البيان/متابعات: رأى مركز أبحاث الأمنيّ القوميّ الصهيوني في ورقةٍ بحثيّةٍ أطلق عليها اسم (تحذير إستراتيجيّ) أنّ دولة الاحتلال باتت معزولةً ومنبوذةً عالميًا، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ الهدف من عزل الدولة العبرية ونبذها هو سحب شرعيتها وعرضها كدولةٍ عنصريّةٍ، لا تمثل للقوانين الدوليّة، لأنّ إستراتيجيّة المقاطعة تهدف في نهاية المطاف إلى القضاء على الدولة العبريّة، بحسب ما جاء في الورقة، التي نُشرَت على موقع المركز الالكترونيّ.
وشدّدّت الباحثة بنينا شارفيط-باروخ على أنّ الدولة العبرية ومنذ إقامتها في العام 1948عملت دون كللٍ أوْ مللٍ لإقامة تحالفاتٍ مع دولٍ كثيرةٍ في العالم، لأنّ هذه التحالفات تعتبر القاعدة والركيزة الأساسيّة لمواصلة نشاطها كدولة واستمرار ازدهارها.
كما أشارت الورقة إلى أنّ التحالف الإستراتيجيّ بين الكيان والولايات المُتحدّة الأمريكيّة، هو التحالف الأهّم، لأنّه يُعتبر الركيزة الأساسيّة للدولة العبرية، التي تعتمد كليًا من الناحية الأمنيّة والدفاعيّة على واشنطن، وبالإضافة لأمريكا، أشارت الباحثة، ترتبط دولة الاحتلال بتحالفاتٍ مع دولٍ غربيّةٍ عديدةٍ، وترى نفسها جزءًا لا يتجزأ من منظومة الدول العربيّة، طبقًا لأقوالها.
وتابعت الباحثة قائلةً إنّ المعركة لعزل الدولة العبرية دوليًا بدأت منذ عدّة سنوات في المحيط العالميّ، حيثُ تعمد القوى التي تنشط لعزل الدولة العبرية على بثً رسالةٍ مفادها أنّ تل ابيب هي دولة لا تقيم وزنًا للقانون، عدوانية وعنصريّة، والتي لا مكان لها بين الدول الغربيّة الديمقراطيّة، وكلّ هذه الجهود المبذولة هدفها عزل الدولة العبرية وإضعافها لتحقيق الهدف الأسمى وهو القضاء عليها، على حدّ تعبير الباحثة الصهيونية.
وأقّرت الباحثة بأنّه منذ اندلاع الحرب الأخيرة على غزّة، في السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) المنصرم، فقدت الدولة العبرية الشرعيّة، وأصبحت منبوذةً، وأمست دولةً مُصابةً بالجذام، مُشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ ظاهرة عزل الدولة العبرية تبرز في صفوف الجماهير، مع التشديد على الجيل الشاب في جميع أصقاع العالم، وتؤثر سلبًا على علاقات الحكومة الصعيونية مع الدول والتنظيمات العالميّة، كما قالت.
وأوضحت ورقة البحث الصهيونية أنّ التدهور القاسي في مكانة الدولة العبرية العالميّة منذ اندلاع الحرب تعود بالنتائج السلبيّة والخطيرة جدًا على الكيان وعلى مستوطنيه في عدّة مجالاتٍ السياسيّة، الاقتصاديّة، سوق العمل، الأكاديميّة والثقافيّة، وكنتيجةٍ لهذه التطورّات السلبيّة تعرّض الأمن القوميّ الإسرائيليالصهيونيّ لضربةٍ قويّةٍ، كما أكّدت الباحثة.
علاوة على ما ذُكِر أعلاه، أوضحت الباحثة أنّ الوضع الذي وصل إليه الكيان بسبب العزلة، يمنعه من العمل بحريّةٍ، كما أنّه يمُسّ مسًّا سافرًا في قدرات الدولة العبرية لمواصلة الحرب على غزّة وتوسيع الحرب لتشمل جبهاتٍ إضافيّةٍ، بحسب أقوالها.
وأكّدت الباحثة أنّ الوضع في المجال الاقتصاديّ أصبح صعبًا للغاية نتيجة عزل الدولة العبرية، الأمر الذي يُلقي بنتائجه السلبيّة على الاقتصاد والأمن الصهيونيين، مشيرةً إلى إنّ هذا الوضع سيستمّر، وأكثر من ذلك فإنّه سيزداد قوّةً.
وحذّرت الباحثة من أنّ حالة العزلة الدوليّة، وتحديدًا مع الدول الغربيّة، سيؤدّي إلى تآكل القيم الديمقراطيّة واللبراليّة في الدولة، وذلك أنّ هذه القيم مهمة جدًا لشرائح واسعةٍ من المجتمع الصهيوني، ولكن الأخطر والأسوأ من ذلك، أنّ هذا الوضع سيؤدّي لفقدان الدولة العبرية التفوّق القيميّ للكيان على الدول الأخرى في المنطقة وعلى أعدائها، في إشارةٍ واضحةٍ للدول العربيّة المحيطة بدولة الاحتلال، وأيضًا التنظيمات الفاعلة في المنطقة مثل المقاومة الفلسطينيّة وحزب الله اللبنانيّ.
وخلُصت الورقة البحثية إلى القول إنّ انتهاج سياسة العزلة الدوليّة، وفي الوقت عينه تجاهل المصالح الحيويّة للدولة العبريّة، هي سياسة خطيرة جدًا، موضحة أنّ مواطني الكيان بدأوا بدفع أثمانها، ومن شأن استمرار تبنّي هذه السياسة في نهاية المطاف أنْ تؤدي لهزيمة الدولة العبرية في الحرب ضدّ أعدائها ليس في المجال السياسيّ فقط، بل أيضًا العسكريّ، على حدّ تعبيرها.
جديرٌ بالذكر أنّ البروفيسور اليهوديّ الأمريكيّ جيفري ساكس، كان قد قال لصحيفة (هآرتس) العبريّة إنّ “المبدأ الذي يُوجِّه السياسة الخارجيّة الأمريكيّة هو المصالح الاقتصاديّة والعسكريّة والأخرى”، لافتًا إلى أنّ “واشنطن قامت بتعيين ديكتاتوريين وقتلة في الحكم”، وأنّه “منذ العام 1947 كانت واشنطن متورطةً في 80 محاولة انقلاب وتغيير الأنظمة الحاكمة في العالم، وقامت بذلك حتى ضدّ رؤساءٍ انتُخبوا بشكلٍ ديمقراطيٍّ”، وجزم قائلاً إنّه “في السياسة الخارجيّة الأمريكيّة لا توجد قيم، بل مصالح”، طبقًا لأقواله.