• - الموافق2024/11/21م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
التقديرات الصهيونية للتعامل مع غزة

التقديرات الصهيونية للتعامل مع غزة

 زعمت أوساط عسكرية مقرَّبة من الجيش الصهيوني أنَّ «إسرائيل» أطلعت مصر على نيَّتها توجيه ضربات عسكرية مدروسة وتصعيد عملياتها المنهجية ضد المنظمات الفلسطينية في قطاع غزة دون اللجوء إلى مواجهة مباشرة في المرحلة الحالية.

وقد أوضحت مصادر في قيادة المنطقة الجنوبية بالجيش الصهيوني أنَّ تلك العمليات ستشمل توجيه ضربات نوعية لمخازن التسليح وطرق نقل الأموال، وتشديد الضربات على أنفاق رفح التي تُسـتَخدَم لنقل الأسلحة إلى قطاع غزة في ظل انهيار أي رِقابة من قِبَـل الجانب المصري. ومن المحتمل أن تمتد ما وصفتْها بـ «الضربات الاستباقية» إلى خارج حدود قطاع غزة.

وأفادت الأوساط أن «تل أبيب» أبلغت القاهرة بقلقها مما يحدث على حدود غزة، وعن نيتها عدم السماح بتهديد أمنها، ولو أدى الأمر إلى تنفيذ عملية واسعة في القِطاع في أعقاب قصف مدينتَي «نتيفوت وبئر السبع» جنوب إسرائيل بصواريخ «غراد»، وخصوصاً أن دقة تصويب الصورايخ، التي دلت على مهارات تدريب عالية تم اكتسابها خارج القطاع، أثارت انزعاج القيادة العسكرية الصهيونية.

تهديدات متواصلة:

كانت مصادر صهيونية قد زعمت أنَّ المنظمات المسلحة في قطاع غزة تحاول اختبار قوة الجيش «الإسرائيلي» في ظل التطورات المتسارعة في المحيط العربي، وسقوط أنظمة حكم أقامت علاقات سرية وعلنية مع الكيان الصهيوني.

حيث أكد وزير الأمن الداخلي الصهيوني، «يتسحاك أهرونوفيتش» على أن رد «إسرائيل» على إطلاق الصواريخ باتجاه أراضيها، يجب أن يكون قاسياً ومؤلماً أكثر، مشدداً على ضرورة أن تُعيد «إسرائيل لنفسها قدرة الردع تجاه المنظمات المسلحة في قطاع غزة.

كما ألمحت أوساط عسكرية صهيونية إلى أن رئيس هيئة الأركان الصهيوني الجديد، «بيني غانتس»، لا ينوي التراجع بأي حال من الأحوال عن القيام بخطوة مؤلمة ضد قطاع غزة؛ وخاصةً أنه يؤمن بأن منح الفصائل الفلسطينية فرصة العمل بحرية في القطاع، سيؤثر سلبياً على أمن «إسرائيل» واستقرارها.

وفي سياق متصـل استبعد المحللان «عامـوس هارئيل» و «آفي يسخروف» أن يكون للتصعيد الأخير على حدود قطاع غزة أي معنى إستراتيجي، وأن الأمر لا يتعدى كونه مواجهة موضعية غير مدبَّرة مسبقاً، بعد قيام طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بسلسلة هجمات جوية ضد أهداف تتبع لحركة حماس في غزة.

وهو ما يعزز الاعتقاد الصهيوني السائد في المحافل الأمنية والاستخبارية أن حماس غير متحمسة لمواجهة الجيش «الإسرائيلي» في الوقت الراهن، وأن الفرص جيدة الآن لوقف التصعيد في غزة خلال أيام معدودة، وخاصة أنه تبيَّن من المعلومات المتراكمة، أنه ليس فقط الجيش الصهيوني الذي قد تفاجأ من هذا القصف، بل قيادة حماس في القطاع؛ حيث لم يكن هناك أي معلومات مسبقة عن نوايا قصف بئر السبع.

ردود مصرية:

في السياق ذاته، سيطرت تسريبات صهيونية بشأن وجود خطة عسكرية سرية لضرب غزة على المشهد الإعلامي في تل أبيب، وأثارت كثيراً من الجدل بين العسكريين في ظل وجود مخاوف من الرد المصري؛ خاصة مع انشغال وحدات الجيش المصري بالأوضاع الأمنية الداخلية، ومنحها الأولوية المطلقة دون غيرها، وهو ما وفَّر للفصائل الفلسطينية نجاحاً في استغلال الغياب الأمني على الحدود مع مصر، وأدخلت كثيراً من القطع والتقنيات العسكرية المتميزة التي تؤهلها لمواصلة عملياتها، وهو ما يجعل من المبادرة لضرب قطاع غزة أمراً حيوياً وضرورياً لأمن «إسرائيل».

إن اللافت للنظر في هذا الأمر، أنَّ الأوساط الإعلامية «الإسرائيلية» أشارت صراحة إلى غضب القاهرة الشديد من تلويح تل أبيب بضرب غزة، من خلال رفضها التعليق على مساعي توجيه الضربة، في تلميح إلى تخوُّف «إسرائيلي» من إمكانية أن يردَّ المجلس العسكري الموجود على رأس السلطة في مصر بقوة على «إسرائيل» إن بادرت بضرب غزة؛ سواء على المستوى السياسي أو الدبلوماسي، وهو ما أوجد تردداً داخل تل أبيب بشأن القيام بهذه الضربة.

وتزداد هذه التخوفات مع العلم الصهيوني بأن غالبية القادة العسكريين الموجودين في المجلس المصري لا يشجعون على تعميق العلاقات مع «إسرائيل»، ويرون أن التعاون معها يمثل أزمة تدعو إلى سخط المصريين على النظام، وهو ما دفع لاعتقاد أن توجيه ضربة إلى غزة الآن، قد يعني بداية النهاية للعلاقات المصرية «الإسرائيلية» على الرغم من تعهُّد المجلس العسكري باحترام اتفاقية «كامب ديفيد»، والمحافظة على مستوى العلاقات مع «إسرائيل» بصورة جيدة.

الجيش النظامي:

أكد قائد سلاح البر في الجيش الصهيوني، «سامي تورجمان»، ضرورة القيام بمناورات وصفها بأنها «سريعة وفتاكة» في ضوء التغيرات في سمات الصراع؛ لتقليص مدة أي حرب مستقبلية، مع الاحتفاظ بالمفهوم القديم للأمن، القائم على نقل العمل لأراضي العدو بأسرع ما يمكن.

وكشف «تورجمان» عن تزود سلاح البر الصهيوني بصواريخ «سبايك» لزيادة دقة الهجمات، يصل مداها إلى 25 كيلو متراً، وهي نسخه محسَّنة من صاروخ «السبايك» المضاد للدروع، لتحسين قدراته على مواجهة المدفعية التابعة للمنظمات المعادية، ويتم إطلاقها من مركبات أو مروحيات، وهي مزودة بجهاز توجيه لتحسين قدرتها على إصابة الأهداف، وتستعمل نظام الـ GPS.

كما أشار إلى تزوُّد الجيش بمجموعة من أنظمة «كاردوم» لقذائف الهاون الدقيقة، فضلاً عن ربط جميع الفرق العسكرية بـ «برنامج الجيش الرقمي الجديد»، لمساعدة القادة، وتدريبهم على التحكم بالعمليات؛ حيث شهد العام الجاري زيادة في مستوى صعوبة التمرينات في ألوية الاحتياط بشكل ملحوظ، بما فيها تدريبات النيران الحية، وسيشهد تزويدَ سلاح المشاة بنظام القيادة والتحكم المحمول.

وكشفت محافل عسكرية عن تعزيزٍ وتوسيعٍ كبيرين للتدريبات العسكرية تمهيداً للحرب القادمة، في ضوء اليقين الصهيوني بأن حرباً قادمة ستشتعل في المنطقة، وسيكون للقوات البرية دور أساسي فيها؛ لأنها ستشتمل على حرب شوارعَ داخل المدن والأنفاق، وستكون بمثابة تحدٍّ كبير للجيش، المعروف بقدراته القتالية وأسلحته المتطورة (براً، وجواً، وبحراً)، لكن أعداءنا لا يعرفون كفاءاتنا في القتال المباشر، وحان لهم أن يعرفوا، حتى يكفُّوا عن إيهام أنفسهم بأنهم قادرون على هزيمتنا.

وتتفق هذه التصريحات مع ما ذكرته مصادر عسكرية صهيونية في الآونة الأخيرة من تدريبات يقوم بها الجيش لمواجهة حماس في قطاع غزة، من خلال معرفته بأنها حفرت شبكات واسعة جداً من الأنفاق تحت الأرض، وأنها تمكَّنت خلال السنوات الأخيرة من تطوير آلياتها وقدراتها الحربية، ليس فقط من ناحية مضاعفة عدد ونوعية الصواريخ، بل من ناحية أجهزة الاتصال الإلكترونية، وزادت من تدريبات قواتها لتصبح مثل جيش نظامي، وضاعفت طول الأنفاق تحت الأرض عشرات المرات، مما كان عليه الحال قبل الحرب الأخيرة.

أعلى