خفايا التعاون الأمريكي مع جماعة الحوثيين
كان من المستغرب لدى قطاع كبير من أبناء الشعب اليمني والمتابعين للشأن اليمني في الخارج، أن تسقط العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الشمالية تحت سيطرة الحوثيين دون أن يُعبر الأمريكيون عن أدنى قلق من توسعهم العسكري وسيطرتهم على مقاليد الحكم.
وزاد الأمر غرابة أن جماعة الحوثي، التي ترفع شعار «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل»، فتحت الطرق أمام العربات المصفحة التي أقلت طاقم السفارة الأمريكية بصنعاء إلى المطار ولم تعترض سيرهم، وتسلمت منهم السيارات الدبلوماسية وتحفظت عليها حتى عودتهم.
وقد أصبح من البدهي لدى أغلبية الشعب اليمني والمتابعين للوضع في اليمن، أن الصمت الأمريكي المطبق تجاه ما مارسته حركة الحوثيين المسلحة في اليمن، من انتهاكات صارخة، ليس إلا مجرد إشارة قبول ورضا عن الدور الذي تقوم به الحركة لخدمة المصالح الأمريكية في البلد.
وتثير الكثير من الدلالات والوقائع علامات استفهام حول العلاقة الملتبسة بين جماعة الحوثي والولايات المتحدة الأمريكية، فالمعروف أن جماعة الحوثي تناصب أمريكا العداء، كما يبدو واضحًا من خلال خطابها وأدبياتها وشعارها الذي يدعو صباحًا ومساءً بالموت لأمريكا، ومحاربة التدخلات الأمريكية في اليمن؛ لكن تنفيذ الجماعة لأعمال عسكرية وسياسية تدخل ضمن المصالح الأمريكية يجعلنا نجزم أن العلاقة بين الطرفين أصبحت أمرًا واقعًا.
ومن المعروف أن جماعة الحوثي، تتكئ على شعار الصرخة المعادي لأمريكا والكيان الصهيوني، ولذلك من المستبعد أن تكشف عن تحالفاتها مع الدولة التي تقول عنها في وسائل إعلامها إنها «الشيطان الأكبر» والعدو الذي يجب أن يجر أذياله ويعود إلى دياره مطرودًا.. وهو الأمر الذي تؤكده الكثير من الحقائق الواقعة على الأرض، فمنذ سقوط مدينة عمران التي تمثل المدخل الجنوبي للعاصمة صنعاء في يوليو 2014م، والولايات المتحدة الأمريكية مطمئنة لتفاصيل الأحداث الجارية في شمال اليمن، دون أن تعبر عن قلقها مما حدث ويحدث، بل استمر طاقم عملها الدبلوماسي في العاصمة حتى تاريخ سقوط العاصمة في 21 سبتمبر الماضي، ولم يؤثر دخول الحوثيين إلى العاصمة على عمل السفارة، بل لم يقترب الحوثيون من مبنى السفارة الكائن في حي شيراتون، حتى ذراع واحد.
وفي ليلة سقوط صنعاء بالتحديد، كانت السفارات الغربية بما فيها السفارة الأمريكية بصنعاء بكل طواقهما المختلفة، تعمل في وضعها الطبيعي دون أي مؤشرات للقلق والفزع، في الوقت الذي كان المسلحون الحوثيون قد انتشروا في جميع أرجاء العاصمة واقتحموا الوزارات ومؤسسات الدولة ومقر البرلمان والحكومة، لكنهم بالطبع لم يقتربوا من سفارة واشنطن وسفارات الدول الغربية الأخرى.
بل إن الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثي، محمد عبدالسلام، قال لقناة الجزيرة بعدها بأيام، إنهم لم يدخلوا صنعاء إلا بعد التنسيق مع بعض السفارات ومع جهات في الدولة[1]، وبالتأكيد فإن السفارة الأمريكية كانت من ضمن حسابات التنسيق إن لم تكن أكثرها أولوية.
هذا الأمر أعطى للمتابع رؤية واضحة، عن مدى التنسيق الواضح الذي جرى بين جماعة الحوثي والسفارات الغربية والأمريكية بشكل خاص، حيث حصلت تلك السفارات على ضمانات وتطمينات بعدم التدخل في شؤونها وعدم المساس بأفرادها أو التعرض لها بسوء.
ومن المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية تركز أهدافها على ما يسمى بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وقد فشلت كل الحكومات السابقة في محاربة القاعدة فشلًا ذريعًا، ولذلك جاء الحوثيون على طبق من ذهب، فأصبحوا سيفًا من سيوف أمريكا التي تضرب بها القاعدة والقبائل السنية في رداع والبيضاء والعدين والحديدة وصنعاء وبقية المدن تحت غطاء الحرب على الإرهاب.
ولعل ما يثبت صحة هذا القول، أن جماعة الحوثي منذ اجتياح العاصمة صنعاء، جعلت من أولى أولوياتها، محاربة تنظيم القاعدة، وما يطلقون عليهم «الدواعش»، حيث أعلن زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي أنه سيواصل محاربة تنظيم القاعدة، وبالفعل بدأت اللجان الشعبية الحوثية بالتحرك إلى رداع بمحافظة البيضاء، وإلى العدين بمحافظة إب، وهما من أهم معاقل تنظيم القاعدة، وحققت نتائج ظاهرية على السطح بانسحاب عناصر القاعدة من تلك المناطق بعد مواجهات عنيفة، دخلت فيها الطائرات الأمريكية بدون طيار على الخط، وشاركت في القصف على عناصر القاعدة وبعض القبائل السنية، وأفسحت المجال للحوثيين بالدخول إلى تلك المناطق والسيطرة عليها.
ولعل ما يؤكد صحة التنسيق المشترك بين الحوثيين والولايات المتحدة أن الطائرات الأمريكية من دون طيار استمرت في قصف مواقع في أكثر من مدينة يمنية، ومن المعروف أن الطائرات لا تتحرك من قواعدها البحرية إلى بعد تنسيق مع غرف العمليات الموجودة في صنعاء في مبنى الأمن القومي ومبنى وزارة الدفاع وهيئة الأركان، وهذه المؤسسات أصبحت تحت سيطرة الحوثيين بشكل كامل، ما يعني أن التنسيق بينهم أصبح أمرًا واقعًا وليس مجرد إشاعات.
وقد كشف موقع «انتيليجنس أون لاين» الاستخباراتي الفرنسي، أن محطة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) في صنعاء، تلقت توجيهات من واشنطن بتكثيف تعاونها مع مليشيات «أنصار الله» التي يقودها عبدالملك الحوثي، لاسيما في ما يتعلق بجمع المعلومات الاستخباراتية عن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
واعتبرت هذه التوجيهات مؤشرًا على أن وكالة الاستخبارات المركزية قد قررت التكيف مع الوضع الجديد في اليمن، والاعتراف بدور حركة أنصار الله الحوثية في البلاد.
وأشار الموقع الفرنسي إلى أن التقارب الأمريكي مع الحوثيين، قد لا يكون بالفعالية المتوقعة ذاتها، لأن المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تقع بدرجة رئيسة في شمال البلاد، في حين تتمركز القاعدة في الجنوب والشرق[2].
والأكثر من ذلك فقد صرح مسؤولون عسكريون في البنتاجون، والبيض الأبيض، أن موظفي وزارة الدفاع ما زالوا على الأرض في اليمن، يقومون بمهمة مكافحة الإرهاب حتى بعد مغادرة موظفي السفارة[3]، وهو ما يعني أن بقاء الضباط لن يكون إلا بموافقة الحوثيين والتعاون معهم في أكثر من مجال، الأمر الذي يؤكد صحة التعاون بين الطرفين.
نقاط اتفاق غير معلنة:
مع اجتياح الحوثيين لصنعاء نشر المفكر الكويتي الدكتور عبدالله النفيسي على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ما قال إنها بنود اتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية وجماعة الحوثي لمحاربة الإرهاب في اليمن.
الدكتور النفيسي نشر هذه البنود بعد تسليم العاصمة صنعاء لجماعة الحوثي بأيام، حيث نص أول بند من الاتفاقية، بحسب الدكتور النفيسي، على تمكين الحوثي من اليمن مقابل قيامهم بضرب القاعدة في جزيرة العرب.
كما نص البند الثاني على أن يقوم الطيران الأمريكي بدون طيار «الدرونز» بإسناد جوي لدعم الحوثيين، أما البند الثالث فينص على أن تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية بدفع تكاليف الحرب ودفع رواتب المقاتلين الحوثيين ورعاية أسر القتلى الحوثيين وعلاج جرحاهم وعلى الحوثيين حسم ضرب القاعدة في مدة لا تتجاوز السنتين. وذكر النفيسي أن الحوثيين اشترطوا سرية هذا الاتفاق، وسُجل هذا كبند رابع للاتفاقية[4].
حتى الآن لم يصدر عن أي من الطرفين، أي تأكيد أو نفي لهذه البنود، برغم أن الدكتور النفيسي، بالتأكيد سيكون حريصًا على أن تكون مصادره قوية ومباشرة، لكن ذلك الأمر لا يحتاج لأي تأكيد، فما يحدث على الأرض يرجح صحة تلك البنود، بالإضافة إلى قرائن كثيرة أخرى.
ومن ضمن تلك القرائن، أن الحرب على الإرهاب في اليمن، لا تأتي عفويًّا، وإنما يدخل فيها التنسيق مع الاستخبارات الأمريكية، وغرف عملياتها الموجودة في العاصمة، والتي تولي هذا الملف أكبر اهتماماتها في المنطقة.
ولعل الصمت الأمريكي أمام كل الخروقات التي تمارسها جماعة الحوثي منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء، يؤكد صحة وجود تعاون أمريكي حوثي على الأرض، وإن كان بطريقة غير مباشرة وغير معلنة، ومن غير الممكن أن تقود حركة الحوثي المعركة ضد القاعدة بدون أن يكون لديها الدليل الكافي والمعلومات الجاهزة والدعم اللوجستي والإسناد الجوي من البارجات الأمريكية الرابضة على محيط خليج عدن.
وقبل أن يدخل الحوثيون العاصمة صنعاء، كانوا يهددون بطرد السفير الأمريكي من العاصمة، وحدث أن تظاهروا أمام السفارة في تاريخ 13 سبتمبر 2012م، واستغرب الجميع من التساهل الأمني الذي سمح لهم بالدخول إلى أعتاب السفارة، لكن الأمر تغير بعد دخولهم صنعاء، حيث لم يتوجه الحوثيون إلى مبنى السفارة الأمريكية الكائن في منطقة «شيراتون» بل توجهوا إلى جامعة الإيمان ومقر المنطقة العسكرية السادسة، واقتحموا مقرات حزب التجمع اليمني للإصلاح (إخوان اليمن) واقتحموا عددًا من المساجد التابعة للسلفيين ولحزب الإصلاح، بعد أن فجروا في طريقهم عددًا من المساجد والمدارس ودور تحفيظ القرآن الكريم في عمران وهمدان وحاشد وحرف سفيان.
بعدها بأيام، تبنت جماعة أنصار الشريعة المرتبطة بتنظيم القاعدة استهداف السفارة الأمريكية بصاروخ «لو»، ولكي تثبت جماعة الحوثي سيطرتها على الوضع الأمني، وجديتها في محاربة القاعدة، قام مسلحو الجماعة بحملة مداهمة وتفتيش للمنازل في المنطقة المحيطة بالسفارة، وأعلنت أنها قبضت على عناصر من تنظيم القاعدة بينهم عنصر شبيه بأمير القاعدة أبو بصير قاسم الريمي.
الحوثيون في واشنطن:
في أواخر نوفمبر 2014، تفاجأ الجميع بسفر القيادي في حركة الحوثي وعضو المكتب السياسي علي العماد إلى العاصمة الأمريكية واشنطن للمشاركة في مؤتمر لبحث إشراك القطاع الخاص اليمني في تحقيق النمو الاقتصادي.
علقت إحدى وسائل الإعلام على زيارة الحوثي علي العماد إلى واشطن بقولها: «الحوثي في حضرة الشيطان الأكبر»[5]، وهي الصفة التي يطلقها الحوثيون على أمريكا.
وبرغم أن العماد برر زيارته لواشنطن بأنها دعوة من القطاع الخاص لمناقشة مؤتمر له علاقة بتحقيق النمو الاقتصادي في اليمن، إلا أن الغريب أن المؤتمر الذي حضره العماد كان برعاية أمريكية، وقبل ذلك كان على القيادي الحوثي أن يمر عبر السفارة الأمريكية بصنعاء ليحصل على تأشيرة دخول للسفر إلى واشنطن، وكان له ما أراد وبوقت قصير، في حين رفضت السفارة أن تعطي الأمين العام لحزب التجمع اليمني للإصلاح تأشيرة سفر لحضور المؤتمر نفسه الذي دُعي له الحوثيون.
وقد برر السفير الأمريكي بصنعاء «ماثيو تولر» عدم حصول الأمين العام للإصلاح على تأشيرة سفر بأنه ناتج عن أسباب إدارية في واشنطن، مُبديًا استعداد السفارة في صنعاء منح الآنسي تأشيرة في أي وقت[6].
ويعتبر حضور قيادي حوثي في مناسبة ترعاها الولايات المتحدة على أرضها أمرًا مجافيًا للمنطق، وفي حدود ما هو معلن من جماعة الحوثيين الموالية لإيران، والمتبنية لشعاراتها بشأن أمريكا التي تصفها طهران بـ«الشيطان الأكبر»، وتدعو عليها الجماعة «بالموت» علانية من خلال راياتها المرفوعة الآن في أماكن عدة باليمن بما في ذلك العاصمة صنعاء.
وهو الأمر الذي يؤكد التسريبات التي تحدثت في وقت سابق عن تنسيق أمني بين الحوثيين والولايات المتحدة الأمريكية في إطار ما يسمى بالحرب على الإرهاب، والذي ظهر جليًّا من خلال الدعم اللوجستي الذي قدمته الطائرات الأمريكية دون طيار للحوثيين في عدد من مناطق اليمن، وهو الأمر الذي مكن الحوثيين من التقدم في أكثر من منطقة، حتى في المناطق التي لا يوجد فيها عناصر القاعدة، لكنها استخدمت راية الحرب على القاعدة لتركيع القبائل السنية خصوصًا في محافظة البيضاء ومأرب.
البديل المناسب لأمريكا
من المؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية، ما كان لها أن تصمت إزاء الاجتياح التام الذي حدث للعاصمة صنعاء من الحوثيين وتفجير المنازل والمساجد ومدارس القرآن الكريم والتوغل في المدن الشمالية إلا بعد أن وجدت أن الحوثيين هم البديل المناسب لمحاربة القاعدة في اليمن والضغط على القبائل السنية، وهو الملف الأخطر بالنسبة لحسابات واشنطن.
وقد وصف القيادي في حركة الحوثي عبدالكريم الخيواني، دعم الطيران الأمريكي لجماعة الحوثي في الحرب ضد القبائل والقاعدة في رداع، بأنه نوع من المساعدة الإلهية لأولياء الله الصالحين.
وقال الخيواني في منشور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن الله يُسخر لأوليائه الصالحين في جماعة أنصار الله حتى أعداءهم من الأمريكيين وطائراتهم بدون طيار في قتالهم ضد تنظيم القاعدة[7].
ولعل الغريب أن الأمريكان لم يدفعوا الرئيس هادي إلى مواجهة الحوثيين إبان دخول العاصمة، بل ساهم المبعوث الأممي للأمم المتحدة جمال بنعمر، في فرض الحوثيين على الرئيس هادي وعلى القوى السياسية في اليمن منذ بداية مؤتمر الحوار الوطني، باعتماد 40 مقعدًا للحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني، في حين تم إقصاء فئات مهمة وتكتلات سياسية أخرى.
وفي الوقت الذي كان قيادات من الحوثيين يمارسون السياسة في فندق «موفمبيك» ويشاركون في جلسات مؤتمر الحوار الوطني، كان أبو علي الحاكم القائد الميداني للحوثيين، يغزو القرى والمدن واحدة بعد الأخرى، ويفجرون المنازل والمساجد ومدارس تحفيظ القرآن الكريم، دون أن يكون لمندوب الأمم المتحدة أو سفير واشنطن والدول الأخرى أي موقف يذكر حتى وصل الأمر إلى إفساح المجال للحوثيين للسيطرة على مقاليد الحكم بطريقة غير مباشرة.
عاصفة الحزم خلطت أوراق الأمريكان:
بعد أن كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد ضمنت لها حليفًا قويًّا لمحاربة ما يسمى الإرهاب في اليمن بعد أن ساهمت في تسليم كل معدات الجيش العسكرية للمليشيات الحوثية، إلا أنه أُسقط في يدها إثر الضربة الخاطفة التي وجهتها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية للحوثيين في عقر دارهم، وبمشاركة عشر دول عربية وإسلامية.
وقد بدا الموقف الأمريكي غامضًا بعد إعلان توجيه أولى الضربات على المطارات العسكرية ومخازن الأسلحة التي سيطر عليها المتمردون الحوثيون في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الأخرى، حيث ظهر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على استحياء معلنًا الثناء على العمليات العسكرية التي تخوضها السعودية في اليمن، في اتصال هاتفي مع وزراء الخارجية العرب.
وقال جون كيري إن بلاده تدعم التحالف الذي تقوده السعودية من خلال مشاركة المعلومات الاستخباراتية والإسناد اللوجستي إلى جانب المساعدة في التحديد والاستهداف[8].
لكن في واقع الحال لا تظهر أي مبادرة على الأرض لدعم هذا التحالف الرامي لكبح الحوثيين، إذ إن للولايات المتحدة الأمريكية حساباتها الخاصة، خصوصًا في ظل الحديث عن الحوار الخاص بالملف النووي الإيراني، ووصول الطرفين إلى اتفاقات وتقارب في وجهات النظر، ومعارضة إيران لهذا التحالف العسكري الذي سيضرب حلفاءها الحوثيين في اليمن بقوة، ويؤثر على تحركاتها في المنطقة بعد أن كانت أعلنت صنعاء عاصمة رابعة تسقط تحت سيطرة حلفائها.
بالنسبة لأمريكا، لم يكن يضرها شيء وراء سيطرة الحوثيين على السلطة في اليمن وعلى مقومات الجيش، لكن هذا الأمر كانت له مخاطر كبيرة على الأمن القومي الخليجي والعربي والسعودي بدرجة خاصة، خصوصًا بعد ممارسة العديد من الإجراءات العدائية المقلقة للمملكة العربية السعودية كأجراء مناورات عسكرية على حدود المملكة، وفتح الأجواء والموانئ البحرية أمام الطائرات والسفن الإيرانية، ولذلك جاء الرد حاسمًا ومفاجئًا في الوقت نفسه.
ومن الواضح أن المملكة العربية السعودية لم تنتظر أن تأخذ الإذن من الولايات المتحدة الأمريكية ولا من الاتحاد الأوربي في عملية عاصفة الحزم، نظرًا لعلاقة الموقف بأمنها الإقليمي مع دول مجلس التعاون الخليجي، ولذلك اتخذت القرار بشكل منفرد ووجهت رسالتين: الأولى إلى إيران، مفادها: أننا استعدنا زمام المبادرة ولن نقف مكتوفي الأيدي إزاء ما تصنعين في المنطقة، والثانية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، معناها: إننا لن ننتظر كثيرًا لأن الخطر يحدق بأمننا الإقليمي، لقد انتظرنا في العراق وانتظرنا في سوريا وكانت النتائج مخيفة ومرعبة.
وبحسب صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن التدخل العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن أثبت بالفعل رغبة جديدة لدى الرياض للخروج من ظل واشنطن - على حد تعبيرها -، فضلًا عن تأكيد قيادتها في المنطقة، بعد سنوات من رؤية المملكة فشل السياسة الأمريكية، خاصة في سوريا والعراق[9].
ويبدو أن دول الخليج والتحالف العربي مصممون على إنهاء التمرد الإيراني في المنطقة، بدءًا بإنهاء وتدمير كل مقومات الحركة الحوثية في اليمن، وليس بعيدًا أن يدخل الحلف على الخط في سوريا والعراق، خصوصًا بعد أن وجدوا أن التصرف بمفردهم من دون الولايات المتحدة الأمريكية هو الأجدى لمصالحهم.
:: مجلة البيان العدد 335 رجب 1436هـ، إبريل – مايو 2015م.
[1] راجع موقع «يمن برس» على رابط : http://yemen-press.com/news36302.html
[2] راجع موقع المشهد اليمني على الرابط: http://yemennow.net/news442420.html
[3] راجع وكالة خبر للأنباء على الرابط: http://www.khabaragency.net/news21797.html
[4] راجع الصفحة الرسمية للدكتور النفيسي على تويتر: https://twitter.com/DrAlnefisi?lang=ar
[5] راجع موقع الخبر الآن على الرابط: http://www.alkhabarnow.net/news/159068/2014/12/06
[6] راجع موقع البلاد على الرابط: http://www.nbaonline-ye.com/images/read-1790.html
[7] القدس العربي: http://www.alquds.co.uk/?p=243545
[8] العربية نت: http://goo.gl/mmr0Zj
[9] راجع الرابط التالي: http://www.burnews.com/local/1545816