أجرى الحوار: أ. نجاح شوشة
وصف خبير العلاقات
الإفريقية في جامعة القاهرة الدكتور أيمن شبانه قدرة إثيوبيا على تهديد الأمن
المائي لمصر والسودان عن طريق ما يسمى بسد الألفية الذي تنوي أديس أبابا تشييده على
نهر النيل.
وقال شبانة: إن وضع
رمز النيل والفرات على عَلَم (إسرائيل) ليس اعتباطًا ، و (إسرائيل) لها دور في
إثارة القلاقل بشأن مياة النيل، وهذا عَلَم دولة وتوجّه دولة..، إسرائيل لديها حلم
الوصول إلى مياه نهر النيل ، تريد مليار متر مكعب من مياه نهر النيل ، وهذا سيغير
التوازن في المنطقة ؛ لأنه سيوفر لها مهاجرين جدد، وسيبنون مستوطنات جديدة.
وأضاف الخبير
بالشئون الأفريقية: لقد زاد أمل (إسرائيل) في الوصول إلى مياه النيل مع إنشاء ترعة
السلام ، وقالوا: إن ترعة السلام تعتبر مقدمة لتوصيل مياه النيل لإسرائيل ، خاصةً
أن إسرائيل تستهلك منذ العام 85 حصتها الكاملة من المياه .
وإلى تفاصيل
الحوار:
البيان: ما هو مدى قدرة إثيوبيا على إلحاق الضرر بالأمن المائي المصري والسوداني؟
- أولاً: بسم الله
الرحمن الرحيم ، ما أريد قوله أن قدرات إثيوبيا على إلحاق الضرر بمصر ليست قدرات
كبيرة جدًا ولا بالغة التأثير لدرجة أن نظل في حالة رعب ، والحقيقة أن الظروف
الجغرافية أو الأوضاع الجغرافية لا تخدم مصر كثيراً جداً؛ لأنها لا تمحي كل الخطر،
ولكنها تباعد بينا وبين الخطر بقدر كبير .
إن قدرة إثيوبيا
على بناء سدود باعتمادها على قدراتها الذاتية طبعاً محدودة جداً ؛ لأنها دولة يفتقر
83% تقريباً من شعبها إلى التغطية الكهربائية ، و52% من شعبها ليس لديهم خدمة الصرف
الصحي ، وبالتالي فإن قدرتها على بناء السدود محدودة ، ولكنها استطاعت أن تعوضها من
خلال بعض الدول المانحة مثل الصين وإيطاليا والدنمرك وكل الدول المانحة.
وبالنسبة لمسألة
قدرتها على بناء السدود ، لا بد أن نعرف أن من يبني سدًّا لا بد أن يكون عنده هدف،
ولكن ما الهدف من بناء السدود في إثيوبيا ؟ هل هو توليد الطاقة الكهربائية أم تخزين
المياه؟ الهدف من بناء السدود في إثيوبيا في الغالب: توليد الطاقة الكهربائية ،
بمعنى أنها الطاقة التي تعتمد على المياه، إذاً السدود التي تبنيها إثيوبيا في
معظمها ليست سدودًا لتخزين المياه ؛ لأن إثيوبيا ليست في حاجة مطلقة إلى تخزين
المياه ، بل إن كمية الأمطار التي تسقط على إثيوبيا تكفي احتياجات السكان عشر مرات
، إذاً إثيوبيا في حاجة لنوعين من المشروعات الأساسية ، أولاً: مشروعات الطاقة ،
وثانياً: مشروعات نقل المياه ، نقل المياه من الأماكن الغنية بالمياه للأماكن
الفقيرة في المياه ، المناطق الفقيرة للمياه في إثيوبيا هي المناطق الشرقية ،
والمناطق الغنية بالمياه في إثيوبيا هي المناطق الغربية ، وبالتالي لا يريدون تخزين
المياه ، إذ لو خزن المياه يغرق ، وبالتالي هو يضغط على مصر وهو في غير حاجة
للمياه؛ لأنه يرى أن مصر هي الدولة المستفيدة الأكبر من مياه نهر النيل، وهي التي
تحرم إثيوبيا من مشروعات التنمية، وطبعاً هذا كلام غير صحيح؛ لأن إثيوبيا أولاً:
ليس عندها الإمكانيات ، ثانياً: لم يكن عندها الاحتياج التنموي مع ضغوط السكان ؛
لأن سكانها قليلون ، لكن اليوم سكانها يقتربون من 80 مليون نسمة ، وبالتالي يجب على
مصر أن تستفيد وغيرها يستفيد أيضاً ، نهر النيل تحكمه نظرية اسمها الملكية المشتركة
، وليست السيادة المطلقة ، ملكية مشتركة بمعنى أن يستفيد الجميع من مياه النيل، ولا
يلزم من تحقيق المصالح أن تحدث مصائب، لابد أن يفوز الكل ، مصر لا بد أن تنفذ معهم
مشاريع تبادلية ، المياه في مقابل الطاقة ، يعني مصر يمكن تتعاون مع هذه الدول
بتنفيذ مشروعات تعاونية تساعدهم في بناء مشروعات الطاقة، وفي المقابل تستطيع الحصول
على المياه التي تريدها، لكن المشكلة أننا قد لا نعرف احتياجات هذه الدول بسبب
تقصيرنا إبان فترة الحكم البائد.
البيان: وماذا ترتب على إهمال مصر لإثيوبيا إبان حكم مبارك؟
- ما حدث أن إهمال
مصر لإثيوبيا فتح المجال لدول أخرى لتحل محلها ، دول على مستوى إقليمي مثل
(إسرائيل) ، وعلى مستوى دولي مثل الصين وإيطاليا وكل الدول المانحة، وهذا مثل رقعة
الشطرنج، إن تركت مكانًا فيها احتله غيرك، فطبعاً هذه دول عليها ضغوط سكانية مع
الموارد المحدودة ، مع أزمة غذائية عالمية ، وأزمة مالية عالمية ، يعيشون في الظلام
أو على مصباح الكيروسين والشمع، تخيل معي وضع كهذا، ثم تأتي دول أخرى لتنتشلهم من
هذه الأوضاع، فالطبيعي أن يهرولوا إليها.
البيان: ألا توجد مصادر بديلة للطاقة الكهرومائية؟
- عند إثيوبيا لا
يوجد، ومن أين سيأتون بها؟ وهم في الأساس لا يملكون الطاقة الكهرومائية، عندهم
مساقط مياه موجودة لكنهم غير قادرين على استخدامها، أنت تعرف أن حوالي 93% من
المساقط المائية في إفريقيا غير مُستغلة، وبالتالي هم في حاجة للاستفادة من
إمكانيات الدول الكبيرة وخبراتها في هذه الأمور كلها ، طبعاً يضغطون على مصر ؛
ويمكن أن تكون هذه الضغوط من إسرائيل ، كما يمكن أن تكون هذه الضغوط من ضغوط السكان
أنفسهم على الموارد ، ويمكن يكون هناك مزايدات سياسية.
ولا بد للجميع أن
ينتبه، فالناس التي ترشح نفسها في انتخابات الرئاسة في مصر هذه الأيام، كله يتكلم
على تصدير الغاز لإسرائيل وعلى معاهدة السلام، وهو نفس الكلام الذي كان المعارضون
السياسيون يستغلونه ، وكلها مزايدات خارجية بدون تنفيذ.
البيان: هذا يقودنا لسؤال مهم هل هذه الأفعال من عنديات إثيوبيا أم هي اختراقات
خارجية بأهداف محددة؟
- لابد من وجود
اختراقات خارجية ، عندما يكون عَلَم (إسرائيل) عليه النيل والفرات، ويأتي مسئولون
عندنا في مصر يقولك: (إسرائيل) ليس لها دور ! إذن فلماذا وضع على العلم رمزي النيل
والفرات؟ والشيكل الإسرائيلي عليه نفس الكلام ، يعني كلمة من النيل إلى الفرات ليست
موضوعة اعتباطاً ، هذا عَلَم دولة وتوجّه دولة..، إسرائيل لديها حلم الوصول إلى
مياه نهر النيل ، تريد مليار متر مكعب من مياه نهر النيل ، وهذا سيغير التوازن في
المنطقة ؛ لأنه سيوفر لها مهاجرين جدد، وسيبني مستوطنات جديدة ، ويمكن مع ضغوط
المهاجرين على المستوطنات يقولون: نطرد الفلسطينيين ونشردهم، وقد زاد أملهم في
الوصول إلى مياه النيل مع إنشاء ترعة السلام ، وقالوا: إن ترعة السلام تعتبر مقدمة
لتوصيل مياه النيل لإسرائيل ، خاصةً أن إسرائيل تستهلك منذ العام 85 حصتها الكاملة
من المياه ، أو المتاح لديها كاملاً من المياه ، منذ العام 85 ، وبالطبع تريد
مهاجرين جدد ، وتريد خلخلة التوازن الديمغرافي لصالحها على حساب الفلسطينيين ،
طبعاً الوصول إلى مياه النيل بالنسبة لها حلم.
فتقول: ما أستطع
الحصول عليه بالمحاصصة يعني نأخذ حصة ، يمكن نحصل عليه بالمحاصرة ، بالمحاصرة وهذا
يعني محاصرة مصر ، وتنفيذ سياسة: شد الأطراف ثم بترها، بمعنى أن أشد مصر من أطرافها
الجنوبية وأضغط عليها من تحتها.
إن المشكلة أن
النظام السابق لم يكن مَعنيًّا سوى بالتوريث، وتبديد أموال الشعب، وإن تصرفات
النظام السابق في مسألة مياه النيل جريمة بل هي أكبر الجرائم ، خيانة شعب، فرئيس أي
دولة ومنهم رئيس مصر ، يقسم على الحفاظ على الدولة وحمايتها، فأين هذا القسم من
التفريط في مياة النيل، ومن أقوام يعيشون في المقابر وآخرون في المنتجعات؟!
البيان: بالفعل الرئيس السابق لم يزر أي دولة من دول حوض النيل منذ محاولة اغتياله
في إثيوبيا 1992.
للأسف هذه طريقة
تفكير سلبية وسيئة جداً ، يعني هل لا يوجد مسئول إسرائيلي زار إثيوبيا؟! هل إثيوبيا
لا يزورها مسئول سوداني ؟! ألا يذهب لإثيوبيا مسئول أمريكي، مسئول أوروبي ؟!، هل
إثيوبيا بها حرب أهلية مثلاً أو بلد فيها حروب عصابات؟! هل لو جورج بوش تعرض لمشكلة
في نيويورك ، لن يزور نيويورك مرة أخرى؟ الرئيس الأمريكي كان يذهب إلى العراق ،
الرئيس الأمريكي جورج بوش كان يزور العراق ، كونداليزا رايس كانت تذهب إلى العراق ،
كانوا وما زالوا يزورن أفغانستان التي فيها حروب وفيها صواريخ وفيها جماعات معارضة
وفيها معلومات ناقصة ، يعني فيها مشاكل .
إن إهمال مصر
لإفريقيا بصفة عامة ودول حوض النيل بصفة خاصة عامل أساسي لما نحن فيه ، مصر أولاً
الدول الثانية اشتغلت وهذا رقم واحد، فالدول الخارجية اشتغلت على أساس تستفيد ،
تستأجر أراضي عند هذا الدول ، هذا رقم واحد ، ورقم اثنان دول المنابع لها احتياجات
، ورقم ثلاثة دولتيّ المصب بالذات مصر أهملتهم، إذًا تبقى ثلاثية الطموح الخارجي
واحتياجات دول المنابع، وإهمال دول المصب ، أظن هذا عنوانًا جيدًا للطموح الخارجي
أو الأطماع الخارجية؛ لأن هؤلاء الناس يعملون ، فهي بالنسبة لي أنا أطماع ، لكن
بالنسبة له طموح وشغل ، إذًا: الطموح خارجي+ احتياجات من دول المنابع + إهمال من
دول المصب = النتيجة التي نحن فيها ، وهناك تاريخ يزيف بجهود إثيوبية ، تزييف
التاريخ يجعلنا نقول: نحنا غير مقبولين لدى هذه الدول، كان يُرد علينا إذا قلنا هذا
بالقول أنت تزايد على دور مصر ، وأنت لا تنظر لنصف الكوب المملوء، يعني أصنام
عبدناها للدفاع عن سلبيات نظام بائد ، والله قلت هذا الكلام ، وقلت هذا الكلام في
جريدة الأهرام في يوليو 2010م وقلته في أماكن كثيرة جداً وجهات سيادية أثناء 2010
و2009 لما ظهر موضوع مياه النيل ، كنت أقول: نحن عندنا أصنام نعبدها من أجل أن
تدافع عن النظام.
البيان: كيف أهملت السياسة الخارجية المصرية أفريقيا منذ 30 عامًا ؟
- توجد ثلاثة أصنام
كانت موجودة ، الصنم الأول: مقولة ترك جلد الذات ، الصنم الثاني: انظروا لنصف الكوب
المملوء ، الصنم الثالث: لا تزايد على دور مصر ، طيب يا سيدي أنا نظرت لنصف الكوب
المملوء أين إذًا النص الفارغ الذي كملته أنت؟ يعني هل من مصلحة مصر أن تدعم دولة
مثل إسرائيل بالغاز وتترك دول منابع النيل التي حياتها في يدها تستضيء بلمبة الجاز؟
يرضي من هذا الكلام؟ ، وأنا كيف أقول: أقسم بالله العظيم أن أحافظ على مصالح الوطن
، وأنا أبني منتجع لواحد عنده عشرون فيلا ، يبني له منتجع ثاني وآخر ساكن في
القبور ، كيف هذا الكلام كله ، يعني أنا سأفترض أنه كان عنده مشاكل أول عشر سنين
في حكمه ، طيب أين ثاني عشر سنوات قبل قصة التوريث ، يعني هم 30 سنة سنقول عشر سنين
يبني الدولة ويرجع سيناء ويرجع علاقات مع دول عربية وكل هذا سنقول عنه إنجازات ،
وسنقول العشر سنين الأخرى سنقول توريث ، طيب فين العشر سنين التي في المنتصف؟ من 91
مثلاً ل 2000 يعني هل كنت تخدم على مصالح الدول الكبرى على حساب شعبك الذي أقسمت
على رعاية مصالحه.
البيان: لكن هل ما يحصل في إثيوبيا تهديدات جادة يا دكتور؟
- إثيوبيا من أيام
المماليك تهدد مصر ، إنها ستمنع عنها مياه النيل ، إثيوبيا ليس لها قدرة على منع
مياه النيل بأي حال من الأحوال عن مصر ، لا تستطيع منع مياه النيل عن مصر ، لكن
يمكنها عن طريق السدود التي تبنيها على المدى الطويل أن تغير من نظام جريان مياه
النيل لمصر.
البيان: كيف ذلك ؟
- هذه السدود من
أجل تولد طاقة كهربائية لابد من ملئها وبعد ملئها تنساب المياه تنساب إلى مصر ،
الفترة التي ستمتلئ فيها هذه السدود هي الفترة التي ستؤثر فيها على انتظام المياه
التي تأتينا.
حتى يمتلئ السد
يأخذ فترة مثلاً وبعد ذلك المياه تمر، لكن طبعاً في نظريات أخرى، أو البعض الآخر
يدحض هذا الكلام ويقول إن إثيوبيا تهدد مصر من أيام المماليك ولم تنفذ، وكمان
يقولون: إن إقامة سدود في إثيوبيا أمر صعب ، وخاصةً تخزين كميات كبيرة ، يعني أكتر
من مليار متر مكعب صعب جدًّا لماذا؟ يقول لك: طبيعة التربة هناك ، وانتبه لشيء آخر
أنك عندما تبني السد يكون له آثار جانبية أو آثار سلبية وليست كلها آثار إيجابية ،
وبالتالي عندما تنشئ سدًّا يغرق أراضي ، وعندما تبني سدًّا آخر يؤثر على الحياة
النباتية والحياة الحيوانية هناك .
فمصر لما أقامت
السد العالي ، وهو سد واحد ، صنع مشكلة النوبيين في مصر ، لما تبني سدودًا هناك في
إثيوبيا ، إثيوبيا دولة فيها قوميات متعددة ، وبالتالي عندما تبني سدودًا فهي تؤثر
على مصالح الناس وستحدث مشاكل مع الدولة والمعارضة لأن سد الألفية الذي يبنى الآن،
برغم أن إثيوبيا تتكلم عن إمكانياته وأنه للطاقة الكهربائية وكذا ، لكن المعارضة
تقول: هذا سيغرق الأراضي ، وبالتالي لا داعي لإنشائه ، وهناك تجمعات أصدقاء أو
جماعات المجتمع المدني، فهذا الكلام كله سيؤثر على مصالح الناس ، كما أن البنك
الدولي يقول: أنه لا يصلح أن أمول مشروعات ستضر بآخرين.
البيان: لكن يمكن يكون هناك تمويل آخر ، هل إسرائيل ستعجز عن تمويل مثل هذه
المشروعات؟
- لا أريد أن أبالغ
في قدرات إسرائيل ، يعني هي تعمل وتشتغل وكل حاجة، لها مصانع ، لكن لا نبالغ،
لماذا؟ إسرائيل من 85 تستهلك كل حصتها ، طيب عملت إيه عشان تعوض النقص الذي عندها؟
احتلال الجولان ، استمطار، أي مطر صناعي.. إن إسرائيل 15% من المياه التي فيها تأتي
من تكنولوجيا الاستمطار التي هيا توليد المطر الصناعي والكلام هذا كله ، وسرقة
المياه الجوفية إلخ، لكن لا أريد أن نبالغ في قدرات إسرائيل .. إسرائيل لما تريد
مثلاً أن تضايق مصر ، هل ستدفع مليارات عشان تضايق مصر؟!
يعني افترض أنك
تمتلك جزءًا من الأرض تريد زراعتها، وفيها ألغام ستصرف عليها مليار من أجل أن
تطهرها من الألغام حتى تأخذ منها محصول مثلاً ب 100 ألف طيب ما تستورده ، وبالتالي
إسرائيل ليس عندها القدرات الخارقة أنها تبني ، لكن عندها قدرة على التحريض ، قدرة
على تزييف التاريخ ، تقولك: العرب تجار رقيق ، المصريون استعلائيون وعنصريون
ومتكبرون ، وهذا كله كلام فارغ ، المصريون محترمون وكل حاجة لكن هناك تزييف ، نحن
لا بد أن نعمل على هذا كله، لا بد من تفعيل العلاقات الشعبية مع هذه الشعوب ، ولا
أظهر الإفريقي في كل مرة بنمط مشوه كأن البواب أسود والكناس أسود ، ويستورد أناس
دكاترة محترمة في الرياضة والكرة ويقولون لك: نحن كنا نكسب الشعوب المتخلفة بالستة
، الآن نكسبهم واحد صفر بالعافية ، إذًا هو عندما يأتي مصر من أجل أن يتعلم ويسمع
أنه متخلف ، يسمع المذيع المصري يقول: إنه متخلف، سيتسبب ذلك له في رد فعل محبط!!،
الأفارقة الذين قابلوا عصام شرف غير مصدقين أنه مصري.
البيان: نعم كانت خطوة موفقة من الدكتور شرف.
- هذا الرجل مؤمن
بأهمية القارة الأفريقية ورجل محترم ورجل متواضع على المستوى الشخصي ، أنا أعرفه
معرفة وثيقة من 2006م قابلته ، والله أنا أقسم بالله وليس لي مصلحة معه ، هذا الرجل
مؤمن بأهمية وجود دور مصر على كافة المستويات بما في مقدمة ذلك المستوى الإفريقي.
البيان: هذا الكلام يدفع نحو التفاؤل يا دكتور.
- والله أنا متفائل
بهذا الرجل ، بأدبه وأخلاقه غير المصطنعين وهو رجل من بيئة محترمة ورجل متواضع ورجل
تصدى للفساد ، بما في ذلك فساد الناس التي كانت تقول: إنها ضد الفساد وظهر فسادها
الآن، يعني الرجل تصدى لقصة العبارة السلام 95 مش 98 ، التي غرقت في قناة السويس في
أكتوبر 2005 ، الدكتور عصام شرف تصدى لهذا الأمر ولم يوافق على الإهمال الذي حصل ،
هذا الكلام في أكتوبر 2005م ، ولما مشوه من الوزارة في يناير 2006 حصل حادث العبارة
الكبيرة السلام 98 في فبراير 2006م ، وهذا الرجل أكرمه ربنا إنه لم يكن وزيرًا
للنقل أيامها ؛ لأنه كان سيُضحى به وسيبقى كبش فداء للفاسدين كلهم ، لكن ربنا كرمه
، اليوم طبعاً لما مسك رئيس وزراء راح السودان ، أول زيارة للسودان ، أريد أن أقول:
لقد كان رد فعل هذه الزيارة هائلاً .
طبعاً كل ما نريده
أن نعيد تصليح التاريخ ، نعيد علاقاتنا مع هؤلاء الناس ، نعيد علاقات على المستوى
الشعبي ، نغير خطابنا السياسي لهم ، لا بد من تعديل خطابنا لهم ، مثلاً نقدم لهم أن
مصر مثلاً رائدة وحدة وطنية في إفريقيا ، إن مصر مثلاً شريك تنموي ، إن مصر نموذج
تنموي ، إن مصر مثلاً شريك في مجال الأمن والسلام في هذه الدول ، لا بد يكون هناك
خطاب عام ، لا بد من مظلة كبيرة.. أن تكون سياستك في إفريقيا تحت عنوان كبير ، لا
تصلح السياسات العشوائية التي كان الرئيس عندما يذهب تكتب الجرائد أنه التقى ثلاثة
أرباع إفريقيا، ويصوره مع كم شخص أسود، ويقولون: وصرح السفير ... وأعرب أن العلاقات
... وبعد ذلك ننسى ....
الغريب أن شركاتنا
كانت تمارس سياسة الانتهازية هناك ، يعني مثلاً لو عندك صفقة مضروبة: صدرها
لإفريقيا واخلع ، طبعاً الإفريقي قد تضحك عليه مرة لكن لا يضحك عليه مرة ثانية ،
فيأتوا له بمنافسين من إسرائيل ومن جنوب إفريقيا ومن نيجيريا ومن كل مكان، ومن
تركيا ، ومن إيران ، ومن الهند ، ومن الصين ، كل العالم يعمل منتدى للتعاون
الاقتصادي ، يقولون: منتدى التعاون الاقتصادي الصيني الأفريقي ، الياباني الأفريقي
، الإيراني ، الهندي ، القمة الفرنسية الأفريقية ، القمة الأمريكية الإفريقية ،
القمة الأوروبية الإفريقية ، أين نحن في الـ16 قمة للاتحاد الأفريقي ، الرئيس
السابق لم يحضر منهم إلا قليلاً، أول اجتماع عقد في 2004 في ليبيا ، حضر قمتين في
ليبيا ، وقمة في شرم الشيخ ، وقمة في أكرا ، وقمة في أبوجا ، هذا على سبيل الحصر 16
قمة حضر منهم 5 فقط.
- يعني 95 % من
تحركاته لم يذهب إلى إفريقيا، منذ 2004 لم يحضر أي فعالية أفريقية ، من 95 في 2004
في سرت في ليبيا ، يعني لما حتى كان يذهب إلى أوغندا ساعة ويمشي ، حاجات شكلية
الجرائد تكتب وكذا ، يعني الاهتمام بأفريقيا في عهد النظام السابق كان موسمياً.
- الفترة المقبلة
يعني متوقع فيها ، يعني نحن زمان كان عندنا أكاديميون وأساتذة الجامعة ، معهد
البحوث والدراسات الأفريقية ، أساتذة الجامعة كانوا في وادٍ وأصحاب القرار في وادٍ
آخر ، فهل المتوقع في الفترة القادمة -إن شاء الله- أن يستمع متخذو القرار
للساسة؟!.
- أريد أن أقول: إن
موضوع مياه النيل بالنسبة لنا كمصريين محفوظ كعلماء ودكاترة وهذا الكلام كله محفوظ
، لكن النظام لم يكن ينفذ أي شيء منه، النظام في دماغه التوريث فقط، ليس من أجل مصر
والناس والشعب ، لا والقيادة والعبور والفكر الجديد ، الفكر الجديد هو فكر الجمال
والبغال والحمير ، فكر العصور القديمة بان وظهر ، يعني الحمد لله أنهم لم يخرجوا
لنا الأسود والكلاب المسعورة ، جيد أنها انتهت على الجمال وحيوانات أليفة ، فهذا هو
الفكر الجديد .
إن أي رئيس عندما
يقسم بالله العلي العظيم على حماية مصالح الشعب ، مصالح الشعب هذه ليست المصالح
الحالية فقط ، ولكنها مصالح الأجيال القادمة ، كلمة تنمية مستدامة تعني أن أستخدم
موارد الدولة بالشكل الذي يحقق لي التنمية في الوقت الحالي ويحافظ على حقوق الأجيال
القادمة في التنمية ، سنفترض أن عندي مخزون من المياه ، هل أزرع به وأترك الأجيال
القادمة للجوع والعطش ، المهارة أن أستفيد به هذه الأيام وأنميه للأجيال القادمة ،
يعني سنفترض أن عندك في البيت أكل ، سنأكله كله ونترك أبناءنا جوعى ؟!!
البيان: أين توقف المشروع الإثيوبي الآن يا دكتور ؟
- مشروع سد الألفية
هم يبالغون في قدراته ، يقولون لك: سيحجز 64 مليار متر مكعب من المياه ، وهذا
الكلام كله مبالغات لسنا متأكدين منها حتى الآن ، وهم يقولون: إن هذا المشروع يشمل
عدة سدود بعد سد الألفية، ستحجز حوالي 140 مليار متر مكعب من المياه ، كل هذه
مبالغات نحن غير متأكدين منها ، وهناك معارضة داخلية لهذا الكلام ، وطبعاً لا أعتقد
أنهم سيقدرون على تنفيذه بهذا الشكل ، وخاصة أن الخبراء يقولون: إن قدرتهم على
التخزين بهذا المستوى غير موجودة أصلاً.
البيان: نظراً لمانع جغرافي أم بيئي أمك ماذا؟
- المانع جغرافي
ومناخي ، بالإضافة لنوع التربة هناك لن تتحمل هذا الكلام ، وخاصةً أن هناك سدودًا
يشيدونها ثم تنهار ، وبالتالي تحتاج أن يكون لها دعامات ، أو تحتاج تبني فيها أشياء
أخرى، وهذا سيزيد التكلفة ، وإذا زادت التكلفة عليهم يبقى هذا غير ممكن اقتصاديًّا.
البيان: في النهاية نشكرك يا دكتور على هذا الحوار الشيق .
عفوًا ، لكنني ألفت
إلى وجود دراسة جيدة للدكتور عباس شراقي ، هذه الدراسة تنفي قدرة أثيوبيا على بناء
سدود ، بأحجام كبيرة لطبيعة التربة وغير ذلك، وللجدوى الاقتصادية ، يعني يمكن تبني
سدًا ثم يقع ، أو تبني سدًّا ويتطلب أن تقيم له دعامات فيبقى غير مجد اقتصادياً ،
فالدكتور عباس قام بهذه الدراسة ينكر الكلام هذا، هذه الدراسة استند فيها لمراجع
مهمة جداً أصلية.