• - الموافق2025/10/14م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
كيف دمرت الضربات الإسرائيلية على قطر العلاقات الإسرائيلية-العربية

من منظور عملي، يمكن القول إن اتفاقيات أبراهام قد انتهت. العرب يتحركون بحسم بعيدًا عن إسرائيل، بينما لا تزال إسرائيل تواجه التهديد الإيراني. بعبارة أخرى، إسرائيل تمهد الطريق لبيئة جيوسياسية أكثر صعوبة لبقائها


المصدر: ناشونال انترست

بقلم: براندون ج. ويشرت -  محرر أول لشؤون الأمن القومي في ذا ناشيونال إنترست

 

 

لقد أصبحت كل الأهداف الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة في الشرق الأوسط معرضة خطر بسبب الهجوم قصير النظر الذي شنته إسرائيل في الدوحة.

إسرائيل قامت بضرب قادة كبار من حركة حماس كانوا موجودين في الدوحة، قطر. وتبرر إسرائيل هذا الهجوم على قادة حماس بالقول إن الحركة، وهي جماعة إسلامية تحكم قطاع غزة، مكرسة لتدمير إسرائيل.

ومن الطبيعي أن يرى القادة القطريون الهجوم الإسرائيلي على أنه انتهاك لسيادتهم وهو أمر يحميه حكام قطر بحرص شديد، نظرًا لتاريخ بلدهم الطويل من التعرض لانتهاكات سيادية.

بشكل أوسع، كانت الضربات الإسرائيلية بمثابة زلزال جيوسياسي في المنطقة. فقد أجبر الهجوم الدول العربية على إعادة تقييم التزامها بالنظام الشرق أوسطي الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يضع إسرائيل في مقعد القيادة في الجيوسياسية الإقليمية.

انهيار اتفاقيات إبراهام

إدارة ترامب في ولايتها الأولى وضعت ثقتها في الحلول الدبلوماسية والاقتصادية كخيار رئيسي لحل مشكلة انعدام الاستقرار القائم في المنطقة. وكانت اتفاقيات أبراهام وسيلة لحل تلك الإشكالية أولًا عبر الاقتصاد، ثم، مع مرور الوقت، عبر المساعدة الأمنية المتبادلة.

لقد كان من المحتمل أن يحدث تقاربا بين الإسرائيليين والعرب، في ظل قلقهم إزاء القوة الصاعدة للنظام الديني الشيعي في إيران، سوف يسعون إلى احتواء القوة الإيرانية وردعها مع السماح للولايات المتحدة بالعودة إلى دورها التقليدي في المنطقة باعتبارها قوة موازنة خارجية.

لكن بين خسارة ترامب في انتخابات 2020 أمام بايدن، وسياسة بايدن الخارجية، وهجمات 7 أكتوبر، والحرب الأخيرة التي دامت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران، كان يوم الحساب يقترب بقوة للمنطقة.

كل ذلك تم تعليقه في الأيام الأولى من إدارة ترامب الثانية بينما كانت الدول العربية تحاول تحسين علاقاتها مع ترامب مع الحفاظ على استقرار علاقاتها مع إسرائيل. لكن الضربات الإسرائيلية ضد قطر غيرت بشكل جوهري حسابات العديد من اللاعبين الرئيسيين في المنطقة.

الدول العربية تتحول بعيدًا عن إسرائيل

إذا كانت إسرائيل ستهاجم قطر بهذه السهولة لمجرد أن بعض أعضاء حماس كانوا هناك، فهذا يعني أن كل الدول العربية الأخرى معرضة للخطر في أي وقت.

يأتي ذلك في الوقت الذي يتحول فيه العالم العربي بشكل حاسم ضد إسرائيل بسبب الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، وإلى حد أقل في الضفة الغربية، لا يمكن لحكومات الدول العربية أن تُرى على أنها ودية جدًا مع إسرائيل في ظل تلك العربدة.

لكن لم تصل الرسالة للحكومة الإسرائيلية. بل على العكس، هددت بضرب قادة حماس المشتبه بهم الذين يختبئون في القاهرة، مصر، وأنقرة، تركيا. وردًا على هذه التهديدات، اجتمعت الحكومة المصرية - وهي أول دولة عربية تعقد السلام مع إسرائيل، وأحد أهم شركاء الدولة اليهودية في مجال الأمن منذ عقود - بسبب التهديدات التي تتعرض لها سيادتها مع دول عربية أخرى لمناقشة إنشاء قوة عسكرية عربية سريعة الاستجابة، وهو بمثابة حلف شمال الأطلسي للشرق الأوسطإلا أنه لا يستهدف إيران كما كانت تأمل القدس وواشنطن، بل يستهدف إسرائيل نفسها.

تركيا الإسلامية، من جانبها، قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل عقب تهديداتها تجاه أنقرة. وقد دفع ذلك الحكومة الأمريكية وأوروبا إلى التدخل دبلوماسيًا، نظرًا لأن أي هجوم مماثل لما حدث في قطر ضد تركيا قد يضع أنقرة تحت بند المادة الخامسة لحلف الناتو.

مؤخرًا، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن كبار المسؤولين السعوديين لم يعودوا يثقون بضمانات الأمن الأمريكية، وهم الآن "يسعون لترتيبات جديدة". وهذا يفسر دعم الرياض لاقتراح مصر بإنشاء قوة عربية مشتركة يتم نشرها ردًا على أي استفزاز إسرائيلي مستقبلي.

علاوة على ذلك، أفادت التقارير أن الحكومة السعودية أبرمت اتفاقية أمنية جديدة مع باكستان النووية، وهو اتفاق يثير الجدل، إذ أكد مسؤول سعودي آخر لوكالة رويترز أن الصفقة ستشمل حماية الأسلحة النووية الباكستانية للسعودية.

مستقبل قاتم لإسرائيل وللنفوذ الأمريكي الإقليمي

كل هذه التحركات تحدث لأن النظام الشرق أوسطي يتحول بعيدًا عن النظام الذي كانت تقوده الولايات المتحدة سابقًا، وأيضًا بعيدًا عن اتفاقيات أبراهام التي كانت إدارة ترامب تأمل في الحفاظ عليها لاحتواء إيران وضمان مقعد لإسرائيل على الطاولة.

وللتوضيح، ما يحدث الآن في الشرق الأوسط يحدث تحديدًا بسبب التحركات الإسرائيلية الأخيرة. ترامب يعرف ذلك أيضًا. فقد قال مؤخرًا لصحيفة وول ستريت جورنال إن نتنياهو "خدع" إدارته بالضربات الجوية المفاجئة على الدوحة.

لذلك، ومن منظور عملي، يمكن القول إن اتفاقيات أبراهام قد انتهت. العرب يتحركون بحسم بعيدًا عن إسرائيل، بينما لا تزال إسرائيل تواجه التهديد الإيراني. بعبارة أخرى، إسرائيل تمهد الطريق لبيئة جيوسياسية أكثر صعوبة لبقائها. ولم يكن أي من هذا ضروريًا كل ما كان مطلوبًا هو الاعتدال قليلًا في غزة.

بسبب عناد إسرائيل، فإن كل من إسرائيل والولايات المتحدة المترابطتين ارتباطًا وثيقًا يخاطران بفقدان أكبر شركائهما في السلام في المنطقة.

علاوة على ذلك، بدأت السعودية بالفعل عملية طويلة لتطبيع علاقاتها مع خصمها الكبير إيران، والتي من المرجح أن تستمر. باختصار، أصبحت الأهداف الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة في الشرق الأوسط معرضة للخطر بسبب الهجوم قصير النظر الذي شنته إسرائيل في الدوحة.

ماذا سيحدث عندما يتحالف العرب والفرس والأتراك جميعًا ضد إسرائيل؟ لا شيء جيد. كل هذا كان يمكن تجنبه. لكن إسرائيل ببساطة لا تستطيع كبح نفسها والآن تأتي العواقب.

أعلى