• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
طريق السعودية المعبد بالأشواك

طريق السعودية المعبد بالأشواك

انقضى العام الأول على تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية خلفاً لأخيه الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

ومنذ اليوم الأول من عقد البيعة للملك سلمان في الثالث من شهر ربيع الآخر لعام 1436هـ، بدأت المملكة في السير نحو طريق مختلف عن المرحلة السابقة، طريق محفوف بالمخاطر لكنه الطريق الصحيح الذي يدفع المملكة لقيادة القرار العربي والتأثير في القرار العالمي.

ويمكن القول أن فترة حكم الملك سلمان خلال العام الفائت اتسمت بالإنجازات، والقرارات الشجاعة، والاجراءات والخطوات الحاسمة على المستوى المحلي والداخلي، فقد أجرى تغييرات جذرية على المستوى الداخلي، واتجه نحو تغيير قواعد اللعبة في المنطقة، والإمساك بزمام الأمور وقيادتها.

عام واحد ذهب سريعاً لكنه كان حافلاً بالمهمات الصعبة التي أنجزتها المملكة العربية أو قطعت فيها شوطاً كبيراً، أبرزها عاصفة الحزم التي جاءت على حين غرة من الجميع، وقطعت أوصال الحوثيين وحليفهم علي عبدالله صالح وحررت الكثير من المحافظات التي كانت تحت قبضة الحوثي وصالح، وأعادت الشريعة إليها، ولا تزال تدعم المقاومة الشعبية والجيش الوطني في سبيل تحرير كامل التراب اليمني من سرطان الحوثي المزروع من إيران.

ورغم المؤامرات الكبيرة التي لا تزال تفتك بالشعب السوري، والمحاولات التي تهدف إلى إبقاء بشار الأسد ونظامه الذي يقتل المواطنين ويحاصرهم في مضايا ودرعا وإدلب وغيرها من المدن السورية، لا تزال السعودية تراهن على دعم فصائل الثورة السورية، وتحاول أن تجمع المعارضة السورية تحت راية واحدة وكانت بداية الثمرة اجتماع مؤتمر الرياض والخروج بوثيقة سياسية تعبر عن موقف المعارضة السورية.

ومن الواضح للمراقب أن المملكة العربية السعودية بدأت تنحو باتجاه صناعة قرارها لذاتها، والبعد عن الرؤية الغربية التي تطرح عليها في كثير من الأمور الشائكة في المنطقة، خصوصاً ما يمسى بالحرب على الإرهاب، ولذلك أعلن ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تشكيل حلف إسلامي يتكون من 34 دولة إسلامية لمكافحة الإرهاب وفقاً للرؤية العربية لمسمى الإرهاب، وليس الرؤية التي تريد أمريكا والدول الغربية وصفها لنا.

ولعل توصيف صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية للملك سلمان بوصفه "الملك العنيد" هو العنوان الأبرز في من يقود المملكة الآن، فالحزم والعزم والعمل هو ما ينفذه سلمان من دون الانجرار إلى متاهات المفاوضات مع واشنطن خصوصاً فيما يتعلق بمشاكل إيران بالمنطقة.

ويعلم الجميع أن المملكة العربية السعودية نظراً لحجم ثقلها في المنطقة وتأثيرها على القرار العالمي تستطيع أن تصنع الفارق في التحولات السياسية والاقتصادية على مستوى منطقة الشرق الأوسط والعالم، فهي تملك الكثير من الأرواق التي إن استطاعت توظيفها التوظيف المناسب ستغير الكثير من قواعد اللعبة.

ولعل الخطر الذي يتهدد المملكة سابقاً وحالياً والمتمثل بإيران وأدواتها التي تمارس معها الدول الغربية دوراً تمثيلياً من أجل تمكينها في المنطقة وتهديد أمن الخليج، ولذلك لم يكن مفاجئاً أن تعلن المملكة العربية السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران عقب الاعتداءات على سفارتها في طهران والقنصلية في مدينة مشهد.

تعلم المملكة أن إيران تمثل دور شرطي المرور للغرب في المنطقة، ولذلك تجد هذا التغافل والتعامل الناعم معها، رغم دورها الخبيث في زرع المليشيات المتطرفة في اليمن ولبنان والعراق وسوريا والكويت والبحرين وجنوب المملكة، وكان من اللازم التعامل مع هذه "الكانتونات" بحزم بدأ في انطلاق عاصفة الحزم باليمن، وتنفيذ الإعدام بحق عميل إيران الأولى في السعودية نمر النمر وعدد من الإرهابيين، وانتهاء بقطع العلاقات الدبلوماسية الذي سيكون له تأثيرات بالغة على إيران.

ويطرح البعض أن المملكة قد وضعت نفسها في واجهة المعركة بعد القرارات الجريئة التي اتخذها سلمان خلال العام الفائت، وأضحت مستهدفة من قبل القريب والبعيد، لكن الواقع يقول أن المرحلة تستدعي ذلك الحزم وتلك الجرأة، حتى لا تصبح المملكة ومن خلفها دول الخليج والمنطقة مجرد ألعوبة يتقاذفها الكبار في طاولة مفاوضات مصالحهم.

السعودية قلبت طاولة المعادلة السياسية والمفاوضات والحوارات في أغلب شؤون المنطقة، وأصبحت تدير نفسها بنفسها من دون الرجوع إلى العم سام، وبذلك نستطيع أن نقول أنها تسير في الاتجاه الصحيح الذي يُعيد لها مكانتها العالمية كرائدة للعالم الإسلامي وحامية حرميه الشريفين.

ويبقى الإشارة إلى أن الخطوات المنفردة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية، ستجعلها أمام تحديات صعبة، فبلطجة إيران في المنطقة لا تزال مستمرة، والحرب القذرة التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الكبرى عبر الحركات الإرهابية والألاعيب السياسية والاقتصادية ستضايق المملكة كثيراً، لكن إذا ما توفرت الإرادة تستطيع السعودية أن تصل إلى المكان الذي تريد وبإمكانها حسم الكثير من الملفات العالقة في المنطقة خصوصاً سوريا واليمن. 

أعلى