• - الموافق2024/12/27م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
مصير عبد الحميد!

تميز الأتراك عن غيرهم من الشعوب التي اعتنقت الإسلام كالعرب والفرس، في أنهم عندما قاموا بتأسيس دول والتي كان من أبرزها الدولة السلجوقية ثم الدولة العثمانية بأنهم أهل سياسة وقتال


"سنسقط أردوغان كما أسقطنا السلطان عبد الحميد"

بمثل هذه الكلمات هددت زعيمة المعارضة ورئيسة حزب الجيد التركي ميرال أكشنار في تصريحات لها على قناة Halk TV التركية الرئيس رجب طيب اردوغان، متوعدة إياه بمصير السلطان العثماني عبد الحميد الثاني.

وقالت أكشنار مبررة قولها: عبد الحميد أهان تركيا.. عبد الحميد كان مستبدا، وإذا كان الفاعل حينها (المستبد) هو عبد الحميد في تلك الفترة، فإن الفاعل اليوم هو رجب طيب أردوغان.

فهل ما تقوله زعيمة المعارضة التركية صحيحا عندما قارنت السلطان عبد الحميد بحكم أردوغان؟ وهل سيكون مصير الرجل نفس مصير عبد الحميد؟

وهذا يدفعنا للتساؤل من أسقط السلطان عبد الحميد في بدايات القرن العشرين؟ والذي تم بعده بخمس عشرة سنة اسقاط الخلافة والدولة العثمانية، حينما أجهز كمال أتاتورك على بقية تلك الدولة التي استمرت زهاء 600 سنة، وأعلن بعدها الجمهورية.

وما هي الدوافع التي من أجلها تم الانقلاب على السلطان وكيف تم ذلك؟

وهل يسير الرئيس أردوغان في نفس الطريق الذي سار فيها عبد الحميد، ويرتكب نفس الأسباب التي تؤدي الى اسقاطه هو أيضا؟ ولماذا تستدعي المعارضة ذلك التشبيه وما غرضها من ذلك؟

للإجابة على هذه الأسئلة يلزمنا الاستعراض التاريخي لفترة حكم السلطان عبد الحميد وتحليل أسباب سقوطه، ثم المرور على تجربة حزب العدالة التركي وزعيمه أردوغان وهل سيتكرر معه سيناريو سقوط عبد الحميد؟

أفول شمس العثمانيين

لقد تميز الأتراك عن غيرهم من الشعوب التي اعتنقت الإسلام كالعرب والفرس، في أنهم عندما قاموا بتأسيس دول والتي كان من أبرزها الدولة السلجوقية ثم الدولة العثمانية بأنهم أهل سياسة وقتال، ولكن في الوقت نفسه كانوا ضعافا في الفكر والعلم والتأليف، وبالرغم من أنها دولة قامت لنشر الإسلام والدفاع عنه إلا أنها كانت تفتقر إلى الأساس الفكري الذي تقوم عليه الحضارات، وهذا مرجعه جزئيا إلى التدين الصوفي الذي كان يغلب عليها.

وكنتيجة للبراعة في السياسة والقتال توسعت حدود الدولة العثمانية، فبلغت ذروة مجدها وقوتها خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، وامتدت أراضيها لتشمل أنحاء واسعة من قارات العالم القديم الثلاث: أوروبا وآسيا وإفريقيا؛ حيث خضعت لها كامل آسيا الصغرى، وأجزاء كبيرة من جنوب شرق أوروبا، وغربي آسيا، وشمالي إفريقيا.

ولكن بقي الضعف الفكري الأساسي كالمرض الكامن، ففي حين نهضت أوروبا باحثة عن الفكر والعلم ومناهجه وغالبها مستمد من المناهج العربية لتؤسس الحضارة الأوروبية الغربية، كان العثمانيون الذين يسيطرون على معظم أراضي العالم الإسلامي ترتع قصورهم بالملذات والترف، في حين يدشن الأوربيون حربا جديدة على العالم الإسلامي ليس فقط بمنجزات صناعية وعسكرية حديثة، بل أيضا بالغزو الفكري، وتقديم منهج متكامل في اعتقادهم يظنون أنه بديل للإسلام، ليبدأ الملك العثماني في التآكل والانحدار.

أضف الى ذلك أن العثمانيين لم يهتموا كثيرا بمسألة الدعوة الى الإسلام بين الشعوب الأوروبية التي سيطروا عليها، فقد كان الاهتمام العثماني منصبا على ضمان الولاء السياسي بصرف النظر عن الولاء العقيدي، فظلت الشعوب المسيحية تنتهز الفرصة للانقضاض على ما اعتبروه احتلالا إسلاميا لأراضيهم، فكان هؤلاء شوكة وعامل هدم لهذه الدولة.

واستيقظ العثمانيون متأخرين مع بدايات القرن التاسع عشر، حيث وجدوا القوى الأوروبية فاقتهم قوة ونفوذا، وبدلا من يطلقوا مرحلة جديدة من البحث العلمي وتحقيق انجاز حضاري قائم على الإسلام والعقيدة، ولكنهم اختاروا تقليد الغرب المتقدم حتى في مجالات الأفكار والعلوم الإنسانية.

ولذلك برزت القومية والتعصب لها باعتبار أنها منتج غربي بين الأتراك، وامتدت إلى الشعوب العديدة داخل الدولة العثمانية والتي كانت مظهرا من مظاهر تفكك الدولة.

حتى استورد رجال الدولة العثمانية من الغرب طرق إصلاح النظام الإدارية وأساليب الحكم عرفت باسم التنظيمات بدلا من استلهام طرق من الشريعة ومن الخصوصية التي تتميز بها أوضاع الدولة العثمانية حينها.

وواكب عصر التنظيمات اعلان دستور عُرف باسم المشروطية، وتم جعل السلطان مسئولا أمام البرلمان المؤلف من مجلس أعيان (شيوخ) يعينهم السلطان، ومجلس مبعوثان (نواب) تنتخبهم الرعية العثمانية.

وزاد الأمر سوء الانهيار الاقتصادي الذي صاحب بالطبع الانهيار الحضاري للعثمانيين.

وتمحور الانهيار الاقتصادي حول نظام الامتيازات الأجنبية الذي عمل به السلاطين العثمانيون، والذي كان يهدف في عهد ازدهار الدولة إلى تشجيع التجارة في الأراضي العثمانية لزيادة واردات الدولة الضريبية، وهذا ما نراه متمثلا في سياسة محمد الفاتح مع التجار البنادقة حيث نجده يقر امتيازاتهم التجارية التي كانت بينهم وبين البيزنطيين وذلك بعد سقوط القسطنطينية. إلا أن تلك الامتيازات ما لبثت أن تحولت إلى تنازلات يقدمها العثمانيون للدول الأوروبية مما أدى إلى الإضرار بخزينة الدولة وحرمانها من جزء كبير من وارداتها. لقد تحولت تلك الامتيازات مع مرور الوقت إلى ثغرات استطاعت الدول الأوروبية من خلالها بث الفتن والقلاقل بين فئات وطوائف الدولة العثمانية وتشجيع الثورات ونشر الفوضى.

وعن طريق الأفكار الغربية وعلى رأسها التعصب القومي، ثم البرلمان المنتخب، والامتيازات الأجنبية، استطاع الغرب أن يتدخل بقوة في الدولة العثمانية، وصلت الى أن نظم الانجليز انقلابا ضد السلطان عبد العزيز عم عبد الحميد، ومن ثم اغتياله للإتيان بسلطان ماسوني وهو السلطان مراد شقيق عبد الحميد.

لم تكن صيغة برلمان منتخب من رعايا الدولة العثمانية المتعددة الديانات والقوميات والتي ضغط الغرب لفرضها على العثمانيين وسيلة للرقابة على السلطان كما كان منتظرا، بل كانت وسيلة لتفكيك الدولة وتفتيتها.

وفي تفس الوقت بدأت الجمعيات السرية في الظهور، وكان من أشهرها جمعية الاتحاد والترقي، وفي بداية هذه الجمعية حاولت جذب الشباب لها تحت دعاوى طيبة مثل إن التنظيمات قضت على الحقوق التي كان الناس ينعمون بها في ظل الحكم الإسلامي، ولم تعطهم شيئاً من مزايا الحكم الغربي المقتبس، وربما كانت هذه الجمعية في بداياتها تحمل نوايا طيبة، ولكن جرى استغلالها من قبل الغرب من خلال التسلل اليها، وتغيير توجهاتها الى أهداف تخدم الغرب وتقوض الدولة العثمانية.

وكنتيجة الانهيار الوشيك، أطلق الغرب في ذلك الوقت على الدولة العثمانية رجل أوروبا المريض، وكان هناك سيناريو غربي أشبه بما جرى في مصر بعدها بثلاث سنوات، انتهى بتدخل الجيوش الإنجليزية واحتلالها للبلد، ولكن في تركيا ظهر عبد الحميد، فأجل الانهيار ثلاثين عاما هي مدة حكمه.

عبد الحميد ومحاولة الانقاذ

في خضم هذا الهبوط والانحدار ووسط هذه البيئة المضطربة تولى السلطان عبد الحميد الثاني السلطنة وبويع بالخلافة في عام 1293 هـجري الموافق 1876 ميلادي، وكان في الرابعة والثلاثين من عمره، وترتيبه في سلطنة آل عثمان الرابع والثلاثون، بينما كان الخليفة السابع والعشرون من الخلفاء العثمانيين، ويعتبره المؤرخون آخر من أمتلك سلطة فعلية منهم، وهو أيضا خليفة المسلمين الثاني بعد المائة، ودام حكمه أكثر من ثلاثين عاما، وخُلع بانقلاب في عام 1327 هـ الموافق 1909م، فوُضع رهن الإقامة الجبرية حتى وفاته في عام 1918.

تراوح تقييمه تاريخيا بين من وصفه بالسلطان الأحمر أي الدموي المحب للقتل، وبين من أطلق عليه السلطان المفترى عليه، لذلك اجتمع فيه النقيضان، فما حقيقة السلطان عبد الحميد الثاني؟

امتاز السلطان عبد الحميد بأنه كان رجل استراتيجية في المقام الأول، يعرف أين تقف قدماه (يدرك إمكانيات دولته الحقيقية) وفي نفس الوقت أين سيضع قدميه، لذلك وصفه المستشار الألماني بسمارك وهو أحد أشهر الساسة الأوروبيين في أواخر القرن التاسع عشر (لقد وزع الذكاء والدهاء في العالم على هذه الشاكلة: 95% للسلطان عبد الحميد، و4% لي، و1% لبقية رجال السياسة)

تضمنت استراتيجية عبد الحميد عدة محاور:

·       ففي الداخل عمل على تماسك الدولة من خلال تدشين مخابرات قوية تكشف المؤامرات الخارجية المعتمدة على جماعات محلية سواء كانت قومية أو مسيحية أو يهودية متخفية مظهرة الإسلام فيما يعرف بيهود الدونمة.

·       خارجيا، تعامل مع الدول الكبرى كند لهم، محاولا استغلال التناقضات بين هذه الدول ليرسم طريق الحفاظ على الدولة العثمانية المترامية الأطراف، بمنطق تقليل الخسائر بقدر الإمكان.

·       أظهر دوره كخليفة للمسلمين وكمسئول عن تحقيق أحلامهم وطموحاتهم ومصالح الأمة، وأيضا كمدافع عن قيمهم وعقيدتهم، وساعده في ذلك أنه كان شخصية متدينة حريصا على أداء الفروض والسنن فاكتسب شعبية في أنحاء الأراضي الإسلامية من غير تكلف أو تمثيل، وأثبتت استراتيجية الحشد بالفعل فعاليتها في مواجهات النزعات القومية المتصاعدة.

ولذلك رثاه أمير الشعراء أحمد شوقي قائلا: ضجت عليك مآذن ومنابر، وبكت عليك ممالك ونواح، الهند والهة، ومصر حزينة تبكي عليك بمدمع سحاح، والشام تسأل والعراق وفارس، أمحا من الأرض الخلافة ماح.

ولكن ما يعيب تجربة عبد الحميد الاصلاحية افتقاد هذه الاستراتيجية للسند الداعم القريب، فقد اكتفى عبد الحميد بالعاطفة الشعبية حوله، فلم يرتكز مشروعه على مؤسسات قوية، تحمل العبء عن عبد الحميد وتشاركه تطلعاته وآماله، وتستطيع البقاء والصمود أمام العواصف العاتية، فلم تتحملها جهوده الفردية وسقطت مع تكالب المعارضين المدعومين من الخارج عليه فتم اقصاؤه بالقوة المسلحة عندما انقصم الجيش العثماني.

هل يكرر أردوغان التجربة الحميدية؟

عندما صرحت زعيمة المعارضة بتصريحاتها التي قارنت فيها بين السلطان عبد الحميد والرئيس أردوغان، لم يرد الرجل على الاتهامات الموجهة إليه، وإنما كان رده على التصريحات المسيئة بحق السلطان عبد الحميد الثاني.

قال الرئيس رجب طيب أردوغان في مناسبة احتفالية الشباب، والتي نظمتها فروع الشباب في حزبه في ملعب أضنة: من أنت يا سيدة ميرال حتى تظهري عدم احترامك للسلطان عبد الحميد الثاني؟ وهاجم زعماء المعارضة الذين كانوا معها حين صرحت بهذا خاصة أن منهم كان من نفس حزب العدالة ثم انشقوا على أردوغان فقال: هناك ثلاثة أشخاص من الذين اجتمعوا على تلك الطاولة السداسية لن أذكر أسماءهم لكنهم حتى يومنا هذا لم يتفوهوا بكلمة واحدة ضد التصريحات التي استهدفت السلطان عبد الحميد الثاني أسكنه الله الجنة، ماذا حدث لهم لقد صمتوا جميعهم، بالرغم من أنهم جالسون على نفس الطاولة، لكنهم لم يتمكنوا من إيقاف من قلل من احترام السلطان عبد الحميد الثاني عند حده.

قبلها ومنذ سنتين عندما عرضت القناة الرسمية التركية تي آر تي مسلسل (عاصمة السلطان عبد الحميد) أشاد الرئيس التركي حينها بالمسلسل، قائلا إن أحداث المسلسل تتكرر اليوم، مع اختلاف الزمن والممثلين فقط، وناصحا بمشاهدته لتعلم التاريخ.

والمتأمل في الطريق التي سلكها أردوغان منذ ما يقرب من عشرين عاما، عندما صعد الى السلطة كرئيس وزراء ثم رئيس للجمهورية يلاحظ كثيرا من التشابه بين التجربتين: سواء على صعيد البيئة الداخلية والخارجية التي تحيط بتركيا، أو على صعيد الاستراتيجيات التي اتبعها الرجلان، أو حتى على مستوى الصفات الشخصية ومؤهلات الزعامة.

فعلى صعيد الوضع التركي الداخلي فكل من الرجلين رافق وصولهما الى الحكم الوضع المتردي الاقتصادي، فأردوغان وصل للحكم في أواخر عام 2002، وقبلها بعام واحد وبالتحديد في عام 2001، كانت تركيا تعاني من انهيار اقتصادي شهير، فقد تآكلت الثقة في الحكومة بسبب الفساد، ووقعت تركيا في شرك ومصيدة الديون الخارجية والداخلية، وتضخمت هذه الديون مع فوائدها حتى أصبحت تلتهم الجزء الأكبر من واردات الدولة، وقد مر بنا كيف كانت تركيا العثمانية خاضعة للامتيازات الأجنبية قبل صعود عبد الحميد على العرش، الأمر الذي جعل الدولة وكأنها مرهونة عند أوروبا.

وكما ظهرت الجماعات السرية والعلنية والتي تنال من عبد الحميد وتنابذه وتنظم محاولات لاغتياله، كذلك بدت تركيا في عصر أردوغان، حيث تحاول الأحزاب العلمانية والعلوية وجمعية فتح الله كولن اسقاط أردوغان، بل انها نظمت ثلاث محاولات انقلابية كان أبرزها انقلاب يوليو 2016 والذي نجح أردوغان ومعه الشعب في مقاومته واحباطه، وكان العامل الأهم في هذا النجاح جهاز مخابرات قويا أسسه أردوغان على غرار مخابرات عبد الحميد.

وفي حالة عبد الحميد، مثلت بريطانيا زعيمة الغرب وروسيا كذراعين يريدان الانقضاض على الدولة وهدمها، وأردوغان يتصارع مع نفس القوى الدولية روسيا وزعيمة الغرب وهذه المرة برزت الولايات المتحدة.

كما تشارك السلطان عبد الحميد والرئيس أردوغان في الأهداف العليا المراد تحقيقها.

فالسلطان عبد الحميد كتب في مذكراته: إن الإسلام هو الروح التي تسري في جسم البشرية فتحياها وتغزو القلوب فتفتحها... وأرى أن القوة الوحيدة التي ستجعلنا واقفين على أقدامنا هي الإسلام...وأننا أمة قوية بشرط أن نكون مخلصين لهذا الدين العظيم.

أما أردوغان فيقول في إحدى خطبه: أؤمن أن الحضارة التي ستحكم في القرن الواحد والعشرين هي حضارة الإسلام، ومن يساهم في بناء هذه الحضارة سيأخذ أجره أضعافا مضاعفة، والذين لن يستطيعوا أن يضيفوا شيئا جديدا إلى هذه الحضارة فإنهم سيعيشون في ذل.

وإذا كان عبد الحميد يعتقد في أن البرلمان المنتخب من شعوب مختلفة العقيدة والقومية سيكون وسيلة لتفتيت الدولة، وكذلك تصدى للصحافة الممولة من الخارج، فإن أردوغان بالرغم من ترحيبه بكون الانتخابات وسيلة وحيدة للتغيير بديلا عن الانقلابات العسكرية، فإنه يرى أيضا كما قال في إحدى خطبه: إن الحاكمية للشعب كذبة كبيرة، فالحاكمية لله فقط دون قيد أو شرط.

لقد حرص كل من عبد الحميد وأردوغان على الانطلاق من سياسة شرعية تراعي أهداف الإسلام العليا، والمصالح الكلية التي أقرتها الشريعة، والالتزام بقواعد وفقه المصالح والمفاسد، وهذه السياسات يمكن الاختلاف حول المفاسد والمصالح المتحققة والمرجوة منها، ولكن في النهاية مسألة اجتهادية كغالبية مسائل السياسة الشرعية.

ولكن هناك ثمة اختلافات: عبد الحميد الثاني كان قائدا في فترة انحدار وأفول الدولة، تتركز مهمته في محاولة وقف هذا السقوط، بينما أردوغان هو من يقود تركيا ويضع نصب عينيه الصعود عالميا.

كما أن أردوغان يعتمد في مشروعه على حزب العدالة والتنمية، وهو حزب تم تأسيسه عام 2002، وبعد 15 شهرا فقط على تأسيسه، خاض الحزب أول معركة انتخابات عامة في تاريخه السياسي، تمكن خلالها من الفوز بالانتخابات بنسبة 34%، الأمر الذي مكنه من تشكيل الحكومة الـ 58 في الجمهورية التركية منفردا، وظل الحزب في السلطة من يومها عبر انتشاره في جميع المدن والمحافظات التركية، كما تغلغل الحزب في شرائح رجال الأعمال والصناعة والإعلام في الاقتصاد والمجتمع التركيين تدريجيا، لتصبح من أهم أدوات منظومة السيطرة والتحكم الاجتماعي والسياسي، وبحيث تعمل كوادره على حشد الأتراك والمؤيدين لأجندة الحزب الإسلامية وصراعه سواء مع العلمانية الداخلية أو القوى الكبرى الخارجية، وهذا عكس ما كان يمثله مشروع السلطان عبد الحميد الإصلاحي، الذي لم يكن مهتما بإنشاء كيان أو جمعية تعبر عن طموحاته وتسانده وتحشد الأنصار لدعمه، فقد كان دائما حتى متشككا في الأشخاص والقيادات التي كان يختارها وتلتف حوله.

أردوغان يتخذ بالفعل معظم الوسائل المتاحة له، لكي يمتد مشروعه زمنيا ومكانيا سواء في الداخل التركي أو خارجه، ولعله يستطيع الإفلات من مصير عبد الحميد.

 

أعلى