متى عز أمتي؟!
                                        
                                    
                                    
                                        
   وُلِدْتُ بِلَيْلٍ مَا أَتَاهُ نَهَارُ
   وَعِشْتُ حَيَاتِي وَالدُّمُوعُ بِحَارُ
   وَمَا مَرَّ يَوْمٌ وَالْمآسِي كَلِيلَةٌ
   وَلَمْ يَغْفُ فِي يَوْمٍ أَسًى وَدَمَارُ
   وَحِينَ الصِّبَا صِرْتُ كَكَهْلٍ وَشَيْبَتِي
   تُنَادِي الْوَرَى: عَذْبُ الْحَيَاةِ مَرَارُ
   فَلا طِفْلَ يَلْهُو، لا شَبَابَ بِأُمَّةٍ
   يُجَلِّلُهَا اللَّيْلُ الْبَهِيمُ وَعَارُ
   فَصِرنَا شِيَاهاً وَالذِّئَابُ تَسُوسُنَا
   وَصَارَتْ دِمَانَا فِي الْكُؤُوسِ تُدَارُ
   أُسَافِرُ فِي ذِكْرَى سِيَادَةِ أُمَّتِي
   فَيَغْمُرُنِي بَرْدُ الْحَنِينِ وَنَارُ
   فَأَغْرَقُ فِي بَحْرٍ مِنَ الْفِكْرِ حَائِراً
   بِهِ ظُلُمَاتٌ مَا لَهُنَّ قَرَارُ
   فَكَيْفَ أُعِيدُ الْمَجْدَ وَالظُّلْمُ حَالِكٌ
   وَلِلأُسْدِ لَوْ هَبُّوا رَدًى وَإِسَارُ
   وَكَيْفَ أُضِيءُ اللَّيْلَ وَالْبَدْرُ مُهْلَكٌ
   فَإِنْ يَبْدُ نُورٌ فَالْفَنَاءُ خِيَارُ
   وَكَيْفَ أَفُكُّ الْفَجْرَ مِنْ قَيْدِهِ وَقَدْ
   يَظُنُّ الْوَرَى أَنْ فِي الصَّبَاحِ خَسَارُ
   فَخُضْتُ الْمَآسِي وَالْعُبَابُ مُزَمْجِرٌ
   وَصَارَعْتُ أَهْوَالاً دَمٌ وَأوَارُ
   وَمَا لِنْتُ يَوْماً لِلطُّغَاةِ فَلِي مُنًى
   أَرَى أُمَّتِي عَزَّتْ وَسَادَ نَهَارُ
   وَأَصْلَتُّ شِعْرِي وَالسُّيُوفُ بِغِمْدِهَا
   فَمَا عَادَ لِلْحَقِّ السُّيُوفُ تَغَارُ 
   وَمَا عَادَ فُرْسَانٌ صَهِيلُ خُيُولِهِمْ
   يُزَلْزِلُ أَرْضَ الطَّغْيِ، ذَلُّوا وَخَارُوا
   فَيَا وَيْلَهَا مِنْ أُمَّةٍ صَارَ عِزُّهَا
   كَلاماً وَذِكْرَى وَالْفِعَالُ شَنَارُ
   وَأَرْفَعُ رَايَاتِ الإِبَاءِ مُنَادِياً
   أَيَا أُمَّتِي إِنَّ الْمَذَلَّةَ عَارُ
   فَعُودُوا أُسُوداً لا حَيَاةَ لأُمَّةٍ
   تَعِيشُ بِقِيعَانِ الْهَوَانِ تَحَارُ
   فَأَيْنَ النُّجُومُ الْهَادِيَاتُ بِذَا الدُّجَى
   وَأَيْنَ الأُسُودُ الضَّارِيَاتُ وَنَارُ