يحمل نفتالي أيديولوجية يمينية واضحة تدعم حق إسرائيل في أرض فلسطين، وهو أحد أبرز الداعمين لبناء المستوطنات، وهو يؤمن بأن الكيان الإسرائيلي دولة يهودية وديمقراطية أُسِسَت للشعب اليهودي فقط
في فبراير 2018، جرت
مكالمة هاتفية بين
بنيامين
نتنياهو وأبرز مستشاريه المقربين سابقًا وأكثرهم نفوذًا، نير حيفتس، في وقت لاحق تم
تسريب المكالمة، والتي خلالها لم يتورع نتنياهو في وصف وزير دفاعه آنذاك بـ"الكلب
الصغير"، فيما قال حيفتس لنتنياهو خلال نفس المكالمة: "لقد تبين أن نفتالي بنيت
عديم القيمة"، ليرد عليه نتنياهو مؤكدًا: "نعم، حسنا، إنه كذلك"، وبعد مرور 3 سنوات
وصولًا إلى اللحظة الراهنة، باتت هناك فائدة "بنيت" بالنسبة لنتنياهو عظيمة، إذ بات
بإمكانه أن ينقذ مستقبله السياسي للاستمرار في رئاسة وزراء دولة الاحتلال. فمن
السياسي اليميني "نفتالي بينت" الذي يمكنه إنقاذ نتنياهو بعد أن فشلت الصناديق في
الانتخابات الأخيرة أن تمنحه أغلبية تشكيل الحكومة؟
في 25 مارس من عام 1972،
وُلِدَ "نفتالي بينت" في مدينة حيفا المحتلة، لوالدين يهوديين قادمين من ولاية
كاليفورنيا بالولايات المتحدة، حيث هاجرا إلى إسرائيل بعد حرب الأيام الستة عام
1967، وفي عام 1973 انتقلت العائلة مجددًا إلى سان فرانسيسكو لفترة قصيرة، إلى أن
انتهت حرب السادس من أكتوبر 1973، فعادوا للعيش في الكيان الإسرائيلي، حيث درس
نفتالي وتخرج من المدرسة العسكرية، قبل أن ينضم لقوات جيش الاحتلال برتبة ضابط، حيث
عمل ضمن وحدة ماجلان، أحد أعمدة القوات الخاصة لجيش الاحتلال، وبالرغم من تعالي
الأصوات المنددة بالصهيونية الدينية عقب اغتيال "اسحق رابين"، قرر نفتالي العودة
علنًا إلى مظهره الديني، كما شغل مناصب عسكرية عليا في وحدة النخبة. في عام 2006؛
تطوع ليشغل منصب مدير مكتب زعيم المعارضة آنذاك بنيامين نتنياهو، ومن خلال هذا
المنصب بدأت الأضواء تتجه صوبه، كما بدأت أدواره المؤثرة تتزايد، فكان أحد أبرز من
صاغوا البرنامج الإصلاحي في التعليم والذي قدمه لاحقًا نتنياهو، كما قاد حملة
نتنياهو أيضا في الانتخابات الداخلية لحزب الليكود، حيث تمكن من تحقيق الفوز في
أغسطس 2007، لكن لم يدم نفتالي طويلًا في كنف نتنياهو، ففي مارس 2008 ترك العمل
معه، وقيل حينها إن السبب وراء الإستقالة هى زوجة نتنياهو، التي أحيانا ما تصفها
بعض التقارير بأنها صاحبة النفوذ القوي في حكومة الاحتلال.
دخل نفتالي إلى عالم المال
كرجل أعمال في مجال التكنولوجيا المتطورة، ثم انتقل منه إلى عالم السياسة مجددًا
كزعيم لحزب البيت اليهودي اليميني المتطرف، والمصنف على إنه حزب صهيوني، وتولى
رئاسته بين عامي 2012 و2018، ومنذ فبراير 2013 وحتى الآن هو عضو في الكنيست
الإسرائيلي، حيث تم انتخابه بصورةٍ متكررة وهو مكّنه من تولي رئاسة قائمة الحزب في
الكنيست لعدة دورات، قبل أن يتولى قيادة دفة الأمور بجيش الاحتلال كوزير دفاع بعد
أن تنازل له نتنياهو عن هذه الحقيبة الوزارية التي كان يشغلها إلى جانب رئاسته
للوزارء، كان نفتالي يشغل منصب الوزير في 3 وزارات في آن واحد، إذ كان وزير
الاقتصاد ووزير الخدمات الدينية ووزير القدس والشتات، هذا بخلاف كونه عضوًا في مجلس
الاستيطان العام في الضفة الغربية، وتأسيسه لحركة "منجم إسرائيل"، التي تعمل على
تكثيف نشر الدعاية الإسرائيلية وتعبئة الرأي العام لتعزيز الأهداف الصهيونية، كما
أنه كان من أبرز المعارضين لخطة الرئيس الأمريكي السابق
دونالد
ترامب للتسوية
في
الشرق
الأوسط
والمعروفة بـ "صفقة القرن"، حيث كان يعتبرها تهديدًا لوجود الكيان الصهيوني.
يحمل نفتالي أيديولوجية
يمينية واضحة تدعم حق إسرائيل في أرض فلسطين، وهو أحد أبرز الداعمين لبناء
المستوطنات، وهو يؤمن بأن الكيان الإسرائيلي دولة يهودية وديمقراطية أُسِسَت للشعب
اليهودي فقط، لذا فهو من أشد الداعمين لقانون القومية اليهودية، والذي يعتبر
إسرائيل دولة يهودية خالصة، جميع الحقوق المدنية فيها متساوية وكاملة لجميع مواطني
إسرائيل، ولكنها حقوق منتقصة وغير كاملة للأقليات، مثل العرب داخل الخط الأخضر، من
أبرز أفكاره التي عبّر عنها سابقًا هى أن يسكن في الضفة الغربية مليون إسرائيلي
خلال عقد من الزمان، وبناءً على أفكاره اليمينية وسياساته المتطرفة فهو من أشد
المعارضين لقيام دولة فلسطينية، وسبق وأن صرّح بأنه يدرس احتجاز الفلطسينيين
المتسللين من قطاع غزة، لفترات حبس طويلة وبدون محاكمة، حيث يهدف من وراء هذا
الإجراء إلى استخدامهم كورقة مساومة في أي مفاوضات مستقبلية مع حركة حماس للإفراج
عن الجنود الأسرى من جيش الاحتلال، كما يؤمن بضرورة تنفيذ سياسة الاعتقالات الواسعة
وإشاعة الاضطراب الدائم في المنطقة، حيث يعتقد أن "الهدوء والسلام سيحلان مع العرب،
عندما يخشى العرب إسرائيل من جديد"، وكثيرًا ما دعا إلى تصفية عناصر المقاومة
الفلسطينية وقادتها دون إنتظار، وهو لا يترك أي فرصة للحديث عن حركات المقاومة
الفلسطينية بأنها حركات إرهابية، وخلال فترة وجوده في الحكومة الإسرائيلية كان هو
أكثر الوزراء تطرفًا وعداءً للفلسطينيين، ولا يفوقه في هذه العدائية سوى رئيس
الوزراء اليميني بنيامين نتنياهو.
خلال فترة وجوده في حكومة
الكيان الإسرائيلي؛ عهد نفتالي إلى إنشاء هيئة خاصة للاستيطان، تعمل على منح تصاريح
للمستوطنين لشراء الأراضي في الضفة الغربية والقدس، وعمل على تسهيل ربط البؤر
الاستيطانية غير القانونية بشبكة المياه والكهرباء الإسرائيلية، وتسريع الإجراءات
القانونية لفرض المزيد من الواقع الاستيطاني بالضفة، إلى جانب منع إخلاء المستوطنات
العشوائية، وكان من أبرز الداعمين لتمكين المستوطنين اليهود من تسجيل الأراضي
الفلسطينية المنهوبة في سجل الأراضي بوزارة العدل الإسرائيلية، كما أوعز لذلك بهدف
فرض سيادة إجرائية، بحجة رفع التمييز بين المستوطنين ومواطني دولة الاحتلال، لذا لا
عجب أن جزءً كبيرًا من قاعدته الانتخابية يقع في تلك المستوطنات.
يصف نفتالي نفسه على أنه
يميني أكثر من نتنياهو، ويستمتع بإهانة الفلسطينيين والعرب واليسار بتعليقاته
التحريضية على الدوام، صرّح قبل أعوام بالقول: "لقد قتلت الكثير من العرب في حياتي
وليس هناك مشكلة في ذلك"، ولا يخشى الصدام اللفظي مع السياسيين الإسرائيليين
الأخرين، حتى وصفه رئيس الوزراء السابق إيهود باراك بأنه "مهرج يقود حزبًا موهومًا،
ولديه نفحة من الفاشية والفساد". في أعقاب الانتخابات الأخيرة التي جرت في 23 مارس،
برز اسم نفتالي مجددًا، بعد أن فاز حزبه بسبعة مقاعد برلمانية، والتي يمكنه من
خلالها أن يحدد المستقبل السياسي لرئيسه السابق بنيامين نتنياهو، فقد لا يتمكن
الأخير من تشكيل حكومته دون دعم نفتالي، حليفه السابق الذي تحول إلى منتقد رئيسي
له، حتى الآن لم يكشف نفتالي عن نواياه، لكنه صرّح بالقول: "في ظل السلطة التي
أوكلت إليّ إياها، سأعمل بمبدأ إرشادي واحد فقط: ما هو جيد لإسرائيل"، وهى رسالة
غامضة يمكن تفسيرها على نحوين متناقضيت تماما، إذ يمكن لهذا السياسي اليميني
المتطرف، البالغ من العمر 49 عامًا، إما إغراق رئيس الوزراء الحالي سياسيًا من خلال
الانضمام إلى الائتلافال مناهض له، والذي يتألف من اليسار والوسط وبعض معارضي
اليمين، أو إنقاذه عن طريق التفاوض، لكن هذه المرة سيكون من موقع القوة.