منظمة الأمم المتحدة بين "قلقين"
حاز البرتغالي أنطونيو غوتيريش على ثقة مجلس الأمن الدولي باختياره أمنياً عاماً للأمم المتحدة خليفه للأمين السابق بان كي مون الذي ظل قلقاً طوال فترة عمله في الأمانة العامة للأمم المتحدة.
هذا القلق الذي أبداه بان كي مون خلال فترة بقائه على منصة الأمانة العامة للأمم المتحدة لم يوقف حرباً ولم يحل قضية شائكة خصوصاً في المنطقة المشتعلة من العالم، منطقة الشرق الأوسط.
وسيكون أمام البرتغالي الجديد أنطونيو مهمة مواصلة القلق الدائم للأمم المتحدة والتي يتقاضى بمقابلها مبلع 227250 دولار سنوياً، ويضاف إليها ما يقارب 22254 دولار سنوياً للترفيه، ومنزل مجاني، وحماية أمنية دائمة مجانية، ولنا أن نتساءل.. من أين سيأتيه القلق بعد كل هذه العطايا؟.
وبرز القلق في منصة الأمم المتحدة بصورة رئيسية في خطابات المنظمة الدولية مع نهاية عهد الأمين العام "فالدهايم" الذي كان يملك الكثير من عوامل القوة والرصانة والحيادية، ومن حينها عم القلق على الأمانة العامة مع عهد "بطرس غالي" ثم "كوفي عنان" وصولاً إلى "بان كي مون" في ظل المجازر الوحشية شمالاً وغرباً وجنوباً وشمالاً تنفذها عبر أدوات مختلفة، الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني ودول غربية أخرى.
ومن خلال عدد مرات "القلق" للأمين العام للأمم المتحدة تستطيع أن تحصي كم الكوارث التي حلت بالبلدان المتضررة، ففي عام 2014 أعرب بان كي مون عن قلقه "180" مرة بمعدل قلق كل يومين، والأغرب والأعجب أن منها 27 قلقاً خص به دولة اليمن وحدها، أما "القلقات" الأخرى فقد توزعت كالتالي، 19 بين الكيان الصهيوني وفلسطين، و15 قلقاً لأوكرانيا، و11 لإفريقيا، و9 للعراق، و6 لنيجيريا، و7 لسوريا، و5 لجنوب السودان، و4 لمالي.
لكن كل هذا القلق لم يحل القضية الفلسطينية ولم ينهي حرب اليمن ولا سوريا ولا العراق ولم يضع حداً لمشكلة جنوب السودان، وزاد من توتر الأوضاع في أوكرانيا ونيجيريا ومالي.
وبما إن الحديث عن أمين عام جديد فلا بأس من الإشارة إلى تاريخ الأمين الجديد المكلف بالقلق نيابة عن العالم عبر هذه المنظمة الدولية التي أصبحت تدار عبر الريموت كنترول كأداة لتلميع وجه الغرب القاتم.
وقد حصل أنطونيو على إجماع أعضاء مجلس الأمن ليشغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة، وقال رئيس مجلس الأمن الدولي فيتالي تشوركين "ترون الآن مشهداً تاريخياً، لا أعلم ما إذا كان قد تم بهذا الشكل من قبل في تاريخ الأمم المتحدة" في إشارة إلى الإجماع لأول مرة على شخصية أمين عام للأمم المتحدة بدون منافسة.
وأنطونيو غوتيريس مسؤول برتغالي سابق حيث تولى مناصب داخلية وخارجية عدة أبرزها، منصب رئيس وزراء بلاده خلال الأعوام 1996- 2002، كما عمل رئيساً للمجلس الأوروبي عام 2000، وتولى بمهمة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين منذ عام 2005 إلى 2015 لعمل معالجة أزمة اللاجئين في الشرق الأوسط.
ولد أنطونيو غوتيريس يوم 30 أبريل/نيسان 1949 في العاصمة البرتغالية لشبونة، وبها نشأ وتربى. درس الفيزياء والهندسة الكهربائية في المعهد العالي للتكنولوجيا، وتخرج عام 1971، ليبدأ بعدها ممارسة العمل الأكاديمي أستاذا مساعدا، ويجيد التحدث بالبرتغالية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية.
بدأت مسيرة غوتيريس السياسية الطويلة من البرتغال عند انضمامه عام 1973 للحزب الاشتراكي البرتغالي الذي شغل منصب أمينه العام سنة 1992، والذي تمكن تحت رئاسته بعد ثلاث سنوات من تصدر نتائج الانتخابات التشريعية، ما فتح له الباب لتولي منصب رئيس الوزراء.
ناضل غوتيريس من أجل انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، كما عرف بمناهضته لمطلب السماح بالإجهاض في البرتغال.
ومن المرجح أن تجتمع الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع القادم لإقرار تعيين جوتيريس البالغ من العمر 67 عاما الذي سيحل محل الكوري الجنوبي بان كي مون المنتهية ولايته بنهاية 2016 بعدما شغل المنصب لفترتين.