيلة في جنين في المستقبل، لأنها لا تريد المخاطرة بمزيد من الإضرار بسمعتها، وبين هذا وذاك يظل العنف المستمر ضد الفلسطينيين في جنين وفي كل أرض فلسطين هو تذكير بالواقع البشع للفصل العنصري الإسرائيلي، إنه نظام مبني على إنكار حقوق الإنسان والحريات الأساسية ونزع ملكية شعب بأكمله وسرقة أرضه وتراثه ومحو تاريخه.

أعلى