• - الموافق2024/11/21م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
تونس تعاني من

تونس تعاني من "إرهاب" العلمانيين

 

تشهد تونس منذ أسابيع طويلة عديد الأحداث و المستجدات، التي عجزت الحكومة الحالية لنداء تونس على مواجهتها و التصدي لها، و هو ما فسر استمرارها، و عبر المجتمع المدني و عديد الأحزاب السياسية المعارضة منها بالخصوص عن غضبهم تجاه الوضع الذي تمر به البلاد و غياب الحلول العاجلة لتجاوز المرحلة الراهنة، و فجرت الخلافات الداخلية بالحزب الحاكم غضب الشارع و تركت عديد التساؤلات حول من يحكم و من يدعمه بعد استقالة المكلف لدى رئيس الحكومة بالعلاقات مع مجلس النواب الأزهر العكرمي من منصبه تاركا عديد الرسائل المشفرة حول حقيقة الوضع السياسي، قبل أن تشهد أحد اجتماعاته منذ أيام، حالة من الفوضى العارمة بعد مشاجرات بين أنصار الحزب أدت إلى تصدع كلي في المواقف و الأراء .

و بعد أيام من احتدام الخلافات بين قيادات حزب نداء تونس الذي يقود الائتلاف الحاكم أصبح الحزب على وشك التشتت والانقسام إلى حزبين، بل وأضحى مهدداً بفقدان الأغلبية البرلمانية لصالح خصمه حركة النهضة الإسلامية .

"مجلة البيان" نشرت بتاريخ 15/4/2015 تقريرا بعنوان "نداء تونس .. صراع على مراكز القرار"، و بعد مرور 6 أشهر، إتضحت الصورة و أضحى فعلا الصراع قويا من أجل سلطة القرار بالحزب و هو ما يجعله أمام سقوط وشيك و فقدان قريب لأغلبية مقاعد البرلمان .

ورغم التكتم الإعلامي الكبير في بداية الأمر حول موضوع الخلافات القائمة داخل نداء تونس، تجنبا لتوضيح الصورة للرأي العام التونسي، فإنها خرجت للعلن بسرعة، بعد أن تداولت شبكات التواصل الإجتماعي مختلف جوانب الموضوع بالصوت و الصورة .

 و تعد جذور الخلافات داخل نداء تونس قديمة، حيث بدأت منذ أن نشب اختلاف كبير حول مشاركة حركة النهضة الإسلامية في الائتلاف الحاكم، بين شق مؤيد و أخر رافض، و أعلن في أكثر من مرة وزير الخارجية الطيب البكوش عن غضبه من سياسة الحزب وإشراك النهضة في السلطة مجدداً.

 وقدم المكلف لدى رئيس الحكومة بالعلاقات مع مجلس النواب الأزهر العكرمي و القيادي بحركة نداء تونس استقالته من منصبه، و  التي أثارت ضجة في الحزب الحاكم، معللا كون استقالته جاءت نتيجة عجز الحكومة الحالية على معالجة الوضع و غياب الجرأة على المحاسبة و فتح ملفات الفساد، و قرار إستقالة لزهر العكرمي مثلت صدمة جديدة لحزب نداء تونس باعتباره أحد مؤسسيي الحزب .

وحول إستقالة الأزهر العكرمي، قال رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي " ما يلفت انتباهي أكثر من أي أمر آخر هو استقالة السيد الأزهر العكرمي واعتقد أن استقالته هي نوع من الاستباق لما سيحدث داخل حزب نداء تونس قبل المؤتمر القادم من حسابات وأيضًا استباق لاحتمال تغير حكومي قريب "

و بعد أيام قليلة، فوجئ الرأي العام التونسي بمحاولة الاغتيال التي استهدفت القيادي بنداء تونس و عضو مجلس النواب رضا شرف الدين و الذي هو الوقت ذاته رئيس لفريق رياضي كبير في تونس، بعد أن وجهت له طلقات رصاص على سيارته بمدينة سوسة، و نفى الكاتب و الروائي الصافي سعيد أحد المرشحين في الإنتخابات الرئاسية الماضية أن تكون هناك محاولة إغتيال بقدر ماهي فزاعة جديدة لإرباك أمن التونسيين .

و أمام تصاعد وتيرة الأزمة السياسية و غياب التفاهم الحكومي، بدأ موضوع التحويرات الوزارية مطروح و بقوة في سيناريوهات تشبه للحظات ما قبل سقوط الرئيس المخلوع  زين العابدين بن علي الذي واجه الإحتقان السياسي و الشعبي بالتحويرات التي لم تأتي بأي نتيجة تذكر .

و تعد مواجهات الأسبوع الماضي بمدينة الحمامات، التي أدت إلى تبادل العنف بين أنصار الحزب، حدثا خطيرا داخل الحزب، و هو ما فسر حقيقة التفكك داخله و قرب سقوطه، و أصبح المشهد داخل الحزب واضحا في ظل تفككه إلى شقين، أول يقوده نجل الرئيس حافظ قائد السبسي الذي يسعى إلى صلاحية أكبر في الحزب بتوريث من أبيه رئيس تونس الحالي  و ضمان إستمرارية فلول النظام السابق، و شق ثاني يتزعمه أمين عام نداء تونس محسن مرزوق بضمان وجود شق يساري .

و قال محسن مرزوق إن تطور الخلاف إلى هذا العنف أمر مؤسف ورسالة سلبية للداخل والخارج وانحراف عن الديمقراطية، وأضاف "بعد ما حصل فإن استمرارية التوافق داخل الحزب الواحد دون انقسام أصبح أمراً صعباً جداً".وانتقد مرزوق ما سمّاه "رغبة البعض في الهيمنة على الحزب بالقوة"، في إشارة لحافظ قائد السبسي نجل الرئيس، ورضا بلحاج مدير ديوان الرئيس. و قالت بشرى بلحاج حميدة، القيادية في نداء تونس  "احتمال انقسام الكتلة النيابية للنداء وارد، وهناك احتمال كبير جداً لتأسيس حزب جديد بعد تعطل لغة الحوار " .

ما يبدو الآن في الساحة السياسية و من خلال الخارطة التي فرضتها الإنتخابات الماضية، الإختلال السياسي العميق و الظاهر بين حكومة قوية تتزعمها حركتي نداء تونس و حركة النهضة اللذان تحصلا على أكثرية الأصوات خلال الانتخابات التشريعية، و معارضة ضعيفة تقودها أحزاب الجبهة الشعبية،  حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، حزب التيار الديمقراطي، حزب الإصلاح، حزب التنمية ... التي لم تعرف نجاحاً  في الفترة الحالية للضغط على الحكومة لتغيير واقع البلاد و المحافظة على المسار الصحيح للثورة التونسية التي بدأت تتدحرج إلى الوراء .

الإختلال السياسي ظهر أيضا من خلال تعيينات الحكومة الأخيرة و التي تمت منذ أيام، بتعيين مجموعة من المعتمديين الجدد و بلغ عددهم 80 معتمدا و هم من أنصار الحزب الحاكم و المقربين من حركة نداء تونس بالخصوص رغم قلة كفاءاتهم المهنية و غياب قدرتهم و الإكتفاء  بولاءاتهم للحزب الحاكم .

مقابل ذلك تم تغييب شخصيات ممثلة عن المعارضة التونسية التي تسجل غيابا واضحا منذ فترة على المشهد السياسي، رغم حاجة المجتمع المدني للتصدي لمثل هذه التصرفات التي أعادت أذهان التونسيين لسياسات نظام الرئيس المخلوع بن علي .

هذا الإختلال الواضح، ظهر أيضا من خلال التركيز الإعلامي على الوجوه السياسية الحاكمة لتبرير مواقفهم تجاه فشلهم السياسي و للظهور أمام الرأي، مقابل غياب كامل للوجوه المعارضة التي لا يتم استدعائها للبرامج التلفزية أو التهكم عليها بعد أن عاد الإعلام التونسي لسياسة الولاء للحزب الحاكم .

 و يبقى التوجس الأكبر هو ذاك المتعلق بالشعب التونسي وبمدى استعداده لتجربة انتخابية سابقة لأوانها، وهو الذي علق كل آماله على الانتخابات الفارطة لتخرجه من عنق الزجاجة وتنقذه من خطر الإرهاب وتحقق له أهداف ثورته. ولكن الواقع مخيب للتونسيين، إذ أن الأزمة الاقتصادية تتمدد حيث بلغت نسبة الفقر 30 بالمئة تقريبا وحافظت البطالة على نسبة 17 بالمئة .

أعلى