• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الفلوجة.. مسرح الحروب منذ القدم

الفلوجة.. مسرح الحروب منذ القدم


تقف مدينة الفلوجة العراقية اليوم على عتبة مرحلة جديدة وبوابة معركة جديدة قد تُحرق ما تبقى من معالم المدينة التي اشتعلت فيها الحروب منذ قديم الزمن.

وعبر التاريخ كانت مدينة الفلوجة التي تقع ضمن محافظة الأنبار على بعد نحو ستين كيلومتراً شمال غرب العاصمة بغداد، مسرحاً للحروب والمواجهات العسكرية واشتهرت كمحطة رئيسية للجيوش في امبراطوريات مختلفة.

وبسبب موقع المدينة الاستراتيجي فقد كانت محط أنظار القوى العالمية من فرس وروم، ولذلك اصبحت ساحة للحروب بين تلك القوى.

وبالنظرة التاريخية السريعة لهذه المدينة فقد كانت في عهد الأمويين محطة رئيسية للجيوش، وقد جعل العباسيون منطقة الأنبار كلها قاعدة رئيسية لدولتهم الوليدة قبل أن تُبنى بغداد وتصبح عاصمة للخلافة.

وفي عهد الإمبراطورية العثمانية كانت الفلوجة محطة رئيسية للجيش العثماني المتجه إلى بغداد، وظل الأمر على ما هو عليه حتى مرحلة الاحتلال البريطاني.

وبعد سيطرة حزب البعث على الحكم أواخر ستينيات القرن الماضي، احتفظت الفلوجة بأهميتها العسكرية بالنسبة للنظام الجديد، وذلك حتى سقوط بغداد في يد القوات الأميركية في 9 أبريل 2003.

ومنذ عام 2003 تعرضت الفلوجة لعملية تصفية ممنهجة في واحدة من أكثر المشاهد الإجرامية عبر التأريخ، حيث تعرضت لقصف أميركي بريطاني مكثف وبأسلحة مختلفة بعضها محرم دولياً، بسبب مقاومتها للاحتلال الأمريكي حيث بقيت فترة طويلة تقاوم الأمريكان دون أن يتمكنوا من السيطرة عليها إلا بعد تنفيذ سياسة الأرض المحروقة على المدينة، حيث أحرقت بالكامل، ودمرت مساكنها ومنازلها ومساجدها حتى لا يبقى للمقاومة أي وجود، ورغم ذلك استمرت المقاومة في تكبيد الاحتلال الأمريكي خسائر فادحة بشكل يومي عبر عمليات منظمة أرهقت قوات الاحتلال ما أدى إلى خروجها وبقاء الجيش العراقي الجديد والذي لم يكن أقل خطراً من الاحتلال الأمريكي فهو جيش طائفي بامتياز.

وذكرت صحيفة الإندبندت البريطانية عام 2005 أن دليلا قويا أثبت أن الولايات المتحدة أسقطت كميات كبيرة من الفوسفور الأبيض على الفلوجة عام 2004. كما بثت قناة إيطالية حكومية وقتها وثائقيا ظهر فيه جندي أميركي سابق يوضح أنه سمع عن استخدام الفوسفور الأبيض في الفلوجة.

ونشرت الإندبندت عام 2010 مقالا لأستاذ السموم البيئية في جامعة ليدز البريطانية طالب فيه قوات الحلفاء بكشف طبيعة الأسلحة التي استخدمت في الفلوجة والتي تسببت في حدوث تشوهات للمواليد الجدد بالمدينة.

واستمرت المقاومة الداخلية في الفلوجة رغم سيطرة القوات الأمريكية على المدينة التي يطلق عليها "مدينة المساجد" لكثرة عدد المساجد فيها حيث وصلت إلى أكثر من 550 مسجداً، رغم أن عدد السكان فيها لا يزيد 500 ألف نسمة حسب تقديرات الأمم المتحدة، وبعد الغزو الأمريكي للعراق انخفض عدد السكان إلى أقل من الربع –بحسب تقارير إعلامية- حيث اضطر الآلاف للهجرة والنزوح بسبب المعارك التي عصفت بالمدينة ولا تزال رحاها تدور إلى الآن.

ومع دخول موجة تنظيم داعش إلى العراق في بداية عام 2014، سيطر التنظيم على المدينة بدون أي مقاومة تذكر من قبل قوات الجيش والأمن العراقية، وأصبحت المدينة الآن تقع بين فكي داعش من الداخل، والقصف من التحالف الدولي والحصار من قبل قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي من الخارج.

وأصبحت المدينة كما يقال مُخيرة بين خيارين أحلاهما مر، وهو البقاء تحت رحمة داعش الذي يسيطر على المدينة، أو التسليم للحشد الشعبي الذي يخشى سكان المدينة أن يتم تكرير تجربة تحرير مدينة تكريت التي تعرضت لشكل مختلف من التصفية وعمليات حرق وتخريب متعمدة للمنازل والمحلات والمزارع التابعة للعشائر السنية من قبل قبائل أخرى مدعومة من الحشد الشعبي، فضلاً عن عمليات الانتقام التي تمارسها قوات النظام العراقي والتي تعد أغلبيتها من طائفة الشيعة بحسب تصريحات رئيس النواب العراقي، حيث أكد أن الجيش العراقي طائفي بامتياز.

لقد سجلت الفلوجة على نفسها لقب المدينة المقاومة، فقد وقفت شوكة في حلقة الاحتلال الأمريكي، وتعرضت لأبشع عملية تدمير في التأريخ، وتتعرض الآن لأبشع عملية حصار وتجويع مثلها مثل بقية المدن المحاصرة كمضايا السورية، وتعز اليمنية، ووجه المحاصر واحد، وهو أذناب إيران في المنطقة.

وحسب الناشطين في الفلوجة فإن مليشيات الحشد الشعبي تحاصر المدينة من كل الجهات الأربع منذ عام، ولا تسمح بدخول المواد الغذائية والدوائية إليها في ظل عدم اكتراث تنظيم داعش لوضع المدينة الإنساني، فهو منشغل في معاركه الخاصة.

ويعلم سكان الفلوجة أن عملية الانتقام من أبنائها سيكون أمراً واقعاً مع استعداد قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي الطائفي لاقتحام هذه المدينة التي وقعت تحت سيطرة داعش من دون رغبة منها، فتجربة تكريت لا تزال حاضرة بين أعينهم، فهل تواجه الفلوجة نفس المصير المشؤوم؟!

أعلى