• - الموافق2024/04/20م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
مستقبل الصراع على الصحراء المغربية

تعد منطقة الصحراء الغربية واحدة من المناطق الأقل كثافة سكانية في العالم؛ إذ تتكون أساساً من صحراء مستوية لا يتجاوز عدد سكانها - وَفْقَ كثير من الإحصائيات - النصف مليون


«إنني لا أظن أن هناك حلاً لهذه الأزمة».

هذا ما قاله جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ثم مبعوث الأمم المتحدة لقضية الصحراء المغربية عقب تقديم استقالته عام 2004م بعد أن فشلت خطته لتحقيق السلام في تلك المنطقة.

وقد جاءت استقالته بعد عدة أشهر من المحاولات الفاشلة لاستمالة المغرب من أجل الدخول في مفاوضات رسمية بشأن خطته التي كانت تتمحور حول إجراء استفتاء يقرر فيه أهل المنطقة مصيرهم، لكن السلطات في المملكة المغربية قابلته بالرفض، خاصة بعدما عارض محمد السادس ملك المغرب إجراء أي استفتاء على الانفصال قائلاً: نحن لن نتخلى عن شبر واحد من بلدنا الحبيب ومن صحرائنا؛ بل لن نتخلى عن حبة واحدة من رمالها.

وفي الوقت نفسه فإن الجزائر تعارض رؤية المغرب بشأن الإقليم؛ إذ يعيش آلاف اللاجئين من الشعب الصحراوي في مخيمات تقع داخل الحدود الجزائرية.

وتسببت قضية الصحراء الغربية في وجود دائم لأجواء من الصراع المكبوت وعدم الثقة المتبادلة بين المغرب والجزائر، ولم تزل الحدود بين البلدين مغلقة منذ تسعينيات القرن الماضي.

وفي الشهر الماضي (شهر نوفمبر)، وبعد ثلاثين عاماً من وقف إطلاق النار، أعلنت قوات جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) حالة الحرب ردّاً على عملية عسكرية مغربية في منطقة الكركرات العازلة في أقصى جنوب الصحراء الغربية على الطريق الوحيد المؤدي إلى موريتانيا، كانت العملية تهدف إلى استئناف الحركة المرورية، بعدما قطعها عناصر من الجبهة المطالبة باستقلال الصحراء الغربية، وهو ما حدث.

فما هي تلك الصحراء وما حقيقة النزاع حولها، الذي يعده كثير من المراقبين واحداً من أطول الصراعات السياسية والإنسانية في العالم؟

منطقة الصحراء جغرافياً:

هذه المنطقة من الصحراء تقع في أقصى الغرب الإفريقي، تحدُّها من جهة الشمال دولة المغرب، بينما تحدها الجزائر من الجهة الشرقية، ثم موريتانيا من الجهة الجنوبية، فالمحيط الأطلسي من الغرب حيث تمتلك ساحلاً طويلاً ممتداً بمسافة تساوي 1400 كم، وتبلغ مساحتها حوالي 266.000 كم2، وهي بمساحتها تلك تعادل - تقريباً - مساحة بريطانيا، وتنقسم هذه المنطقة جغرافياً إلى قسمين:

الأول: هو الساقية الحمراء، وهي وادٍ مهمٌّ يمتد في أقصى الطرف الشمالي من حدود الإقليم، وينحدر إلى ساحل المحيط الأطلسي، ويشمل المنطقة الممتدة من رأس جوبي وحتى رأس بوجادور، وتبلغ مساحته حوالي 82 ألف كم2.

والثاني: وادي الذهب، ويشمل المنطقة الممتدة من جنوب الساقية الحمراء من رأس بوجادور وحتى رأس بلانكو ، وتبلغ مساحته حوالي 184 ألف كم2.

وتعد منطقة الصحراء الغربية واحدة من المناطق الأقل كثافة سكانية في العالم؛ إذ تتكون أساساً من صحراء مستوية لا يتجاوز عدد سكانها - وَفْقَ كثير من الإحصائيات - النصف مليون، أما المغرب فإنها تقدِّر السكان بما لا يزيد عن مئة ألف، وأما جبهة البوليساريو فتُقدِّر عدد السكان بحوالي 375 ألف نسمة من أهل الصحراء، إضافة إلى ما يزيد عن 200 ألف نسمة من مواطني الدول المجاورة، مع العلم أن 40% من هؤلاء السكان يعيشون في مدينة العيون كبرى مدن الصحراء، وينتمي السكان عرقياً مثلهم مثل سكان دولتي الجزائر والمغرب إلى خليط من الأمازيغ والعرب.

أما تسمية تلك الصحراء فهي مرتبطة دائماً بالموقف السياسي من هذه المنطقة؛ فمن يؤيد موقف المغرب منها يطلِق عليها الصحراء المغربية، ومن يرى حياداً يطلق عليها منطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب أو الصحراء الغربية، أما من يؤيد انفصالها عن المغرب فيطلق عليها الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.

وأيّاً كانت تسميتها فهي في النهاية منطقة مُتنازَع عليها تقع في المغرب العربي؛ وتحديداً في منطقة شمال إفريقيا حيث يسيطر فعليّاً المغرب على جزء كبير منها ويتولى إدارة أكثر من ثلثي هذه الأراضي وَفْقَ بعض التقديرات، وهناك تقديرات أخرى تزيد هذه النسبة لتصل سيطرة المغرب على الصحراء إلى 80 %، والباقي تديره الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب المعروفة باسم البوليساريو، بينما تعتبرها دول أخرى منطقة مُستعمَرة تسعى الأمم المتحدة لإيجاد حل لها.

منطقة الصحراء تاريخيّاً:

طالما مثَّل شمال إفريقيا - على الأقل - وحدة سياسية باعتباره شعب واحد متجانس دينيّاً وديموغرافيّاً وعرقيّاً، وكان قديماً يطلَق مصطلح المغرب على كل ما يقع غرب الإسكندرية؛ فقد درج أهل مصر بعد الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا على هذه التسمية، وظل الأمر كذلك حتى غزت أوروبا العالم الإسلامي في العصر الحديث لاعتبارات عقـدية واقتصـادية، حينها انقسم شمال إفريقيا بين قوات الغزو المختلفة فاحتلت فرنسا تونس والجزائر والمغرب، واحتلت إيطاليا ليبيا، وتم احتلال الصحراء الغربية من قبل إسبانيا حيث خضعت للاستعمار الإسباني في الفترة الممتدة من عام 1884م إلى عام 1976م، غير أن الإسبان اكتفوا في البداية بالتحصن داخل مراكز معزولة على الشواطئ تأسست فيها لاحقاً مجموعة من مدن الصحراء الغربية مثل (الداخلة ولكويرة) تاركين العمق الصحراوي مجالاً لسيادة القبائل الصحراوية، وفي عام 1975م تخلت إسبانيا عن السيادة على الإقليم، ثم منحت هذه السيادة لإدارة مشتركة من قِبَل المغرب وموريتانيا لتندلع حرب بين البلدين نتيجة تنافسهما في السيطرة على المناطق المختلفة. وما لبثت أن انسحبت موريتانيا من الصحراء الغربية عام 1979م، ليُسيطر المغرب فعليّاً على معظم مساحة الصحراء.

ونتيجة للاحتلال الإسباني ثم بسط المغرب نفوذه على الصحراء، تأسست حركة قومية صحراوية عُرفت بجبهة (البوليساريو).

واسم (البوليساريو) هو انتقاء للحروف الأولى لعبارة إسبانية تعني: (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب). تأسست الجبهة في مايو عام 1973م على يد الصحراويين بهدف إقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية، علماً أن بداية هذه الحركة في الأساس كانت تهدف إلى تحرير المنطقة من الحكم الإسباني ثم تحولت قضيتها إلى الاستقلال عن المغرب عند رحيل الإسبان وقد تلقَّت مساعدات من ليبيا والجزائر.

وأعلنت ما بين عامي 1975 - 1976م تأسيس ما أطلقت عليه (الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية)، وشكلت حكومة في منطقة تندوف بأقصى الجنوب الجزائري.

وتولى رئاسة الجبهة مصطفى سيد الوالي الرقيبي مدة ثلاث سنوات منذ تأسيسها عام 1973م حتى مقتله في عام 1976م خلال هجوم على العاصمة الموريتانية نواكشوط، فخلفه محمد عبد العزيز أميناً عامّاً للجبهة ورئيساً لمجلس قيادة الثورة من عام 1976م حتى وفاته عام 2016م عندها تولى القيادة إبراهيم غالي.

وبدأ المغرب مطلع ثمانينيات القرن الماضي ببناء جدار رملي حول مدن السمارة والعيون وبوجدور لعزل المناطق الصحراوية الغنية بالفوسفات والمدن الصحراوية الأساسية، وجعل هذا الجدار أهمَّ الأراضي الصحراوية في مأمن من هجمات البوليساريو، وتعزز موقف المغرب بتخلي ليبيا منذ عام 1984م عن دعم البوليساريو وانشغال الجزائر بأزمتها الداخلية.

ومنذ اندلاع هجمات البوليساريو لجأ خلال هذه الحرب كثير من الصحراويين إلى الجزائر حيث يقيمون في مخيمات منذ عقود، ويتباين تقـدير عددهم حيث ينسب موقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين للحكومة الجزائرية القول بأنه يوجد 165 ألف لاجئ صحراوي في المخيمات الخمس الموجودة قرب تندوف، في حين تشير بعض وكالات الأمم المتحدة إلى أن العدد يتراوح بين 90 - 125 ألف لاجئ، وتشير وكالات الأمم المتحدة إلى أن هؤلاء اللاجئين يعيشون في ظل ظروف صعبة.

في عام 1991م دخلت الأمم المتحدة بفعالية على خط الأزمة حين نشرت تقريرها الذي أكدت فيه أن ثلثي الأراضي - بما في ذلك معظم الساحل الأطلسي (الجزء الوحيد من الساحل خارج الجدار الرملي في أقصى الجنوب) بالإضافة إلى جزيرة رأس نواذيبو - تُدار من قبل الحكومة المغربية التي تحصل على دعم ضمني من فرنسا والولايات المتحدة، أما الثلث المتبقي فيُدار من قبل البوليساريو.

من الجدير بالذكر أن جميع الحلول التي كانت قد اقترحتها الأمم المتحدة قد باءت بالفشل، لكنها نجحت في شيء واحد وهو فرض اتفاق وقف إطلاق النار في عام 1991م.

وقد ظلت كل من الدولة المغربية وجبهة البوليساريو تتنافسان على الساحة الدولية الاعترافَ رسمياً بسيادة كلٍّ منهما على المنطقة، خاصة من دول إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وباقي الدول في العالم، فاستطاعت جبهة البوليساريو الحصول على الاعتراف الرسمي بملكيتها للمنطقة من 37 دولة؛ وهو ما مكنها من تمديد عضويتها في الاتحاد الإفريقي، أما المغرب فقد فاز بدعم العديد من الحكومات الإفريقية ومعظمها من العالم الإسلامي والبلدان ضمن جامعة الدول العربية، ولكن لم يتم الاعتراف بشكل رسمي بالسيادة المغربية على هذه المنطقة، وفي السنوات الأخيرة الكفة تميل لصالح المغرب، وعلى مدى العام الماضي وحده فتحت 16 دولة إفريقية، بالإضافة إلى الإمارات والأردن مؤخراً، قنصليات في هذه المنطقة وهو ما يعتبر بمثابة اعتراف شبه رسمي.

الأهمية الإستراتيجية لمنطقة الصحراء:

أولاً: تكتسب منطقة الصحراء بُعداً إستراتيجيّاً لأنها تعد بمثابة حاجز طبيعي بين الشمال الإفريقي العربي والساحل الإفريقي الغربي، وقد نجح الإسلام تاريخيّاً في اختراقها، ولكن الهجمات الغربية على المنطقة حاولت جعلها حزاماً طبيعياً يفصل العرب عن هذه المناطق؛ كما جعلوا من جنوب السودان فاصلاً بين العرب وإفريقيا من جهة الشرق، وهذا يفسر إصرار الاتحاد الأوروبي عبر محكمة العدل الأوروبية التي حكمت مرتين عامي 2016 - 2018م بأن الصحراء الغربية والمغرب هما دولتان منفصلتان، تلك هي النظرة الأوروبية التي اعتبرتها في الوقت نفسه بوابة أو مدخلاً لغرب إفريقيا، ثم ما لبثت أن أصبحت منطقة تنافس أوروبي تتنازعه فرنسا في المقام الأول وتجيء إسبانيا بعد ذلك.

ثانياً: تمثل منطقة الصحراء منطقة تنافس إستراتيجي بين المغرب والجزائر على زعامة الشمال الإفريقي باعتبارهما أكبر دولتين في هذا النطاق الجغرافي.

وبالإضافة إلى ذلك التنافس فإن المغرب ينظر إلى الصحراء على أنها عمق إستراتيجي له، فعند استقلال هذه الدولة عام 1956م أسست المملكة المغربية وزارة شؤون موريتانيا والصحراء؛ فقد كانت تعتبـر أن موريتانيا ومن ثَمَّ الصحراء جزءاً منها، ويقول المغرب إن له حقوقاً في المنطقة تعود إلى قرون، وإن أقصى ما يمكن أن تقدمه للصحراء الغربية هو الحكم الذاتي للإقليم تحت السيادة المغربية.

وأما الجزائر فتكمن الأهمية الإستراتيجية للصحراء الغربية بالنسبة لها في وقوعها إلى جوار إقليم تندوف الجزائري الذي يقع في أقصى جنوب غرب البلاد، والذي يزخر بثروة كبيرة من خام الحديد وتمثل الصحراء الغربية له بوابة غير مكلفة اقتصادياً لتصدير هذا الحديد عبر المحيط الأطلسي.

ثالثاً: تحتوي الصحراء في أرضها على عدة ثروات هامة وبكميات عالمية إستراتيجية يسيل لها لعاب كثير من الدول، وعندما اكتشف الإسبان ما فيها من ثروات طبيعية اعتبروها كما صرح وزير الخارجية الإسباني الأسبق ألبرتو مارتين أرتاخو بمثابة هبة العناية الإلهية لإسبانيا في منطقة هي سوق المستقبل.

فجهة بوكراع الواقعة على بعد 100 كلم جنوب شرق مدينة العيون عاصمة الإقليم، تحوز وحدها على كميات ضخمة من الفوسفات باحتياطي يصل إلى ملياري طن تقريباً وَفْقَ المصادر المغربية التي تحاول التقليل من هذه الكميات لكي تعطي انطباعاً بأن مسألة سيادتها على المنطقة ليس لها دافع اقتصادي، بينما ترى مصادر أخرى أن هذا الاحتياطي يصل إلى 10 مليارات طن ويشكل 28.5% من الاحتياطي العالمي من الفوسفات لتعده تلك المصادر الدولة الأولى عالمياً في إنتاجه، وتمتد مناجمه على مساحة تقدَّر بـ 800 كم2، وتتراوح نسبة نقاوته ما بين 72 - 75%، وهناك أيضاً مشروع للغاز الطبيعي المسال بكميات كبيرة تقوم به شركة بريتيش بتروليوم، ويعد الساحل الذي تطل عليه منطقة الصحراء الغربية من أكثر السواحل ثروة سمكية في العالم.

مستقبل قضية الصحراء:

لا يجب إغفال أن مشكلة الصحراء الغربية هي جزء لا يتجزأ من المشاكل الحدودية في المنطقة العربية، تلك التي افتعلها الغرب قبل رحيله عسكريّاً عن المنطقة مثلها كمثل مشكلة حلايب وشلاتين بين مصر والسودان، ومشاكل الحدود الأخرى في الجزيرة العربية واليمن والعراق وغيرها، فالأصل أن هذه المناطق كانت لا تعرف خطوطاً حدودية بينها تاريخياً، حتى احتلها الغرب بداية من القرن الثامن عشر وعمل على تجزئتها وافتعال الصراعات والنزاعات العرقية والمذهبية وأيضاً الحدودية.

فعمل الإسبان على عزل الإقليم الصحراوي عن محيطه الجغرافي في المغرب وموريتانيا والجزائر، بالإضافة إلى تقطيعه إلى مناطق منفصلة عن بعضها تخضع كل منها لسلطة مستقلة عن الأخرى.

كما دخلت قضية الصحراء منذ العام الماضي أروقة الصراع والتنافس بين المحاور الإقليمية على النفوذ في المنطقة، واستقطاب كلٍّ من الطرفين الرئيسين في النزاع وهما المغرب والجزائر إلى هذا المحور أو ذاك، وهذا ما نلاحظه في افتتاح قنصلية إماراتية في الصحراء مساندة للمغرب، وأعقبها شراكات اقتصادية جديدة للجزائر مع تركيا.

والمغرب والجزائر هما الطرفان الفاعلان الرئيسيان في قضية الصحراء، فالمغرب يبسط سيطرته الفعلية على معظم أراضي المنطقة والجزائر تساند جبهة البوليساريو وتقدم الدعم على الأرض لها؛ فالعلاقة بين البلدين هي مناط تصعيد مشكلة الصحراء إلى مستويات الحرب والاقتتال واستنزاف الموارد، أو تسير في مسار التهدئة ومِن ثَمَّ الوصول إلى التسوية النهاية.

بالنسبة للمغرب تركزت إستراتيجية النظام السياسي دائماً على مقايضة الدعم الدولي والإقليمي له في مشكلة الصحراء بدعم المغرب للقوى الدولية والإقليمية المؤثرة في قضايا المنطقة؛ فمرة يلعب النظام بورقة مكافحة الإرهاب ومرة أخرى في ملف الهجرة إلى أوروبا وثالثة في قضية الشرق الأوسط وتقديم النظام نفسه كوسيط بين العرب والكيان الصهيوني، ولكن هذه المقايضة لها خطورتها؛ فإنها قد تأتي بنتائج عكسية؛ إذ تتحول إلى ورقة ضغط لابتزاز المغرب في أي مواقف سياسية خارجية لاستمالتها لهذا المحور أو ذاك، أو قيام النظام بأدوار تتناقض مع مبادئ الشعب المغربي وخياراته المرتبطة بعقيدته.

أما الجزائر فتبني إستراتيجيتها وتتمحور حول مساندتها لجبهة البوليساريو مساندة عسكرية ولوجستية وحشد الدعم الإقليمي والدولي لها باعتبار أن بعض النخب الجزائرية المتنفذة تستفيد مصالحها الشخصية من ذلك الدعم، وهذا ما جعل الجزائر تدفع باستمرار فاتورة هذا النزاع طويل الأمد من خزينتها العامة لضمان بقاء هذه الجبهة واستمرارها في الصراع؛ وخاصة أن الجزائر المجبرة على توفير مواد الإغاثة لعشرات الآلاف من اللاجئين الصحراويين تعاني من شح المساعدات الدولية؛ وهو ما يؤثر على اقتصادها الذي يعاني أصلاً من تداعيات خطيرة.

ولذلك فإن السبيل الأمثل إذا توافرت النوايا الحسنة لحل هذا الصراع لا بد له أن يسير في عدة مسارات متوازية:

• الدفع بالعلاقات الاقتصادية والتجارية والشراكة بين الدولتين وإشراك أهالي المنطقة الصحراوية في هذه الشراكات.

• تفعيل الدبلوماسية الشعبية بعد السماح لها وتشجيع دورها في ترسيخ العلاقات الثنائية عن طريق المنظمات الشعبية والجمعيات والأحزاب.

• الابتعاد والنأي عن المحاور الإقليمية في المنطقة والصراعات بينها والتوقف عن الزج بقضية الصحراء وجعلها ورقة مقايضة أو مرتبطة بقضايا الصراع الدولي والإقليمي.

بإمكان دولتي المغرب والجزائر إعطاء أنموذج لطي ملف هذا الصراع ووقف استنزاف طاقات البلدين الكبيرة إذا استطاعتا إدارة هذا الصراع بعقلية إستراتيجية تنظر دائماً إلى مصالح الشعوب وإعادة إحياء آمالها في الرفعة والتقدم وأخذ دورها الريادي العالمي.

 

 

أعلى