اغتيال سليماني والرد الإيراني
دون مواربة أو تضليل وبكل جرأة وصراحة أعلن الرئيس الأمريكي، رونالد ترامب عن قيام قواته بقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني بأوامر شخصية منه وقتل الرجل الثاني في ميليشيات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس معه في الغارة.
الأسباب الدافعة وراء اغتياله بحسب وزارة الخارجية الأمريكية، أنه كان يعكف على وضع خطط لمهاجمة أمريكيين في العراق والشرق الأوسط، والتخطيط لاقتحام السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء وسط بغداد بالتعاون مع عناصر ميليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران.
الخارجية الأمريكية وعلى لسان وزيرها، بومبيو أعلنت بعد قرار الاغتيال أن بلادها لا تسعى إلى التورط في حرب مع إيران، لكنها لن تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى الأرواح الأمريكية مُعرضة للخطر، وستتحرك لردع أي خطط هجومية مستقبلية لإيران، وأن الولايات المتحدة الأمريكية ستستمر باتخاذ كل الخطوات الضرورية لحماية مواطنيها، ولم يكن من الممكن تأجيل هذا القرار أكثر من ذلك، لأن خطر عدم التحرك ضد إيران كان هائلاً.
الاغتيال الأمريكي لسليماني جاء لتأكيد الدور والوجود الأمريكي في المنطقة، وعودة الولايات المتحدة للمشهد من جديد وكأنها تقول نحن هنا في المنطقة ومن الأفضل ألا يتورط معنا أحد، خاصة وأن دولة الكيان الصهيوني الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة والابن المدلل لها كانت قد وجهت نقدا لسلوك الأخيرة بتآكل ردعها في المنطقة في الآونة الأخيرة.
اغتيال سليماني درس في سوء تقدير الموقف الإيراني، فإيران أسقطت الطائرة الأمريكية، وضربت أرامو، واعترضت ناقلات النفط في الخليج، فاستوعب ترامب كل ذلك، وتمادت إيران وراهنت على أنه ليس رجل حروب، مما دفعها لإطالة الحبل قليلا بمهاجمة سفارته ببغداد، فجاء الرد على غير ما يتوقعون وهنا لابد من تغذية راجعة بأن الأمريكان لن يقبلوا بأن تهان كرامتهم أو تخبوا سطوتهم وألا تكون لهم اليد العليا في المنطقة وإعادة هيبتهم وقوة الردع الأمريكية وكأنها رسالة للمنطقة مفادها بأن الولايات المتحدة لا يمكنها التساهل مع من يمس مصالحها في المنطقة.
إيران تدرك أن خسارة سليماني قاسية وهو الرجل الذي يصعب بل يستحيل تعويضه لعلاقته الوثيقة بخامنئي، وتأثيره القوي على كل قرار يتخذ في طهران، في البرنامج النووي والسياسة الخارجية، وإلمامه الكبير بجميع العمليات الجارية في العالم، ومع ذلك ستحاول الرد على اغتياله بطريقة لا تؤدي إلى تدهور الموقف وإلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق، تكون نتائجها وخيمة وقد لا تحمد عقباها خاصة وأن الرئيس الأمريكي ترامب، لم يبد أي استعداد للعب اللعبة المألوفة مع رد إيراني قوي لإلحاق الضرر بالمصالح الأمريكية حيث رفعت إيران العلم الأحمر في مدينة قم الإيرانية كناية عن بداية الانتقام لقائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني ولن تتم إزالته، حتى يأتي الثأر لاغتيال سليماني.
المتحدث باسم القوات المسلحة، أبو الفضل شكارجي شدد على أن إيران ستتجنب أي خطوات متسرعة في الرد على اغتيال قاسم سليماني، ولكنها في ذات الوقت سترد بحزم على اغتياله، بما يلبي تطلعات الشعب الإيراني وشعوب المنطقة محذرا الولايات المتحدة الأمريكية من التصرف بجنون بعد الرد الإيراني، معتبراً أنها تتحمل المسؤولية عن أي حرب قد تندلع في المنطقة وستتلقى ردا أكثر إيلاما.
قائد الحرس الثوري الإيراني، الجنرال علي فدوي كشف تفاصيل رسالة أمريكية، حملها السفير السويسري بطريقة دبلوماسية إلى إيران، في أعقاب اغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني فحواها "إن أردتم الانتقام فلتنتقموا بما يُناسب عملنا"، وألا يتجاوز الرد الإيراني سقف اغتيال قاسم سليماني".
الانتقام الإيراني لمقتل سليماني من الولايات المتحدة الأمريكية غالبا لن يكون سريعا، وستنتظر إيران اقتراب الانتخابات الأمريكية وتوجيه ضربات أمنية وعسكرية لمصالح أمريكية في حدود منطقة الخليج العربي، ليكون صدى الانتقام أكبر أثرا مما يؤثر في العملية الانتخابية الأمريكية القادمة.