التشريع الإسلامي بأقلام قانونيين ومفكرين غربيين
قال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا
إلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْـحَقِّ مُصَدِّقاً لِّـمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ
الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا
تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْـحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ
شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَـجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً
وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْـخَيْرَاتِ إلَى
اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}
[المائدة: 48].
لكل قانون طبيعته وسماته وخصائصه التي تميزه
عن غيره من القوانين، وهذه السمات والخصائص تُستمد بصفة أصلية من عنصرين:
الأول: شخصية
واضعيه والعوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر في سلوكهم.
الآخر: طبيعة
المجتمع الذي يُنظم القانون العلاقة بين أفراده ويُوضع لحفظ أمنه ورعاية مصالحه.
ولأجل ذلك فمهما ارتقى القانون فإنه لن يكون
حلاً أو علاجاً إلا بأثرٍ محدود أو فترة معينة؛ لأن فلسفته في النهاية منوطةٌ
بعقول البشر القاصرة وبأفهامهم المحدودة المشوبة بتسلط الهوى والشهوة، وهنا تبرز
مكانة التشريع الإسلامي الذي هو من صنع خالق البشر الأعلم بأحوالهم وما فيه صلاحهم
وأدرى بما تؤول إليه عاقبة أمرهم، وهذا ما يجعل هذا التشريع ضرباً فريداً مُعجزاً
من التشريعات والقوانين التي لم تعرفها البشرية من قبل ولن تعرفها بعد، إذ لا تتحكم
في سنها الآراء، ولا تعبث في وجهتها الأهواء.
تجلت قواعد الشريعة من نواحٍ أربع:
الأولى: الأسس
التي قامت عليها.
الثانية: المقاصد
والغايات التي استهدفتها لتحقيق العدالة المطلقة بين الناس.
الثالثة: المصادر
المتنوعة التي استمدت منها أحكامها متمثلةً في القرآن والسُّنة فالإجماع والقياس
والعرف ثم مذاهب الصحابة والاستصحاب والمصالح المرسلة والاستحسان وشرع من قبلنا ما
لم يخالف شرعنا.
الرابعة: الأحكام
التي جاءت بها، سواء من القرآن والسُّنة مباشرةً أو ما استمد منهما باستعمال أصول
الفقه وضوابطه وقواعده الكلية والجزئية التي وضعها الفقهاء المسلمون، مستلهمين
الحلول من سوابقهم وسوابق أسلافهم والأشباه والنظائر إذا لم يجدوا في كتاب الله
تبارك وتعالى وسُنة نبيه صلى
الله عليه وسلم بُغيتهم، وقد اجتهدوا في ذلك أيما اجتهاد
وصنفوا في أصول التقاضي والأحكام والدعاوى ما عجزت سائر الأمم عن الإتيان بمثله،
بل سبقوا إلى تأصيل النظريات القانونية التي يُفاخر القانونيون المعاصرون بتأصيلها
وذكرها في كتبهم، وبلغ بهم الشأن العظيم أن كانوا مرجعاً للأوروبيين في المسائل
الحقوقية والمعضلات القانونية يفزعون إليه كلما دعتهم الحاجة ليجدوا لدى المسلمين كلمة
الفصل فيما يهمهم ويشغل بالهم في هذا الجانب، يحدثنا عن ذلك الأستاذ العلامة علي
حيدر - رحمه الله -،
وزير العدلية في الدولة العثمانية، والأستاذ بكلية الحقوق في الأستانة، ورئيس
محكمة التمييز (النقض)،
وأمين الفُتيا، فيقول: (وقد استُفْتِيَتْ دارُ
الاستفتاء هذه في بعض الأحوال من قبل دول أوروبا في بعض المسائل الغامضة الحقوقية)[1].
وقد انتبه فقهاء وفلاسفة القانون العالميون
المعاصرون لإعجاز التشريع الإسلامي، فنضحت مؤلفاتهم بانبهارهم، ولم يتمالكوا
التصريح في مؤتمراتهم بعلو كعب الشريعة في المجال التشريعي، والإقرار بأنها السبيل
لخلاص البشرية البائس من ويلات القانون الوضعي وتبعاته المُجحفة، يقول الأستاذ
برنارد شو، الفيلسـوف والروائي الإنكليزي المعروف
(1856 - 1950م): (الإسلام
هو دين الديمقراطية وحرية الفكر.. وهو
دين العقلاء.. وليس فيما أعرف من
الأديان نظام اجتماعي صالح كالنظام الذي يقوم على القوانين والتعاليم الإسلامية،
فالإسلام هو الدين الوحيد الذي يبدو لي أن له طاقةً هائلةً لملاءمة أوجه الحياة
المتغيرة، وهو صالح لكل العصور)،
ويقول: (لا بد أن تعتنق
الإمبراطورية البريطانية النظم الإسلامية قبل نهاية هذا القرن، ولو أن محمداً بُعث
في هذا العصر وكان له التحكم في هذا العالم الحديث لنجح تماماً في حل جميع المشاكل
العالمية وقاد العالم إلى السعادة والسلام)[2].
ويقول المستشرق الإنكليزي البروفيسور نويل ج. كولسون،
أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة لندن: (ويصح
النظر إلى الشريعة على أنها نظام قانوني متطور، ويتميز هذا النوع من القوانين
السماوية عند مقارنتها بالقوانين المعتمدة على العقل الإنساني بخاصيتين أساسيتين:
أولاهما: أنه
نظام ثابت لا يتبدل، ومن ثمَّ فإن معاييره ثابتةٌ ثبوتاً مطلقاً وليس لأي سلطة
قانونية حق تغييرها.
أخراهما: أن
الشريعة الإسلامية المنزلة تمثل السمت الموحد لجميع الشعوب الإسلامية، على حين أن
الاختلاف سيكون هو النتيجة الحتمية لقوانين من العقل الإنساني المتأثر بالظروف
المحلية الخاصة والمعبّر عن احتياجات مجتمع معين)[3].
ويقول الأستاذ الإنكليزي روم لاندو، أستاذ
الدراسات الإسلامية في الأكاديمية الأمريكية للدراسات الآسيوية وغيرها من الجامعات
الأمريكية (1899 - 1974م)،
في كتابه (الإسلام والعرب):
(الواقع أن مجموعة الشرائع التي نشأت من طريق النظام
والتنظيم اللذين أحدثهما الإسلام، ليس لها ما يقابلها في القوانين الغربية التي
انبثقت عن أنماط من السلوك متعارف عليها، ذلك بأن القانون في الإسلام أُسس - منذ
البدء - تأسيساً مباشراً على
الوحي الإلهي الذي تلقاه محمد، ومن هنا لم يكن في حاجة إلى الاقتران بموافقة
الجماعة، وبسبب من طبيعته الإلهية - وبالتالي
المعصومة عن الخطأ - سنّ القرآن شرائع منزهةً
عن الضلال، مفروضاً في المؤمنين أن يعملوا بموجبها، لا كواجب اجتماعي - كما
هي الحال في الغرب -، لكن كجزء من الإيمان
بالله)[4].
ويقول المستشرق النمساوي ألفرد فون كريمر - القنصل
السابق للنمسا في مصر وبيروت (1889 - 1928م) -
في فضل الفقه الإسلامي وخصائصه من الناحية القانونية: (إن
الفقه الإسلامي هو أعظم عمل قانوني في تاريخ العالم، يفوق القانون الروماني وقانون
حمورابي؛ نظراً لما فيه من حكمة إلاهية وبناء منطقي هائل، لكن الفقه لم يسجل
الشريعة في مواد قانونية محددة حتى لا يُصيبها الجمود وتحتاج إلى تغيير، وإنما
أبقى على مبادئ وأحكام عامة؛ ولذلك فهي صالحة لكل البشر في كل زمان ومكان).
ويقول البروفيسور فيليب حتى - الأستاذ
بجامعتي (هارفارد) و(برينستون) في
الولايات المتحدة الأمريكية (1886 - 1978م) -
في كتابه (الإسلام
منهج حياة): (إن نسخ شريعة محمد
للشرائع التي سبقته سببه أن شريعته آخر الشرائع وأتمها في الاستجابة إلى حاجات
البشر التي كانت قد تزايدت مع الزمن ومع نُضْج البشر الروحي، ولقد كان من أسباب
ذلك أيضاً أن اليهود والنصارى - كما
جاء في القرآن - قد بدلوا الوحي الذي
نَزَلَ عليهم في شريعتهم، وإن الله قد قال على لسان محمد كلمته الفَصْل إلى
الإنسانية، وليس بالإمكان أن يكون بعد ذلك كلمةٌ أخرى أكثرُ فصلاً أو أحسن دلالة)[5].
ويقول المفكر الفرنسي الشهير ألفونس إيتان
رينيه (1861 - 1929م) في
كتابه (محمد رسول الله) عن
صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان مهما بلغت درجة التحضر والرقي: (لقد
أكد الإسلام من الساعة الأولى لظهوره أنه دينٌ صالحٌ لكل زمان ومكان، إذ هو دين
الفطرة، والفطرة لا تختلف في إنسان عن آخر، وهو لهذا صالح لكل درجة من درجة
الحضارة).
بل إن التشريع الإسلامي لا تبرز خصائصه
العلمية إلا حيث يرتقي الإنسان في المدنية وترتفع درجة تحضره، ولنا في تراث
المسلمين الفقهي الغزير وفي نشوء عشرات المدارس الفقهية في التاريخ الإسلامي حين
اتسعت رقعة العالم الإسلامي؛ خير شاهد ودليل على ذلك، حيث كانت الدولة الإسلامية
منارة العلم في كافة المجالات - الطبيعية
والنظرية والأدبية -، وقطع علماء التاريخ في
الشرق والغرب بفضلها على سائر الأمم.
ولا يفوتنا في هذا المقام أن نُشير إلى قولة
المؤرخ الإنكليزي (جيبون) الشهيرة: (إن
الشريعة المحمدية تشمل الناس جميعاً في أحكامها من أعظم ملك إلى أقل صعلوك، فهي
شريعة حيكت بأحكم وأعلم منوال شرعي لا يوجد مثله قط في العالمين)[6].
وفي سنة
1932م انتهى الباحثون في (المؤتمر
الدولي للقانون المقارن) المنعقد
في (لاهاي)،
إلى أن: (الشريعة الإسلامية مصدر
من مصادر القانون المقارن.. وبهذا
تكون مصادر القانون المقارن أربعة: القوانين
الفرنسية، والقوانين الألمانية، والقوانين الإنجليزية، والشريعة الإسلامية)[7].
وفي يوليو سنة
1951م انتهى الباحثون في مؤتمر (أسبوع
الفقه الإسلامي) الذي عقدته (شعبة
الحقوق الشرقية) في المجمع الدولي للحقوق
المقارنة برئاسة الأستاذ (ميو)،
أستاذ التشريع الإسلامي في كلية الحقوق بجامعة باريس؛ إلى أن: (مبادئ
الفقه الإسلامي لها قيمة حقوقية تشريعية لا يُمارى فيها، وإن اختلاف المذاهب
الفقهية في هذه المجموعة الحقوقية العظمى ينطوي على ثروة من المفاهيم والمعلومات
ومن الأصول الحقوقية هي مناط الإعجاب، وبها يتمكّن الفقه الإسلامي أن يستجيب لجميع
مطالب الحياة الحديثة والتوفيق بين حاجاتها). وقد
أعلن المؤتمرون رغبتهم في تكرار فعاليات مؤتمر (أسبوع
الفقه الإسلامي) سنوياً، ومتابعة أعماله
وتفعيل قراراته وتوصياته بعد انعقاده، وأصدروا توصيتهم بتأليف لجنة لوضع (معجم
للفقه الإسلامي) يُسهل الرجوع إلى
المؤلفات الفقهية حتى يُمكن استعراض المعلومات الحقوقية الإسلامية وفقاً للأساليب
الحديثة.
وفي كلية القانون في جامعة (هارفارد)،
أشهر الجامعات الأمريكية والعالمية على الإطلاق، وضعت الآية رقم
(135) من سورة النساء على حائط المدخل الرئيسي
للكلية موصوفة بأنها من أعظم عبارات العدالة في العالم عبر الأزمان، والآية المعنية
هي قول الله عز وجل: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ
وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إن يَكُنْ غَنِيًّا
أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن
تَعْدِلُوا وَإن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيراً} [النساء: 135].
وفي الفترة الأخيرة أشاد (يوخين
هارتلوف)، وزير العدل بولاية (راينلاند
بفالز) الألمانية، بالشريعة
الإسلامية وطالب بتحكيمها، وقال: (إنه
يتصور إمكانية السماح لمسلمي ألمانيا بحل منازعاتهم المتعلقة بالطلاق والنفقة
والعقود المالية التي يفضلون فيها الابتعاد عن الفوائد الربوية، من خلال مُحكمين
مسلمين يعتمدون بتقديراتهم على أحكام الشريعة الإسلامية). وأوضح (هارتلوف) أن
الشريعة الإسلامية تتعامل مع قضايا الأحوال الشخصية والتعاقدات التجارية بصياغة
عصرية مقبولة[8].
واقترح الأسقف (روان
ويليامز)، رئيس (الكنيسة
الإنجليكانية) في بريطانيا، تبنّي بعض
أحكام الشريعة، وقال إن اعتماد أجزاء من الشريعة يبدو أمراً لا مفر منه في بعض
الحالات[9].
وفي الولايات المتحدة الأمريكية صرح (هارولد
كو)، المستشار القانوني
لإدارة الرئيس الأمريكي (أوباما)،
بأنه يجب إقامة محاكم إسلامية على الأراضي الأمريكية للفصل في النزاعات بين
المسلمين، كما رفضت (لجنة القواعد) في (مجلس
الشيوخ) تمرير مشروع قانون[10] يحظر
اعتبار الشريعة الإسلامية في القضاء بولاية (أوكلاهوما) إثر
قيام (مجلس العلاقات الإسلامية
الأمريكية) بمعارضة القانون بقضية
فيدرالية اكتسبت دعم أحد القضاة الذي أصدر إنذاراً قضائياً تمهيدياً بمنع اعتبار
المذكرة المقترحة قانوناً.
وأظهرت إحدى الدراسات الحديثة التي أشرفت
عليها (اللجنة العليا لحقوق اللاجئين) بالأمم
المتحدة؛ أن الشريعة الإسلامية أكثر المصادر التي أثرت في صياغة قوانين حقوق
اللاجئين التي يستفيد منها عشرات الملايين من اللاجئين حول العالم، وأشار (أنتونيو
جوتريز)، ممثل (اللجنة
العليا)، إلى أن القوانين التي
تتبنّاها المنظمة قد أخذت بما أشار إليه الإسلام من توفير الأمان للاجئين وعدم
ردهم إلى الأخطار التي فروا منها، إضافة إلى أن حماية اللاجئين تشمل غير المسلمين
الذين لا يُكرههم الإسلام على تغيير دياناتهم، ولا يقوم بمساومتهم من أجل الحصول
على حقوقهم، بل يقوم الإسلام على توفير الحماية لهم ولممتلكاتهم ويعمل على لمّ شمل
أسرهم بنوع من الكرم والإحسان. ودعا (جوتريز) المجتمع
الدولي لتقدير هذه الحقوق التي تكفلها الشريعة الإسلامية للاجئين.
هذه جملة من أقوال فلاسفة الفكر
الغربي وفقهاء القانون - وهم أهل الاختصاص والخبرة - في إعجاز التشريع الإسلامي وحاجة
البشرية المُلحة إلى تفعليه في التقنينات المعاصرة، والحق الذي لا مرية فيه أنه
مهما حاول الباحثون إبراز محاسن الشريعة ووجوه إعجازها فلن يوفوها حقها ولن
يستوعبوا إلا قدراً يسيراً ضئيلاً من إيجابياتها ومحاسنها.
:: مجلة البيان العدد 324 شعبان 1435هـ، يونيو 2014م.
[1] درر الحكام شرح مجلة الأحكام
(4/ 566).
[2] حكمة التشريع وفلسفته
(1/ 26).
[3] في تاريخ التشريع الإسلامي
(28 - 29).
[4] الإسلام والعرب
(187).
[5] الإسلام منهج حياة
(23 - 24).
[6] التشريع الإسلامي في دراسات أعلام
الغربيين، مجلة الأزهر، المجلد 24،
الجزء السابع، رجب 1372 هـ
(مارس 1953 م)،(ص
885).
[7] وقد انعقد المؤتمر مرة أخرى في سنة
1938م وبحث قضية شائكة كانت مثارة بين القانونيين بشأن
ارتباط التشريع الإسلامي بالقانون الروماني وصلته به، وقد أعلن المؤتمر في النهاية
أن الشريعة الإسلامية مستقلة بذاتها وليست لها صلة بالقانون الروماني ولا بأي
تشريع آخر.
[8] وقد رفضــت وزارة العـــدل الألمانية
هذه الدعوة بحجــة تسبّبها في نشــــوء نظاميــن قضائيين متوازيين في ألمانيــا،
بينمــا طالـــب (الحزب المسيحي البافاري)
بإقالة (يوخين
هارتلوف)، وزير العدل الألماني،
مستنكراً دعوة الأخير للتحاكم إلى الشريعة التي على حد زعمهم
(محتقرة للبشر). بينما
تجاوب بعض القضاة الألمان مع دعوى (هارتلوف)،
فقضى أحد القضاة بمدينة (ليمبورج
آن دير لاهن) بأحكام الشريعة
الإسلامية في دعوى قضائية رفعها مسلم تركي يطالب زوجته السابقة برد مجوهرات ذهبية
تبلغ قيمتها 12 ألف
يورو كصداق عقب انفصالهما بعد شهرين من زواجهما، وأشار القاضي إلى أن الصداق من حق
الزوجة ليساعدها على النفقة بعد الطلاق بغض النظر عن مدة الزواج، مؤكداً أنه اعتمد
في الحكم على أحكام سابقة للقضاء التركي.
[9] أظهرت أحدث الدراسات التي قام بها
(دينيس ماكيون)،
المختص في الشؤون الإسلامية، أن عدد المحاكم الإسلامية التي تفصل في الشؤون
الأسرية للمسلمين على مستوى (بريطانيا)،
بلغت 85 محكمة، وهو ما أثار
عدداً من الباحثين والمفكرين النصارى، منهم:
(رومن ويليامز) قسيس(كنتربري)،
واللورد (نيكولاس فيليبس)،
فقد انتقدا هذا الوضع واعتبرا أن تزايد المحاكم الإسلامية يشكل خطراً على الوضع
القضائي في إنكلترا، وافتئاتاً على اختصاص المحاكم البريطانية.
[10] عبارة عن مذكرة تقدم بها عضو الحزب
الجمهوري (سالي كيرن)،
وكان قد حصل على موافقة 70 % من
المواطنين عليها في استفتاء أُجري في نوفمبر
2010م، وموافقة برلمان
(أوكلاهوما) في
مارس 2011م بموافقة
76 صوتاً واعتراض ثلاثة أصوات فقط، وتأييد عدد من ممثلي مدن
الولاية، مثل: (لويس
مور) ممثل مدينة
(أدموند)،
و(ريكس دونكان)
ممثل مدينة (ساند
سبرنجز) الذي اعتبر ولاية
(أوكلاهوما) أولى
الولايات التي تتخذ هذه الخطوة، آملاً أن تتبعها باقي الولايات الأمريكية في هذه
الخطوة. وبالفعل تقدم عدد من
الولايات الأمريكية في تمرير مشروعات قوانين تحظر إقامة المحاكم الشرعية وتمنع
تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، منها: ولاية
(ميتشجان)،
حيث تقدم (ديف أجيما)
عضو الحزب الجمهوري وممثل مدينة
(جراندفيل) بالولاية
بمذكرة قانونية لمجلس الشيوخ يُطالب بعدم اعتبار أحكام القوانين الأجنبية عن
الدستور الأمريكي، مؤكداً أن القانون الجديد سيتصدى لمن يحاول وضع حد القانون
الأجنبي على رقبة القضاء الأمريكي، على حد تعبيره.
وانتهى الأمر مؤخراً إلى رفض إصدار قانون يحظر اعتبار
أحكام الشريعة الإسلامية في القضاء بولاية
(ميتشجان) الذي
تقدم به(أجيما)،
وقد أعرب (مجلس العلاقات
الأمريكية الإسلامية) عن ترحيبه بقرار منع
قبول القانون المشار إليه.