المراكز البحثية للمؤسسات الدعوية

المراكز البحثية للمؤسسات الدعوية

تمهيد: ليست فاتحة هذا الطرح بصدد التعريف بدلالة عبارة: (المؤسسات الدعوية) تعريفاً دقيقاً، إنما المقصود تناوُل واحدة من القضايا المتعلقة بالرؤية المستقبلية والنظرة التطويرية لعمل هذه المؤسسات، والتي يُقصَد منها تلك المؤسسات غير الربحية (الربح المادي الدنيوي)، التي تسعى إلى التعريف بالإسلام ونَشْره بين المسلمين أو غيرهم من خلال تناوُل قضاياه بشكل عام أو من خلال تبنِّي جانب معيَّن من جوانبه.

كما أن المقصد ليس استقصاء هذه المؤسسات والتعريف بها؛ إذ الأمر يطول، إنما هي إيماءةٌ من خلال مثال يرى الكاتب أنه قابل للتطبيق على البقية الأخرى.

مع التأكيد على أن تناوُل هذا الموضوع لا يعني غياب الاهتمام بالنواحي البحثية لدى جميع المؤسسات الدعوية، بل إن ثمَّة العديد منها أوْلَت هذا الأمر عناية مشكورة، وقطعت أشواطاً متميزة، والمرجو أن تستمر في تقدُّمها وأن تحذو الأخريات حذوها وتُفِيد وتستفيد من هذه التجربة.

المؤسسات الدعوية والتحديات: المؤسسات الدعوية تواجه تحديات ضخمة على مختلف الأصعدة (الداخلية والخارجية) تقتضي منها دوام المتابعة والمراجعة لأعمالها؛ لترقى إلى المنشود من الآمال، ولتحقق المطلوب من مقاومة الأعداء، (ولا شك أن جزءاً من المقاومة حرب إعلامية ومعلوماتية؛ بحيث تكون مصادرنا موثوقة، ومعلوماتنا مؤكَدة، وصياغتنا موضوعية)[1].

وحَسبُ الباحث أن يبحث عبر أيٍّ من محركات البحث في شبكة المعلومات العنكبوتية عن المراكز البحثية أو مراكز الدراسات والمعلومات، سواء منها الحكومية أو الخاصة، وسواء كانت ذات طابع مستقل أو فَرْع من جهات أكبر؛ ليجد كَمّاً هائلاً من المواقع المتخصصة وقَدْراً كبيراً من المعلومات والدراسات في شتى المجالات بطرح علميٍّ عميق، وتناولٍ غاية في الدقة في قضايا أساسية أو حتى جزئية ثانوية.

في حين يواجه صعوبة في الحصول على مركز معلومات دعوي تابع لجهة هو فَرْع منها، فضلاً عن الوقوف على موقع لمركز مستقل متخصص.

وليست المكتبات بأحسنَ حالاً على الشــبكة؛ إذ قصارى ما هنالك أن يجد معلومات متناثرة هنا وهناك ظاهرة معلنة تارة، ومخفاة على استحياء تارة أخرى.

وكما يَعِزُّ البحث عن المعلومة عبر قنوات البحث النظرية، فإن بذل الجهد الجسدي المتمثل في زيارة هذه المؤسسات ومقابلة العاملين فيها للحصول على معلومات عامة، ولجني خبراتهم في قضايا معينة ليس بالحل الأنجع دائماً؛ إذ قد يجد الباحث كمّاً من المعلومات والتجارب حبيس رؤوس رجال، إن ظفر بمقابلتهم لم يسعفه الوقت، وربما الأسلوب؛ لاستخراج حاجته منهم، فضلاً عن تشتُّت المعلومات وغلبة النظرة الشخصية (غير العلمية وغير المؤصَّلة) عليها في بعض الأحيان.

أما إن نال شيئاً مكتوباً ومعدّاً سلفاً، فربما كان غير متكامل أو غير محدَّث أو يحتاج إلى مذكرات تفسيرية بدونها يستحيل هذا المكتوب إلى رموز وأحاجٍ يصعب فهمها.

أزمة بحثية معلوماتية: الحق أن هذا الملحظ ليس خاصاً بالمؤسسات الدعوية، إنما هي ظاهرة عامة في عالمنا الإسلامي؛ (حيث تشير الدراسات إلى أن مراكز البحث العربي لا تزيد عن 600 مركز، وأن عدد الباحثين العرب لا يزيد عددهم عن 19 ألفاً، بينما عدد الباحثين في فرنسا وحدها 31 ألفاً يعملون في 1500 مركز بحثي.

وبينما كل مليون عربي يقابلهم 318 باحثاً علمياً؛ فإن النسبة في أوربا تصل إلى 4500 باحث لكل مليون شخص؛ أي: أكثر من 15 ضعفاً)[2]؛ فهل ثمة مجال لاغتنام هذه الفرصة وشقِّ طريق الريادة ورَفْع راية الدعوة عبر سعيها إلى تكثيف الجوانب البحثية في عالمنا الإسلامي من خلال تطبيق المؤسسات الدعوية لذلك؟ إن المؤسسات الدعوية حققت نقلات تطويرية لا تخفى على متابع؛ فمن غرفة ملحقة بمسجد أو شقة صغيرة في بناية قديمة يضطلع ثلاثة أشخاص أو أقل أو أكثر بكل المهام قبل سنوات قلائل إلى مقارَّ بارزة وهياكل إدارية تنتظم عشرات العاملين في تخصصات مختلفة.

والتطوير لا زال في الطريق، والمطالب الاسترقائية تنادي بين حين وآخر، ومن زاوية وأخرى، وهذه واحدة منها.

لعل هذا التمهيد يعطي شيئاً من التبرير لهذه الدعوة، وشيئاً من الإغراء بقبولها.

تعريف المراكز البحثية: المراكز البحثية المطلوب إنشاؤها، هي عبارة عن وحدات مرتبطة بالمؤسسة الدعوية تستخدم أسلوب الاستقراء والتتبع والإنشاء والتأليف ضمن سلسلة (حلقة التغذية الراجعة)؛ بمعنى: أن هذه المراكز تتابع عمل المؤسسة عن كثب؛ لتقف على جوانب الخلل أو النقص وتحيل هذه الظواهر إلى مفردات مُعرَّفة، تُجمَع عنها المعلومات اللازمة، سواء منها النظرية أو التطبيقية من واقع الميدان؛ ثم تُحلَّل هذه المعلومات لاستخلاص الأسباب والنتائج، ومن ثَمَّ وَضْع الحلول وانتخاب أمثلها ليُطرح للتطبيق.

هذا في ما يخص الاستقراء والتتبع؛ أما الإنشاء والتأليف، فبطرح أفكار جديدة؛ لتطوير العمل تصاغ بطريقة واضحة ومدروسة وتُطرَح للتطبيق ضمن آليات متقنة تضمن نجاحها أو نجاح فرصة الاستفادة من فشلها.

كل ذلك في ظل نظام المراجعة الدورية التي تضمن عملية التطوير المستمر من خلال إعادة المخرَجات بعد طرحها وتشغيلها إلى مدخلات تُدرَس مرة أخرى لطرح نُسَخ محسَّنة منها.

مجالات عمل المراكز البحثية: تطورت نواحي الاهتمام لدى المؤسسات الدعوية وتشعبت وتداخلت أمور ليست من صميم عملها: كالنواحي الإدارية والمالية، وعقود التوظيف، وإدارة الأملاك، والنقل، والحركة، والصيانة، والتشغيل، والمستودعات، والعلاقات العامة، وغيرها مما لا ارتباط مباشر له بالأصل الذي قامت عليه هذه المؤسسة وتصدَّت للتخصص فيه؛ وبناءً على ذلك يمكن وبنوع من التسطيح أن يُقسَّم العمل في المؤسسات إلى حزمتين أساسيتين:

الأولى: العمل في التخصص المباشر للمؤسسة.

الثانية: العمل الخادم، وهو ما سبقت الإشارة إليه من النواحي الإدارية والمالية والتشغيلية، وغيرها.

ولعل المطلب المثالي من هذه المراكز البحثية أن تتابِع بالدراسة والتحليل والنقد جميع الأعمال، سواء منها الأعمال الأساسية أو الأعمال الخادمة؛ إلا أن التصور الواقعي، والنظرة التطبيقية، والقناعة بمبدأ التخصص، والاعتراف بمحدودية الإمكانيات في المرحلة الحالية تُعارض ذلك؛ لتدعو إلى أن تتفرغ المراكز البحثية أو مراكز المعلومات والدراسات للعمل الأساس لهذه المؤسسات؛ وتتولى مراكز متخصصة خارجية تطوير ودراسة الأعمال الخادمة بالتنسيق مع مركز أبحاث المؤسسة إلى حين نضوج الخبرة وتكامل الفريق الكفيل بالاكتفاء الذاتي؛ وبناءً عليه يمكن تلخيص تصوُّر عمل المراكز البحثية في:

- متابعة وتتبُّع الواقع التطبيقي لعمل المؤسسة وتلمُّس جوانب الخلل.

- دراسة المشاكل وتحليلها ووضع الحلول.

- متابعة الحلول المطروحة وتطويرها وتحسينها.

- إصدار ما يمكن تسميته بـ (الدليل الإرشادي) وقد اصطُلح على تسميته في كثير من العلوم بـ handbook والذي يلخص أهم الأعمال المناطة بالعامل وطُرُق التغلب على المشكلات التي تطرأ، مع متابعة تحديثه باستمرار.

- إعداد المناهج التعليمية الإرشادية التطويرية، التي تكون محتوياتها مادة لدورات علمية وتدريبية تُعقَد للعاملين الجدد أو القدامى أو لمن توجِّه المؤسسة نشاطها إليهم.

- التنسيق مع مراكز بحثية وجِهَات تدريبية؛ لتطوير أداء العاملين في المجالات الخادمة.

- تأصيل وتدوين الأعمال والتجارب التي تقوم بها المؤسسة.

- الارتباط مع مراكز بحثية في مؤسسات دعوية أخرى من خلال:

1 - اللقاءات والاتصالات المباشرة.

2 - الندوات والحوارات الدورية.

3 - المؤتمرات العامة، سواء التقليدية أو الحاسوبية عبر شبكة المعلومات.

تطبيق الفكرة: كما سبق فإن الأعمال الدعوية من خلال المؤسسات المتخصصة تنوعت وتعددت ويصعب علــى مقال أو حتى على باحث أن يحيط بدقائقها وتفاصيل العمل فيها، وليكون هذا المقترح أكثر واقعية، فإنه سيحاول في ما يلي أن يُنْزل هذه الفكرة على واحدة من هذه المؤسسات الدعوية؛ ألا وهي: المؤسسات التي تعنى بتعليم وتحفيظ كتاب الله تعالى.

مع التأكيد على أن الطرح ليس إلا لتقريب الفكرة ودعمها، وإلا؛ فإن مسميات هذه المؤسسات تختلف من بلد لآخر فضلاً عن تفصيل جوانب عملها، ودقيق تخصصاتها.

إن جمعيات تحفيظ القرآن الكريم تمارس نشاطها الأساس في النواحي التالية:

- تعليم الذكور وتحفيظهم القرآن الكريم وبعض علومه في حلقات المساجد.

- تعليم الذكور وتحفيظهم القرآن الكريم وبعض علومه من خلال دورات تُعقَد في مقارِّ هذه الجمعيات أو في أماكن أخرى.

- تعليم الإناث وتحفيظهن القرآن الكريم من خلال المراكز النسائية التي تكون في بنايات مستقلة مُعَدَّة لهذا الغرض، أو في المدارس الحكومية في فترة خلوِّها من التدريس النظامي.

- تعليم الإناث وتحفيظهن القرآن الكريم من خلال حلقات المساجد، والتي غالباً ما تكون في رمضان. إذاً الهيكل الأساس للعملية التعليمية (تحفيظ القرآن الكريم): ينتظم عِقْدَ العملية التعليمية - سواء للذكور أو للإناث - الفروع التالية:

- المعلم.

- الطالب.

- المشرف كـ (ممثل للإدارة ومندوب عنها).

- الإدارة متمثلة في التنظيمات والضوابط للعملية التعليمية.

والشكل التالي لتخيل التسلسل الهرمي للأداء: فالإدارة العليا يفصلها عن الفئة المستهدَفة بهذا العمل (الطلاب) عناصر أخرى؛ إذ يتم اتصالها بالمشرفين الذين يقومون بزيارة الحلقات. والمشرف بدوره لا يحتك بالطالب مباشرة وإنما ينصبُّ عمله على تقييم أداء المعلم الذي يعمل بشكل مباشر مع الطلاب.

كما أن المعلمين يتفاوتون في عمق علاقتهم مع المشرفين، تلك العلاقة التي تتناقص قوة كلما اتجهنا لأعلى (علاقة المعلم مع الإدارة مباشرة)، فكذلك المشرفون تتناقص علاقتهم قوة مع الإدارة كلما علا موقع المسؤول.

وهناك الكثير من القضايا المشكِلة لدى الطلاب؛ سواء في مجال الحفظ أو في مجالات أخرى لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة لا يتنبه لها المعلمون، وربما أدركوها؛ إلا أن انشغالهم بالعملية التعليمية وضيق الوقت، وربما عدم القدرة أحياناً يحول دون البحث عن حلول لها.

وكذلك الحال مع المشرف؛ فانشغاله بزيارات الحلقات وإعداد التقارير عنها، ورَفْعها إلى الإدارة ومتابعة التعاميم الاجتماعات الداخلية وخلافه، يحول دون التفرغ للتفكير في بعض القضايا الإشكالية لدى المعلمين وكذلك لدى الطلاب.

ومن ثَمَّ وَضْع الحلول لها، فضلاً عن التفرغ لابتكار أفكار جديدة. الإدارة إضافة إلى بُعدها عن المقصود الأساس (الطالب) هي منشغلة أيضاً بأمور تكميلية تحول دون عمق الدخول في تفاصيل أداء المعلم ومن ثَمَّ الطلاب والاكتفاء بتقارير المشرف طالما أن الأمور تسير على ما يرام ولا مشاكل ظاهرة تُذْكر.

وبناءً على ذلك يبقى الجميع منشغلاً بما أوكل إليه ويتحرك ضمن موقعه خطوة لأعلى أو خطوة لأدنى ضمن التسلسل الهرمي.

وهنا تظهر أهمية تفرُّغ من يجمع المستويات كلها ويدرس الاحتياجات الآنية والمستقبلية لكل مستوىً ضمن ترابط وتنسيق وعمق في الدراسة والطرح، وهو الدور المطلوب من مركز البحث أو مركز الدراسات أو مركز المتابعة والتطوير.

أهم القضايا التي يمكن أن يتبناها المركز: ضمن التسلسل السابق ذكره للعمل داخل حلقات تحفيظ القرآن الكريم تبرز عدة قضايا وأمور بحاجة إلى الدراسة المركَّزة والتحليل العميق، في حين أنها لا تندرج بوضوح تحت اختصاص أيٍّ من المستويات المشكِّلة لهيكل العملية التعليمية؛ وبناءً على ذلك تبقى معلقة لزمن طويل يراها المتابعون ويعلمون عظيم أثرها ويقفون مكتوفي الأيدي أمامها؛ ليس لصعوبتها بل لنقصٍ، وربما لعدم وجود توجيه بحلِّها في ظل الانشغال العام.

وليس القصد في هذه الفِقْرة من هذا المقال سَرْد جميع القضايا التي يمكن أن يتبناها مركز الأبحاث والدراسات وإنما الدلالة على بعضها؛ لتقريب الصورة والإشعار بأهمية هذه المراكز. ومن هذه القضايا التي تحتاج إلى متفرِّغ لدراستها ومتابعتها وبحثها وطرح الحلول بشأنها ما يلي:

أولاً: في ما يخص إدارة الحلقات: تحتاج الإدارة المباشرة للحلقات إلى ضبط المواضيع التالية:

- رؤية شاملة عن حلقاتها والمعلمين فيها ومستوياتهم بدقة ضمن معايير تقييم واضحة وصريحة.

- رصدٌ لتاريخ الجمعية وأهم الدروس المستفادة من تجارب الماضي في النواحي الإدارية للحلقات؛ سواء من حيث التعــامل الداخلــي مع المعلمين والمشرفين والإداريين أو من حيث التعاملُ الخارجــي مع الجمعيـات الأخـرى أو القطاعات الأخرى من حكومية وغيرها.

- رصد خبرة الجمعية الحالية وتوثيقها وتهيئتها؛ لتكون جاهزة للتقديم بالشكل المناسب عند طلبها من الآخرين للاستفادة منها، فضلاً عن المشاركة بها وطرحها في قنوات البحث المختلفة.

- التنسيق بين الأقسام الإدارية المختلفة بما يخدم مصلحة العمل دون حدوث تناقضات أو إهدار للجهود. - النظر في العلاقة المشترَكة بين الإدارة والمعلم والمشرف والطالب وأهم ما يمكن أن يكون قد اعتراها من عوارض، وسبل تقويمها وتقويتها. إضافة إلى أمور أخرى متعلقة بإدارة الحلقات تحتاج إلى البحث والدراسة والمتابعة والتطوير.

ثانياً: في ما يخص المشرفين: لعل المشرفين المرتبطين بشكل مباشر بالحلقات في أماكنها - سواء في النواحي الإدارية أو التعليمية - هم أحد أهم الأعضاء العاملين في المراكز البحثية؛ إذ وجودهم في منطقة وسطية ضمن الهيكل التسلسلي للعمل يجعل من المناسب أن يكونوا هم حلقة الوصل بين مختلف الأفرع، إضافة إلى أن طبيعة عمل المشرف أو الموجِّه تجمع بين العمل المكتبي والميداني مما يتيح له تصوُّراً أشمل ونظرة أعمق لسير العمل؛ وبناءً عليه استيعاب مَواطِن الضعف والقوة. وبالرغم من أن المشرف مرشح لأن أن يكون أحد أهم العاملين في المركز البحثي؛ إلا أن مجال الإشراف بحاجة إلى أن تُولِيه مراكز الأبحاث عناية من قبيل:

- توفير قواعد معلومات كاملة عن الحلقات والمعلمين؛ ليستند إليها المشرف عند الزيارة والتقييم. - وضع الأسس والمعايير لاختيار المشرفين.

- تطوير أداء المشرفين من خلال تنظيم وتنسيق الدورات الشرعية والعلمية والإدارية، ومن خلال تنظيم زيارات للجمعيات الأخرى.

ثالثاً: في ما يخص المعلم: الحديث عن المعلم يطول، بل إن القول بأن المعلم هو أساس العملية التعليمية ليس بالبعيد، والواقع يشهد بذلك، فكم من حلقة كانت متدنية المستوى؛ ضعيفة الإنتاج، سارت بذلك على مدى سنوات طويلة؛ وما إن يتغير معلمها حتى يتغير حالها، وبالعكس.

والمنتظَر من مراكز الأبحاث أن توفِّر دراسات ومعلومات متعلقة بالمعلمين تتناول العديد من الجوانب، منها:

- إصدار الكتاب الإرشادي للمعلم المتضمن طريقة البدء بالحلقة الجديدة، وطريقة التسميع للطالب والمراجعة، والتعامل مع المشاغبين والنجباء، والتعامل مع توجيهات وتعميمات الإدارة، وما إلى ذلك من أمور تتعلق بعمل المعلم، دفع للتقصير فيها عدم تخصُّص كثير من المعلمين مع ضعف الخبرة في هذا المجال، إضافة على أن الجمعيات تلجأ أحياناً إلى تعيين معلمين قليلي الكفاءة والحفظ؛ لسد نقصٍ أو تلبية طلب لا سيما في المناطق النائية، فلا أقل من تزويدهم بالكتاب الإرشادي لسد بعض النقص.

- إعداد دورات تأهيل للمعلمين، سواء من كان منهم على رأس العمل أو من يُعَدُّون لهذا الغرض، مع ما تتطلبه هذه الدورة من مناهج ومحاور تُناقِض صُلْب العملية التعليمية بعيداً عن الحشو الأكاديمي الممل.

- وَضْع آلية لتقييم المعلمين وتكريم المتميزين منهم ومساعدة المتعثر. - دراسة ووضع حلول لمشاكل المعلمين المختلفة من قبيل: ضعف المادة العلمية (الحفظ، والتجويد)، ضعف الشخصية، ضعف اللغة (التفاهم مع الطلاب لغير العرب)، طُرُق التعامل مع الآخرين (معلمين، طلاب، مشرفين، إمام المسجد وجماعته، أولياء أمور الطلاب)، التجديد والابتكار في أساليب التدريس وتحفيز الطلاب... وغيرها.

رابعاً: في ما يخص الطالب: الطلاب هم أساس العملية التعليمية، وتكاد المشاكل التي يكون الطلاب طَرَفاً فيها تتكرر في كل جمعية، بل في كل حلقة مع نقص الحلول التي تتناولها بجدية وعمقٍ وطول نَفَس؛ وهنا يبرز دور مراكز الأبحاث؛ لجَمْع وتصنيف هذه الأمور ومن ثَمَّ مناقشتها بالطرُق المختلفة للوصول إلى الحلول ومتابعتها، ومن هذه المشاكل:

- ضعف الحفظ والمراجعة.

- طول زمن المكث في الحلقة دون التقدم بالحفظ. - الملل والتردد الذي يولِّد كثرة الغياب والانقطاع. - تسرُّب الطلاب الكبار وانقطاعهم؛ حتى غدا معظم الحلقات لا يشغلها إلا الصغار.

- تقديم الدراسة النظامية على الدراسة في الحلقة؛ واستسهال الغياب عنها لأي طارئ. وغيرها من الأمور التي تحتاج إلى من يوليها العناية والاهتمام. وبعد استعراض أهم الجوانب التي يمكن أن تتولاها مركز الأبحاث يتبين لنا مدى أهمية هذا المشروع في دفع مؤسساتنا الدعوية نحو الرقي والتقدم. نسأل المولى - عز وجل - أن يوفقنا لخدمة دينه ونصرة شريعته.

 


[1] د. مالك الأحمد: حرب معلوماتية، مجلة البيان، العدد: 185، ص: 108. 
[2] طلعت رميح: هروب النُّخب من الدول الإسلامية إلى الغرب، مجلة البيان، العدد:185، ص: 76.

 

أعلى