الحوثي.. ذراع إيران في خاصرة الخليج
إعداد: أ. محمد الأحمدي و أ. مصطفى حسان
مع بزوغ فجر التغيير في
اليمن، حضرت جماعة الحوثي بشكل ملفت على الساحة الإعلامية، مستفيدة من الأموال
الإيرانية، وراءها عديد من تجار الكلمة أو ممن اضطرتهم ظروف المعيشة الصعبة وغياب
الوازع الديني والأخلاقي إلى البحث عن الرفاهية بأي ثمن، ليصبحوا أبواقاً يعملون
تحت رايتها، وقلماً يعبّر بلسانها. ومع ذلك لم تكتفِ جماعة الحوثي بالإعلام كوسيلة
سلمية للتعبير عن أفكارها، أياً كان حجم الكذب والتضليل الذي دأبت عليه الجماعة،
بل استمرت في التعبير عن نفسها أيضاً من خلال السلاح والعنف، فكانت تحاور في يد
وتحمل السلاح باليد الأخرى.
رحلة التسلح
قبل أن تعلن جماعة الحوثي
التمرد المسلح عام 2004، كانت قد أعدّت العدة، وتجهّزت عسكرياً، فلم يكن ذلك
التمرد من باب الصدفة، بل تنفيذاً لخطة مدروسة واستراتيجية التقت عندها طموحات
الجماعة بالوصول إلى سدة الحكم في اليمن، ومطامع إقليمية تتمثل في إنشاء ذراع
عسكرية لإيران في خاصرة السعودية، على غرار حزب الله اللبناني في خاصرة بلاد
الشام.
ورغم عديد من اتفاقيات
التهدئة بين الدولة والحوثيين، التي تنص على ضرورة تسليم جماعة الحوثي الأسلحة
والمعدات التي استولت عليها من مواقع الجيش[1]، بما في ذلك اتفاق الدوحة في فبراير 2008؛ إلا أن
الجماعة سرعان ما كانت تنقلب على تلك الاتفاقيات، عند الوهلة الأولى من الشروع في
تنفيذها، مؤكدة تمسّكها بالسلاح، بل تسارع إلى استغلال فترات الهدنة مع الدولة
لمزيد من التسلح وشنّ مزيد من الهجمات على مواقع الجيش والاستيلاء على مزيد من
الأسلحة والمعدات، وهو ما كشفته بوضوح أحداث الحرب السادسة التي اندلعت مطلع أغسطس
2009 عندما بدت الجماعة من خلال أدائها القتالي أكثر قوة من ذي قبل، فبعد أيام من
اندلاع المواجهات البرية تمكّن مقاتلوها من الاستيلاء على مواقع عديدة بعتادها
الحربي الثقيل والمتوسط، وهو ما أكدته أفلام الفيديو التي بثها الحوثيون أنفسهم
على مدى أسابيع، معلنين حينها أن تلك "الغنائم"، كما يسمونها، ستكفيهم
لسنوات من القتال وحرب الاستنزاف[2].
غير أنه في السياق ذاته استمر
تدفق الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، فقد أكد الخبراء العسكريون أن صواريخ
الكاتيوشا التي استخدمها الحوثيون في الحرب السادسة هي من ذات النوعية التي سبق
لحزب الله اللبناني استخدامها، معتبرين أن ظهور مثل تلك الصواريخ لدى الحوثيين قد
كشف وبالدليل القاطع عن التمويل الكبير الذي تتلقاه جماعة الحوثيين من إيران وحزب
الله والبؤر الشيعية في المنطقة. كما تؤكد المصادر أنه تم تهريب صواريخ الكاتيوشا
إلى اليمن من خلال رحلات بحرية عبر إريتريا ضمن أسلحة أخرى من بينها صواريخ أرض جو
محمولة على الكتف.
وكانت تقارير دولية قد أشارت
في وقت سابق إلى قيام إيران بإنشاء قاعدة لها في إريتريا لمدّ الحوثيين بالسلاح
عبر رحلات بحرية إلى المناطق القريبة من سواحل ميناءي ميدي واللحية القريبين من
صعدة. وحذرت تلك التقارير من انتقال نشاط تهريب الأسلحة الإيرانية من البحر الأحمر
إلى السواحل الجنوبية لليمن. وهناك أنباء تشير إلى قيام السفن الإيرانية في منطقة
خليج عدن بحجة المساهمة في مكافحة القرصنة، إضافة إلى سفن تجارية إيرانية؛ بتهريب
كميات من الأسلحة عبر قوارب صيد يمنية لتهريبها إلى داخل اليمن.
لقد كان لافتاً لكثير من
المراقبين أنه في أعقاب اتفاق الدوحة أُعلن عن تشكيل عديد من لجان الوساطة
المكلّفة بالإشراف على تنفيذ بنود الاتفاق، تحت مسميات عدة، فمن لجان مفاوضات إلى
رئاسية وبرلمانية وسياسية وإشرافية ووطنية والسلام والوساطة... وغيرها، تعددت
وتباينت مهامها من إقناع الحوثي بتسليم نفسه وتنفيذ اتفاق الدولة وتهدئة موجة
العنف السائدة وإحلال السلام في صعدة... إلى غير ذلك، غير أنه كان للفشل نصيب أوفر
منها، والنهاية لتلك اللجان إما إقالة أو استقالة! الإثارة ليست في ذلك، إنما في
تلك الأسماء التي لطالما أنيط بها القيام بتلك المهمة دوماً، خاصة والحوثي لا يثق
بسواها، فهي من تمده بالسلاح والعتاد، ما جعل البعض يتساءل عن سر اعتماد السلطة في
اليمن حينها على تُجّار الحروب في مهمة إحلال السلام بصعدة؟![3].
ظلت القوة العسكرية لدى
جماعة الحوثي تنمو مع مرور الأيام، حيث أشارت بعض الدراسات إلى أن الجماعة باتت
تملك – في الوقت الراهن - ترسانة كبيرة من الأسلحة، يصعب الحصول على إحصائيات
دقيقة بشأنها، نظراً للتكتم الذي تتبعه الجماعة. وأفادت دراسة حديثة بأن قوة
الحوثيين العسكرية تقدر بحجم اثنين من الألوية العسكرية المتوسطة من حيث مستوى
التسليح، مشيرةً إلى أن جماعة الحوثي تمتلك نحو 11 دبابة معظمها من نوع (تي 52)،
إضافة إلى عدد من المدافع بعيدة المدى كمدافع (الهوزر)، ومدافع الهاون، أغلبها من
نوع (بي 10)، وكميات كبيرة من الذخائر والقذائف التي استولوا على معظمها من مخازن
ومعسكرات الجيش خلال حروبهم الست الماضية مع الدولة. وقالت الدراسة إن الحوثيين
يمتلكون العديد من صواريخ الكتف والكثير من الرشاشات، وأسلحة أخرى مختلفة[4].
استفادت جماعة الحوثي بشكل
كبير من تاجر السلاح المعروف فارس مناع، ويعدّ أكبر تاجر سلاح في اليمن، وأحد
أعضاء لجان الوساطة التي أشرنا إليها قبل قليل، وقد دفعت به جماعة الحوثي لتولي
منصب محافظ صعدة خلال الاضطرابات التي شهدتها المحافظة عام 2011م، ولم يصدر حتى
الآن قرار رئاسي بتعيين مناع محافظاً لصعدة، غير أنه، بحسب باحثين متخصصين بهذا
الشأن، مجرد أداة من أدوات الحوثي.
تتواصل الأعمال لتشغيل مطار
صعدة وإنشاء شركة طيران تابعة للحوثيين، الأمر الذي يرى فيه مراقبون أنه يشكّل
خطورة بالغة على الأمن القومي اليمني، باعتباره سيفتح جسراً جوياً إلى الحوثيين
ومهربي الأسلحة في المحافظة الخارجة عن سيطرة الدولة[5]، وحتى يكتمل الحلم بوجود منفذ لجماعة الحوثي، ليكون
حلقة وصل بين طهران والجماعة، دون وجود مراقبة مشددة من قبل جهاز الأمن الذي حرمهم
الكثير من الصفقات، باعتبار أن محافظة صعدة أصبحت تحت سيطرتهم. وبدأت الأمور تتضح
واللبس بدأ يتجلى مباشرةً بعد زيارة فارس مناع الأخيرة لمطار صعدة، الخميس 26
أبريل 2013، عندما تحدث عن تكلفة مالية ضختها الحكومة لتجهيز المطار قُدّرت بمليار
ومائتي مليون ريال، مضيفاً أن المطار أصبح شبه جاهز لاستقبال الرحلات الداخلية
والخارجية، وحثّ الجهات المعنية على استكمال اللمسات والتجهيزات الأخيرة للمطار.
وأضافت المصادر أن هدف فارس
مناع من إعادة تأهيل المطار هو عقد صفقات سرية يتم بموجبها إمداد جماعة الحوثي بما
تحتاج إليه من سلاح وعتاد، خصوصاً بعد تنبّه قوات خفر السواحل اليمنية للسفن
الإيرانية القادمة من إيران والتي كان آخرها «جيهان 1». واستغربت تلك المصادر
تسخير الدولة كافة الإمكانات والموارد لتجهيز مطار في محافظة خارجة عن حظيرة الدولة
ولا تخضع لسلطتها، خصوصاً في هذه المرحلة الخطيرة التي تشهد فيها البلاد بكلها
انفلاتاً أمنياً غير مسبوق، والذي بدوره سيكون عاملاً ميسِّراً لأي مشاريع أو
أجندات تقدم عليها الجماعة لوحدها أو بأيادٍ خارجية للإضرار بأمن اليمن والخليج
بشكل عام، أقلها استخدام المطار حلقة وصل مباشرة مع إيران[6].
صفقات الأسلحة
استمرت وتيرة الرغبة في
التسلح بشكل مخيف طيلة السنوات الماضية، وبشتى الوسائل والسبل، وزادت وتيرتها عقب
الحروب الست التي كانت الجماعة تدّعي أنها تدافع من خلالها عن نفسها، كما لو أنها
تتجهز لحرب اقترب موعدها، حتى صارت أغلب شحنات الأسلحة التي تضبطها الأجهزة
الأمنية تكون جماعة الحوثي هي صاحبة المقام الأول والمالك الوحيد للشحنة، وفيما
يلي عرض موجز بأبرز شحنات الأسلحة التي كانت في طريقها إلى الحوثيين:
- أكتوبر 2009م: أعلنت
السلطات اليمنية احتجاز سفينة إيرانية في البحر الأحمر بالقرب من السواحل اليمنية،
تحمل أسلحة للمتمردين الحوثيين، منها مضادات للدروع وعدد من الأسلحة المختلفة.
وذكرت معلومات اعتقال 5 إيرانيين كانوا على متن السفينة المحمّلة بالأسلحة[7].
- أغسطس عام 2012م: أفاد
مصدر خاص لبعض وسائل الإعلام بأن قوات تابعة للجيش اليمني ضبطت شحنة أسلحة في أحد
مداخل محافظة تعز، كانت محمّلة بـ 18 ألف قطعة سلاح مهرّبة، خفيفة ومتوسطة، في
طريقها إلى محافظة صعدة. كما وصلت 5 حاويات محمّلة بالأسلحة إلى جيبوتي قادمة من
إيران عبر البحر الأحمر[8].
ولم تتوقف الهدايا الإيرانية
عند هذا الحد، بل كانت السفينة «جيهان 1»، التي تم ضبطها في شهر يناير من عام
2013م؛ الأكثر خطراً والأكبر حمولة للسلاح، فقد فاقت الـ 40 طناً من الأسلحة
بمختلف أنواعها.
وكانت عديد من القوى
السياسية في اليمن قد دعت قبل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، جماعة الحوثي إلى تسليم
أسلحتها قبل الولوج إلى الحوار، غير أن شيئاً من ذلك لم يتم، بل ارتفعت شهية
التسلح لدى الحوثي، في ظل الظروف التي مرت بها اليمن ابتداءً من عام 2011 حتى
اللحظة، حيث عمدت الجماعة لاستغلال الاضطرابات الأمنية التي تمر بها اليمن،
"للتزود بمعدات وأسلحة قادمة من إيران كما أشارت إلى ذلك عديد من وسائل
الإعلام"[9].
ولم يقف الأمر عند هذا الحد،
ففي تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، أفاد مسؤول يمني رفيع بأن
"جزر البحر الأحمر اليمنية تحوّلت في الآونة الأخيرة إلى مخازن للأسلحة
المهربة"، والتي قال إن إيران تسعى إلى إدخالها إلى الحوثيين في محافظة صعدة
شمال البلاد، فيما أكد ازدياد نشاط تهريب الأسلحة عن طريق تجار لم يسمّهم إلى
اليمن، ونقل بعضها من اليمن إلى دول الجوار. وذكر المسؤول اليمني أن ورشاً كثيرة
تم بناؤها في محافظة صعدة لإعادة تجميع بعض الأسلحة التي تأتي من دول مثل إيران.
التوسّع وحلم
السيطرة
لم تكن ترسانة الأسلحة التي
جمعتها جماعة الحوثي مجرد إشباع لرغباتها في التسلح واستعراض القوة، أو للردع؛ بل
لا تزال تستخدمها باستمرار متى ما سنحت لها الفرصة للتوسع وفرض نفوذها على مناطق
جديدة في البلاد، لا سيما في المواقع الجغرافية القريبة من محافظة صعدة التي باتت
تحت سيطرتها بشكل كامل، وقد ازداد نشاطها التوسعي منذ الأشهر الأولى من انطلاق
الثورة الشبابية مطلع عام 2011، التي أطاحت برأس النظام السابق.
حظيت محافظتا الجوف ومأرب
باهتمام كبير من قبل الجماعة؛ كون مأرب الشريان النفطي لليمن، ونظراً لاتصالها
بالحدود السعودية، حيث تحرّكت مجاميع حوثية لمحاولة إسقاط محافظة مأرب وضمها إلى
صعدة، لتتسع بذلك رقعة النفوذ والتحكم؛ لكن ذلك لم يتحقق للجماعة؛ لقلة القبائل
المتعاطفة مع الفكر الذي تعتنقه الجماعة هناك.
أما محافظة الجوف فقد شهدت
مواجهات دامية بين جماعة الحوثي وقبائل وأعيان تلك المحافظة استمرت قرابة ثلاثة
أشهر، أثناء ثورة الشباب السلمية، ففي الوقت الذي كانت فيه عناصر الحوثي في
الساحات تعبّر عن الوجه السلمي الزائف للجماعة، كانت العناصر الأخرى ضمن المليشيات
المسلحة للجماعة تعمل على الجانب الآخر في تطبيق ثقافة العنف والقتل والتدمير على
أرض الواقع.. لكن نُقل عن قيادي حوثي القول إن جماعة الحوثي خسرت في حربها مع
قبائل الجوف ما لم تخسره في حروبها الست مع الدولة، وكان أبرز من سقطوا في تلك
المواجهات هما شقيق عبدالملك الحوثي ونجل يحيى بدر الدين الحوثي[10].
في أعقاب الخيبة التي مُنيت
بها الجماعة وفشل مخططاتها بالسيطرة على الجوف، غيّرت وجهتها لتبحث عن فريسة أخرى،
فتحركت غرباً نحو مديريات محافظة حجة، الممتدة على ساحل البحر الأحمر، في محاولة
لإخضاع قبائل المرتفعات الجبلية المحاذية لسهل تهامة لتسهل السيطرة على ميناء ميدي
الاستراتيجي على ساحل البحر الأحمر، بهدف أن تكون بذلك قد أمَّنت خطوط إمداداتها
من الاحتياجات الاقتصادية والعسكرية.
في واقع الأمر لم يكن ميناء
ميدي هدفاً للجماعة بحد ذاته في توسعها غرباً، بل كان مجرد محطة للوصول إلى أهداف
أخرى لا تقل أهمية عنه؛ فإذا استطاعت أن تسيطر على ميناء ميدي وإخضاع القبائل
التهامية لنفوذها، فإنها بذلك ستتحرك بكل حرية إلى ميناءي الصليف والحديدة،
باعتبارهما اثنين من أهم الموانئ البحرية اليمنية.. ولهذا السبب تنبّه عدد من
أعيان ومشائخ الحديدة، فعقدوا اجتماعاً بتاريخ 20 مايو 2013 لتدارس كيفية إيقاف
المدّ الحوثي في مناطقهم، خصوصاً بعد أن قامت الجماعة بالسطو بالقوة على بعض
المزارع والأراضي المطلة على الساحل بعد أن رفض أصحابها بيعها للحوثيين رغم
المبالغ الطائلة التي عرضوها عليهم، محاولين إغراءهم بها، دون جدوى.. فالحوثيون
منذ عامين يشترون كل الأراضي المحاذية للساحل بأضعاف أسعارها الحقيقة لإغراء
البسطاء من أهالي المنطقة، وفي حال رفض أصحاب الأراضي البيع فإنهم يستولون عليها
بقوة السلاح.
مسلّحو الحوثي في
سورية
تسير جماعة الحوثي على ذات
الخطى التي يسير عليها حزب الله اللبناني، بل ربما استمدت خططها وتكتيكاتها من
قيادة حزب الله، الأمر يبدو واضحاً حتى من خلال التسمية التي أطلقتها الجماعة على
نفسها أخيراً بـ "أنصار الله"، على غرار "حزب الله"، رغم أن
التسمية التي ظهرت بها الجماعة منذ التسعينيات كانت "الشباب المؤمن"،
وهي حتى اللحظة ترفض الانخراط في العمل السياسي، وتفضّل البقاء كما هي عليه، جماعة
مسلحة. وتتدرب قيادات حوثية على أيادي خبراء من حزب الله اللبناني، وكانت إيران
تمد الحوثيين بكثير من الخدمات، بلغت هذه الخدمات ذروتها في عام 2009 عندما أقامت
معسكرات تدريبية لأعضاء حوثيين في إرتيريا، حيث كشف بشير إسحاق، مسؤول العلاقات
الخارجية في التحالف الإريتيري المعارض، عن وجود معسكر تدريب لعناصر من أنصار
الحوثي بدعم وإشراف إيراني، في منطقة دنقللو (شرق مدينة قندع وسط إريتريا).
عندما سارع حزب الله بإرسال
قواته إلى سورية لدعم بشار الأسد، الذراع الأخرى لإيران، وقتال الثوار؛ فإن الحوثي
لم يقف مكتوف الأيدي، فقد أفادت مصادر متطابقة بـ "أن نحو 200 شاب حوثي
غادروا اليمن منتصف مايو الجاري للقتال في صفوف نظام بشار الأسد في سورية".
وأوضحت أن بين هؤلاء ممن تم تجنيدهم مؤخراً غادروا إلى لبنان ومن ثم سينتقلون إلى
سورية ضمن ترتيبات خاصة للانضمام إلى ما بات يطلق عليهم "شبيحة الأسد".
وقالت مصادر إن رئيس المكتب السياسي للحوثيين، صالح هبرة، التقى الشباب قبيل سفرهم
لتوديعهم، وفي اللقاء أبلغهم تحيات "السيد" عبدالملك الحوثي. يأتي ذلك
فيما كانت تقارير صحفية قد تحدثت قبل فترة عن قيام عناصر من الحوثيين بتجنيد بعض
الشباب مقابل مبالغ مالية كبيرة، وإرسالهم إلى سورية لدعم "شبيحة" بشار
الأسد. وأشارت المعلومات إلى أن الحوثيين يقومون بعملية استقطاب واسعة للشباب،
ويجندونهم مقابل مبالغ مالية كبيرة، ويرسلونهم إلى سورية بذريعة الدراسة في
الجامعات.
ونقلت وكالة "آكي"
الإيطالية للأنباء عن مصدر دبلوماسي عربي رفيع المستوى القول إن أعداداً غير قليلة
من الحوثيين اليمنيين قدموا إلى سورية وتركزوا في جنوبها الغربي استعداداً للقتال.
وأشار إلى أن هؤلاء تطوّعوا للقتال لأسباب عقائدية ومالية بتشجيع من إيران.
مجرد تصريحات لا
غير
على غرار المثل العربي الذي
يقول: "نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً"، يظهر أن الحكومة اليمنية تكتفي
بالتصريحات وتوجيه أصابع الاتهام إلى الأطراف المتورطة بزعزعة الأمن اليمني، وترى
ذلك هو العقاب الذي تستحقه تلك الجهات. كان آخر هذه التصريحات في لقاء وزير
الخارجية اليمني، أبو بكر القربي، مع صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 27 مايو 2013،
عندما قال: "إن نتائج التحقيق الذي قام به أخيراً فريق من مجلس الأمن حول
شحنات الأسلحة التي دخلت اليمن، أكدت تورط إيران في عمليات تهريب الأسلحة
والمتفجرات"، مبيناً "أن إيران عوضاً عن أن تمدّ يد العون والمدد
لأشقائها في اليمن، قامت بإرسال الأسلحة وشبكات التجسس".
وما يثير العجب أنه عدا
المحاكمات الغامضة لشبكات التجسس التي أعلنت السلطات اليمنية ضبطها والعصابات
المتورطة في تهريب الأسلحة الإيرانية إلى اليمن؛ لم تحرك أيّ من الجهات الرسمية في
اليمن ساكناً تجاه هذه النتائج، بينما تستمر التصريحات المنسوبة لمصدر حكومي يمني
بأن "السفير الإيراني يدير خليةً إرهابيةً تستهدف الدبلوماسية السعودية ومصالحها
في اليمن". وكشف المصدر عن أن غرفة العمليات المشتركة لمكافحة الإرهاب -
وفقاً لتقارير أمنية - تتعقب خلية إرهابية مسلحة تابعة لجماعة الحوثي تعمل على
تنفيذ مخطط تخريبي لزعزعة الأمن والاستقرار، يتضمن هذا المخطط، وفقاً لذات المصدر
الحكومي، "تنفيذ عملية اغتيالات"[11].
تجدر الإشارة أيضاً إلى ما
تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية خلال الأيام الماضية عن تورط
جماعة الحوثي في استهداف الطائرات اليمنية وإسقاطها فوق العاصمة صنعاء، وقتل
الطيارين، كان آخرها في شهر مايو من عام 2013، وهو ما أفصح عنه أيضاً المدعو
"طامح"، على تويتر، في حوار خصصه مع متابعيه البالغ عددهم 80 ألفاً، من
مختلف الدول العربية، تناول علاقة جماعة الحوثي باغتيال الطيارين اليمنيين وسقوط
الطائرات، حيث قال "طامح" بأن "المسؤول الرئيسي في سقوط الطائرات
في اليمن هو جماعة الحوثي عبر تيار الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح المتمكن
في عمق المؤسسة العسكرية، والقوات الجوية"، مشيراً إلى أن "الجماعة
تستغل المرحلة لتصفية بعض الطيارين الوطنيين ولنية الجماعة دخول حرب سابعة".
ومع كل هذه الجرائم لا تزال الحكومة اليمنية تلتزم الصمت
تجاه كل ما يحدث، وتغضّ الطرف عن ممارسات الحوثي الخارجة عن القانون والدستور
والأعراف، كما تبدو دول الجوار كذلك غير آبهة بهذه الذراع الإيرانية التي يشتدّ
عودها يوماً إثر آخر، وتتمدّد باستمرار، ويزداد خطرها بازدياد حالة الصمت المحلي
والخذلان الإقليمي.
:: البيان تنشر - مـلـف خـاص- (الـخـطـر
الإيـرانـي يـتـمـدد)
::
مجلة البيان العدد 313 رمضان 1434هـ، يوليو – أغسطس 2013م.
[1] موقع التغيير
نت، نص اتفاقية الدوحة بين الحكومة والحوثيين
http://al-tagheer.com/news844.html
[2] مجلة الرأي
الآخر، صعدة في نسختها السادسة: حسم نهائي أم حرب طويلة؟
[3] تُجّار
السلاح.. وسطاء للسلام! النهايات
المتجانسة لمسيرة لجان الوساطة بين الدولة والحوثيين، صحيفة حديث المدينة.
[4] حجم القوة
العسكرية للحوثيين، ماجد الجرافي، كتاب تحت الطبع (الحوثيون من
الدفاع التكتيكي إلى السيطرة والتوسع الاستراتيجي).
[5] يمن برس: الأمن القومي
يكشف مسدسين بحوزة محافظ صعدة فارس مناع في طريقه لتركيا قبل صعوده الطائرة.
[6] مأرب برس: مصادر تكشف
المستور وخفايا مؤامرة تجهيز مطار صعدة.
[7] مأرب برس: احتجاز سفينة
إيرانية تحمل سلاحاً للمتمردين الحوثيين بالقرب من ميناء ميدي.
[8] مأرب برس: قوات تابعة
للجيش تضبط 18
ألف قطعة سلاح مهربة كانت في طريقها إلى صعدة.
[9] أخبار اليوم: يشاركون في
الحوار بأسلحتهم على جثث آلاف القتلى الأبرياء والانتهاكات الصارخة.
[10] أحمد عايض،
محرقة الحوثيين في اليمن، ضمن كتاب لمجموعة من الباحثين تحت الطبع (الحوثيون من
الدفاع التكتيكي إلى السيطرة والتوسع الاستراتيجي).
[11] أخبار اليوم: مصدر حكومي: السفير
الإيراني يدير خليةً إرهابيةً تستهدف الدبلوماسية السعودية ومصالحها في اليمن.