• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
محاولات إعلامية لتلميع بابا الكنيسة الكاثوليكية

محاولات إعلامية لتلميع بابا الكنيسة الكاثوليكية


تحاول شبكة العلاقات الإعلامية الغربية المقربة من الكنيسة الكاثوليكية تقديم صورة إعلامية مختلفة عن البابا فرنسيس الأول، كرجل سلام وداعية حوار وعنوان للمدنية والتحضر.

ويبدو أن التحركات الأخيرة للبابا فرنسيس جاءت بعد زلته التاريخية عندما وصف تدفق اللاجئين من سوريا والعراق إلى أوروبا بالغزو العربي الإسلامي، وهو يتحدث إلى كاثوليك يساريين فرنسيين زاروه في مقره السكني بالفاتيكان، ورغم أن الكثير اعتبرها زلة لسان من بابا الفاتيكان، ومحاولة البابا استدراك الحديث بتأكيده أن موجات اللاجئين تعني فرصاً جديدة لأوروبا التي شهدت في تاريخها موجات "غزو" كثيرة؛ إلا أن الواقع يثبت هذا الخوف الكبير هو من توافد اللاجئين، والدليل على ذلك حجم العقبات الكبيرة التي تضعها دول أوروبا على اللاجئين، ومحاولتها إعادتهم إلى تركيا مهما كلف الثمن.

وقد بدأت حملة التلميع لبابا الفاتيكان من خلال تدشين صفحة رسمية للبابا فرنسيس على موقع خدمة الصور الشهيرة "إنستغرام" في التاسع عشر من مارس الماضي، وترافق مع هذا التدشين حملة إعلامية على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية والقنوات التلفزيونية، بل إن شركة "إنستغرام" نشرت رسالة ترحيبية على حسابها الرسمي ترحب بتدشين صفحة البابا وتظهر صورة من لقاء البابا بمؤسس إنستغرام "بيكفن سيستروم" وقامت بترويج الحساب بين 145 مليون متابع في دقائق معدودة، حتى البيت الأبيض نفسه احتفى بهذا الخبر ونشر في صفحته الرسمية بالموقع نفسه رسالة ترحيب بقدوم البابا على الإنستغرام.

ربما لم يحظ أي زعيم ديني أو سياسي بهذا الترحيب والترويج الإعلامي كما حدث للبابا فرانسيس، وهذا يدل على أن "كبير النصارى لا يزال مقدماً عند قومه من ساسة وصناع قرار وإن تظاهروا بعدم التدين" حسب وصف افتتاحية العدد الأخير من مجلة البيان.

أما الحدث الآخر في سياق هذه الحملة الإعلامية التسويقية لبابا الكنيسية، فلم يكن أقل شأناً من الأول؛ حيث تم ترتيب زيارة للبابا فرنسيس الأول إلى أحد مخيمات النازحين في جزيرة ليسبوس باليونان، وقال إنه شعر بالحزن بسبب موجة اللجوء التي لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية، واكتفى باصطحاب 12 مهاجراً سورياً معه إلى الفاتيكان حيث ستعتني بهم جمعية خيرية على حدِّ وصفه، وأظن أن الاعتناء بهم سيكون على طريقة الكنيسية الكاثوليكية!

ويذهب كثيرون إلى القول بأن هذه الزيارة لن تغطي حجم سكوت العالم الغربي وفي مقدمتهم التيار الديني ممثلاً بالكنيسية عن حجم الجرائم التي يرتكبها الدكتاتور بشار الأسد ضد شعبه؛ حيث قتل ما يزيد عن نصف مليون سوري، ونزح أكثر من 12 مليون آخر في مخيمات اللجوء في تركيا وبعض الدول الأوروبية والعربية.

أضف إلى ذلك التعامل غير الإنساني تجاه تدفق اللاجئين السوريين والعراقيين إلى الدول الأوروبية؛ حيث أظهرت لنا الأحداث والصور مدى تعامل تلك الدول مع اللاجئين، وأكذوبة حقوق الإنسان المزعومة، وفضائح تورط خفر سواحل تلك الدول في إغراق بعض قوارب اللاجئين لمنعهم من الوصول إلى الشواطئ بأمان.

كل ذلك جرى وما يزال أمام صمت طويل لكنيسة البابا، فضلاً عن أن البابا نفسه كان من أول الساخطين على وصول أفواج اللاجئين إلى أوروبا، معتبراً أن ذلك غزواً عربياً، وأنه واقع حال اجتماعي، ومن ثَمَّ لا يمكن وصف زيارة الباب للاجئين بأنه تأنيب للضمير أو رسالة لإظهار واقع اللاجئين؛ فبإمكان البابا نفسه أن يتحرك في جولة طويلة إلى الدول الأوروبية والغربية لإقناع حكامها بمواصلة استقبال اللاجئين وتقديم المساعدة اللازمة لذلك وعدم صد الأبواب أمامهم، فضلاً عن ذلك إقناع تلك الدول بالتخلي الكامل عن رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي تسبب بكل هذه الكارثة في تاريخ الإنسانية.

ويظهر أن الواقع الذي يمكن قراءته من خلال هذه الزيارة أنها لم تكن سوى زيارة إعلامية للتسويق الإعلامي للكنسية الغربية، فضلاً عن مخاوف الكثير من تزايد حملات التبشير في مخيمات اللاجئين السوريين والعراقيين في عدد من الدول الأوروبية، فهناك نشاط كبير للبعثات التبشيرية في أوساط اللاجئين استغلالاً لحاجة الناس ومعاناتهم للتبشير بالنصرانية.

إن مشاهد الانكسار والضعف التي نقلتها وسائل الإعلام لعدد من اللاجئين السوريين وهم يجثون أمام أقدام البابا باكين متوسلين من هول ما أصابهم من الفاجعة، لكفيل بزعماء العالم أن يغيروا من طريقة تعاملهم مع القضية السورية ويجعل من أولويات أعمالهم القضاء على عصابة الأسد التي أهلكت الحرث والنسل، ولن يخرج من دائرة المساءلة زعماء العالم العربي والإسلامي وهم يشاهدون تلك الصور الحزينة أمام بابا الكنيسة الكاثوليكية.

 

أعلى