• - الموافق2024/11/21م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
علاقة العلم بعمل القلب

علاقة العلم بعمل القلب

 

إن العلم هو أساس ومنطلق معرفة الحق وسلوك الصراط المستقيم، وهو المصباح الذي يضيء للإنسان الطريق كي يبتعد عن الشبهات والشهوات والأهواء.

ولذلك إذا لم يصاحب العلم إخلاص وتقوى وخشية يُدفَع بها الهوى لم يكن للعلم فائدة، بل يصبح وبالاً على صاحبه قائداً له إلى نار جهنم، عياذاً بالله تعالى.

ومردُّ ذلك أن الحق يتضح للعالم فيتنكبه متعمداً؛ لهوىً وشهوة في نفسه. وليزكو العلم ويعود بالنفع على صاحبه ويقوده إلى الفلاح في الدنيا والآخرة، ينبغي ربطه بعمل القلب.

والقرآن الكريم يبيِّن تلك العلاقة العضوية بين العلم النافع وعمل القلب في قوله - تعالى -: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْـحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الحج: 54].

ومعنى الآية الكريمة أن الذين أوتوا العلم النافع الذي يفرقون به بين الحق والباطل متيقنون أن ما أنزله الله - تعالى - على نبيه صلى الله عليه وسلم هو الحق، فيصدقوه وينقادوا له؛ لأن القلب هو موطن الإقرار والخضوع والإخبات لله، عز وجل[1].

وفي السورة نفسها يفسر القرآن الكريم الإخبات في قوله - تعالى -: {وَبَشِّرِ الْـمُخْبِتِينَ 34 الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْـمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}. [الحج: 34 - 35]

وقال تعالى: {إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]؛ أي يخافه ويخشاه حق خشيته العلماء الربانييون العارفون به؛ لأنه كلما كانت المعرفة القلبية للخالق البارئ فاطر السموات والأرض، العليم القدير، الموصوف بصفات الكمال والمتفرد بنعوت الجلال أتم والعلم أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر.

ولذلك قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: «ليس العلم عن كثرة الحديث، ولكن العلم عن كثرة الخشية»[2]. وفي هذا السياق قال مالك - رحمه الله -: «إن العلم ليس بكثرة الرواية؛ وإنما العلم نور يجعله الله في القلب»[3].

وخلاصة القول: إن القلب موضع الإيمان والنية والعمل؛ لأن كل حركة أو موقف لا يكونان إلا بإرادة قلبية. ولذلك ينبغي أن نعتني بأعمال القلوب، ونضعها في أعلى سُلَّم الأولويات، ونهتم بتزكية قلوبنا وترويضها على الصدق والإخلاص والإخبات والرضا والخشية والإنابة إلى الله - عز وجل - لأن العالم إذا نوى بعلمه طلب الدنيا والرياء حبط عمله وتبدَّلت المثوبة في حقه عقوبة وعذاباً، نسأل الله - تعالى - السلامة، وهو ما يدل على الأهمية الخاصة لعمل القلب.  


 


 

[1] ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: 5/ 446.

[2] المصدر السابق: 6/ 545.

[3] المصدر السابق: 6/ 545.

 

 

أعلى