• - الموافق2024/11/21م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الفرص الصهيونية من المصالحة الفلسطينية

الفرص الصهيونية من المصالحة الفلسطينية


طالب رئيس جهاز «الموساد» الصهيوني الأسبق، «أفرايم هليفي»؛ صنّاع القرار في «إسرائيل» بالمبادرة في الظروف الحالية للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، وإلا فقدت الدولة قدرتها على الردع؛ بعد أن استطاعت الحركة عبر إجراءات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الأسابيع الأخيرة؛ أن تصوغ برنامج العمل المباشر في صراعها مع «إسرائيل».

وأشار «هليفي» إلى أنّ هناك اتفاقاً بين الجميع في «إسرائيل» على تقدير أن هذه واحدة من أقسى ساعات حركة حماس بعد القطيعة مع قاعدتها في دمشق، وتقليص إيران المساعدة للمنظمة بسبب الموقف الذي التزمت به، أما مصر التي كانت لوقت قريب الجبهة الداخلية والدعامة الاستراتيجية لحماس، فقد أعلنتها منظمة معادية.

وأضاف أنّه في الساحة الدولية تمتنع الولايات المتحدة عن إجراء أي اتصال بحركة حماس، وتلتزم الدول الأوروبية بألا تعترف بها حتى تتبنّى شروط الرباعية الثلاثة، وتركيا غارقة في صراعات داخلية، وينبغي ألّا نفرض أن يشغل رئيس الوزراء «أردوغان» نفسه بقطاع غزة، وضاقت أكثر الدول العربية والإسلامية ذرعاً بغزة.

لكن أوساطاً صهيونية مطلعة زعمت أنّ حماس أصبحت أكثر عزلة وضعفاً مما كانت من قبل، ونقطة الضوء الوحيدة عندها في روسيا التي تلتزم في الحقيقة بقرارات الرباعية لعضويتها فيها، لكنها تؤيد الاتفاق الفلسطيني الداخلي، بل إن نائب وزير الخارجية الروسي «ميخائيل دفدانوف» هاتف خالد مشعل وهنّأه على المصالحة مع فتح.

وأوضحت ذات الأوساط أن هذا هو الوقت الذي يجب فيه على «إسرائيل» أن تزن بجدية خيار أن تقضي على حماس بعاصفة، فلا أحد سيهبّ لنجدتها، ولن يُنبّه أحد الرأي العام الدولي لإنقاذها، ولن يقترح أحد إنشاء لجنة تحقيق دولية للتحقيق في وقائع هذه الحرب، وهكذا يستطيع رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» أن يجتث التهديد من جذوره، ويمنع سيطرة حماس في المستقبل على الضفة الغربية في ظل حكومة وحدة وطنية فلسطينية.

من جهة أخرى، فإن هذه الحرب على حماس ستجبي من «إسرائيل» ثمناً باهظاً من الدماء والخسائر والمصابين، وهذا ثمن فظيع، لكن إذا نجحت في المهمة فستسقط عنها أكبر تهديد من حماس بالقضاء عليها، وهو تهديد لا يكلّ المتحدثون باسمها عن ذكره، وهذا الإجراء سيضر ضرراً شديداً بقوى مناظرة لحماس، خاصة في لبنان، التي أعلنت مؤخراً أنها لا ترغب في محاربة «إسرائيل»، وفي هذا السياق فقط يمكن أن نتفهّم إعداد الرأي العام هنا لمعركة، وتعليق المعارضة نضالها لسياسة الحكومة.

تراجع الردع

في ذات السياق، فإن سرعة الأحداث في الشرق الأوسط توجب اتخاذ قرارات صهيونية في أسرع وقت ما بقي العالم مشغولاً بأزمة أوكرانيا، ولهذا لن تسارع روسيا للتدخل من أجل حماس، وقبل أن يدخل الاقتصاد الدولي أزمة أخرى، فإذا لم تنتهز «إسرائيل» هذه الفرصة النادرة التي عرضت لها، فقد تتغيّر الظروف؛ لأن الظروف المجتمعة التي وصفت آنفاً ستمر، وتبقى حماس، وتعود لزيادة قوتها.

وستفهم دول المنطقة أن «إسرائيل» حتى في هذه الحالة المتطرفة، أحجمت عن القيام بمواجهة مصيرية لعدوتها الضعيفة التي ما زالت تطمح للقضاء عليها، وقد تكون لهذه النتيجة آثار بعيدة المدى على مكانة من ترى نفسها من القوى الإقليمية العظمى، وسيضعف صدق ردعها ضعفاً شديداً.

لكن المثير فعلاً أنه يوجد بالطبع بديل آخر، وهو محادثة العدو، وهي حماس، لا سيما في وضعها الضعيف، فإذا رُدّ هذا الخيار كلياً يبقى الاثنان اللذان ذكرا فقط، وهما استغلال الظروف للقضاء على التهديد، أو الاستمرار على السير في مستنقع عدم وجود سياسة، مع تحمل تكاليفها، حتى تختفي قدرة «إسرائيل» على ردع عدو ليس دولة.

وتساءل الخبير الصهيوني في الشؤون الفلسطينيّة «ماتي غولان»: ما الضير في حوار «إسرائيل» مع حماس؟ لأن منظمة التحرير الفلسطينيّة كانت ذات مرة مثل حماس، وفي كل الأحوال فإن اتفاقاً يضم حماس أفضل من اتفاق من دونها، رغم إعرابي مرات عديدة عن عدم ثقتي بإرادة أو قدرة الفلسطينيين على الوصول معنا لاتفاق، حتى لو أرادوا ذلك، لافتاً إلى أنّه من دون مشاركة حماس في المسيرة السلمية، فسيكون نصف أو ربع اتفاق فقط.. الاتفاق مع قسم من الشعب الفلسطيني من شأنه أن يكون أسوأ من اتفاق سلام؛ لأنه لا يحل شيئاً بالنسبة للقسم الآخر.

وأضاف: كل اتفاق يجلب السلام مع الفلسطينيين، وتكون حماس مرتبطة به؛ كفيل بأن يبعدها، بهذا القدر أو ذاك، عن التطرف، ويقربها منا ومن حلفائنا في الغرب أيضاً، وتقترب من الفهم بأنّ حربها مع «إسرائيل» عديمة الجدوى.

اختلاف التكتيك

من ناحيته، أوضح وزير القضاء الصهيوني السابق، «يوسي بيلين»، أنّ حماس منظمة إسلامية مع خصائص ما تقدمه من مساعدات، كمجموعات دينية أخرى في العالم، كانت في مرحلة ما تبدو في نظر حكومات «إسرائيل» بديلاً مناسباً عن منظمة التحرير الفلسطينية، ثم اتجهت لطريق العنف القاسي لرغبتها في ضمان تأييد الشباب، ورأت أن اتفاق أوسلو خيانة للأهداف الإسلامية والفلسطينية، وناضلته بنجاح لا يستهان به، وقد أثبتت التجارب الماضية مع الحركة أنه لا يمكن ابتلاعها، ولا يمكن لفظها أيضاً.

كما أنّ حماس لن تلتزم بالاعتراف بـ «إسرائيل»؛ ولهذا لا يمكن أن تكون شريكاً لها في السلام، والفارق بينها وبين «فتح» في التكتيك؛ فالسلطة تعترف بأنها تحرز التقدم باستعمال الدبلوماسية بدل العنف وسيلة للقضاء على «إسرائيل» على مراحل، حيث تتفاخر حماس بأصوليتها الإسلامية، وهي تناظر تنظيم «القاعدة» في كل شيء.

بل إنها أثنت على «أسامة بن لادن»، ونددت بالولايات المتحدة لقتلها إياه، وهي رائدة العمليات الانتحارية، وسيكون قادتها أعضاء في المجلس الوزاري المصغر في السلطة الفلسطينية.

كما أنّ هناك في «إسرائيل» من يطالب بالتفاوض مع حماس في محاولة لتليين موقفها لتنحاز لموقف أكثر اعتدالاً، لكن سيجب عليها كي نقبلها شريكاً في المحادثات أن تعترف اعترافاً رسمياً بـ «إسرائيل»، وتتنكر للعنف، وتلغي علناً ميثاقها الذي يدعو لقتل اليهود، ويجب على قادتها أن يقبلوا جميع الاتفاقيات السابقة التي وقع عليها مع السلطة، ويتخلوا عن مخزونهم من القذائف الصاروخية الذي جاء من إيران ودول أخرى.

أخيراً.. فإن القناعة المتصاعدة في «إسرائيل» عقب اتفاق المصالحة بين فتح وحماس بأنه إذا وافقت حماس على ذلك فستعدّ شريكة في السلام؛ غير منطقية؛ لأن احتمالات ذلك صفر، ولا تستطيع «إسرائيل» الآن أن تفاوض السلطة التي يقودها نشطاء يلتزمون بالقضاء عليها.

:: مجلة البيان العدد  324 شعبان 1435هـ، يونيو  2014م.

أعلى