• - الموافق2024/11/21م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
معالم الوحدة الاجتماعية النبويَّة في بناء الأمة

معالم الوحدة الاجتماعية النبويَّة في بناء الأمة


كيف يمكن تحقيق الوحدة السياسية والاجتماعية في مجتمع يعيش انقسامات حادَّةً على أساس قومي أو ديني مذهبي، أو مناطقي أو قَبَلي؟ هل يكـون ذلك بالمراهنة على تذويب الهويات وإلغاء مشاعر الانتماء الخاص؟ أو بغلبة طَرَف وإخضاع سائر الأطراف؟ أم أن هناك أساليبَ وخياراتٍ أصوب؟ ومن هذا المنطلق نقرأ في الإنجاز التاريخي الذي تحقَّق على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم  بقيام الدولة والمجتمع الإسلامي الأول، نقرأ تجربة ناجحة رائدة في هذا الصعيد؛ إذ يُجمِع المؤرخون على أن مجتمع الجزيرة العربية قبل الإسلام كان ممزقاً لا يجمعه كيان، ولا يلم شملَه نظام؛ كانوا قبائل متنـاثرة في أجواء علاقات مضطربة، غالباً ما تفضي إلى العداء والاحتراب.

ومن يقرأ أيام العرب - وهو اصطلاح يطلق على معاركها وحروبها - تدهشه تلك المعارك الضارية البشعة، التي تنشب لأتفه الأسباب؛ ففي كتاب (أيام العرب في الجاهلية)، الذي اشترك في إعداده ثلاثة من الباحثين[1]، عرض لعشرات الحروب الداخلية بين قبـائل العرب؛ فمعارك القبائل القحطانية فيما بينها بلغت عشر معارك، والمعارك بين القحطانيين والعدنانيين بلغت العشر كذلك، وفيما بين قبائل ربيعة ست معارك، وما بين ربيعة وتميم خمس عشرة معركة، وبين قبـائل قيس إحـدى عشرة معركة، وبين قيس وكنانة عشر معارك، وبين قيس وتميم سبع معارك، وبين قبائل ضبة وغيرهم خمس معارك، وهناك معارك أخرى متفرقة... ويبدو أن هذه الحروب التي عرضها المؤلفون هي ما تناقلت كتبُ التاريخ والأدب أخبارَها، أما سائر المعارك - وهي كثيرة - فقد تجاوزوا ذكرها. وجاء في مقدمة الكتاب «وقد اقتصرنا على الأيام المشهورة التي وصل إلينا تفصيلُ حوادثها وذكرُ أسبابها، ورواية أشعارها وقصائدها، أما الأيام التي لم يقـع في الكتب إلا ذكر عنواناتها مجردة من الحوادث وذكر الأسباب، فقد جاوزها اختيارنا... روى صاحب كشف الظنون وغيره: «أن أبا عبيدة قد ألَّف كتاباً صغيراً حوى خمسة وسبعين يوماً [معركة]، وآخر كبيراً جمع فيه ألفاً ومئتي يومٍ، وأن أبا الفرج الأصفهاني ألَّف كتاباً جمع فيه ألفاً وسبع مئة يوم».

كان ولاء العـربي أولاً وآخراً لقبيلته، وهو ما يعني انصهارَه فيها، وتغنِّيَه بقوَّتها وأمجادها، وشِدَّتَه تجاه ما يخالفها، وقد لاحظ الأستاذ أحمد أمين أنه «حين تقرأ الشعر الجاهلي تشعر - غالباً - أن شخصية الشاعر اندمجت في قبيلته حتى كأنه لم يشعر لنفسه بوجود خاص، وأنك لتتبين هذا بجلاء في معلقة عمرو بن كلثوم، وقلَّ أن تعثر على شعر ظهرت فيه شخصية الشاعر، ووصف ما يشعر به وجدانه، وأظهر فيه أنه يحس لنفسه بوجود مستقل عن قبيلته»[2].

في هذا المجتمع المتنوع قَبَليّاً، والذي تسوده نزعة التطرف في الولاء للقبيلة، ويعيش في حالة الصراع والعراك بين قبائله، بعث الله نبيَّه محمداً صلى الله عليه وسلم ، فاستطاع خلال أقل من ربع قرن من الزمن، أن يبني من تلك القبائل مجتمعاً متماسكاً، وكياناً موحداً، يحمل للعالم مشروعاً حضارياً متقدماً. حقاً إنه إنجاز عظيم لا نظير له في تاريخ البشرية. وهو ما لفت نظر الدكتور مايكل هارت من أمريكا، عند تأليفه لكتاب عن المئة الأوائل في تاريخ البشرية، فوضع شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم  على رأس القائمة باعتباره أهم شخصية في تاريخ البشر، وكتب عن هذا الاختيار قائلاً: «إن اختيار المؤلف لمحمد [صلى الله عليه وسلم ] ليكون على رأس القائمة التي تضم الأشخاص الذين كان لهم أعظم تأثير عالمي في مختلف المجالات، إن هذا الاختيـار ربما أدهش كثيراً من القراء، إلى حـدِّ أنه قد يثيـر بعض التساؤلات، ولكن في اعتقاد المؤلف: أن محمداً كان الرجل الوحيـد في التاريخ الذي نجح بشكل أسـمى وأبرز في كلا المستويين الديني والدنيوي».

فكيف استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم  تحقيق هذا الإنجاز، وما الخطة التي اعتمدها لتوحيد ذلك المجتمع متناثر الأشلاء؟

الهوية المشتركة:

في حالة الانقسام الاجتماعي تتضخم الهوية الخاصة عند كل طرف من الأطراف؛ فهي حدود الدفاع عن ذاته، وخندق مقاومته، وعنوان وجوده... ومن أجل أن يتوحد المجتمع لا بد أن تنخفـض درجة الغليان في الهويات الخاصة لصالح هوية مشتركة يتمثل فيها وجود كل الأطراف، وترى من خلالها ذاتها بدرجة متماثلة، وهنا لا يمكن أن تقوم هوية أحد الأطراف بهذا الدور، لأن بروزها يستثير تحدي بقية الهويات، وإعلانها يعني غلبتها واعتراف الآخرين بالهزيمة أمامها؛ فإذا كان المجتمع منقسماً على أساس قومي، فلا يمكن أن تشكل إحدى قومياته إطاراً لوحدته، وتصبح هوية جامعة له، وكذا الحال لو كان متعدد الأديان أو المذاهب، فإن أحدها لن يقوم بدور الجامع المشترك.

فلا بد من عنصر مشترك بين أجزاء المجتمع، يتم إبرازه والتـركيز عليه باعتباره هوية جامعة، أو تنمو حالة فكرية سياسية جديدة تتمحور حولها فئات المجتمع وتصبح هدفاً مشتركاً وإطاراً جامعاً، وهذا ما تحقق على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم  من خلال دعوته الإسلامية المباركة، التي أصبحت حالة سريعة النمو تخترق أوساطاً مختلفة، وتبشِّر بتوجُّه جديد يحفز نحو أهداف سامية، ويتبنى قيماً إنسانية حضارية، تتجاوز أنانية الأفراد، وعصبية القبائل، وعبثية الحياة.

لقد أخذ الإيمان موقعه في نفوس أبناء تلك القبائل المتصارعة، وتمحور حوله ولاؤهم، وتوثق له انتماؤهم على حساب الولاء القبلي، والانتماء العشائري، فأصبح إطاراً جامعاً وهوية مشتركة، يفخر به الجميع بدرجة متساوية على اختلاف قبائلهم وتفاوت مكانتها وقوَّتها.

ثقافة الوحدة:

حالة الانقسام والفرز الاجتماعي، تحفَّز آثارها في النفوس والمشاعر، بتضخيم الذات الفئوية، والحط من شأن المنافسين، والتعبئة تجاههم، كما تنتج ثقافةً تبرر التمايز، وتكرس المفاضلة، وقد تدفع إلى سلوكيات عدائية، وممارسات استفزازية، وحين يحصل تطلُّعٌ للوحدة في المجتمع، لا بد من ثقافة جديدة تعالج آثار ثقافة الانقسام، وتواجه مفاعيلها النفسية والسلوكية.

لقد كان الصراع والتنافس القَبَلي في الجزيرة العربية دافعاً لتربية الأبناء على الفخر والاعتزاز بانتمائهم للقبيلة، وتنمية مشاعر التميز وأحاسيس الأفضلية على الآخـرين، وهذا ما تنضح به قصائد شعرائهم، وخطب زعمائهم. إن الحماسة والفخر من الأغراض الأساسية في الشعر العربي الجاهلي؛ حيث يتفنن الشعراء في تمجيد قبائلهم وإظهار مكانتهم، وفي شعر عمرو بن كلثوم نموذج صارخ لمثل هذا التوجه، حيث يقول في معلقته:

ونشربُ إن وَرَدْنا الماءَ صفواً

 ويشربُ غيرُنا كَدَراً وطِينا

ملأنا البَرَّ حتى ضاق عنَّا

 وظَهْرُ البَحر نملَؤُه سفينا

لنَا الدنيا ومَن أضحى عليها

 ونبطشُ حينَ نبطشُ قادِرينا

إذا بلغَ الفِطامَ لنا صبيٌّ

تخرُّ لهُ الجَبَابرُ ساجدِينا

والوجه الآخر لهذا اللون من الأدب الجاهلي هو أدب الهجاء، حيث يبالغ الشعراء في الحط من شأن القبـائل المنافسة لقبائلهم، ووصفها بأسوأ النعوت، وأقبح الصفات.

ثم جاء الإٍسلام ليوحد تلك القبائل، فاهتم بمواجهة تلك الثقافة التمييزية السائدة، باجتثاث جذورها النفسية والفكرية، ومقـاومة آثارها السلوكية؛ إذ أكدت آيات القـرآن الكريم على الأصل الواحد لبني البشر {الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: ١] ، ونسفت كلَّ مبررات التفاضل الزائفة بين الناس، إلا على أساس كسبهم الاختياري للصفات النبيلة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] ، وشدد رسول الله صلى الله عليه وسلم  في خُطَبه وأحاديثه على مبادئ الوحدة بين أبناء المجتمع الإسلامي، وشنَّ حرباً ضارية على الأفكار والتصورات الجاهلية، بالتفاخر بالأنساب والأحساب، أو التفاضل بالانتماء القبلي أو العرقي، كقوله صلى الله عليه وسلم : «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية»[3].

وروى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  في أوسط أيام التشريق خطبة الوداع فقال: «يا أيها الناس! إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عندالله أتقاكم»[4].

وفي إحدى الغزوات حصل سوء تفاهم بين مهاجريٍّ وأنصاريٍّ فصاح أحدهما: يا للمهاجرين ونادى الآخر: يا للأنصار، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم  ذلك آدان هذا المنطق قائلاً: «ما بال دعوى الجاهلية؟... دعوها فإنها منتنة»[5].

بالطبع فإن المرفوض هو تفعيل الانتماء القبلي سلبياً، وتضخيمه على حساب الولاء للمبدأ، دون أن يعني ذلك رفض الاعتراف بالانتماءات، والإقرار بالكيانات القبلية في مضمونها الإيجابي.

الشراكة الفعلية:

لا شيء يحقق وحدة المجتمع كالشراكة الفعلية بين أطرافه في البناء واتخاذ القرار وإدارة الأمور، فذلك هو ما يُشعِر الجميـع بمصلحتهم المشتركة في الحفاظ على كيان الوحدة، ورفض ما يمسُّها بسوء، كما يجسد واقع المساواة في الحقوق والواجبات... أما إذا استأثر بعض الأطراف بذلك فإن الآخرين سيتملكهم الإحساس بالغبن والظلامة، وسيدفعهم شعورهم بالإقصاء والتهميش إلى القيام بردود فعل ليست في صالح الوحدة واستقرار المجتمع. إن إقصاء أي طرف يحرم المجتمع من فاعليته وعطائه، ويفتح ثغرة في جدار وحدة المجتمع وأمنه.

ومن مفاخر الإسلام العظيمة سبْقُه إلى إقرار مبدأ المشاركة الشعبية، والشراكة الاجتماعية، في وقت كانت ترزح فيه المجتمعات البشرية تحت نير أنظمة الاستبداد والعنصرية والطبقية البغيضة... كان رسول لله صلى الله عليه وسلم  يمارس الشورى على الصعيد الاجتماعي العام، ليدلي كلُّ مسلم برأيه، كبيراً كان أم صغيراً، من الأحرار أم من الموالي، ومن المهاجرين أم من الأنصار، ومن أي قبيلة كان، وحتى العناصر غير العربية أخذت موقعها المناسبة، بل احتل بعضها موقعاً متميزاً بجدارته كـ (صهيب الرومي وسلمان الفارسي) رضي الله عنهم.

وفي مجال الوظائف والمهام القيادية، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  يُسنِدها إلى الأكْفَاء المؤهلين من مختلف القبائل، ولو أُعطي هذا الجانب من السيرة النبـوية حقه من الدراسة لتجلت لنا وللبشرية روعة تعاليم الإسلام، وعظمة القيادة النبوية.

إن قائمة أمراء الجيوش والسرايا، والسفراء المبتعثين للملوك والزعماء، والشخصيات التي عيَّنها الرسول صلى الله عليه وسلم  في مواقع القضاء والمسؤوليات الدينية، هذه القـوائم حين نفحصها نرى التنوع في الانتماء القبلي والمناطقي لأشخاصها، وبعض التعيينات كانت تشكل صدمة وإثارة للرأي العام الذي كان يعاني من رواسب الحقبة الجاهلية، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم  كان حازماً في تحقيق مبدأ الشراكة واحترام الكفاءة.

ففي يوم فتح مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم  بلالاً الحبشي الأسود الذي كان عبداً يباع ويشترى في مكة، وأوقع به أسياده القرشيون صنوف الإهانة والتنكيل، حتى أغروا صبيانهم وسفهاءهم بأن يقتادوه بحبـل ليسخروا منه ويؤذوه... هذا الرجل اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم  ليكون أول مؤذن على ظهر الكعبة، وهو ما أثار حفيظـة كثير من القرشيين، حتى قال أحدهم لصاحبه: لقد أكرم الله أبي أن مات وألا يكـون سمع هذا! وكان الحارث بن هشام وصفوان بن أمية قاعـدَين فقال أحدهما للآخر: انظر إلى هذا الحبشي! فقال الآخر: إن يكرهه الله يغيره.

وحينما عيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم  زيد بن حارثة (وهو عبد اشتراه حكيم بن حزام ثم وهبه لعمته خديجة بنت خويلد، فوهبته لرسول لله صلى الله عليه وسلم ) على رأس جيش المسلمين إلى الروم في غزوة مؤتة إلى جانب جعفر الطيار وعبـد الله بن رواحة، اعترض بعضهم على هذا التعيين، فرد عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم عيَّن الشاب أسامة بن زيد على رأس آخِر بعث عسكري له صلى الله عليه وسلم ، وجعل تحت إمرته كبار المهاجرين والأنصار.

قال ابن سعد في الطبقات: «لما كَانَ يوم الإثنين لأربع ليالٍ بقين من صفر سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  الناس بالتهيؤ لغزو الروم. فلما كَانَ من الغد دعا أسامة بن زيد فَقَالَ: (سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش)... فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار إلا انتدب فِي تلك الغزوة فيهم أَبُو بَكْر الصديق وعمر بْن الْخَطَّاب وأبو عُبَيدة بْن الجراح وسعد بْن أَبِي وقاص وسعيد بْن زَيْد وقتادة بْن النعمان وسلمة بْن أسلم بْن حريش. فتكلم قوم وقالوا: يستعمل هذا الغلام عَلَى المهاجرين الأولين! فغضب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  غضباً شديداً فخرج وقد عصب عَلَى رأسه عصابة وعليه قطيفة. فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أما بعد، أيها النَّاس! فما مقالة بلغتني عَن بعضكم فِي تأميري أسامة. ولئن طعنتم فِي إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أَبَاهُ من قبله! وأيم اللَّه إن كَانَ للإمارة لخليقاً وإن ابنه من بعده لخليق لِلإِمَارَةِ»[6].

نهج الوحدة والحضارة:

هذا المنهج الوحدوي الذي اعتمده رسول الله صلى الله عليه وسلم  في بناء الأمة؛ بتركيز الهوية المشتركة (وهي الإسلام) لتكون فوق سائر الهويات والانتماءات التي لم يتنكر الإسلام لوجودها كـ (القبيلة والوطن والقوم)؛ وإنما حارب التوجهات السلبية فيها، وضخ في المجتمع الجديد ثقافة وحدوية، تعالج آثار المفاضلة القبليـة الشائعة، وكذلك الحرص على تحقيـق الشراكة الاجتمـاعية بين مختلَـف الأطراف في البناء واتخاذ القرار وإدارة الأمور... هذا النهج هو ما يؤدي إلى الوحدة الحقيقية، وهو ما يؤهل المجتمع للرقي الحضاري.

وما تنتهجه الآن المجتمعات الغربية، من اعتماد الوطن هوية مشتركة، ومن احترام التنوع في مجتمعاتها، وتجريم الأيديولوجيات العنصرية ونبذ سياسة التفرقة العرقية، والممارسة التمييزية بين المواطنـين، وتحقيق الشراكات عبر النظام الديمقراطي؛ إنما يمثل إدراكاً لما سبق إليه الإسلام بقرون وبأفضل سبيل، مع تلافي كثير من الثغرات والسلبيات التي منها تعاني الحضارة الغربية.

والمسلمون اليوم حري بهم الرجوع إلى النهج السليم القويم النابع من تعاليـم دينهم العظيم، والمنسجم مع تاريخهم الكريم وثقافتهم الأصيلة.


 


[1] وهم: محمد أحمد جاد المولى - علي محمد البجاوي - محمد أبو الفضل إبراهيم.

[2] فجر الإسلام، ص68.

[3] ضعيف الجامع، ناصر الدين الألباني، رقم: 4935.

[4] صحيح الترغيب والترهيب، ناصر الدين الألباني.

[5] البخاري ومسلم.

[6] الطبقات الكبرى، ابن سعد، ط: دار الكتب العلمية، 2/ 145 - 146 .

 

 

أعلى