• - الموافق2024/04/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
محمود الصرخي والعتبات الإيرانية

هل يختلف الصرخي عن غيره من الاثنى عشرية في العراق؟! طبعاً، لا فالرجل الذي عرَّف به عداءه للدستور الذي فصله الاحتلال الأمريكي للعراق ورفضه التعاطي مع الدولة التي تأسست على أنقاض الغزو الأمريكي


تظهر مخرجات العملية السياسية في العراق منذ الغزو الأمريكي لها عام 2003، أنها تخضع لتحالف محكم مكون من هرم سلطوي يتربع على قمته رجال الدين الشيعة الموالين لإيران وخليط من السياسيين ورجال الأعمال الذين يدينون بالولاء لمصالحهم الشخصية التي تعتمد إعتماداً كلياً على تبني الخيارات الأمريكية والإيرانية لإدارة شؤون بلادهم.

لذلك نرى دوائر السلطة وصناعة القرار في العراق يتم قيادتها بالتداول الذي يصنعه التوافق السياسي بين فئة بعينها ترعاها إيران رسمياً عبر مؤسستها الدينية التي يمثلها علي السيستاني أهم مرجع شيعي في العراق، لكن مؤخراً بدأت أصوات ما يعرف بــ" الصرخيين" تتعالى وتتمرد على الواقع السياسي في العراق، وتنسب هذه الظاهرة للمرجع الشيعي الاثنى عشري محمود الحسني الصرخي، فقد تفاجئت الساحة العراقية الجمعة الماضية بإعلان وزارة الداخلية العراقية ومؤسسات قضائية وأمنية ومراجع دينية عن حملة شرسة لملاحقة أتباع الصرخي كما تم تجييش المئات من العناصر الشيعية لمهاجمة مساجد ومقرات لــ" الصرخيين" وقد أحرق عدد منها في بغداد ووسط وجنوب العراق. 

حالة إعلان الحرب على الصرخي وأنصاره في العراق لم تكن وليدة لحظة الغضب التي فجرتها دعوات في مساجد الصرخيين لهدم الأضرحة والقبور التي يطوف حولها الشيعة للتبرك فقط، بل لأنهم أنتهكوا المادة العاشرة من الدستور العراقي التي منحت حصانة لرجال الدين الشيعة وعتباتهم "المقدسة"، لذلك خرج الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ليمهل الصرخيين ثلاثة أيام للتبرؤ من دعوتهم، بل وصفت حركته من المراجع الشيعية بـأنها "منحرفة".

هل يختلف الصرخي عن غيره من الاثنى عشرية في العراق؟! طبعاً، لا فالرجل الذي عرَّف به عداءه للدستور الذي فصله الاحتلال الأمريكي للعراق ورفضه التعاطي مع الدولة التي تأسست على أنقاض الغزو الأمريكي، من مواليد مدينة الكاظمية عام 1964 وقد تخرج من كلية الهندسة بجامعة بغداد عام 1987، وكان أحد أبرز طلاب المرجع العراقي البارز محمد صادق الصدر والد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

يروج الصرخي دائماً لمسار واضح بشأن المشهد السياسي في العراق لا يبرئ المذهب الشيعي من المغالاة في العداء لسنة العراق، لكنه يرى أن نقل الخلافات المذهبية والعقدية إلى الساحة السياسية سيدمر البلاد وهو أمر يخالف فيه التوجه الإيراني والأمريكي كذلك يرفض الرجل توليفة الحكم القائمة على أسس طائفية، ومثل هذه المواقف صنعت له تياراً متنامياً داخل العراق في ظل الأوضاع الاقتصادية والأمنية التي صنعتها الإدارة السياسية الفاسدة حالياً، لذلك يواجه الصرخي حملة أمنية ودينية وصلت لإتهامه بــ" الإرهاب" .

تقول وثائق ويكيليكس أن الصرخي كان أحد داعمي جيش المهدي عقب الغزو الأمريكي للعراق، وكانت هذه المرحلة بداية إنفصاله عن التيار الصدري إذ واصل مهاجمة القوات الأمريكية في جنوب العراق ونضم أنصاره مظاهرات ضد الوجود الإيراني أمام القنصلية الإيرانية في كربلاء. وفي أحد الوثائق يوصف (جيش الحسين) التابع له بأنه شديد العداء لإيران ويظهر معارضة شديد للسيستاني والمجلس الشيعي في العراق. وفي الوقت الذي يصف الصرخي نفسه بالمرجع الشيعي العراقي العربي الذي ينتمي للطائفة الاثنى عشرية، فإن الإجماع الشيعي يصفه بأنه "مشعوذ وقائد عصابة بعثية".

أحد أبرز مواقفه تمثل في دعوته للحوار مع تنظيم "داعش" ورفضه فتوى "الجهاد الكفائي" الشهيرة التي أطلقها علي السيستاني عام 2014 أثناء سيطرت التنظيم على أجزاء من العراق، فقد وصف الرجل الفتوى بأنها أداة لتأجيج حرب أهلية وطائفية. وأثار هذا الامر غضب نوري المالكي الذي أمر بقصف مقر الصرخي في كربلاء، وقتل خلال القصف العشرات من أتباعه، ومنذ ذلك الهجوم لم يظهر الصرخي للعلن.

هيئة علماء المسلمين في العراق أصدر بيان في 2 يوليو 2014 وصفت الهجوم على الصرخي بأنه يستهدف "مدرسته الفقهية"، وأكدت أن ذلك يبرره مناهضته لإيران والوجود الأمريكي في العراق، وقد قتل في المواجهات مع الحكومة المالي في حينه 125 شخصاً من أنصار الصرخي. ينأى الصرخي بنفسه عن إيران ويعارض مواقفها وصرح في لقاء له مع صحيفة "الوطن" المصرية في فبراير 2015: "أعلن أنه لا يوجد خطاب ديني مذهبي شيعي عراقي، فالخطاب الديني في العراق هو خطاب إيراني خالص وبامتياز لا علاقة له بالمذهب الشيعي إلا بالمقدار الذي يخدم فيه سياسة السلطة الإيرانية الحاكمة وأمنها القومي".

عدد أتباع الصرخي ليس بالكبير ويقدرون بالآلاف وينتشرون في مختلف محافظات العراق أبرزها كربلاء والناصرية والديوانية والبصرة.ويتبنى الصرخي آراء تختلف عن مواقف رجال الدين الشيعة في العراق ويقول عن نفسه إنه يتبع مدرسة رجلي الدين محمد باقر الصدر الذي أعدم عام 1980 ومحمد صادق الصدر الذي اغتيل عام 1999.

 

 

أعلى