الوزير السلامي: تأثير إيران في المشهد اليمني لا يزال قائماً
يرى وزير الدولة اليمني ورئيس حركة النهضة للتغيير السلمي الشيخ عبدالرب السلامي إن تأثير إيران في المشهد اليمني لا يزال قائماً رغم تدخل عاصفة الحزم لإنقاذ الشرعية، مؤكداً أن الحرب الدائرة في اليمن أصبحت جزء من الصراع الدائر في المنطقة.
ويتحدث الشيخ السلامي في ثنايا الحوار الخاص بـ"البيان" عن الوضع اليمني بعد مرور عامين من بداية الحرب، والدور الاقليمي والدولي، واسباب الخلافات الداخلية في صف الشرعية، وتأثير إعلان القوى الجنوبية تأسيس كيان جنوبي لإدارة الجنوب وتصاعد ظاهرة الانفصال.
التفاصيل في ثنايا الحوار التالي:
البيان: ما هي قراءتكم للمشهد اليمني، وما هي السناريوهات المحتملة لمستقبل الأزمة اليمنية؟
المشهد اليمني جزء غير منفصل عن المشهد العربي، والحرب الدائرة في اليمن أصبحت جزءا من الصراع الدائر في المنطقة، فاليمن اليوم تحت البند السابع أمميا وتحت عمليات التحالف العربي إقليميا، إضافة إلى إيران التي -رغم تراجعها بعد عاصفة الحزم عن طموح التفرد باليمن- لا تزال مؤثرة في المشهد اليمني بقوة، وكل هذا يعني أن القوى الوطنية الحالمة بمشروع الدولة المدنية أمام تحد كبير وصعب للغاية، فإما أن تنجح في تجميع شتاتها وتنتقل من مربع المجاراة السلبية للواقع إلى مربع الأخذ بزمام المبادرة وفرض التأثير على القرار الاقليمي والدولي في إنهاء الحرب واستعادة الدولة وتسليم السلاح والذهاب إلى عملية سياسية وفق المرجعيات الوطنية، وإما أن تفشل وينفرط العقد منها لصالح القوى الأخرى التي رضت لنفسها -بوعي أو بغير وعي- أن تكون أدوات لمشاريع الفوضى والتمزيق إما بمنطلقات عصبوية طائفية أو مناطقية متطرفة أو ثأرية انتقامية، وفي حال غلبة تلك المشاريع والقوى الداعمة لها فإن اليمن سيدخل في السيناريو المؤلم وهو سيناريو الحرب المنسية طويلة الأمد، حيث يتوقع أن ينصرف العالم والإقليم إلى ترتيب مصالحه في المنافذ البحرية ومنابع الثروة وتأمين الحدود ثم يغلق اليمن ويتركها في حالة حروب داخلية ومآسي إنسانية لعدة عقود (النموذج الصومالي).
البيان: ما هو تقييمك للموقف الدولي من الحرب في اليمن؟
من المعروف أن مؤسسات الأمم المتحدة باتت مكبلة بهيمنة القوى العظمى على القرار الدولي، وبالتالي تصبح مساعي الأمين العام ومبعوثيه إلى مناطق التوتر في العالم مقتصرة على إدارة الأزمات فحسب، أما الحل فيظل خاضعا لتوافق الأطراف الدولية والإقليمية المؤثرة في الأزمة. وهذا هو الجاري في الأزمة اليمنية، حيث صدر القرار الدولي 2216 تحت الفصل السابع، لكن لم يحصل أي تحرك دولي باتجاه تنفيذه لسبب بسيط وهو أن الأطراف الفاعلة في القرار الدولي لم تلتق مصالحها باتجاه الحسم، وهذا ما عقد الأزمة وتحول دور المبعوث الأممي من جهة مسؤولة عن متابعة تنفيذ القرار الدولي إلى طرف وسيط محايد بين الحكومة الشرعية والقوى الانقلابية.
البيان: هل هناك مشاكل داخلية في صف الشرعية، وهل لها أثر في قضية الحسم وما هو السبيل لتجاوزها؟
صف الشرعية هو اصطفاف وطني واسع يضم قوى سياسية واجتماعية عديدة من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، ومع أنها جميعا تلتقي عند هدف واحد وهو دعم الشرعية واستعادة الدولة، فإن لدى تلك القوى المتعددة وجهات نظر ورؤى مختلفة تجاه كيفية إدارة مرحلة الحرب واستعادة الدولة، وكان المفترض أن يكون لهذه القوى تحالف سياسي يمتلك برنامجا وطنيا موحدا يتجسد عمليا من خلال حكومة إنقاذ وطني تقود مسيرة التحرير وتقود عملية إدارة مؤسسات الدولة في المناطق المحررة وتدير التنسيق مع دول التحالف العربي على أسس تحفظ السيادة وبما يحقق الهدف المشترك في دعم الشرعية وإسقاط الانقلاب واستعادة الدولة.
لكن للأسف حصل قصور كبير في هذا الجانب ابتداء بتخلي القوى السياسية عن دورها وتراخيها في بناء تحالفها الوطني، ومرورا بالسلوك المتواكل من جهة الحكومة ورمي كل المهام على التحالف العربي وانتهاء بخروج بعض المؤسسات عن سلطة الحكومة الشرعية.
هذه الأسباب خلقت أزمة داخل صف الشرعية والقوى الداعمة لها، الأمر الذي يتطلب معالجات مسؤولة من الجميع (القيادة الشرعية والتحالف العربي والقوى السياسية الوطنية)، وهناك مساعي بهذا الاتجاه نتمنى أن تكلل بالنجاح.
البيان: كيف تقرأون تصاعد ظاهرة الانفصال في المحافظات الجنوبية وإعلان المجلس الانتقالي؟
القضية الجنوبية قضية وطنية تم الاعتراف بها في مؤتمر الحوار الوطني ومؤتمر الرياض وتم تضمين بنود حلها في وثيقة الحوار وإعلان الرياض، وهناك تيار عريض في الحراك الجنوبي يرى أن حل القضية الجنوبية يكون من خلال هذه المرجعيات، وأن الطريق السليم لتحقيق ذلك يتمثل في دعم الشرعية والدخول في عملية سياسية وصولا إلى بناء مشترك للدولة الاتحادية وفي ذلك ضمانة كافية للأقاليم في تحقيق تقرير المصير بطرق ديمقراطية بعيدا عن العنف والوصاية الأجنبية، بينما هناك تيار جنوبي أعلى ثورية يرفض مبدأ الحل السياسي وفق المرجعيات الوطنية، ويغلب خيار فرض شرعية الأمر الواقع وإعلان الاستقلال بالقوة. وظل التنازع بين المشروعين قائما طوال السنوات الماضية، وأخيرا جاء تشكيل المجلس الانتقالي من بعض القوى الحاملة لمشروع الحل الثوري، وفي تقديري أن هذه الخطوة -كما أنها مستفزة للشرعية- لكن في نظري لها شق إيجابي مهم لم يلتفت له الكثيرون، وهو أن المجلس سيجر قطاع عريض من تيار الحل الثوري تدريجيا إلى مربع الحل السياسي، فالمتوقع -بحسب معطيات الواقع الدولي والإقليمي- أن المجلس لن يستطيع فرض الانفصال بالقوة الثورية من طرف واحد، وبالتالي لن يكون أمامه سوى الذهاب إلى مسار الحل السياسي وفق المرجعيات الثلاث وحينها سيصبح جزءا من العملية السياسية كإضافة جديدة للحراك المشارك فيها من قبل!.
البيان: كيف تقيم الموقف الخليجي من مسألة المستقبل السياسي لليمن بعد الحرب وبالذات قضية الوحدة والانفصال؟
تقييم مواقف الأشقاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية يمكن قراءتها من خلال؛ بيانات ومبادرات المجلس ومواقف دوله، حيث نصت المبادرة الخليجية وبيانات مجلس التعاون ومراسلات الرئيس هادي والملك سلمان عند تشكيل التحالف العربي على دعم الشرعية اليمنية ودعم أمن واستقرار ووحدة اليمن. أما ما يتعلق بالقضية الجنوبية فدول مجلس التعاون تنظر اليها أنها شأن يمني داخلي، ولا أتوقع أن تتدخل أي من دول الخليج في دعم انفصال الجنوب بدون غطاء قانوني دولي وفي ظل وجود الشرعية اليمنية.
البيان: ما جديد الحوارات السياسية التي تجري برعاية الأمم المتحدة مع قوى الانقلاب؟
الوزير: تعتبر مفاوضات الكويت محطة أغلقت أمام القوى الانقلابية أي نافذة للعب، حيث تم الاتفاق على جدولة زمنية لتنفيذ بنود القرار الدولي 2216، والالتزام بالمرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الدولية) كأساس للحل السياسي، ولذلك فشلت وستفشل كل المبادرات التي حاولت القوى الداعمة للانقلابيين أن تفرضها على الحكومة الشرعية، فليس أمام الانقلابيين -مهما طال الوقت- إلا الرجوع إلى تنفيذ القرار الدولي والالتزام بمرجعيات الحل السياسي. وما سوى ذلك فهو عبث وإهدار للدماء والمقدرات وقد يؤدي في نهاية المطاف إلى ضياع اليمن برمته.
البيان: ما هي الحلول الناجعة للخروج من الوضع اليمني الصعب بعد مرور عامين على الحرب؟
الوزير: ملخص الحلول أن يبدأ اليمنيون بمراجعة الذات على مبدأ (قل هو من عند أنفسكم)، وأول الخطوات العملية هي في استنهاض القوى الوطنية لطاقاتها وقدراتها الذاتية في الوقوف في وجه مشاريع الفوضى ومنع انزلاق اليمن إلى سيناريو الحرب المنسية. ثم بتوحيد صفها في تحالف وطني تحت مظلة الشرعية ووضع برنامج وطني لاستعادة وإدارة الدولة ومراجعة وتقييم كافة الأخطاء التي حصلت في المرحلة الماضية.