أزمات اليمن وانعكاساتها على أمن الخليج

أزمات اليمن وانعكاساتها على أمن الخليج

عانى اليمن ذلك البلد الإسلامي العربي الواقع في جنوب الجزيرة العربية والمطل على مضيق باب المندب العديد من الأزمات التي تسببت له فيما يشبه الصداع، إلا أن تصاعد حدة تلك المشكلات في فترة الأخيرة نقلته من حالة الصداع إلى خطر التصدع؛ وإذا فككنا المشهد اليمني سنجده مفعم بالتعقيدات الداخلية والخارجية، فمن تمرد الحوثيين إلى خطر تنظيم (القاعدة)  ومن حراك سياسي في الجنوب يدعو إلى الانفصال، إلى عراك سياسي في الشمال ناهيك عن المشكلات الاقتصادية التي تكاد تعصف باستقرار البلاد.

كل تلك الملفات ما بين الأمنية إلى الاقتصادية والعسكرية مع تأثيرها المباشر على الداخل اليمني إلا أنها امتداداتها وشرارات تأثيرها تمتد لتشمل المنطقة العربية بأثرها ومنطقة الخليج العربي بالأخص.  

أهمية اليمن الجيوسياسية لمنطقة الخليج:

أمن الخليج وأمن اليمن لا يمكن فصلهما لأن اليمن شمالاً وجنوباً امتداد طبيعي لهذا الخليج وشعب واحد وأنه مهما كانت الاجتهادات السياسية فإنه في النهاية منطق الأخوة ومنطق المصلحة المشتركة ومنطق المصير سيفرض نفسه".

العبارات السابقة مقتطفة من تصريحات أدلى بها أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي عبد الله بشارة في مؤتمر صحفي عقده بالدوحة في 5/11/1983م[1].

ـ ويرى الكثير من الباحثين أن الخليج العربي من ناحية الجيوسياسية، أكثر اتساعاً من الخليج العربي الجغرافي، حيث يتسع بهذا المعيار إلى عدد من الدول التي ليست لها سواحل على الخليج العربي،  وعلى رأس تلك الدول تأتي دولة اليمن حيث التواصل الجغرافي الذي يجعل كلاً منهما يتأثر بأية تطورات يمكن أن يشهدها الطرف الآخر حيث يشكل اليمن مع دول الخليج كتلة إستراتيجية واحدة.

ـ كما أن اليمن يتمتع بموقع استراتيجي فريد، فهو يمسك بزمام مفاتيح الباب الجنوبي للبحر الأحمر، وهناك تداخل وثيق بين مضيقي هرمز وباب المندب، فهذا الأخير يُمثل طريقًا للناقلات المحملة بنفط الخليج باتجاه أوروبا. كما يربط حزام أمن الجزيرة والخليج العربي، ابتداءً من قناة السويس وانتهاء بشط العرب.

وتشير الدراسات البحثية في هذا الجانب إلى أن اليمن بموقعه الجغرافي أصبح يمثل همزة وصل بين القارة الأفريقية ودول شبه الجزيرة العربية وأصبحت اليمن ظهيرًا آمنا لكل من السعودية وسلطنة عمان أولاً ولبقية دول الخليج ثانياً من خلال حمايتها لحدودهما البرية الجنوبية بالنسبة للسعودية والغربية بالنسبة لسلطنة عمان.

ـ  إضافة إلى ذلك فإن هناك تداخلا اجتماعيًا كثيفًا، وترابطًا قائمًا بين بعض المجموعات والفئات  السياسية والثقافية. في كلا المجتمعين الخليجي واليمني، حيث يمكن القول: إن أي اضطراب للأوضاع في اليمن، يُفضي بالضرورة إلى امتداد تداعياته باتجاه أقطار دول الخليج العربي.

فإذا كان اليمن يمثل تلك الأهمية لدول منطقة الخليج، فإن أزماته خاصة الأمنية والعسكرية منها تلقي بظلال مباشرة على مجال الأمن القومي لتلك الدول جميعًا، ولعلنا سنلقي الضوء على الملفات الثلاث الأكثر سخونة وتأثيرًا على الواقع، وهي:  

أولاً ـ الحراك الجنوبي:

انطلقت النواة الأولى للحراك الجنوبي في عام 2007 حين قام بعض العسكريين بمظاهرات مطالبين بعودتهم إلى وظائفهم العسكرية في الجيش بعد أن تم إحالتهم إلى التقاعد من قبل الحكومة اليمنية كعقوبة غير مباشرة بسبب مشاركتهم في حرب الانفصال اليمنية التي اندلعت بسبب دعوة الرئيس السابق للشطر الجنوبي علي سالم البيض لعملية فك الارتباط بين الشمال والجنوب.

ومنذ انطلاقة مظاهرات العسكريين سارت العديد من المظاهرات في العديد من المحافظات الجنوبية وبشكل متقطع ومن دون أي تنظيم أو تنسيق أو قيادات محددة وإنما كانت في غالبها تعبيرا عن سوء الأحوال المعيشية واستشراء الفساد في اليمن بشكل عام.

يقول الدكتور فؤاد الصلاحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء: إن الحراك بدأ في العام 2007 وكان كناية عن مجموعة تضم المتقاعدين من الجيش والقوى الأمنية من مواطني المحافظات الجنوبية الذين تمّ تسريحهم من الوظيفة، وبالتالي بدأ الحراك الجنوبي كحركة مطلبية وتحول إلى جماعة سياسية وحزبية تتمتع بقاعدة واسعة من القبائل والسياسيين والحزبيين والأكاديميين والصحافيين. بالنسبة للمطالب، يبقى المطلب الأساسي دولة مدنية تعطي الجنوبيين حقوقهم التي هضمت خلال حرب العام 1994 في إطار الدستور وهذا هو الحد الأدنى للحركة، وهناك سقف أعلى يطالب بفك الارتباط بين الشمال والجنوب وإعادة النظر بالوحدة وفق رؤى فدرالية بين كيانين سياسيين لكل منهما شخصيته المعنوية".[2]

في وقت لاحق وبعد أن علا صوت الحراك الجنوبي وأصبح أكثر ظهورًا في الإعلام عاد من الصمت الرئيس الأسبق لدولة اليمن الجنوبي علي سالم البيض حيث اختار توقيت الاحتفال بالذكرى التاسعة عشر للوحدة اليمنية في 22 مايو 2009 ليعلن تأييده للحراك ودعمه له لتبدأ مسيرة جديدة للحراك الجنوبي وكانت عودته بعد صمت 15 عاما واختفاء كلي من الحياة السياسية وعقد مؤتمرا صحفيا في مدينة ليستبو في النمسا هاجم فيه علي عبد الله صالح والحكومة اليمنية متهما إياهم بالغدر والخيانة.[3]

وإلى الآن مازالت المظاهرات المطالبة بانفصال الجنوب مشتعلة في مدن الجنوب...الضالع وشبوه وعدن وغيرها من المدن.

لذلك فصيغة الفوضى والتشرذم هي الصورة الأقرب للتصور إذا قدر للحراك الجنوبي أن يحقق مآربه حيث إن الجنوب اليمني يعاني في داخله هو أيضًا من تراث المشيخات والسلطنات القديمة والتي كانت قائمة إلى عهد الاحتلال البريطاني وينخرط كثير من أبناء وأتباع تلك السلطنات الآن في الحراك الجنوبي على أمل العودة إلى مجدهم القديم؛ منهم على سبيل المثال طارق الفضلي نجل السلطان ناصر بن عبد الله الفضلي آخر سلاطين السلطنة الفضلية، التي ألغيت مع بقية السلطنات في 1967 بعد خروج الاستعمار البريطاني نهائيا من جنوب اليمن. وهو ما يعني أن اليمن قد يعاني ليس من انفصال الجنوب فقط بل ربما تظهر مشكلة شمال الجنوب وجنوب الجنوب.

لا يمكن النظر إلى هذا الوضع بعيدًا عن التطورات التي تشهدها عدة دول في المنطقة، وخاصة في العراق والسودان والصومال، حيث أدت الممارسات الحكومية الخاطئة والتدخلات الخارجية، وطموحات السياسيين المحليين الضيقة إلى انفصال عرى تلك البلاد وتحول الصراع فيها إلى حرب شبه أهلية، وخرجت أجزاء كبيرة من تلك الدولة عن إطار وسيطرة الدولة المركزية وأسست لنفسها نظامًا مستقلاً، فالعالم العربي الآن على بعد خطوة واحدة من انفصال جنوب السودان، والصومال مقسم بالفعل غير أن هذا التقسيم لم يحظ باعتراف دولي بعد.

لذلك فإنه ليس من المستبعد أن تلحق اليمن بقطار تلك الدول، وعليه فلنا أن نتصور اليمن وقد تحول إلى صومال أو سودان جديد، لكنه هذه المرة في حدود مشتركة مع الدول الخليج. والتي ستقع بين فكي التفكك، من الشمال العراق بفسيفسائه العرقية والطائفية، ومن الجنوب اليمن أيضًا بتعقيداته الطائفية والمذهبية، وليس من المستبعد سريان سرطان ذلك التفكك إلى ما جاورهما من دول الخليج.

ثانيًا ـ تمرد الحوثيين:

ظهرت أولى المواجهات بين ما يعرف بالحوثيين ـ وهم مجموعات مسلحة كانت تنتمي للشيعة الزيدية وحدث تقارب فكري بينها وبين الفكر الشيعي الاثنى عشري في الأعوام الأخيرة ـ  في أواخر العام 2004، وصولا إلى الحرب السابعة في العام 2010، حيث استنزفت تلك الحروب المتتالية قدرًا كبيرًا من الموارد المالية للدولة، التي تتطلبها عمليات الانتشار العسكري والمواجهة على الأرض، والحاجة إلى التوسع في حجم وتسليح القوات المسلحة. إضافة إلى التأثير على الأمن العام، في حال انتقال المسلحين إلى خارج مناطق تواجدهم الأساسية، أو لجئوا إلى عمليات تخريبية تستهدف مواقع عامة أو مؤسساتية، وليس العصيان والتمرد في مناطقهم فقط

غير أنه بقراءة متأنية للظاهرة الحوثية في اليمن يلمح المتابع بعدًا إقليميًا لتلك الحالة من التمرد لا يقتصر على اليمن وحدة، وهذا ما أكدته الجولة السادسة من الحرب بين الحوثية والنظام اليمني حيث نالت شرارة هذه الحرب الجانب السعودي ما دفع المملكة للدخول على خط الصراع الحوثي بعد أن تعدى الحوثيون على حدودها في العام 2009. ورأى المحللون وقتها أن أطرافًا إقليمية وراء ذلك التصعيد، يقول المحلل السياسي السعودي د. علي العطية إنه "رغم أن الرياض وجدت الدعم الخليجي والعربي الصريح لموقفها من الحرب ضد الحوثيين استشعاراً من هذه الدول لمخاطر جر المملكة إلى صراع طائفي ومذهبي ستكون تأثيراته كارثية على كل دول الخليج، وليس فقط على اليمن والمملكة فقط فإن على الدول العربية كلها أن تبحث بالتنسيق مع اليمن عن طريقة للجم هذا التطور لئلا تتحول المواجهات المحدودة إلى أزمة يصعب السيطرة عليها في قادم الأيام، ويصبح الشريط الحدودي كله ملتهباً".[4]

وهذا ما يلفت إلى دور إيراني ظاهر في دعم الحوثيين، وهو الأمر الذي لم تخفه طهران؛ فقدمت دعمها للحوثيين على الأقل إعلامياً؛ فهذه قناة (العالم) الإخبارية الإيرانية تبنت خطاب قيادات الحوثية وبثت ما يزيد عن 47 برنامجًا عن حركة الحوثي في سبعة أشهر[5].

وهذا ما أكده أيضًا سلطان البركاني الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي العام لقطاع الشؤون السياسية والعلاقات الخارجية، في حديث لصحيفة الأهرام العربي: إن تورط إيران في صعدة لا يحتاج إلى دليل ووزارة الخارجية الإيرانية لم تنف ذلك لكنها حاولت أن تعطيه صبغة شعبية بدل الصبغة الرسمية"[6]

فإيران ترى في وجود ذراع عسكري لها في اليمن على غرار حزب الله في لبنان وفيلق بدر في العراق سيكون ورقة فعالة في مساوماتها مع الغرب من أجل الحصول على سلاح نووي سيكون صيانة لبقاء نظامها.

لذلك فإن نجاح الحوثيين في التماسك والاحتفاظ بالمناطق التي سيطرون عليها سوف يُغير من معادلة التيارات الشيعية في منطقة الخليج ككل، فإذا كان بروز الشيعة في العراق غير ملامح المنطقة بشكل عام، فسيكون بروز الشيعة بهذه القوة في اليمن نقطة فاصلة أخرى، وستكون دول الخليج وعلى رأسها السعودية في مرمى أهداف الحركة الحوثية.

يقول عبد الملك الحوثي: "نحن نعبر عن استيائنا من الدعم السعودي للعدوان التي تقوم به السلطة علينا، ونأمل من الأشقاء في المملكة العربية السعودية أن يصلحوا موقفهم...ويجعلوا أموالهم للإعمار لا للدمار"[7]

ثالثًا ـ تنظيم القاعدة:

بدأ تنظيم  القاعدة في جزيرة العرب بالرسالة التي بثها بن لادن في منتصف تسعينيَّات القرن الماضي بعنوان (أَخرِجوا المشركين من جزيرة العرب) وجَّهَها إلى من وصفهم يومَها بالعلماء الأفاضل في السعودية تحديدًا، وأفراد الحرس الوطني والقوات المسلحة، إلا أنها تُعتَبَر أول وثيقة رسمية بميلاد القاعدة في جزيرة العرب، والتي حدَّد فيها العدو بأنه أميركا، ووصف السعودية بأنها محتلة من القوات الأجنبية مشبِّهًا مكة والمدينة بالمسجد الأقصى، وأنها أصبحت منطقة واقعة تحت ماسمَّاه بالاحتلال الصهيو صليبي.

وصار التنظيم معلنًا بصيغته الحالية (قاعدة الجهاد في جزيرة العرب) ابتداءً من يناير/كانون الثاني 2009، بعد أن بارك الرجل الثاني في التنظيم أيمن الظواهري إمارة ناصر الوحيشي (أبو بصير) بوصفه له "أميرا للمجاهدين" كما وصف مصطفى أبو اليزيد من القيادة العامة في أفغانستان في يونيو 2009، (أبو بصير) بأنه أمير المجاهدين في جزيرة العرب [8]

وتضع أيديولوجيا تنظيم القاعدة في جزيرة العرب رؤيتها بإقامة إمارة إسلامية من خلال تفكيك الأنظمة في منطقة شبه الجزيرة العربية.

ركَّزت القاعدة على ما يركز عليه الغرب وأميركا، أي شبه الجزيرة العربية التي صارت وفق مبدأ كارتر ضمن الأمن القومي الأميركي، وتُعتبر قلب الإمبراطورية الجديدة؛ وذلك لموقعها الجغرافي، وحجم الثروات والموارد الهائلة فيها، ولقداستها الدينية؛ فهي مهبط الوحي ومنبع آخر الرسالات، وقبلة المسلمين أجمعين [9].

وترى القاعدة على لسان أميرها في جزيرة العرب (أبو بصير)، أن جزيرة العرب مفتاحٌ مهم لتحرير فلسطين!!!!، واستدلَّ على ذلك بأن المسلمين في الزمن الأول للدعوة الإسلامية قبل أن يفتحوا بيت المقدس قاموا بتطهير الجزيرة العربية من المشركين، واعتبر أن حملة حلف الناتو وأميركا على أفغانستان والعراق والصومال تنطلق من جزيرة العرب سواء القواعد الموجودة على البر أو البحر معتبِرًا أن الأساطيل والقواعد الأميركية والبريطانية والفرنسية في جزيرة العرب  ما هي إلا لحماية اليهود في فلسطين من مدد المجاهدين[10]

ـ وما يدل على أن المجال الحيوي لتنظيم القاعدة في اليمن يشمل منطقة الجزيرة العربية محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت الأمير محمد بن نايف أواخر أغسطس 2009، والتي أعلنت القاعدة مسئوليتها عنها في بيان نشر على  الإنترنت في 30 أغسطس، مشيرة إلى أن الشخص الذي حاول تفجير نفسه في مكتب الأمير محمد في جدة هو عبد الله عسيري أحد المطلوب القبض عليهم والذي دخل السعودية من اليمن[11].  

ـ أضف إلى ذلك أن تنظيم القاعدة وإن كانت مستقر قيادته في اليمن إلا أن دلالة الاسم الذي اختاره لنفسه "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" تؤشر أن منطقة الخليج العربي كله مستهدف من قبل ذلك التنظيم وأن خطورته لا تقتصر على اليمن وحده.

خاتمة:

إذا كانت أزمات اليمن وانعكاساتها على أمن منطقة الخليج تؤشر لشيء، فهي لا تؤشر لقضية بقدر أهمية تعاون دول منطقة الخليج لانتشال اليمن من أزمته ودعم وحدته للوقوف في وجه التيارات التي تسعى لتصدعه، خاصة أن البيئة الأمنية لدول الخليج تحتاج هي الأخرى لدعم في ظل غياب التوازن الإستراتيجي بين إيران ودول الخليج، خاصة بعد أن تلاشت القوة العراقية، التي كان يُنظر إليها باعتبارها ثقلاً موازنًا للقوة الإيرانية. ما أفضى إلى وجود سباق تسلّح غير معلن بين إيران وبعض أقطار مجلس التعاون لدول الخليج العربي، في حين جسد الحضور العسكري الأمريكي بديلا آخر لموازنة القوة الإيرانية، واحتواء نفوذها.

المحدد الثاني في البيئة الأمنية الخليجية، هو تنامي  ظاهرة العنف العابر للحدود، المتمثل في تنظيم القاعدة وأذرعها المختلفة.

لذلك يرى كثير من المراقبين أن في ضم اليمن إلى مجلس التعاون الخليج  العديد من المزايا ذات البعد الاستراتجي، منها على سبيل المثال لا الحصر:

ـ الثقل السكاني: مازال الحجم الكبير للسكان في أية دولة يشكل العمود الفقري الذي تعتمد عليه في نشاطها الاقتصادي ومن ثم من قوتها السياسية، وقد ظلت أهمية عدد السكان باعتباره مصدراً لقوة الدول ظل أمراً معترفاً به منذ وقت طويل ومازال الحجم السكاني الكبير يولد شعوراً بالقوة، بينما الوحدات السياسية الأقل حجماً وعدداً تشعر بالضعف والخوف السياسي على مستقبلها، وقد يؤدي هذا الخوف إلى خلق نوع من عدم الاطمئنان على الدوام بل وهاجس يلاحق الوحدات السياسية الصغيرة

فإجمالي سكان دول المجلس بحدود 25 مليون نسمة، أما بالنسبة لليمن فقد بلغ إجمالي سكانها عام 2004م 21421643 نسمة، الأمر الذي يؤكد لنا الدلالات الإستراتيجية:

أ ـ تستطيع كل من قطر والبحرين والإمارات والكويت وسلطنة عمان تعويض نقصها من السكان من خلال تشجيع سكان اليمن على الهجرة إلى دولهم في ظل التوافق الكبير بين سكان اليمن وسكان هذه الدول.

ب ـ بانضمام اليمن إلى دول المجلس سيصبح الحجم الكلي لسكان هذا التجمع الإقليمي أكثر من 46060124 نسمة وهو ما سيشكل قوة بشرية إستراتيجية يحسب حسابها في ميزان القوى الإقليمية والدولية على حد سواء.

ج ـ يوفر حجم سكان اليمن البالغ أكثر من 21 مليون نسمة سوقاً استهلاكية كبيرة للسلع والمنتجات الخليجية وخاصة في ظل الثقة الكبيرة التي تتمتع بها تلك السلع والمنتجات في الأسواق اليمنية.

د ـ إن إضافة عدد كبير من السكان والذين يندرجون ضمن الفئة العمرية 18ـ 35 سنة وهي الفئة العمرية لسن التجنيد الإلزامي الصالحة للالتحاق بالجيش، سيعزز من القدرات العسكرية لدرع الجزيرة والخليج الذي أنشأته دول المجلس لمهام عديدة ومتنوعة[12].

ـ إلى جانب إن مساحة اليمن البالغة أكثر من نصف مليون كم، قد تؤدي إلى تزايد احتمالات توفر أكثر من مورد طبيعي وهذا ما هو موجود بالفعل، ولما كانت اليمن غير قادرة على استثمار تلك الموارد لظروف موضوعية وذاتية فإن الفرصة كبيرة أمام رؤوس الأموال الخليجية لتعويض ذلك الخلل والاستفادة من تلك المزايا التي تقدمها بيئة اليمن الطبيعية.

لا شك أن الأمر لا يقتصر على تلك المزايا وفقط، بل هناك العديد من الأبعاد والفوائد الاقتصادية والأمنية والسياسية التي يستفيد منها الطرفان سواء مجلس التعاون الخليجي أو اليمن، وليس هنا مجال سرد وتحليل كافة جوانبها، وما لا شك فيه أيضًا أن هناك العديد من المخاوف الخليجية من الإقدام على تلك الخطوة.

لكن في المقابل تبقى الموازنة بين أن تصبح منطقة الجزيرة العربية كتلة اقتصادية وسكانية وعسكرية واحدة، أو يبقى أحد عناصرها برميل قابل للانفجار قد تصيب شظاياه منطقة الخليج بأسرها.

 


 


[1]  جريدة الجمهورية اليمنية http://algomhoriah.net/newsweekarticle.php?sid=112365

[2] الحراك الجنوبي في اليمن http://www.radiosawa.com/iraq/arabic_news.aspx?id=8046876

[3] الجزيرة نت: اليمن يحيي ذكرى وحدته بعرض عسكري ومواجهات،

 http://www.aljazeera.net/NR/exeres/DED3DF01-D704-4720-81D6-BB9CE0B1F83B.htm

[4]الحرب السعودية ضد الحوثيين تفضح التهديدات الإيرانية لأمن الخليج22-11-2009  http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=320880&pg=1

[5]تقرير صحيفة أخبار اليوم اليمنية، رصد قناة العالم الفضائية، العدد 660، 14/1/2006.

[6]صحيفة الأخبار اللبنانية، 4/7/2008

[7] حوار صحفي نشر في مجلة الأهرام العربي، بتاريخ 19/7/2008م.

[8] مصطفى أبو اليزيد، لقاء خاص مع قناة الجزيرة، يونيو 2009،

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/C8A7D29B-9DFA-414E-8A09-EB30948E2621.htm

[9]عبد الإله حيدر شائع، تنظيم القاعدة في اليمن من المحلي إلى الإقليمي والدولي،

 http://www.aljazeera.net/NR/exeres/4D7201CC-974F-4541-A1BE-833DD0D8BD96.htm

[10] أبو بصير، أمير تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، حوار صحفي، الجزيرة نت، 26/1/ 2009.

 http://www.aljazeera.net/Mob/Templates/Postings/ArchivedDetailedPage.aspx?ArchiveId=1167805

[11] العربية نت (القاعدة" تكشف تفاصيل المحاولة الفاشلة لاغتيال الأمير محمد بن نايف) بتاريخ 21/9/2009,

 http://www.alarabiya.net/articles/2009/09/21/85669.html

[12]د.عبد الجليل عبد الفتاح الصوفي، انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي رؤية إستراتيجية، جريدة الجمهورية، الجمعة 12 يناير، 2007

أعلى