لم تكن سوريا خلال حكم الأسد، مجرد طريق لمرور السلاح من إيران إلى العراق إلى ميليشيا حزب الله في لبنان؛ بل كان لوجود إيران وميلشياتها في سوريا دور إستراتيجي في عزل تركيا عن العالم العربي وفي تطويق الأردن
انتصرت الثورة السورية، وسقط نظام بشار، لتدخل سوريا وحركات التغيير مرحلة جديدة من التحديات والمواجهات؛ إذ لا وجود للنصر المطلق في السياسة والصراعات والنزاعات والحروب؛ حيث كل نصر ناتج عن تغيير في توازنات القوة يؤدي إلى ترجيح كفة قوة على أخرى.
وما هو حادث في سوريا، هو حالة خاصة للغاية من حالات التغيير السياسي؛ إذ جرت وتجري مجرياتها فيما أطراف البلاد واقعة تحت احتلال عسكري من دول متعددة متضاربة الأهداف والمصالح الاستعمارية، وحيث لا يرتبط وجودها بمخططات الصراعات الدولية الكبرى فقط، بل أيضًا بتقسيم البلاد واستمرار الاقتتال؛ إذ يتوزع وجودها ويتعمَّق بالارتباط مع التوزيع الجغرافي للمجموعات العِرْقية والطائفية المتناحرة، بما حوَّل بعضًا منها إلى حاضنة لهذا الوجود الأجنبي؛ فهي تستفيد من حماية القوات الأجنبية من جهة، وتُمثِّل ذراعها ومُبرِّر وجودها في الداخل السوري من جهة أخرى.
هو تغيير جرى ويجري في بلد نجح النظام المُطَاح به في غرس العداوات والصراعات بين مكونات المجتمع الطائفية والعرقية والجهوية، ودفَع بها إلى أتون حروب دموية.
وهو تغيير جرى ويجري بعد تحوُّلات وتبدُّلات شديدة شهدتها التوازنات بين القوى التي بدأت خوض هذا الصراع الذي استمر قرابة 13 عامًا.
لقد نجح التغيير بعد أن تبدَّلت عوامل القوة بين الأطراف الداخلية التي أشعلت الثورة وخاضت غمارها؛ إذ نجحت بعض القوى في إحراز النصر، فيما تراجع دور القوى الأخرى، التي كان بعضها ناطقًا باسم الثورة ومتصدرًا قيادة الهيئات التي تشكَّلت للدفاع عنها -في فترة سابقة-، تحت عناوين الحوار مع النظام والمصالحة، وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي -2254 الصادر في عام 2015م-؛ بما جعل بعض القوى في موقع المطالبة بتطبيقه، حتى بعد زوال النظام.
وهو تغيير للإقليم لا في داخل الدولة السورية بحدودها الجغرافية فقط. فالتغيير في سوريا وجَّه ضربة قوية لمشروع الهلال الشيعي -الذي كان أهمّ مشروع سياسي في الإقليم-، وأعاد ترتيب التوازنات ومناطق النفوذ في الإقليم، وطرح احتمالات تغيير التحالفات وتغيير جوهر الصراعات الجارية.
لم تكن سوريا خلال حكم الأسد، مجرد طريق لمرور السلاح من إيران إلى العراق إلى ميليشيا حزب الله في لبنان؛ بل كان لوجود إيران وميلشياتها في سوريا دور إستراتيجي في عزل تركيا عن العالم العربي وفي تطويق الأردن، كما شكَّل نقطة للتحكُّم في عقدة التواصل العربي مع أوروبا. وكان وجود روسيا في سوريا عنوانًا لصراع كبير بين الولايات المتحدة وأوروبا من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى.
وقد جاء التغيير ليُعيد إحياء مشروعات دولية كبرى للطاقة، وليؤجِّج الصراع بين المشروع الأمريكي الهندي لربط الهند بأوروبا، ومشروع القرن الصيني المسمى بـ«الحزام والطريق» الذي يربط الصين ودول الشرق الأوسط وإفريقيا بأوروبا.
وما يزيد الأمر تعقيدًا أن التغيير جرى بعد سنوات طوال من الصراعات ارتكب خلالها النظام جرائم مشينة، فُرِضَت عليه بسببها عقوبات دولية، وهو أمر يُعقِّد من وضع النظام الجديد، لسابق تلاعب الدول الغربية بتلك الورقة تجاه النظم الجديدة.
وفي التغيير ذاته، فقد جرت وقائع مبهمة، لا شك تطرح قدرًا من التساؤلات حول طبيعة التحديات المقبلة.
لقد جاء سقوط نظام الأسد سريعًا؛ إذ لم يُقاتل جيشه ولا أجهزة أمنه، ولا الميلشيات الإيرانية ولا الحرس الثوري الإيراني، كما كان الحال في جولات الحرب السابقة، كما كان لافتًا أن اقتصرت ضربات الطيران على بعض الضربات العشوائية.
ما إن تحركت قوات المعارضة من إدلب التي شهدت إعدادًا للهجوم -وقد كانت تحت حصار قاسٍ طال زمنه-، إلى حلب لتنجح في السيطرة عليها -أريافًا ومدينة-، حتى تحدث المتابعون عن أن أمرًا مختلفًا يجري؛ إذ بدا أن النظام وحلفاؤه قد تهاوت قدرتهم وإرادتهم عن القتال.
وهو ما طرح التساؤلات، حول ما يجري.
رأى البعض أن ما يجري ناتج عن توافق روسي تركي إيراني-والولايات المتحدة بطبيعة الحال- لعودة المعارضة للسيطرة على مناطق خفض التصعيد التي كان النظام والميلشيات الإيرانية قد قلَّصوا مساحاتها يومًا بعد يوم.
لكن تسارع تقدُّم قوات المعارضة إلى ريف ثم مدينة حماة والسيطرة عليها في فترة زمنية قياسية بدا يطرح أسئلة أخرى؛ إذ جرت السيطرة هي الأخرى دون مقاومة. هنا سقطت فكرة محدودية تحرُّك المعارضة، وطرحت سيناريوهات أخرى.
وحين طوَّقت قوات المعارضة مدينة حمص، بات مُرجَّحًا أن المعركة مختلفة وأهدافها أبعد. وهو ما تأكَّد من بعد؛ إذ دخلت قوات المعارضة إلى حمص في زمن قياسي أيضًا، بما أنهى حلم بشار -وإيران وميلشياتها- باستمرار السيطرة على ما سماه الأسد بـ«سوريا المفيدة»، وفتح الطريق للسيطرة على دمشق، التي لم يستغرق وقت الوصول إليها والسيطرة عليها سوى عدة ساعات.
وهكذا تُوِّج التغيير بدخول المعارضة السورية العاصمة السورية دمشق، وبدء دوران عمليات إعادة تأسيس النظام السياسي الجديد، ومواجهة الآثار العسكرية والسياسية والاجتماعية التي خلَّفها نظام الأسد.
ومع ذلك، فالتحديات كبرى ومتعددة المجالات ومتداخلة؛ حيث تُواجه السلطة الجديدة تحديات غير مسبوقة، ليس فقط لأنها تحديات تتعلق بالتحوُّل من الثورة إلى الحكم على أنقاض نظامٍ دمَّر البلاد وزرع العداوات وأنهَك الاقتصاد ولعب لعبة تقسيمها فعليًّا، ولكن أيضًا لأن المعارضة وصلت إلى السلطة في ظل معادلات يفرضها احتلال قوى أجنبية للأرض السورية. وحيث تخوض تلك القوى صراعات كبرى مع بعضها البعض على مناطق النفوذ والسيطرة، وعلى توازنات القوة على الصعيد الدولي، كما أن الصراع الدولي يشهد حالة طفرة خطرة؛ إذ هو يجري على خلفية تغيير النظام الدولي.
وزاد من تلك التحديات، أن تقدمت القوات الصهيونية لتُعمِّق احتلالها في جنوب سوريا، وقام سلاح الجو الصهيوني بتدمير كافة الأسلحة التي كانت بحوزة الجيش السوري السابق.
توصيف الحالة بعد الانتصار
ينشغل الكثيرون بأبعاد ما جرى، وقد كان متسارع الخطى، بما طرَح تساؤلات حول أسباب الانهيار السريع لقوات النظام، وعن حالة التبخر التي جرت في وقت قياسي، وعن أسباب عدم مقاومة الميلشيات الإيرانية والحرس الثوري لقوات المعارضة، وقبولها بالهزيمة دون قتال، وعن الموقف الروسي الذي بدا مستسلمًا للتغيير وغيرها. وهو انشغال طبيعي؛ إذ تقول قواعد إدارة الصراعات: «إنه يجب أن يُصيبك القلق حين لا ترى عدوّك، وحين يُداهنك مَن كانوا بالأمس أعداءك».
وبسبب أن الدول لا تتخذ قرارات بمثل هذا الوزن -ينتج عنها تغييرات حاسمة-، دون أن يكون لها خطط للالتفاف على هذا التغيير، أو دون وجود خطط بديلة. أمر النصر يتطلَّب التدقيق ليس فقط فيما جرى، بل في الخطط البديلة التي اعتمدتها تلك القوى.
بشار لم يَتنَحَّ عن الحكم، وإيران بدت مستسلمة للتغيير، وهي التي لم تكن موجودة في شكل الميلشيات والحرس الثوري ومستشاريه فقط، بل هي من عملت طوال السنوات الماضية على تغيير هوية المجتمع السوري، وعلى اختراق الجيش السوري وأجهزة الدولة.
وروسيا التي بدت وكأنها خارج الملعب في توقيت هجوم قوات المعارضة، لا شك أنها لن تقبل بالهزيمة هكذا ببساطة؛ إذ إن وجودها العسكري في سوريا مرتبط بخطط تتعلق بدورها الدولي، وبالصراعات التي تَخُوضها في شرق البحر المتوسط وفي الشرق الأوسط وصولاً إلى إفريقيا، وموازنةً للوجود الأمريكي في شرق سوريا، والأهم أنّ وجود روسيا في سوريا قد جاء على خلفية انحياز حضاري ظهر في تصريحاتٍ أدلى بها وزير الخارجية الروسي «لافروف»، حين أعلن أن السُّنة لن يعودوا إلى حُكم سوريا.
وإذ الدور الأمريكي حاضر عبر قواعد في شرق سوريا، وبالارتباط بتنظيمات ميلشياوية تستهدف تقسيم سوريا -بل والعراق وتركيا وإيران-؛ فهناك معضلة كبرى تواجه محاولة السلطة الجديدة فرض السيادة الوطنية على كل إقليم الدولة؛ هو وجود عسكري مرتبط بإستراتيجيات كبرى، وهو دور يحمي تنظيمات إرهابية، وهو دور تقسيمي للمجتمع، ومانع للسيادة على الأرض، وهو دور مسيطر على الثروة النفطية في سوريا، ويواصل تسخيرها لمصلحة تلك التنظيمات.
وجميعها أسئلة ونقاط بحث مشروعة وضرورية.
القابضون على جمر الانتصار داخليًّا
تبدو السلطة الجديدة مدركة للتحديات التي تواجهها داخليًّا بعد تحقيق التغيير، سواء ما كان قائمًا وخاضعًا للدراسة خلال فترة التحضير لعملية رد العدوان، أو لما استجد عليها بعد السيطرة على دمشق.
ولقد ظهر هذا الإدراك جليًّا، في بثّ رسائل طمأنة لمختلف الأطياف السورية مجتمعيًّا وسياسيًّا، مع عدم تقديم تنازلات تخصّ بناء الدولة، وفي إصدار قرارات العفو والاقتصار على مطاردة الذين ارتكبوا جرائم جماعية، وفي حلّ الجيش السابق، والإعلان عن بدء تشكيل جيش وطني جديد، وفي التشكيل السريع لحكومة مؤقتة مع تقصير مدى بقائها في الحكم لتتناسب مع مقتضيات القرارات الدولية، وفي الحديث عن دستور جديد، وعن حلّ المكونات المسلحة التي حقَّقت انتصار الثورة ودمج مَن يريد مِن أفرادها في الجيش الوطني، والانتقال نحو بناء جيش وطني... إلخ. وكلها قرارات نقلت المتابعين من حالة القلق والتشاؤم إلى موقع التفاؤل.
غير أن الأمور ربما لا تسير وفق ما هو ظاهر.
فالتغيير في سوريا هو حالة خاصة للغاية؛ بسبب الأبعاد الإستراتيجية لسوريا كدولة، وبسبب ما ظهر من دور حاسم لفصائل إسلامية في إحداث التغيير -بعضها مُصنَّف على قوائم الإرهاب الغربية-، ولظروف وملابسات دولية وإقليمية في هذه المرحلة الزمنية من الصراع الإقليمي والدولي.
ولذا، فالقائمون على التغيير هم قابضون على جمرة من نار.
وأول ما تُواجهه السلطة الجديدة هو حجم التطلعات التي يأملها الشعب السوري من السلطة الجديدة. فالعادة أن مراحل الانتقال من الحكم الديكتاتوري تقابلها الشعوب بعد الانتصار بتوسيع المطالب إلى حد الانفلات. وإذ وقع التغيير بعد حقبة طويلة من الصراع الدموي الذي أدَّى إلى هدم شامل لمدن عديدة، وانتهى إلى أعمال سرقة هائلة لأموال الشعب قام بها قادة النظام السابق؛ فالآمال والمهام تتَّسع إلى درجة قد ينتج عنها تنازع حول الأولويات، وهو ما يتطلَّب قدرة على الموازنة بين أعمال النهضة والتطوير ومَطالب تحسين حياة الناس، وأعمال الترميم المطلوبة على كافة المستويات.
وثاني ما تُواجهه السلطة يتعلق بها هي؛ إذ إن عملية الانتقال من الثورة إلى الحكم تتطلب إحداث تغييرات فكرية وتطويرات مبتكرة لآليات العمل، وإعادة ترتيب العلاقات الداخلية، وبحث معمق لآليات الاندماج في أجهزة الدولة الجديدة. وكما هو معلوم فالسيف مرفوع على رؤوس القادة الجدد بشأن لعبة الإرهاب. وتشمل تلك الترتيبات ما يتعلق بمن كانوا في صف الثورة طوال سنوات طويلة، وبعضهم لم يشارك في التغيير الحالي. لقد تشكلت هياكل خلال مراحل التفاوض وتمايزت الصفوف والولاءات أيضًا، وهو ما يتطلب إعادة فرز الأوراق والقيام بعمليات مخططة ومتجردة لحشد أوسع قطاع من النخبة.
وثالث التحديات هو ما يتعلق بإعادة بناء أجهزة الدولة على أُسس جديدة. والأمر ليس هينًا؛ سواء لأن الدولة الجديدة محكوم عليها الاستعانة بالبيروقراطية القديمة التي تعودت على عادات استبدادية في إدارة مصالح السوريين، ولأن الدولة في زمن الأسد كانت قد تشكَّلت في أعلى هرم السلطة، وفي داخل دولاب الأجهزة على أُسس طائفية. وهو ما يستدعي القيام بدور فكري في تغيير المفاهيم، وليس القيام بدور تنفيذي فقط. ويزيد من صعوبة الوضع أن مُقدَّرات الدولة قد جرى تخريبها. كما لا يمكن تجاهل مخاطر أهواء النفوس في التعامل مع قضية المناصب.
ورابع التحديات يتعلق بالمصالحات الاجتماعية، وهو أمر متعدّد الاتجاهات؛ فهناك المصالحات ذات الطابع العام التي تتعلق بالفئات النوعية، وهناك المصالحات على مستوى المدن والمصالحات على مستوى الأفراد والعائلات، وهو ما يتطلب إنجاز مخططات واضحة يتداخل فيها ما هو مجتمعي مع ما هو قانوني عام وقانوني يتعلق بالفترات الانتقالية. وقبل هذا وبعده، تقديم نموذج لإعادة التفاهم والتناغم المجتمعي.
وخامس التحديات يتعلق بعودة المهجرين إلى الخارج وفي الداخل تحت ضغط القتل والتهجير، وهي أعداد ضخمة قد تصل إلى نصف الشعب السوري. وكثير من أراضي ومنازل هؤلاء قد جرى الاستيلاء عليها وتسكين عناصر الميلشيات الإيرانية في داخلها ضمن مخطّط تغيير هوية المجتمع السوري.
التحديات الدولية والإقليمية
تُواجه السلطات الجديدة حالة غير مسبوقة على صعيد التحديات الخارجية، التي هي في قلب صناعة التحديات الداخلية أيضًا.
فالقوى الدولية والإقليمية الموجودة على أرض سوريا يتطلب استمرار وجودها -لتنفيذ إستراتيجياتها- استمرار التفكك والانقسام، بل حتى الاحتراب الداخلي، وبذلك تصبح قضية سيادة الدولة على إقليمها الجغرافي والسكاني أمام تحديات خطرة. فالمعطى الخارجي بات معطًى داخليًّا، يضغط ويتحرك بالارتكان إلى قوى ومجموعات داخلية. وتتعقد مسألة السيادة أكثر فأكثر بحكم اعتماد النظام السابق إستراتيجية جلب القوى الخارجية واللعب بأوراق توازناتها؛ ليتمكن من البقاء في السلطة، وهو ما خلَّف اتفاقيات وتفاهمات شرعنت الوجود الأجنبي، وتتطلب تعاملاً حذرًا من السلطات الجديدة.
كما أن سوريا بلد ذو موقع إستراتيجي بالغ الأهمية والتأثير، ليس فقط على صعيد الصراعات الأمنية الإقليمية، بل أيضًا على صعيد الصراعات الأمنية الدولية. وهذا الموقع قد زادت أهميته بسبب الصراع والحرب الدولية الجارية في أوكرانيا، وبسبب تنافس المشروعات الاقتصادية الدولية التي تجري لتعديل توازنات القوى الاقتصادية.
والأهم أن التغيير الجديد؛ إذ أزال الوجود العسكري الإيراني، واعتمد على تركيا كدولة دعم وإسناد له خلال معركة التغيير، وتتطلب حركته في مواجهة التنظيمات الإرهابية على الأرض السورية، والميلشيات التي تسعى للتفكيك، وإذ يحتاج للدور التركي المساند لبناء الجيش وتطوير مؤسسات الدولة والاقتصاد؛ فقد بات جزءًا من تغيير إقليمي ودولي كبير.
في جانب التغيير على الصعيد الدولي؛ سوريا التي كانت حليفة للنظام الطائفي الإيراني ولروسيا، باتت حليفة الآن لدولة سُنِّيَّة، وتلك الدولة عضو في حلف الأطلنطي.
ولقد أحدث هذا التغيير حالةً ووضعًا آخر على صعيد الصراع مع الكيان الصهيوني، الذي يحتل بعض الأراضي السورية منذ عام 1967م، وزاد عليها مناطق أخرى خلال الفترة الأخيرة. ولم تعد إيران ولا ميلشياتها هي التي توجد على تلك الساحة، بل أصبحت السلطة الجديدة وتركيا هم الذين في المواجهة.
وسوريا الآن أمام تحوُّل كبير من نوع آخر، ويفرض تحديات من نوع مختلف.
فمنذ أن تأكد انتصار المعارضة، تطايرت التأكيدات حول ضرورة السير في إنشاء خط الغاز القطري الذاهب إلى أوروبا؛ لتعويض النقص في تصدير الغاز الروسي لها. وهو ما يعني تغييرًا في نمط العلاقات بين سوريا وأوروبا، وبين سوريا والمحيط العربي، لعل الأهم فيه هو ضرورة تغيير النمط والحالة الصراعية بشأن العراق.