سلام الوهم الذي تبيعه واشنطن
ينطلق في مملكة البحرين، الثلاثاء، ورشة اقتصادية تنظمها الولايات المتحدة الأمريكية للترويج لخطة،جيرارد كوشنر، مستشار الرئيس دونالد ترامب وصهره في ما يتعلق بإنهاء أي مبادرة للسلام بين الفلسطينيين والصهاينة وتسوية الصراع بين الطرفين مقابل ضخم 50 مليار دولار لإنعاش إقتصاديات الدول التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين وهي الأردن ولبنان ومصر. الحدث الذي أعلنت السلطة الفلسطينية رفضها المشاركة الرسمية فيه رغم تسرب أنباء عن مشاركة نجل الرئيس الفلسطيني ياسر محمود عباس، بالنسبة لها هو جزء من "صفقة العار" لتصفية القضية الفلسطينية.
كذلك فإنه لا يوجد تمثيل رسمي للكيان الصهيوني في الورشة بإستثناء ستة صحفيين صهاينة سمحت لهم بالحضور لتمثيل الإعلام الصهيوني في الحدث. أجمعت الصحافة الصهيونية على أن ندوة البحرين ستكون تحصيل حاصل لما سبقها من المؤتمرات ولن تحرز أي تقدم طالما لم يتم وضع حلول سياسية للصراع بين الطرفين. صحيفة هأرتس قالت :" إن الأموال التي قد يتم الموافقة على ضخها ستخفف الكوارث التي تسببها إسرائيل للفلسطينيين خلال المواجهات في حال تم توفيرها". بالتزامن مع قمة البحرين يوجد قمة أخرى لمستشاري الأمن القومي لكلاً من روسيا والولايات المتحدة والكيان الصهيوني تعقد في القدس المحتلة هدفها وضع رؤية لمستقبل سوريا. ويعتقد أنها طريقة أمريكية لتحقيق صفقة رابحة لإنهاء الأزمة مع إيران.
السفير الأمريكي السابق في مصر والكيان الصهيوني، دان كيرتز، يقول " هذه الخطة وضعها طالب جامعي يريد التخرج.. ومن كتبها من الواضح أنه لا يفهم شيء". خطة الازدهار الأمريكي التي سيتم تمويلها بأموال غير متوفرة ببناء مشروع ربط بين قطاع غزة والضفة الغربية لن توافق عليه سلطات الاحتلال أبداً، ستصطدم بسيطرة الجيش الصهيوني الأمنية على الدولة الفلسطينية المقبلة.
المنطق الذي اتبعه ترامب منذ تسلمه للسلطة سواء بتجاهل وجود الفلسطينيين كطرف في هذا الصراع ودعمه المطلق للإحتلال الصهيوني وجرائمه وعدم إقراره بإتفاقيات وقرارات دولية حينما وقع على مرسوم إعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وتجاهل أكثر من 70 عاماً من الاحتلال جعلت الكثير من دول العالم ترفض التوجه الأمريكي في التعاطي مع الملف الفلسطيني. كذلك على الصعيد المادي وقع ترامب على قانون تايلور الذي يقضي بوقف المساعدات المقدمة للسلطة الفلسطينية وهي أكبر فرصة حصل عليها الاحتلال للحفاظ على الهدوء ووقف الهجمات الفدائية ضده. كان ذلك بمثابة حافز لسلطات الاحتلال الصهيوني التي ذهبت إلى وقف ضخ أموال الضرائب لميزانية السلطة الأمر الذي تسبب في عدم قدرة السلطة على الإيفاء بإلتزاماتها المالية اتجاه موظفيها وهذا الأمر جعل الأمور في الضفة تتجه إلى حد الصدام بين الطرفين.
هناك عدة نقاط يجب إيضاحها في ختام هذه المقالة أبرزها:
- موقف السلطة الفلسطينية الرافض لورشة البحرين وصفقة القرن بكل تفاصيلها نابع من إدراكها أن الكيان الصهيوني يقوم منذ فترة بمحاولة تهميش وجودها وحضورها السياسي لذلك تحاول إنقاذ نفسها من هذه الأزمة الحقيقية وهي أزمة وجودية بالنسبة لها قبل أن تتحول إلى مجرد جهاز أمني مرتبط بالجيش الصهيوني.
- المشاركة العربية التي انحصرت في دول الطوق وهي لبنان ومصر والأردن هدفها تحصيل تسوية لإنهاء أزمة اللاجئين الفلسطينيين وهي أبرز العقبات أمام توقيع أي إتفاقية سلام بين الفلسطينيين والصهاينة لاسيما بعد أن وقع ترامب أمراً بالإعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني معتقداً انه بذلك أسقط حق الفلسطينيين فيها.
- الحلول الاقتصادية طرحت منذ زمن طويل لإنهاء المواجهة وعلى إثر إتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني تم إنشاء ممر آمن بين قطاع غزة و الضفة ووجدت خطة لإنشاء ميناء بحري في القطاع كذلك تم تشييد مطار غزة الدولي لكن جميع تلك المشاريع تم تدميرها من قبل الجيش الصهيوني، لذلك إنجاح أي خطة سلام اقتصادي مرهونة بتسوية آمنية على الأرجح مرتبطة بتسوية سياسية لا تقبل السلطة الفلسطينية فقط بل قرابة 7 ملايين فلسطينيين موزعين ما بين الضفة وغزة و الأرض المحتلة عام 1948م.