بايدن.. هل سيطيح بترامب في الانتخابات الأمريكية القادمة؟
عاد الرجل السياسي المحنك إلى الواجهة ومن أوسع الأبواب ليفرض نفسه في اللعبة السياسية للحزب الديمقراطي، مثله مثل طائر العنقاء الذي يولد من جديد من الرماد.
انه جو بايدن، عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي الذي شغل منصب نائب الرئيس السابق باراك أوباما، والذي سجل عودة مدوية في السباق الداخلي لحزبه بمناسبة "الثلاثاء الكبير" بتحقيقه انتصارات في 8 ولايات أمام السيناتور بيرني ساندرز هي: فرجينيا وكارولينا الشمالية وتينيسي وألاباما وأركنسو وأوكلاهوما ومنيسوتا.
بفوزه في هذه الولاية الحساسة، تمكن بايدن من إطلاق ديناميكية استثنائية جديدة أرغمت المرشحين المعتدلين، إيمي كلوبوشار وبيت بوتيدجيدج والملياردير مايكل بلومبيرغ على الانسحاب أمامه وإعلان دعمهما له، كما تلقى أيضا الدعم من قبل المرشح السابق بيتو أورورك وعدد من النواب الذي ثبت أن تأثيرهم المحلي حاسم.
إن وقوف هذه الشخصيات بجانبه ساعده في الفوز بعدما ظن الجميع أن مستقبله السياسي انتهى، فيما رسموا بسمة جديدة على وجهه وفتحوا أمامه آمالا جديدة يمكن أن توصله إلى البيت الأبيض مع ارتفاع حظوظه لتعينيه مرشحا للحزب الديمقراطي، والمنافس القوي لترامب، والقادر على إزاحته من الحكم، معولا على الخبرة التي اكتسبها كنائب رئيس لأوباما خلال ثماني سنوات، وعلى خمس وثلاثين سنة قضاها كسيناتور، للفوز بكرسي الرئاسة الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ولد جو بايدن في سكرانتون التابعة لولاية بنسلفانيا عام 1942، وأصبح محامياً في عام 1969، وانتخب لمجلس مقاطعة نيوكاسل عام 1970، وفي عام 1972 انتخب لأول مرة بمجلس الشيوخ وأصبح حينها أصغر سيناتور في تاريخ الولايات المتحدة، أعيد انتخابه في مجلس الشيوخ 6 مرات، وعندما استقال ليتولى منصب نائب الرئيس كان رابع أكبر عضو في المجلس، كما تولى منصب نائب رئيس الولايات المتحدة للرئيس السابق باراك أوباما بين عام 2009 و2017، وكان عضواً قديماً ورئيساً سابقاً للجنة العلاقات الخارجية.
من مواقفه السياسية أنه عارض حرب الخليج عام 1991. ودعا إلى تدخل بلاده وحلف شمال الأطلسي في حرب البوسنة بين عامي 1994 و1995، وصوت لصالح القرار الذي أذن بحرب العراق عام 2002، وعارض إرسال المزيد من القوات في عام 2007. وعارض تنفيذ المهمة العسكرية التي أسفرت عن مقتل أسامة بن لادن في عام 2011، ودعم فكرة بناء الجدار على الحدود مع المكسيك، وصوت لصالح غزو أفغانستان عام 2001، ويؤيد الخيار الدبلوماسي مع استخدام أسلوب العقوبات مع إيران، وصوت ضد اعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، ورفض دعوة روسيا مرة أخرى إلى مجموعة الدول السبع، كما دعم برامج إدارة الطائرات بدون طيار في سوريا، وعارض التدخل العسكري في ليبيا في عام 2011.
بعد هذه النجاحات الكبيرة التي حققها يسعى الرجل للحصول على أصوات 1,991 مندوبا، تمكنه من الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للاقتراع والتي ستجري في تموز/ يوليو 2020 من أجل استعادة البيت الأبيض من الرئيس الجمهوري دونالد ترامب. ويرتكز على فئة السود الذين يمثلون شريحة انتخابية مهمة لكل مرشح ديمقراطي يريد الوصول إلى السلطة العليا.
بايدن أصبح في طليعة السباق الرئاسي لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي، فهو يوصف بالديمقراطي المعتدل، ويمتلك تجربة عميقة ثرية في الخدمة العامة. كما يعد المرشح الأبرز لدى التيار الكلاسيكي للديمقراطيين والأوفر حظًا لأسباب عدة، أهمها:
أولًا: سعى الحزب الديمقراطي إلى توحيد صفه بالالتفاف حول بايدن عبر الضغط على المرشحين الديمقراطيين الأقل حظاً بالانسحاب، بهدف تجيير أصواتهم ومؤيديهم لمصلحته، وهذا ما تم بانسحاب أغلب المرشحين الديمقراطيين أمامه.
ثانيًا: تركيز الديمقراطيين على تقديم شخصية معتدلة تكون قادرة على إلحاق الهزيمة بترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة من خلال دعم مرشح يكون قادراً على استمالة أكبر قدر من الناخبين المحافظين المعتدلين المنزعجين من أداء ترامب ويعد بايدن الأقرب إلى تلك الشريحة من المحافظين، فعلى الرغم من كونه ديمقراطياً، إلا أنه يلتقي مع المحافظين في مواطن عدة، ويمثل نقطة الوصل بين الحزبين في مراحل سابقة، فقد كان عرّاب التفاوض مع الجمهوريين في الكونجرس من أجل تمرير تشريعات هامة، مثل قانون إعانات الضرائب، والتأمین ضد البطالة، وخلق فرص العمل في عام 2010، وقانون مراقبة الموازنة لعام 2011، وقانون إعفاء دافع الضرائب الأمريكي لعام 2012.
ثالثاً: أن أفكار بايدن وأطروحاته تتماشى مع مسار الديمقراطيين، لا سيما في رؤيته الاجتماعية، وسياساته المرنة في معالجة الكثير من القضايا الاقتصادية، ومساره السياسي الذي يهدف لخدمة المصالح الأمريكية بعيدا عن معاداة المجتمع الغربي والعربي.
على الرغم من كل المعطيات السابقة التي ترجح فوز بايدن كمرشح ديمقراطي قوي في مواجهة ترامب، إلى أنه لا يمكن الحسم في النتائج التي ستحملها الأيام القادمة، فما شهده الداخل الأمريكي في الانتخابات النصفية لأعضاء الكونجرس الأخيرة، أعطى مؤشراً واضحاً على المتغيرات الجذرية في قواعد كلا الحزبين الديمقراطي، والجمهوري، على حد سواء.