بهائيو اليمن... الظهور للعلن في توقيت حساس
بدأ البهائيون بالظهور العلني في اليمن، بعد عقود من التخفي، والانطلاق عبر فعاليات وملتقيات ثقافية للتعريف بهذه الطائفة التي أعلنت عن نفسها في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2015، حيث لا يتجاوز عدد المنتمين إليها ألفي شخص، يزعمون أنهم دين جديد أتى لينقذَ العالم من الحروب والمشاكل.
في الثالث من آب/ أغسطس، نظم البهائيون ملتقىً ثقافياً في العاصمة صنعاء، كأحد الأنشطة التي دأبوا عليها، واستمر 7 أيام وتحديداً في العاشر من الشهر نفسه، الذي قام أفرادٌ من جهاز الأمن القومي الخاضع لسيطرة الحوثيين، بمداهمة مقر الملتقى واعتقال 67 شخصاً معظمهم من البهائيين.
الإجراء الحوثي دفع بملف الطائفة البهائية الى الواجهة في اليمن، تفاعلت معه منظمات دولية مثل "العفو الدولية" التي طالبت بالإفراج عن العشرات من أتباع هذه الطائفة الذين اعتُبروا "مضطهدين"، وهو الأمر الذي يجعل الحديث عن هذه الأقلية ضرورياً.
من هي البهائية؟
البهائية جماعة دينية خرجت من رحم الشيعة في فارس في عام 1844، عندما أعلن تاجر يدعى "علي بن محمد رضا الشيرازي، من مدينة شيراز، بأنه صاحب رسالة إلهيَّة، أسماها بالبابية نسبة للرجل الأول الذي أنشأها والملقب بالباب، بينما تشير تسمية البهائية إلى زعيمها الثاني الذي لقب نفسه بـ "بهاء الله".
الموقع الرسمي لبهائيي اليمن، يشير إلى أن بدايات الظهور الأول للبهائية باليمن، كانت عقب وصل مؤسسها الأول "الشيرازي" إلى مدينة المخا التي كانت ميناء عالمياً قبل خمسة عقود، وبحكم اشتغال الرجل بالتجارة، استغل رحلته هذه للتبشير بأفكاره الدينية، التي شملت مكة المكرمة ومن ثَم العودة مرة أخرى إلى المخا والحديدة التي مكث فيها أياماً قليلة.
إلا أن الظهور الحقيقي للبهائيين كان في الأربعينات من القرن الماضي، حينما وصل 4 أطباء وصيادلة إيرانيين ينتمون لهذه الجماعة الى اليمن، وكانوا أبرز الوجوه التي اضطلعت بالتبشير لهذه الطائفة في عدد من المحافظات اليمنية، في حين تشير القرائن التاريخية إلى وجود البهائيين في العديد من المدن والقرى اليمنية كعدن والمكلا وصنعاء وتعز والحديدة وإب وسقطرى ولحج وغيرها.
أبرز البهائيين:
ولعل أبرز وجوه البهائيين في اليمن "كمال بن حيدرة ومحمد مهدي مولوي وعبد الله أنور، وأبو نديم السقاف" بعضهم من أصول إيرانية قدِموا إلى اليمن في الأربعينات من القرن الماضي وحصلوا على الجنسية اليمنية ليتوزعوا عقب ذلك في عدن والمكلا وتعز ولحج جنوب البلاد.
أما الشخصية البهائية المثيرة للجدل هو "حامد" نجل "كمال حيدرة" القابع في السجن منذ اعتقاله في الثالث من كانون الأول/ ديسمبر 2013 بتهمة الإساءة للإسلام، حيث مضى على اعتقاله ثلاث سنوات، لتتدخل منظمات دولية بطلب الإفراج عنه، وهو ما لم يتم حتى اللحظة، الأمر الذي دفع أنصاره إلى التظاهر في 3 من نيسان/ أبريل من العام الجاري.
وتقول النيابة اليمنية إنّ حيدرة مواطن إيراني اسمه "حامد ميرزا كمالي سروستاني" وتتهمه بـ "انتهاك استقلال الجمهورية اليمنية ووحدتها، والإساءة إلى الإسلام، والردة". لكنّ أفراد الطائفة البهائية يؤكدون أنّ حيدرة مواطن ولد في اليمن، وأنّ "هذه التهم ملفقة الهدف منها محاربة الطائفة البهائية والقضاء عليها بالرغم من أنّها أحد مكونات المجتمع اليمني".
وكشف اعتقال الأمن القومي لـ 60 شخصاً من البهائيين في العاصمة صنعاء عن نشاط مكثف لأتباع هذه الديانة، وبروز الحديث عن "الأقليات الدينية" في توقيت بالغ الحساسية، الذي يتزامن مع تضامن وتفاعل واسعين محلياً ودولياً.
الجديد في هذا الأمر، أن تحركات البهائيين، تزامن مع خطوة مماثلة ولافتة لأتباع الطائفة في تونس الذين أعلنوا عن تأسيس موقع إلكتروني ناطق باسم الطائفة هناك، والمشاركة الفاعلة داخل المجتمع التونسي.
تساؤلات كثيرة حول دلالة وتوقيت هذا الظهور للبهائيين، في الوقت الذي يسود الاعتقاد بأن دولاً غربية تدفع باتجاه تعقيد المشهد اليمني عبر بوابة الأقليات الدينية المدعم بالحديث عن تعرضها للاضطهاد.
ومن هنا، بدأت التحذيرات في اليمن من خطورة زرع مصطلح "الأقليات الدينية" الذي يدفع نحو تطييف المجتمع اليمني، ناهيك عن الإمساك بها كورقة سياسية للابتزاز وصولاً لتكريس النموذج اللبناني في بلد أثقلته الحروب التي تتخذ أحياناً كثيرة طابعاً مذهبياً وطائفياً.
تلك الأصوات تستند إلى معلومات تفيد بتعاظم النشاط الاستخباراتي في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون الشيعة، لزراعة أقليات أخرى كـ "البهائيين" وتنسيق جهود مع تيار علماني برز أيضاً للواجهة بمسمى "علمانيون من أجل السلام"، في مسعىً لتشكيل جبهة موحدة لمواجهة التيارات الإسلامية الأخرى.
وتبقى الفترات المقبلة حبلى بخفايا هذه القضية التي يلفها كثير من الغموض فضلاً عن حالة الارتياب والتوجس التي يخفيها قطاع واسع من اليمنيين.