• - الموافق2024/11/23م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
رجـل ترامب.. المناصر لإسرائيل!..

من هو كيفين مكارثي، الذي فاز بمنصب رئيس مجلس النواب الأمريكي، وبحسب القواعد الدستورية هو الرجل الثالث في الدولة، لماذا مثل فوزه مخاضا عسيرا رغم تمتع حزب بالأغلبية؟ وما هي أفكاره وتوجهاته؟ وما هي علاقته بالرئيس السابق الغائب الحاضر "ترامب"؟


بعد 15 جولة من التصويت، تم انتخاب زعيم الأغلبية الجمهورية كيفين مكارثي، ليصبح رئيسًا لمجلس النواب الأمريكي، خلفًا للديمقراطية نانسي بيلوسي، المثير أن هذه هي المرة الأولى منذ 100 عام التي يتجاوز فيها التصويت لهذا المنصب جولة واحدة، فمن هو رئيس مجلس النواب الأمريكي الجديد؟، وما هي التحديات التي تنتظره، والأجندة التي يحملها؟

مخاض انتخابي عسير

بعد سباق انتخابي مرير استمر لـ 5 أيام، فاز كيفين أوين مكارثي برئاسة مجلس النواب الأمريكي للعامين المقبلين، يأتي فوزه التاريخي بعد عضويته بالمجلس التي دامت لأكثر من 16 عامًا، وبعد مخاض انتخابي عسير استمر حتى الجولة الـ 15 والأخيرة من التصويت، حظى مكارثي بتأييد 216 صوتا لصالحه مقابل 212 لصالح زعيم الأقلية الديمقراطية حكيم جيفريز، هذا الفوز لم يكن سهلًا، لكنه تحقق في النهاية بعد أن صوّت لصالحه بعض معارضيه من أقصى اليمين في الحزب الجمهوري، بينما أبطل آخرون أصواتهم لتنخفض عتبة الفوز إلى 216 بدلًا من 218.

 

 كان مكارثي مدافعًا ثابتًا عن الرئيس السابق دونالد ترامب طوال فترة ولايته الأولى وحتى بعد انتهائها، وسبق وأن وصفه ترامب بـ"كيفن الخاص بي" حيث يتشارك معه في كثيرٍ من الأفكار والرؤى

وُلِدَ مكارثي في 26 يناير 1965م، بمدينة بيكرسفيلد الواقعة في ولاية كاليفورنيا، نشأ ضمن عائلة من الطبقة العاملة حيث كان والده يعمل مساعد رئيس وحدة إطفاء، تدرج مكارثي في التعليم حتى وصل إلى الدراسات العليا بجامعة كاليفورنيا، وفي تلك الأثناء تدرب ضمن فريق عمل عضو الكونغرس بيل توماس، وصولًا إلى عام 2000م حين فاز بأول انتخابات عامة لتمثيل منطقة كيرن، ثم في عام 2002م تم انتخابه لتمثيل المقاطعة 32 في الهيئة التشريعية لولاية كاليفورنيا، وفي عام 2006م تم انتخابه لأول مرة لعضوية مجلس النواب، لم يكن طريقه معقدًا للوصول إلى القمة إذ أصبح نائبًا لرئيس الحزب الجمهوري في عام 2009م، وفي عام 2011 تولى دور "سوط الأغلبية"، وهي مهمة يقوم من يتولاها بالتأكد من عدم خروج الأعضاء عن موقف الحزب خلال التصويت على القوانين، وفي عام 2014م تم انتخابه زعيمًا للكتلة الجمهورية في المجلس.

لم يُعرَف عن مكارثي أن لديه أي أيديولوجية سياسية قوية بشكل خاص، لكن نشاطه الحزبي ساعده على الصعود في المؤتمر الجمهوري، وفي خريف عام 2015م عندما استقال رئيس مجلس النواب جون بوينر، كان مكارثي زعيم الأغلبية آنذاك وبدا أنه مستعد لخلافته لكنه انسحب فجأة من السباق عندما أصبح من الواضح أنه لم يكن لديه الدعم الكافي للفوز، وبدلًا من ذلك أصبح بول رايان هو رئيس المجلس، بعد كل هذه السنوات وعلى الرغم من الأداء المخيّب للحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي التي جرت في 15 نوفمبر الماضي، فإن الكتلة الحزبية للجمهوريين صوّتت لصالح مكارثي كزعيم للجمهوريين رغم منافسة شرسة أبداها منافسه اليميني آندي بيغز من أريزونا، قبل أن ينجح أخيرًا في تولي رئاسة مجلس النواب بعد سباق انتخابي غير مسبوق استمر لـ 15 جولة متتالية، وقد سلّط فوز مكارثي الصعب ضوءًا جليًا على الصعوبات التي سيواجهها في قيادة أغلبية جمهورية طفيفة ومختلفة بشدة.

نفوذ ترامب

كان مكارثي مدافعًا ثابتًا عن الرئيس السابق دونالد ترامب طوال فترة ولايته الأولى وحتى بعد انتهائها، وسبق وأن وصفه ترامب بـ"كيفن الخاص بي" حيث يتشارك معه في كثيرٍ من الأفكار والرؤى وقد أيّد مكارثي بجسارة موقف ترامب المتمثل في إنكار نتائج الانتخابات الرئاسية وعدم الاعتراف بفوز بايدن، بل وشارك في الجهود القانونية الواسعة لإبطال النتائج، لكن سرعان ما توترت علاقة مكارثي مع ترامب بعد اقتحام أنصار الأخير لمبنى الكابيتول في 6 يناير 2021م، أدان مكارثي ما حدث وقال آنذاك من داخل قاعة مجلس النواب: "الرئيس يتحمل المسؤولية عن هذا الهجوم على الكونغرس"، وزاد من تدهور علاقتهما أكثر ما كشفته تقارير صحيفة في أعقاب الهجوم بأن مكارثي أخبر زملاءه الجمهوريين أنه يعتزم تقديم المشورة لترامب بالاستقالة حتى قبل حلف بايدن لليمين الدستورية كرئيس.

 

 طوال فترة تواجده في مجلس النواب منذ أن تم انتخابه عضوا به للمرة الأولى، ظل مكارثي خلال أحاديثه في الكابيتول وعبر بياناته الرسمية وتصريحاته الصحفية ثابتًا على موقف أن الولايات المتحدة يجب أن تظل ملتزمة بشكل طويل الأمد تجاه إسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس

خلال الشهور اللاحقة تحسّنت العلاقة بين الرجلين، فلا شك أن كليهما يحتاج إلى الاعتماد على الآخر خلال العامين المقبلين، فاضطرا إلى وضع النزاعات السابقة وراءهما وأعلن ترامب عن تأييده ودعمه لمكارثي في محاولته للفوز برئاسة مجلس النواب الذي يعدّ ثالث أهم منصب سياسي في الولايات المتحدة بعد منصبي الرئيس ونائب الرئيس، ووجه نداءً إلى نواب الكتلة الجمهورية بالمجلس بضرورة الوقوف إلى جانب مكارثي ودعمه، في المقابل كان مكارثي مضطرًا إلى الموافقة على مطالب النواب المنتمين لأقصى اليمين في الكتلة المعروفة باسم كتلة الحرية، والتي من أهمها أن يتمكن أي نائب من المطالبة بإقالته في أي وقت، يرى هؤلاء أن مكارثي سيفعل كل ما يلزم لتعزيز حياته المهنية على حساب فلسفته السياسية وتوجهاته الجمهورية، ولا شك أن هذا التعارض ـ وإن خفت قليلًا الآن ـ إلا أنه سيؤدي إلى تقليص سلطته عند محاولة تمرير تشريعات بشأن القضايا الحاسمة ما لم يكن هناك توافق تام بين الكتلة الجمهورية بأكملها.

مناصر قوي لإسرائيل

طوال فترة تواجده في مجلس النواب منذ أن تم انتخابه عضوا به للمرة الأولى، ظل مكارثي خلال أحاديثه في الكابيتول وعبر بياناته الرسمية وتصريحاته الصحفية ثابتًا على موقف أن الولايات المتحدة يجب أن تظل ملتزمة بشكل طويل الأمد تجاه إسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس، إلى جانب الوقوف معها في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية ومنع أي جهد من مجلس الأمن لإدانتها، هذا بخلاف مواصلة تقديم المساعدة الأمنية لإسرائيل بلا قيود على التمويل ولا شروط على المساعدات، هذا الولاء الذي أبداه مكارثي للكيان الصهيوني حصد ثماره خلال انتخابات الكونغرس في عام 2018م حين نال تبرعات كبيرة من مجموعات يهودية في أمريكا مؤيدة لإسرائيل، سبق لمكارثي أن زار إسرائيل مرارًا، أبرز زياراته كانت في عام 2010م عندما كان برفقة 30 نائبًا جمهوريًا وسبحوا في بحيرة طبريا، وفي يناير 2020م أبدى دعمه القوي لضمّ إسرائيل لأراضي الضفة الغربية المحتلة، وكان أحد أبرز النواب الذين ضغطوا على إدارة بايدن قبل أشهر لتوفير تمويل طارئ قدره مليار دولار لنظام القبة الحديدية في إسرائيل.

يُذكر أن مكارثي ـ شأنه شأن معظم أعضاء الكونغرس ـ دائم الانتقاد لفصائل المقاومة الفلسطينية، وكثيرًا ما وصفها بأنها منظمات إرهابية تغذي الصراع والكراهية، وطالب بفرض العقوبات عليها، ومن المصادفات أن حكومة إسرائيل اليمينية الجديدة تعطي لمكارثي فرصة ذهبية كي يكسب المزيد من المواقف الداعمة له خلال فترة رئاسته لمجلس النواب، فحكومة نتنياهو الجديدة تتوافق في كثير من الرؤى مع الجمهوريين، لا سيما الفيصل اليميني بالحزب الجمهوري، كما أن مكارثي سيجد في دعم هذه الحكومة عاملًا محرجًا لإدارة بايدن التي قالت إنها لن تتعامل مع إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش إذا حصل أي منهما على منصب وزاري بحكومة نتنياهو، سوف ينتهز مكارثي والجمهوريون هذه المواجهة الحتمية كفرصة لاتهام الإدارة بأنها معادية لإسرائيل ومعادية للسامية من أجل تعطيل الأجندة التشريعية لبايدن.

أجندة مثيرة

على مر السنوات الماضية، لم يرع مكارثي أي تشريع مهم في مجلس النواب، مفضلًا بدلًا من ذلك مهاجمة السياسات الديمقراطية دون تقديم بدائل جديدة لأمة مستقطبة بشكل متزايد، فيما تركزت مهاراته على جمع التبرعات، إذ حصل على أكثر من 100 مليون دولار للحزب منذ عام 2016م، يحمل مكارثي أجندة شعبوية مثيرة للقلق تشبه إلى حد كبير أفكار وتوجهات ترامب، من أبرز ملامحها:

* عزل إلهان عمر

في عام 2018، نشر مكارثي تغريدة حول المال اليهودي في السياسة ثم حذفها، لم يعتذر مكارثي لكنه ظل يرفض الاتهامات الموجهة إليه بأنه معاد للسامية، حينها قام زملاؤه الجمهوريون بتوبيخه وطلبوا منه الاستقالة، فيما طالب بعضهم بتجريده من مهامه بإحدى لجان مجلس النواب، لكن المثير للاستغراب أنه بعد سنوات قليلة وخلال المؤتمر السنوي للتحالف اليهودي الجمهوري في لاس فيغاس، تحدث مكارثي صراحةً عن نيته لعزل النائبة الديمقراطية عن ولاية مينيسوتا، إلهان عمر، من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، قال مكارثي إن السبب في ذلك هو انتقادها لإسرائيل ومعاداتها للسامية، وألمح إلى عامل آخر وهو أنها قد انتقدته شخصيًا خلال العام الماضي، وفي عام 2019م هدد مكارثي باتخاذ إجراءات ضد النائبتين رشيدة طليب وإلهان عمر، بسبب دعمهما للقضية الفلسطينية وتأييدهما لمقاطعة إسرائيل.

يُذكر أن إلهان عمر من أبرز الداعمين لحركة مقاطعة "إسرائيل"، وسبق وأن دعت إلى ضرورة وجود إشراف أكبر من الكونغرس على العلاقة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، كما هاجمت اللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة، منتقدة مواضيع السيطرة اليهودية على السياسة الأمريكية، وهو الأمر الذي دفع بعض الجماعات اليهودية إلى اتهامها بمعاداة السامية.

* محاسبة إدارة بايدن

يحتاج مكارثي إلى تعزيز موقفه في منصبه الجديد، ومن ثمَّ عليه أن يُظهر لليمين المتطرف في حزبه أنه قادر على تعطيل أجندة بايدن، وسبق وأن لفت مكارثي إلى أنه إذا أصبح رئيسًا للمجلس، فسيتخذ على الفور إجراءات لإصلاح ما أفسدته نانسي بيلوسي وإدارة بايدن، مؤكدًا أن عمله سيركز على "الوفاء بالتزامنا تجاه أمريكا، وتوقيف جدول أعمال بايدن، وتحميل إدارته مسؤولية الأخطاء"، ومن المنتظر أن يُطلق الجمهوريون سلسلة من التحقيقات حول طريقة تعامل إدارة بايدن مع جائحة كورونا وقرار انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.

إلا أن فوز مكارثي لم يمنع بايدن من تهنئته، مع التلميح إلى ضرورة العمل سويًا من أجل مصلحة الأمريكيين وعدم عرقلة الأمور، إذ قال بايدن: "شعبنا يتوقع من قادته الحكم بطريقة تضع احتياجاته فوق كل اعتبار، وهذا ما نحتاج إلى القيام به الآن، لقد حان الوقت المناسب للحكم بمسؤولية، أنا مستعد للعمل مع الجمهوريين عندما يكون ذلك ممكنًا"، لكن غالب الظن أن الجمهوريين في مجلس نواب يقوده مكارثي لن يفوتوا فرصة إفشال بايدن في تحقيق وعوده حول إصدار قانون فيدرالي يكرّس الحقّ في الإجهاض أو قانون يحظر الأسلحة الهجومية، أو غيرها من القوانين المتعلقة بالإصلاح الانتخابي لحماية مصالح الأقليات في التصويت، بارقة الأمل الوحيدة الباقية لإدارة بايدن هو أن مجلس الشيوخ لا يزال تحت سيطرة الديمقراطيين، وبالتالي لن يكون في وسع الجمهوريين المساس بأي قوانين اعتمدت سابقًا في عهد بايدن.

* قاعدة الإخلاء

من بين المطالب الرئيسية للجمهوريين الذين رفضوا التصويت لمكارثي في البداية أنهم أرادوا إعادة تفعيل ما يُعرف بـ "قاعدة الإخلاء"، وهي قاعدة لها تاريخ طويل في الكونغرس وتنص على قدرة مشرّع واحد فقط على إجراء تصويت على ما إذا كان ينبغي عزل رئيس مجلس النواب من منصبه، بالرغم من رفع عدد النواب الضروريين لتفعيلها إلى 5 أعضاء في السنوات الأخيرة لمنع تهديد سلطة رئيس المجلس، إلا أن الرافضين لانتخاب مكارثي قد وعدوا بعدم إساءة استخدام هذا الامتياز إذا تمت استعادته، سيكون مكارثي مطالبًا بإيجاد مخرج مناسب لهذا الأمر وإلا فإن منصبه سيكون تحت التهديد المستمر.

* توجهات مقلقة

سبق وأن تعرض مكارثي لانتقادات بسبب تمويله للحملات الانتخابية لبعض المرشحين وذلك على أمل أنهم سيدعمون انتخابه كرئيس لمجلس النواب، لذا فإن هناك شعور متصاعد بالقلق من أن مكارثي قد يعرض على منتقديه اليمينيين التزامات سياسية راديكالية قد تأخذ مجلس النواب إلى اتجاهات مجهولة، فبمجرد أن أمسك مكارثي بمطرقة المجلس تعهد بأن النواب الجمهوريين سوف يمررون "مشاريع قوانين لإصلاح تحديات الأمة، من الحدود الجنوبية المفتوحة على مصراعيها أمام المهاجرين إلى سياسات الطاقة، إلى معالجة مسألة التمويل العسكري وصعود الحزب الشيوعي الصيني، ناهيك عن مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا، والتهديد الصيني لتايوان".

يخطط مكارثي لبدء تحقيقًا حول قضية هانتر بايدن، نجل الرئيس الأمريكي، ووجود تسهيلات مشبوهة زعم الجمهوريون أن البنوك قدمتها لهانتر، يُذكر أيضا أن مكارثي ـ مثل ترامب تمامًا ـ يعارض آراء العلماء حول التأثير الضار للكربون على المناخ العالمي، وسبق وأن عارض مرارًا تمرير قوانين متعلقة بالحفاظ على البيئة والحد من تأثير الوقود الأحفوري على المناخ، وهذا التوجه يقلق العديد من نشطاء البيئة ومناصري الحفاظ عليها، يُضاف إلى تخطيطه للبحث بشكل رسمي عن منشأ فيروس كورونا وتبنيه لمبدأ ترامب حول ضرورة محاكمة الصين وتغريمها لنشرها هذا الفيروس الذي أنهك اقتصادات العالم وتسبب في موجة وفيات واسعة.

بشكل عام.. يرى كثير من المحللين أن "كيفين مكارثي" هو أضعف رئيس منتخب لمجلس النواب منذ الحرب الأهلية الأمريكية، وستكشف الأيام المقبلة عن المزيد من خططه وتوجهاته.

أعلى