البيان/متابعات: في تطور تشريعي لافت قد يعيد رسم حدود السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة، وجه قضاة المحكمة العليا الأمريكية، التي يهيمن عليها المحافظون، انتقادات حادة للرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب بموجب "قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية" الصادر عام 1977، معتبرين أن هذه الإجراءات تثير تساؤلات دستورية حول تجاوز الصلاحيات الرئاسية.
وخلال جلسة استماع مطولة استمرت ثلاث ساعات، عبّر رئيس المحكمة جون روبرتس، إلى جانب القاضيين نيل غورسوش وإيمي كوني باريت، عن شكوك جدية في مبررات الحكومة للدفاع عن صلاحية الرئيس في فرض رسوم جمركية واسعة دون موافقة الكونغرس، مشيرين إلى أن مثل هذه السلطة قد تفتح الباب أمام تهميش الدور التشريعي. وقال روبرتس: "بهذا المنطق يمكن للرئيس فرض رسوم على أي منتج من أي دولة، ولأي فترة، دون قيد أو رقابة"، في إشارة إلى ما يراه مراقبون نزعة توسعية في استخدام السلطة التنفيذية.
في المقابل، دافع محامو ترامب عن شرعية تلك الإجراءات، مؤكدين أن الرئيس يتمتع بصلاحيات واسعة في الشؤون الخارجية والتجارة الدولية، وأن الأوضاع الاقتصادية والتجارية التي واجهتها الولايات المتحدة تمثل "حالة طوارئ" تبرر التدخل السريع. غير أن عدداً من القضاة اعتبر أن قانون الطوارئ لا يمنح الرئيس الحق في فرض ضرائب أو تعريفات جمركية، وهي سلطة محصورة دستورياً في الكونغرس.
وإذا ما قضت المحكمة بعدم قانونية تلك الرسوم، فقد تضطر الحكومة الفيدرالية إلى إعادة مليارات الدولارات التي جُمعت من الشركات، وهو ما حذرت منه القاضية باريت واعتبرته "فوضى مالية محتملة". وتُقدّر عائدات الرسوم التي فرضها ترامب بنحو 90 مليار دولار حتى سبتمبر/أيلول الماضي، مع توقعات بأن تصل إلى تريليون دولار إذا استمر العمل بها حتى منتصف العام المقبل.
ويرى محللون أن القضية تمثل اختباراً حاسماً لتوازن القوى بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، إذ تعكس مدى استعداد المحكمة العليا، ذات الأغلبية المحافظة، للحد من التوسع الرئاسي في استخدام قوانين الطوارئ لأغراض اقتصادية. كما يمكن أن تكون نتائجها حاسمة لسياسات التجارة الدولية الأمريكية، خصوصاً في ظل المساعي الحالية لإعادة تشكيل العلاقات التجارية مع الصين وأوروبا.