• - الموافق2024/11/23م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
صواريخ فلسطينية من جنوب لبنان... لماذا؟

التصعيد بين حماس والكيان الصهيوني ظل يحدث من عام 2007 بين الطرفين بشكل فردي. كان الفلسطينيون يردون بمفردهم على الاعتداء الصهيوني، دون أن يساعدهم أي طرف ولكن هذه المرة جرى الأمر بشكل مختلف، وهو الذي يستدعي التساؤل


منذ الأسبوع الماضي ومع اقتراب الأعياد اليهودية، اقتحمت قوات الاحتلال الصهيوني باحات المسجد الأقصى ولمدة ثلاث ليال متوالية، واعتدت على المصلين والمعتكفين بالضرب والسحل رجالاً ونساءً وشيوخًا وأطلقت وابلاً من قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع والرصاص المعدني المغلف بالمطاط صوب المعتكفين، في محاولة لإخراجهم من المسجد، ثم لتقيدهم من الخلف بعد إلقائهم على الأرض، ويتم تصوير المشهد المذل لتتناقله الفضائيات شاهدة على جبروت الدولة الصهيونية وتخاذل المسلمين عن نصرة إخوانهم.

وكرد على هذه الأعمال، ومحاولة ردع تلك الجرائم استأنفت المقاومة الفلسطينية هجماتها على قوات الاحتلال.

ففي قلب تل أبيب، دهس فلسطيني من عرب 1948 وبالتحديد من كفر قاسم بسيارته مجموعات من اليهود والسائحين على شاطئ تل أبيب الأمر الذي أسفر عن قتل أحدهم، وإصابة العديد من الأشخاص، وبعدها أطلقت قوات شرطة الكيان الصهيوني النار عليه مما أدى إلى استشهاده.

وقبلها وفي نفس اليوم، تمكن فلسطيني من قال اثنتين من المستوطنات الصهاينة بالقرب من مدينة أريحا الفلسطينية.

ثم بدأت حرب الصواريخ.

 

بالرغم من إطلاق الخميني لليوم العالمي للقدس وفتح النظام الإيراني لمكاتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في طهران، إلا أن العلاقات السرية بين إيران وكل من أمريكا وإسرائيل كانت متواصلة.

كانت بدايتها من غزة، حيث أطلقت حماس وغيرها من الفصائل صواريخها التي استهدفت مستوطنات ما يعرف بغلاف غزة، ثم فوجئ الجميع بإعلان حكومة الكيان الصهيوني بأنّ ما لا يقلّ عن 34 صاروخاً أطلقت من لبنان باتّجاه الاراضي شمال فلسطين المحتلة، 25 منها اعترضتها دفاعات الجيش الإسرائيلي الجوية، بينما سقطت خمسة صواريخ على الأقل في مناطق مأهولة، مما أسفر عن سقوط جريح وأضرار مادية.

وقد حمَّل الجيش الإسرائيلي، حركة حماس مسؤولية إطلاق صواريخ من لبنان نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيما لم تخلِ مسؤولية حكومة لبنان السيادية عن الحادثة.

وفي تطور لاحق، تم إطلاق صواريخ مماثلة من سوريا على هضبة الجولان المحتلة، وأوضح الجيش الإٍسرائيلي في بيان أنه تم رصد إطلاق 3 قذائف صاروخية من سوريا نحو إسرائيل حيث اجتازت قذيفة واحدة إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، وسقطت في منطقة مفتوحة جنوب هضبة الجولان، وقد أعلن ما يطلق عليه لواء القدس في سوريا مسؤوليته عن الهجوم.

 وقد بدت إسرائيل إزاء هذا التصعيد وكأنها تقاتل على أربع جبهات: الداخل الفلسطيني، وغزة، ولبنان، وسوريا.

فإذا كان رد فعل المقاومة الفلسطينية منطقيًا وهي ترد على الاعتداءات الصهيونية سواء في الضفة أو من غزة وهذا دأبها طيلة السنوات السابقة، وتكرر كثيرًا، فلماذا جاء الرد الإضافي من جنوب لبنان ومن سوريا؟

التصعيد بين حماس والكيان الصهيوني ظل يحدث من عام 2007 بين الطرفين بشكل فردي.

كان الفلسطينيون يردون بمفردهم على الاعتداء الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، والذي كان يهاجمهم بشراسة، دون أن يساعدهم أي طرف سواء كان عربي سني أو شيعي.

ولكن هذه المرة جرى الأمر بشكل مختلف، وهو الذي يستدعي التساؤل.

بالطبع لا يمكن تصور أن حماس أطلقت صواريخها من لبنان في تصرف منفرد، فلابد أن تكون قد أخذت موافقة وضوء أخضر من حزب الله الذراع العسكري الإيراني الرئيس في المنطقة العربية، والمسيطر واقعيًا على لبنان ويجير القرار السياسي فيه لمصلحته.

فلماذا هذه المرة سمح حزب الله أو بالأحرى إيران للفلسطينيين باستخدام لبنان ومن بعده سوريا لتوسيع الجبهة ضد الكيان الصهيوني؟

لكي نستطيع الإجابة على هذا السؤال لابد من تحليل آخر فصول الصراع بين إيران وكل من أمريكا والكيان الصهيوني، ثم تحليل العلاقة بين إيران وفصائل المقاومة الفلسطينية.

 

 يكمن التوتر الحاصل في السنوات الأخيرة على صعيد العلاقات بين الكيان الصهيوني وإيران، في القلق الصهيوني من المشروع النووي الإيراني والذي على وشك أن تنتهي منه إيران

إيران والصهيونية.. علاقات معقدة

بالرغم من الشعارات التي أطلقتها ثورة خميني منذ بداياتها عام 1979 والتي كان على رأسها الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، وبالرغم من إطلاق الخميني لليوم العالمي للقدس وفتح النظام الإيراني لمكاتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في طهران، إلا أن العلاقات السرية بين إيران وكل من أمريكا وإسرائيل كانت متواصلة.

كان لإيران مشروع تمدد في المنطقة ونشر المذهب الشيعي، الأمر الذي وجده المحور الصهيوني بشقيه الأمريكي والإسرائيلي وسيلة لمنع أي مشروع إسلامي سني من الظهور وكبته وتحجيمه.

إذًا لجأ المشروعان الصهيوني والشيعي إلى التحالف السري في فترة طويلة لمنع الصعود الإسلامي، حتى أن نائب الرئيس الإيراني صرح قائلاً في أعقاب نجاح أمريكا في احتلال العراق وأفغانستان عام 2003، لولا طهران ما سقطت بغداد ولا كابول.

كما شجع الاحتلال الصهيوني المقاتلين الشيعة في جنوب لبنان على أخذ مواقع الفلسطينيين في الجنوب اللبناني لتأمين انسحابهم من لبنان، والذي غزاها الجيش الصهيوني عام 1982، لإخراج القوات العسكرية الفلسطينية من الجنوب اللبناني، والذي كانت تستخدمه منظمة التحرير الفلسطينية كقاعدة للهجوم على المستوطنات الصهيونية في شمال فلسطين.

وأظهرت الصور التي تم بثها عالميًا في ذاك التوقيت، خروج أهالي القرى الشيعية في جنوب لبنان لاستقبال الدبابات الصهيونية الغازية بالورود والأغاني والزغاريد.

ثم كانت فضيحة إيران جيت والتي كشفتها الصحافة العالمية في أواسط الثمانينات من القرن الماضي، والتي تظهر قيام المخابرات الأمريكية بتهريب الأسلحة إلى إيران بوساطة إسرائيلية، وذلك أثناء الحرب المستعرة بين العراق ونظام آيات الله الإيراني.

إذا كانت كل تلك علاقات التعاون والتحالف والمبنية على أسس استراتيجية، فما تفسير التهديدات المتبادلة والتي وصلت إلى حد قصف القواعد الإيرانية في سوريا واغتيال قيادات من الحرس الثوري الإيراني؟

يكمن التوتر الحاصل في السنوات الأخيرة على صعيد العلاقات بين الكيان الصهيوني وإيران، في القلق الصهيوني من المشروع النووي الإيراني والذي على وشك أن تنتهي منه إيران، وما تبعه من شعور الكيان الصهيوني أن هذا المشروع سيهدد سيادة المشروع الصهيوني على المنطقة، ويجعل إيران هي قوة إقليمية موازية للقوة الصهيونية، الأمر الذي يجعل الكيان يفقد هيمنته على الشرق الأوسط بظهور قوة تزاحمه هذه الهيمنة.

فالمطلوب من الدور الإيراني في النظرة الصهيونية أن يكبت ويمنع أي مشروع إسلامي حقيقي من الظهور، لا أن ينافس الكيان على زعامة المنطقة.

وفي الأسابيع الأخيرة تزايد الضغط الصهيوني على القواعد الإيرانية في سوريا، فقامت المخابرات الصهيونية (الموساد) باغتيال أحد قيادات الحرس الثوري الإيراني الموجود في سوريا لدعم نظام بشار وحفظه من السقوط بالتعاون مع الروس.

ومما جعل العلاقة أكثر توترًا بين المتنافسين على الهيمنة الإقليمية، استعانة إيران بالفصائل الفلسطينية ومحاولة إظهارها أنها ذراع إيرانية تنفذ المشروع الشيعي في المنطقة.

فهل الفصائل الفلسطينية بالفعل تمثل أداة من أدوات المشروع الإيراني؟

المقاومة وإيران

لطالما حاولت إيران إظهار الفصائل المسلحة الفلسطينية بأنها ذراع لها في المنطقة مثلها مثل حزب الله في لبنان، والحوثي في اليمن، والحشد الشيعي في العراق.

قد ينطبق مثل هذا الكلام جزئيًا على فصيل الجهاد الإسلامي في فلسطين، والمدعوم كليًا سواء كان هذا الدعم ماديًا أو تدريبيًا أو تسليحيًا من إيران.

أما بقية الفصائل مثل حماس وغيرها، فتنظر إلى الدعم الإيراني بالمال والسلاح كصفقة تبادلية، تعاون إيران في تنفيذ أهدافها في مقابل أن تعاونها إيران في استراتيجية ردع الكيان الصهيوني على تنفيذ مشاريعه في فلسطين.

فتوسيع جبهات الصراع ضد الكيان الصهيوني يصب في مصلحة الفلسطينيين في النهاية حتى لو استفادت منها قوى أخرى وفق أجندتها، ولكن يجب على المقاومة الفلسطينية في طريق مقاومتها للكيان الصهيوني ألا تسمح لأجندة إيرانية بالتغلغل داخل أراضيها على المستوى العقيدي.

لأنه إذا كان للمقاومة الحق في الاستفادة من عدو للأمة في لحظة ما في مواجهة عدو أكثر شراسة في نظرها، فإن الذي يجب أن يكون راسخًا في قناعة المقاومة أنه إما آجلاً أو عاجلاً فسوف تتصادم الأجندتين السنية والشيعية في لحظة الحقيقة.

 

أعلى