وضع الحديث وترويج الموضوعات على نطاق واسع
مما لاشك فيه أن الغدر الأكبر الذي مارسه الشيعة في تاريخ الإسلام هو وضع الأحاديث
المنسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الفعل لو حقق أهدافه المرجوة لأصاب دين الإسلام في مقتل، إذ سيختلط الحق
بالباطل، ولن يستطيع الناس التمييز بين الوحي الرباني وكلام البشر، مما سينتج عنه
آثار خطيرة مدمرة بالنسبة للتدين.
ولكن الله تعالى سلّم، فقيض للسنة الشريفة من يحفظها ويبعد عنها غوائل الدس والوضع.
إذ انبرى جهابذة العلماء من أهل السنة لكشف هؤلاء الوضاعين، فاتخذت جهودهم لمقاومة
الكذب في الحديث جانبين: جانبا نظريا: هو تأصيلهم للقواعد الدالة على الكذب، وجانبا
عمليا: ببيانهم الأشخاص المتهمين بالكذب وتعريف الناس بهم ليحتاط منهم.
ويعود الوضع في الحديث إلى أن بعض الفرس انخرطوا في صفوف الشيعة وانتحلوا مذهبهم،
وتظاهروا بحب آل البيت، وهم يهدفون بذلك إلى نشر آرائهم الباطلة وبث أفكارهم
المعادية للإسلام، فاتخذوا آل البيت ستار يعملون من خلفه لتحقيق أهدافهم والوصول
إلى مآربهم.
وما الآراء التي نادوا بها إلا دليل على أن دعاة هذه الطائفة انتحلوا الإسلام بقصد
هدمه وإفساده. ولما كان من الصعب الجهر بهذه الآراء ابتداءً، فقد ألبسوها ثوب
التشيع ودثروها بحب آل البيت وتقوّلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته
ما لم يقولوا. ومن أمثال هؤلاء: المغيرة بن سعيد وأبو الخطاب محمد بن أبي زينب،
وعبد الكريم بن أبي العوجاء، الذي اعترف حين جيء به إلى محمد بن سليمان بن علي
العباسي أمير البصرة ليقتله وأيقن بالموت أنه وضع أربعة آلاف حديث[1].
ومن ضمن خطط الرافضة تزييف الأخبار وترويج الشائعات الكاذبة التي استهدفت النيل من
الإسلام بتشويه سيرة الصحابة رضي الله عنهم، إذ إن التشكيك في ثقتهم وعدالتهم هو
تشكيك بالتالي في صحة الإسلام وعدم صلاحيته.
فالصحابة رضي الله عنهم لهم قدرهم ومنزلتهم التي لا يوازيهم فيها أحد؛ فقد اختارهم
الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وبذلوا المهج والأموال في سبيل الله،
وهم نقلة الإسلام وحملة الشريعة. إذاً فالقدح فيهم قدح في الكتاب والسنة، كما قال
أبو زرعة الرازي: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق،
وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما
يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة"[2].
وقال الإمام مالك: "هؤلاء – يعني الرافضة ومن على شاكلتهم من الزنادقة- طعنوا في
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما طعنوا في أصحابه ليقول القائل: رجل سوء
كان له أصحاب سوء، ولو كان رجلا صالحا لكان له أصحاب صالحين"[3].
المقدمة 1 2 3 4 5 6 7 الخاتمة
[1]- انظر: ابن الجوزي: الأحاديث الموضوعة، ج 1، ص 37. والعراقي: الفتح
المغيث في شرح ألفية الحديث، ص 127.
[2]- الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرواية، ص 49.
[3]-
انظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى، ج 4، ص 429.