حوثنة الجيش والأمن في اليمن
يحث الانقلابيون الحوثيون الخطى نحو "حوثنة الجيش والأمن" في سباق مع الزمن، لفرض أمر واقع داخل الأجهزة والقطاعات التابعة لوزارتي الداخلية والدفاع، يرتكز على توجهات طائفية ومذهبية، وهو ما يعيد السيناريو الإيراني الذي جرى تنفيذه في سوريا والعراق.
ومنذ الاجتياح المسلح للعاصمة صنعاء، والانقلاب على السلطة الشرعية، دأبت جماعة الحوثيين على إحكام قبضتها على مختلف الأجهزة الشرطية، عبر سلسلة من الإجراءات التي كرست الهيمنة عليها، وتفريغها من كوادرها المؤهلة، واستبدالهم بعناصر مواليين للجماعة.
انتهج المتمردون عدد من الأساليب لفرض أجندتهم داخل الأجهزة والقطاعات الأمنية والعسكرية، من إقصاء وتهديد وصل أحيانا الى القتل الذي طال مسؤولين عسكريين مناوئين لهم، فضلا عن عزوف آخرين عن ممارسة اعمالهم في القطاعات، والبقاء في البيوت، بسبب غياب مناخ العمل الغير صحي على خلفية السياسة
ولعل أبرز الخطوات التي سار عليها الحوثيون في اختراق أجهزة الأمن والجيش هي كالتالي:-
ـ إغراقها بالميليشيات وإحلالها محله.
ـ السيطرة على أجهزته وقطاعاته المتعددة، وإحكام قبضتها على أهمها وهي المخابرات( الداخلية والخارجية) ـ أي جهازي الأمن السياسي والقومي، حسب التسمية الرسمية لها.
ـ تحويل الشرطة الى ميليشيات مسلحة، تتماشى مع أهواء الجماعة السياسية والمذهبية وتنفذ الأوامر دون تردد.
ــ إبراز الطابع الفكري"الطائفي" كواجهة جديدة لتحركات قوات الجيش والشرطة ضد المكونات اليمنية الأخرى.
ـ رفع نفوذ علي عبدالله صالح مما تبقى من تلك الأجهزة باعتباره أول واعتي الخصوم رغم تحالفه معهم.
وشهدت الآونة الأخيرة، تزايدا ملحوظا في نشاط الحوثيين بهدف استكمال خطة الهيمنة على القطاعات العسكرية والأمنية، عبر تنفيذ خطة "الإحلال الواسع" من خلال إسناد المناصب والرتب إلى قيادات وعناصر تتبع الجماعة، وتفريغ تلك الأجهزة من" الضباط والأفراد الأساسيين".
وتشير المعلومات الى أن سلطة الانقلاب الحوثي في صنعاء، قامت بترقية المئات من أتباعها من خارج السلك العسكري إلى رتب عسكرية عليا، ففي وزارة الدفاع تم ترفيع نحو 3000 من مسلحي الجماعة وجنود مواليين لهم في الجيش إلى رتبة ضابط، بدءا برتبة ملازم ثان وحتى لواء، وهي أعلى رتبة يحصل عليها القادة العسكريون في البلاد.
أما في وزارة الداخلية، فقد بلغ عدد الحوثيين الذين شمل قرار الترقية والترفيع من "ملازم ثان وحتى لواء"، وهذا ما أفصح عنه، الكشف الذي يضم 146 شخصا، والمقدم من المتمردين إلى وزارة المالية الخاضعة لسيطرتهم في صنعاء، لـ"اعتماد الفارق المالي" لمن شملهم الكشف.
قيادات حوثية على سلم الترقيات
من جانب أخر، تصدرت أبرز الوجوه في جماعة الحوثيين، سلم قرارات التعيينات والترقية، ولعل من أبرزهم " عبدالله يحي الحاكم" المعروف بـ"أبي علي الحاكم" و يوسف المداني.
القائد العسكري للحوثيين، أبو علي الحاكم، الذي شملته قائمة العقوبات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي في نيسان/ إبريل من عام 2015، قضى قرار سلطة الحوثي الانقلابية، بمنحه رتبة لواء في الجيش. أما المداني زوج ابنة مؤسس الجماعة، حسين الحوثي، فقد تصدر أسماء الكشف المرفوع من وزارة الداخلية الخاضعة لسيطرتهم في صنعاء.
عدد المجندين
وبلغ عدد المجندين، حسبما ما أشارت إليه بعض التصريحات التي أدلى بها مسؤولون عسكريون نحو 120 ألف جندي في وزارة الدفاع و40 ألف جندي في الداخلية، وهو ما يشكل رقما خطيرا يهدد مستقبل مؤسستي الجيش والأمن، ويضع البلاد أمام جيش طائفي سلالي، مفرغ تماما من ضباطه وأفراده الوطنيين.
وبالنظر الى حال المخابرات المتمثل بجهازي " الأمن السياسي والقومي"، فإنه منذ الوهلة الأولى لدخول المسلحين الحوثيين لصنعاء، كانا هذان الجهازين، الهدف الأول الذي أحكموا قبضتهم عليهما، عبر الضغط حينها على الرئيس عبدربه منصور هادي، في أيلول/ سبتمبر من العام 2014، بتعيين مسؤولين عسكريين مواليين للحوثي في مناصب عليا داخل تلك الأجهزة، وهو ما فتح الباب على مصراعيه، لاختراقها بشكل موسع، وتصفيتها من كل العسكريين الذين من المقرر أن يعارضوا خطط الهيمنة داخل الجهازين المخابرتين.