موجهات إعلامية في دعوة الشيعة الإمامية
في عملية رصد إعلامي أجرتها إحدى المؤسسات الإعلامية المتخصصة في الشأن الشيعي، تبين أن هناك ما يزيد عن 130 وسيلة إعلامية متخصصة في دعوة ومواجهة المشروع الشيعي، تتنوع هذه الوسائل ما بين قنوات فضائية ومواقع إنترنت وصفحات تواصل اجتماعي... وبطبيعة الحال فإن تلك الوسائل متنوعة المضمون والطريقة؛ فهناك المهتمة بدعوة الشيعة، وهناك المتخصصة بفضح مذهبهم وكشف ما هم عليه بطريقة لا تخلو من إثارة، كما أن بعضها تخصص في التركيز على مخاطر الإمامية من الناحية السياسية والعسكرية والاقتصادية، والكثير يقوم برصد تصريحات قياداتهم وتتبع تحركاتهم، ويتناولها بالعرض والتحليل والتعليق، ومن تلك الوسائل من تخصص في التحذير من وسائل الإعلام الشيعية التي أصبحت ظاهرة مخيفة في الفضاء الإعلامي.
واعتماداً على الملاحظة فإن معظم تلك الوسائل الإعلامية المذكورة تعمل منفردة وخطوط التنسيق فيها تبدو ضئيلة جداً، كما أن بعضاً من المتصدرين والقائمين على تلك الصفحات والمواقع والبرامج ليسوا من أهل الاختصاص في الشأن الشيعي، أكد لي ذلك أحد المتخصصين في الشأن الشيعي بقوله: أن بعضاً ممن يُقدم في وسائل الإعلام على أنه متخصص في الشأن الشيعي، ليس متخصصاً بالمعنى الحرفي للكلمة بل مهتم، وغير ملم بالمذهب الشيعي بالشكل الذي يؤهله للتصدر.
وعودة إلى نتائج الرصد المذكورة، فإن معظم تلك الصفحات والمواقع ينقل بعضها عن بعض، وما يُقدَّم فيها من جديد يعتبر قليلاً جداً، ومع ذلك فإنها من حيث الكم والحضور تعتبر ظاهرة جيدة، وإن كنا نتمنى أن تتحسن جودة المضمون، وأن تزداد نسبة التنسيق والتعاون بين تلك الصفحات والمواقع وعموم المؤسسات الإعلامية المتخصصة في هذا الشأن.
وبخصوص القنوات ووسائل الإعلام الإسلامية العامة التي لا تتطرق للموضوع الشيعي بشكل مباشر، فتجدر الإشارة إلى أنها تقوم بدور مشكور له انعكاساته الجيدة على الفرق المخالفة والتي منها الشيعة الإمامية؛ إذ تقوم بدور وقائي وعملية تحصين فكري عبر ما تعرضه من عقيدة صحيحة وفكر مستقيم، يبين طريق الحق وتميزها عن طريق الغواية، وإن كنا نقترح ونتمنى أن تخصص كل قناة فضائية منها برنامجاً واحداً على الأقل يتناول الخطر الإيراني والشيعي، كون هذه الطائفة ومن ورائها إيران تأتي على قائمة المخاطر المحدقة بنا خلال هذه العقود، والتصدي لها يعتبر واجب الوقت واللحظة.
لتلك الوسائل الإعلامية المتخصصة في الشيعة الإمامية أو التي تخصص وقتاً من جهدها لذلك نحاول أن نقدم مجموعة من الموجِّهات الإعلامية التي ينبغي مراعاتها في هذا الشأن :
· دعوة الشيعة بمختلف الأشكال وتكرار ذلك وعدم اليأس منهم، لأن كثيراً من عوامهم وشبابهم مغرر بهم جاهلون بما هم فيه من ضلالة، نظراً لحجم الإرهاب الفكري والتضليل الإعلامي الذي يصب على رؤوسهم صباح مساء، مع استذكار ما تشمله الدعوة من معاني الرحمة والشفقة وحب الهداية للمخالف، وعدم النظر إليهم بطريقة واحدة فـ " ليسوا سواء".
· نلحظ في الإعلام الموجَّه للشيعة أنه يخاطب فئات محددة في المجتمع الشيعي وهم فئة المثقفين ورجال الدين والساسة، نلحظ ذلك في ظاهرة المناظرات الفكرية مثلاً، غير أن الأنشطة الإعلامية الموجهة لفئة العوام والشباب والأطفال والمرأة، والأسرة عموماً تكاد تكون غائبة! على الرغم من أهمية تلك الفئات وقابليتها للتحول والتغيير أكثر من غيرها، وقد اطلعت على دراسة بهذا الخصوص توضح أن نسبة النساء والشباب الشيعة هم الأكثر تحولاً للعقيدة الصحيحة عن غيرهم من فئات الشيعة.
· يعتمد الإعلام الشيعي على الكم العددي في وسائله أحياناً أكثر من المضمون، بطريقة مقصودة، غير أن الإعلام الموجَّه لدعوة الشيعة على نقيض ذلك، فوسيلة إعلامية مشهورة في مجال دعوة الشيعة لا تملك موقعاً الكترونياً على شبكة الإنترنت.
· غالباً تتناول وسائل الإعلام الموجهة للشيعة المسائل الفكرية والعقدية، ولا تتطرق لنتائج وآثار تلك الأفكار والعقائد على المجتمع الشيعي، أو لا توليها الاهتمام المطلوب والوقت الكافي من العرض والتناول؛ فبالإضافة إلى تناول عقيدة الخُمس مثلاً من ناحية فكرية وبيان بطلانه ينبغي أن يخصص وقت أكثر وأوسع لنقاش آثاره الاقتصادية على الفرد الشيعي وما يعانيه اقتصادياً جراء ذلك، والتطرق لفساد الملالي واستغلالهم لأموال الخمس في تحقيق مآربهم الشخصية وطموحهم السياسي والديني، وعليها فقس من عقائد الإمامية كالمتعة والشرك ونحوها .
· التنسيق بين تلك الوسائل يعتبر ضرورة إعلامية لازمة خاصة مع ضعف الإمكانات المالية لتلك الوسائل، فالتنسيق يؤدي إلى التكامل وتبادل الأدوار ويعزز من قوة المنتج الإعلامي، ويرفع من مستوى تبادل الخبرات بين تلك الوسائل.
· غالباً ما يُغفِل الإعلام الموجه للشيعة نقطةً في غاية الأهمية، وهو أن العلمانيين والليبراليين والمشككين في صحة الحديث النبوي هم امتداد وكتيبة خاصة تخدم المذهب الإمامي، وعملية اختراق خطيرة للوسط السني، فكشف زيغ المشككين في السنة وبطلان دعواهم هو إحدى خطوات التصدي للفكر الشيعي الإمامي.
· مسألة القدس والمسجد الأقصى في الإعلام الموجه للشيعة غائبة أو تكاد، وأهمية تناولها وعرضها عبر الأناشيد أو تغطيات أخبار القدس ونحوها، تعود فائدته في إسقاط فكرة الإعلام الشيعي الذي يحاول ربط مصير وقضية القدس بالشيعة أنفسهم، فكأننا نقول للشيعة، القدس هي قضيتنا الحقيقية وأن رموزكم وجماعاتكم تمارس نوعاً من الاستغلال القذر لقضية القدس والأقصى الشريف، والدليل هو في كثرة تناولنا لها وإحيائها، وفي تضحياتنا الحقيقة في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
· هناك توجه وتحول لكثير من أبناء الشيعة نحو العقيدة الصحيحة والسنة، وتسليط الضوء على هذا المجتمع الشيعي (المهتدي) وإبرازه وتلميعه إعلامياً وسيلة مهمة في تشجيع أبناء الشيعة على الالتحاق بهذا الركب المبارك.
· الاهتمام إعلامياً ببرامج التواصل الاجتماعي، ولا بد أن تحرص كل وسيلة إعلامية على إيجاد منبر لها في تلك الوسائل، نظراً لعنصر الخصوصية التي تتميز به، وإمكانية مشاهدة الرسائل أي وقت وإعادة مشاهدتها وإرسالها بيسر وسهولة، وهذا يرفع من احتمال وصولها لجماهير وفئات جديدة من الشيعة.
هذا ما تيسر عرضه اختصاراً، فأرجو أن يسهم في تحسين أداء هذه الوسائل، ومجال دعوة الشيعة والتصدي للخطر الإمامي عموماً، نراه موضوعاً يستحق الاهتمام والكتابة والدعم بمختلف أحجامه وأشكاله، نظراً لما نشهده ونحسه من تسلط الشيعة وتغولهم على أمة الإسلام في هذا العصر.