يُعَدُّ أسامة الرفاعي مع شيخ القرَّاء كريِّم راجح وأخيه سارية الرفاعي، من أبرز العلماء والدعاة الذين أيَّدوا الثورة السورية عام 2011 ونصروها، من داخل سورية، فقد جهر على المنابر بانتقاد النظام وممارساته العنيفة تجاه المتظاهرين السلميين، والدعوة إلى ضرورة ا
الشيخ أسامة عبد الكريم الرفاعي هو عالم وفقيه شافعي وداعية إسلامي سوري بارز، وُلد في دمشق عام 1944، وهو المفتي العامُّ للجمهورية العربية السورية حاليا، ورئيس مجلس الإفتاء الأعلى. انتخبَتْه المعارضة السورية في عام 2021، مفتيًا للجمهورية، ومن قبل رئيسًا للمجلس الإسلامي السوري، ورئيسًا لرابطة علماء الشام. وهو ابنُ الأكبر للعالم والداعية الشيخ عبد الكريم الرفاعي، أحد أبرز علماء دمشق ومؤسس "جماعة زيد" الصوفية، وشقيق الداعية الشيخ سارية الرفاعي.
المولد والنشأة:
وُلد الشيخ أسامة في أسرة دمشقية ذات أصول حموية، معروفة بالعلم والتدين. نشأ في بيئة علمية تحت رعاية والده، مما أثرى معرفته بالعلوم الشرعية منذ صغره.
المسيرة العلمية:
درس الشيخ أسامة في مدارس دمشق، ثم التحق بجامعة دمشق حيث حصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها عام 1971. تلقى العلوم الشرعية على يد والده وعدد من العلماء البارزين مثل خالد الجيباوي وعبد الغني الدقر وأحمد الشامي ومحمود زيدان وسعيد الأفغاني.
المسيرة الدعوية:
بعد تخرجه، تولى الخطابة في جامع عبد الكريم الرفاعي في منطقة كفر سوسة بدمشق. عُرف بأسلوبه المؤثر في الخطابة وقدرته على تبسيط العلوم الشرعية للجمهور.
كان له دور بارز في إدارة "جماعة زيد" التي أسسها والده، والتي ركزت على التربية الدينية والاجتماعية. يُحسب الشيخ أسامة الرفاعي على "جماعة زيد"، وهي حركة صوفية ظهرت في أربعينيات القرن العشرين، وكان يتزعمها والده، وقد سُميت كذلك نسبة إلى جامع زيد بن ثابت الأنصاري في دمشق.
المواقف السياسية:
في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، برز دوره في الأوساط الدينية، مما جعله تحت مراقبة النظام السوري. بسبب الضغوط والملاحقات، غادر سوريا إلى المملكة العربية السعودية عام 1981. ثم عاد إلى دمشق عام 1993- بعد وساطات - إلى سوريا، واستأنف نشاطه الدعوي.
يُعَدُّ أسامة الرفاعي مع شيخ القرَّاء كريِّم راجح وأخيه سارية الرفاعي، من أبرز العلماء والدعاة الذين أيَّدوا الثورة السورية عام 2011 ونصروها، من داخل سورية، فقد جهر على المنابر بانتقاد النظام وممارساته العنيفة تجاه المتظاهرين السلميين، والدعوة إلى ضرورة الإصلاح. ممَّا جعل النظام يشدِّد عليهم الخِناق.
وفي فجر السابع والعشرين من رمضان 1432هـ الموافق 27 أغسطس 2011 م، هجم عددٌ كبير من قوَّات الأمن السوري و(شبِّيحة) النظام على جامع الشيخ عبد الكريم الرفاعي في صلاة التهجُّد، وضربوا المصلِّين والمتظاهرين سلميًّا في ساحات المسجد، وتعرَّض الشيخ أسامة الرفاعي إلى ضرب شديد على رأسه ويده. وأُسعِفَ إلى مستشفى الأندلس بدمشق.
وأعقب ذلك منعه من الخطابة، وتلقَّى تهديدات بالقتل، فاضطُرَّ إلى مغادرة البلاد، وسافر إلى القاهرة أولًا، ثم انتقل إلى مدينة إسطنبول في تركيا واستقرَّ بها. وهناك أُعلنَ إحياءُ "رابطة علماء الشام" برئاسته، وفي أبريل (نيسان) 2014، أُعلن في إسطنبول تأسيسُ "المجلس الإسلامي السوري" برئاسته أيضًا. ودعم في بداية الثورة العملَ العسكري المناهض للنظام.
وردَّ النظام السوري على مواقفه بالحجز على أمواله وممتلكاته في سورية، وبتغيير اسم (جامع الشيخ عبد الكريم الرفاعي) إلى (جامع تنظيم كفر سوسة الكبير) ثم غُيِّر مرَّة أُخرى إلى اسم (جامع عِباد الرحمن)، وعيَّن النظام في خَطابته أحدَ أكثر المشايخ تأييدًا له ولرئيسه الأسد الدكتور محمد حسان عوض.
علاقاته مع الشخصيات السياسية والدينية:
حافظ الشيخ أسامة على علاقات جيدة مع العديد من العلماء والدعاة في العالم الإسلامي. كما كان له دور في التواصل مع الشخصيات السياسية لدعم قضايا الشعب السوري، مع التأكيد على استقلالية المؤسسة الدينية.
يُعرف الشيخ أسامة الرفاعي باستقلاليته وعدم انتمائه المباشر إلى أي تيار سياسي أو أيديولوجي محدد. ويُعتبر الشيخ الرفاعي من أبرز رموز "جماعة زيد" الصوفية، التي أسسها والده الشيخ عبد الكريم الرفاعي في دمشق. هذه الجماعة تمزج بين التصوف السني والعمل الدعوي والتربوي. ويحظى الشيخ الرفاعي باحترام العلماء بسبب منهجه القائم على التمسك بالنصوص الشرعية، مع رفضه للتطرف الديني.
كما عُرف عن الشيخ الرفاعي مواقفه الرافضة للجماعات المتشددة مثل داعش والقاعدة، حيث دعا إلى الاعتدال وحذر من انحراف هذه الجماعات عن الإسلام الصحيح. يُصنف الشيخ الرفاعي كأحد علماء التيار الوسطي، حيث يسعى إلى تقديم رؤية دينية تجمع بين التمسك بالشريعة والانفتاح على متغيرات العصر.
للشيخ أسامة عدة مؤلفات في العلوم الشرعية والتربوية، تركز على تفسير القرآن الكريم، الفقه الإسلامي، والتربية الروحية.
بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، عيّنه الرئيس السوري أحمد الشرع في 28 مارس 2025 مفتياً عاماً للجمهورية العربية السورية ورئيسًا لمجلس الإفتاء الأعلى.